عادل عبدالله المطيري

مفاوضات «جنيف 2»

بدأت الجهود الديبلوماسية لـ «جنيف 2» منذ تلويح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باستخدام القوة لحل القضية السورية، والتي كانت جوهر مباحثات القمة الأميركية ـ الروسية والتي اتخذ فيها قرار رحيل الأسد، ولكن بالطرق الديبلوماسية وليس باستخدام القوة العسكرية.

وقتها أحبط الثوار السوريون وحلفاؤهم العرب من تراجع الغرب عن ضرب بشار وإسقاطه بالقوة، ولكنهم أكدوا بعد ذلك أنه اذا كان مفتاح العمل العسكري بيد الغرب فإن مفتاح العمل الديبلوماسي مازال بيد الثوار وحلفائهم العرب وأكدوا ذلك باستبعادهم إيران من «جنيف 2» لعدم التزامها بمقررات «جنيف1»، واشتراطهم على مفاوضي النظام السوري الاعتراف بكل ما ورد باتفاقية «جنيف1» والتي تشير إلى رحيل الأسد ولو ضمنيا.

المفاوضات الناجحة عادة لا تبدأ إلا على أساس متين يكون بمنزلة أرضية مشتركة متفق عليها من جميع الأطراف ويتناقشون فقط حول كيفية تطبيقها ومن ثم تطرح الآراء المختلفة ليتم تقريبها للوصول الى تصورات مشتركة تتحول إلى اتفاق ملزم لكل الأطراف.

ما يحدث في مفاوضات «جنيف 2» هو عكس كل المفاوضات التي تمت في التاريخ، إذ من المفروض ان يكون «جنيف1» هو الأساس وتتم المفاوضات في «جنيف 2» حول طريقة تنفيذ ما اتفق عليه مسبقا ولكن الحاصل ان «جنيف 2» ما هي إلا إعادة التفاوض على ما تم في «جنيف1».

وفد النظام السوري ومنذ الجلسة الافتتاحية وهو يستخدم مصطلحات غير ديبلوماسية ويتحدث إلى خصومه بلغة متعالية ويتهمهم بالارهاب، بل لا يمكننا ان نتفاءل بنجاح المفاوضات وأحد المفاوضين الرئيسيين في وفد النظام السوري وهو وزير إعلامه يستفز الصحافيين كلما دخل سيارته او خرج منها وهو يصيح بان «الأسد باق» مع العلم ان الحكومة الانتقالية وسورية ما بعد الأسد هي حجر الأساس الذي تقوم عليه جنيف 2.

مازالت المفاوضات في أولها وبالرغم من محاولة ممثلي النظام السوري اثارة المفاوض المقابل من اجل ان ينسحب، إلا أن ممثلي الائتلاف الوطني يعون ذلك ومازالوا جالسين حول طاولة المفاوضات ولن يرحلوا الا مع رحيل الأسد ونظامه.

ربما بدأت التحركات السياسية الدولية الضاغطة على النظام السوري ليأخذ المفاوضات على محمل الجد، ومنها قرار مجلس النواب الأميركي الخاص بتسليح الثوار السوريين وكذلك خروج أدلة ووثائق جديدة تثبت قيام النظام السوري بجرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى التقارير الدولية التي تؤكد قدرة النظام على انتاج أسلحة بيولوجية.

أتمنى ان تنتهي مأساة السوريين بأسرع وقت وألا نكون بحاجة إلى جنيف3، ورغم صعوبة المفاوضات إلا أن المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي يبذل المستحيل لإنجاحها ولو نجح لاستحق بكل جدارة ان يحصل على جائزة نوبل للسلام.

محمد الوشيحي

وشعارنا البومة

ماشي يا عم، “الكويت مركز إنساني عالمي”، عذراً للسويد والسويديين، فبقاء الحال من المحال. سحبنا اللقب منهم بجدارة، ورسمنا شعاره، وطبعنا بروشوراته. وأي خدمة؟
انتهينا من جعل الكويت “مركزاً مالياً وتجارياً”، والوضع كما تشاهدون والحمد لله، انهمرت رؤوس الأموال علينا من كل حدب وجدب. وأنجزنا المهمة العظمى بجعل الكويت “أرض الصداقة والسلام”. واليوم أقترح، بعد أن تتحول الكويت إلى مركز إنساني عالمي، أن نكمل جميلنا، ونتذكر حقوق الحيوان، ونسعى إلى جعل الكويت “مركزاً حيوانياً عالمياً”، ونعلق صورة بريجيت باردو، أو بي بي كما يدلعها محبوها. ويكون شعارنا “البومة”. والله ولي التوفيق.
وبعد أن ننهي مهمتنا تلك، نبدأ الخطوة التالية، ونرفع شعار “الكويت مركز الاستجمام العالمي”، ولتعذرنا جزر الباهامس، وجزر بورتا غاليرا (جنوب الفلبين)، وموريشيوس، وسيشيل… فهذه منافسات، ولا يغضب من التنافس الشريف إلا غير الشريف. واللي أوله شرط آخره نور.
ويأتينا المعاريس من أصقاع الأرض للاستجمام، فيستأجرون الأكواخ في متنزهاتنا، ويستنشقون هواء مصانعنا “الوطنية”، ويستمتعون بمشاهدة المنظر الفريد، منظر الشوارع التي تحذف سالكيها بالحصى، ويعودون إلى ديارهم وهم يتمتمون فرحاً أو شتماً. المهم يتمتمون.
وفي الخطة الخمسية، أنصح أن يكون التحدي القادم هو جعل الكويت “المركز الصحي العالمي”، لنستفيد من إمكانيات مستشفياتنا وخرير أسقفها، وخاصية نوم المرضى في الممرات.
بارك الله فيكم. اعملوا فسيرى الله عملكم.

حسن العيسى

ماذا ستختار؟

نصيحة الزميل عبداللطيف الدعيج للحكم في مكانها الصحيح (القبس عدد الأربعاء 29 يناير)، فهو يذكر في مقاله "ضروري جداً أن تتمتع الحكومة بتأييد شعبي وسياسي لبرامجها… عندما تضطر الحكومة إلى تبني مقترحات غير شعبية أو سياسات تؤدي إلى التضييق السياسي أو الاقتصادي على الناس…"، ويضيف الزميل عبداللطيف على غير عادته وخارج مألوفه النخبوي "… حتى يصبح واضحاً السلطة بحاجة إلى حكومة شعبية لاتخاذ قرارات غير شعبية…" (أهلاً بصديقي عبداللطيف مع صفوف دعاة الحكومة الشعبية) فهو اليوم على قناعة "بحتمية لا يمكن الهروب منها، وهي أن مشاركة الناس في الاقتصاد تتطلب إشراكهم بالسلطة…".
هذا المفروض، وهذا ما يمليه منطق العقل و"كومن سنس" في سياسة الحكم، فكيف يمكن أن تطلب من الناس أن يضحوا بما آمنوا به لزمن ممتد بأنه حقوق مكتسبة دون مشاركتهم وأخذ رأيهم، وكيف يمكن أن تقنع المواطن بأن سياسة الإصلاح ضرورة للمستقبل له ولأجياله ما لم يكن مشاركاً فيها عبر ممثليه الذين اختارهم بكل حريته في السلطتين التشريعية والتنفيذية… لكن لنتحفظ قليلاً، ونكبح هذا التفكير الطامح wishful thinking "فالنهج العقلاني الذي تفرضه طبيعة الأمور ليس من عادات سلطة ولا من طبائعها، فتاريخها يخبرنا بأنها اعتادت تسير على خلاف منطق الأمور، فأمام أي تحديات داخلية أو خارجية تعترض الدولة لا توجه السلطة نفسها نحو شعبها كي تستمد منه سلطان الشرعية، بل العكس هو ما يحدث، فمثلاً حل المجلسين لا دستورياً عامي 76 أو 86 يخبرنا بأن السلطة كانت تسير على خلاف منطق الأمور في تحديات الداخل، أو التذرع بأسباب الخارج، كالاحتجاج بالحرب الأهلية اللبنانية في الحل الأول، وحرب الخليج الأولى في الحل الثاني، ولماذا نذهب بعيداً، خذوا مثلاً لما أقول قبيل الاحتلال الصدامي للدولة عام 90، فبينما كانت جيوش صدام تحشد للغزو في الشمال، وكانت دواوين الاثنين المطالبة بعودة الشرعية في عنفوانها، فتحت الحكومة صناديق الهراوات في مراكز قواتها الخاصة وأجهزة أمنها لضرب وقمع المتظاهرين بدلاً من أن تفتح صناديق الشرعية، وقارنوا بما فعلته السلطة في ذلك الزمن وما صنعه الفقيد عبدالله السالم بعد الاستقلال مباشرة، حين طالب عبدالكريم قاسم بضم الكويت سارع عبدالله سالم ليشد أزر الدولة بالشعب وكان المجلس التأسيسي ودستور 62، ففي الأزمات تتوجه القيادات الواعية نحو شعوبها، وليس العكس، كأن تقمعهم وتخرس أفواه الشباب فيها…
اليوم أمامنا أزمة عجز مالي قادم، وأزمة اقتصادية خلقتها السلطة من ألفها إلى يائها… هل تتصورون أن فجر الحكومة الشعبية لاح في الأفق، أم ستسير السلطة حسب عاداتها القديمة…؟ هل ستقول للناس تلك أزمة تشملنا جميعاً، أنتم قبلنا، فتولوا أموركم بأنفسكم، أم ستظل ترفع شعار أوريل "الأخ الأكبر" والأب المهيمن، هو "الأبخص" في السراء والضراء…؟ كيف تتصورون الأمور؟ وأي الحلين ستختار؟!

احمد الصراف

السيدة هيل والاجتهاد

“>سكنت في ستينات القرن الماضي في لندن عند السيد والسيدة هيل، وكنت أدفع لهما مقابل المبيت ووجبتي الإفطار والعشاء. وبالرغم من أن المسز هيل كانت وقتها قد تجاوزت الثمانين من العمر، فإنها كانت تتمتع بصحة جيدة، ولم يكن طبخها، كإنكليزية مثالية (وهي ترجمة غير دقيقة لكلمة Typical) سيئاً! وفي يوم عطلة، انتهزت خروج السيدة هيل لشراء حاجيات البيت، وقررت مفاجأتها بتنظيف صالة المعيشة وممرات الشقة! كما قمت بالتخلص من القمامة، ورمي ما تركته من موز أسود على رف المدفأة! عادت المسز هيل بعد ساعة، ونظرت إلى نظافة البيت وانفرجت أساريرها عن ابتسامة مقتضبة، ولكن ما إن وقع نظرها على رف المدفأة ولم تر الموز، حتى اختفت ابتسامتها، فنظرت لي متسائلة، فقلت لها إنه كان أسود وعفناً ويكثر عليه الذباب الصغير، فرميته في كيس الزبالة! فاستنكرت عملي، وقالت بصوت كالزئير، ما كان يجب عليك أن تفعل ذلك، فأنا لم أطلب منك أن تنظف بيتي في غيابي! لقد انتظرت لأسبوعين لكي ينضج ذلك الموز «اللعين»، ليكون بإمكاني الاستمتاع بتناوله من دون «طقم أسناني»!
حينها تذكرت المثل القائل: «ما كل مجتهد، مصيب»!
أكتب بانتظام، ومنذ فترة طويلة، مقالاً يومياً. وكوني ضعيفاً نسبياً في اللغة العربية، خصوصاً في ما يتعلق بقواعد الإملاء والنحو، فإن الكتابة بالنسبة لي ليست بالنزهة أو العمل الذي يمر بلا عناء، فقد كنت طوال حياتي إما مصرفياً، وإما رجل أعمال، ولم تكن لي يوماً علاقة بالأدب أو الصحافة. وبالتالي، ليس غريباً أن تبدر مني أخطاء، والعكس أقرب إلى الصحة! فليس كل مجتهد مصيباً، وبالرغم من عدم ضيقي بما يردني من نقد وعتاب، وحتى سباب، لخطأ ارتكبته في مقال هنا أو هفوة بدرت مني في مقال هناك، فإن القلة ربما لا تريد أن تعترف بأن الطريقة الوحيدة لعدم الوقوع في أي خطأ هو في عدم القيام بأي شيء، وهذا ما لا ننوي، حالياً على الأقل، الإقدام عليه، وبالتالي ستستمر هفواتنا وتتواصل أخطاؤنا، ولا نريد، ممن لديهم الوقت و«المقاقة» من القراء، غير لفت نظرنا إلى أخطائنا وهفواتنا، خصوصاً أننا نشعر بأن ما نقوم به من كتابة يومية لا علاقة له بصياغة أدبية بقدر ما هو قول رأي يمثل وجهة نظر شخصية، أو فكرة تدور في بال كاتبها، أو خاطرة تستحق أن تروى، وقد يكون في ما نكتب الكثير من الدقة أو العكس، فمن الاستحالة، بالنسبة لي على الأقل، أن أكتب 300 مقال سنوياً، وتكون جميعها خالية من السقطات والهفوات، أو «ما تخرش المية»، كما يقول المثل المصري! ونكرر، «ما كل مجتهد مصيب»، خصوصاً أن أغلبية من يكتبون لي منتقدين نادراً ما تخلو ردودهم من سقطات وهفوات لغوية وتاريخية عجيبة، ولكن غالباً ما يمنعني أدبي من الرد عليهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

«دفعوا للداو عيل»

القطاع النفطي هو العصب الأساسي للدولة، فبدون نفط سنكون بدون دولة لأننا فقدنا كل مقوماتها لولا الأموال المتدفقة من بيع البترول التي تجعل الكويت قائمة ككيان اليوم، وإن نضب النفط غداً فستتوقف محطات الكهرباء والماء وتنهار الأسواق وستلغى الرواتب، وبالتالي تغلق الوزارات والمؤسسات ولن يتبقى لنا سوى مصنع الخبز والبسكويت، تلك حقيقة يجب استيعابها جيداً. طيب، هل نتحكم نحن في سعر بيع النفط أو كميات الإنتاج؟ الإجابة لا طبعاً فالمسألة مرتبطة باحتياجات السوق العالمي ولسنا من يقرر ذلك. إذن ما الذي يتحكم فيه الكويتيون في مسألة النفط؟ تقوم الدولة كل الدولة بإنتاج النفط وليس العاملين بالقطاع النفطي فقط، فموظفو وزارة الأشغال مثلاً يقومون بإنشاء الطرق كي يتمكن موظفو النفط من الذهاب إلى مراكز أعمالهم، و"الصحة" تسعى إلى توفير الرعاية الصحية لهم، و"التربية" تسعى إلى توفير التعليم لهم، وبالطبع ليس لهم وحدهم بل لبقية سكان الكويت أيضاً لكن لهدف واحد، وهو الاستمرار في إنتاج النفط والحصول على الأموال لسد الاحتياجات اليومية من ماء وكهرباء ورواتب وغذاء. بمعنى أننا في الكويت كل الكويت نعمل من أجل استمرار إنتاج النفط والحصول على الأموال لاستهلاكها في الحياة اليومية، وليس لبناء فعلي لدولة قوية متينة قادرة على تنويع مصادرها تحسباً لأي طارئ لا دخل لنا به. اليوم نتابع النقابات النفطية تهدد بالإضراب الكلي التام في حال تم العبث بما يسمى بمكافأة النجاح التي تمنح لموظفي القطاع النفطي نظير أرباح النفط التي كما أشرنا سابقاً ألا علاقة للكويت كدولة بها، بل هي مرتبطة بالسوق العالمي الذي يحدد أسعار البترول وكميات الإنتاج، وستخضع الحكومة كعادتها لهذا التهديد. طبعاً، إن مكافأة النجاح تلك ليست سوى أمر ابتدعه أحد وزراء النفط السابقين، وأعتقد أنه أحمد فهد الأحمد الصباح، وباتت تلك المكافأة كحق مكتسب لن يرضى العاملون بالقطاع النفطي التفريط به، وهي مكافأة لا أجدها منطقية أبداً لأنها كما ذكرنا آنفا غير مرتبطة بالعاملين بالقطاع النفطي في الكويت ولا بالكويت أصلاً، فإن كان نفطنا يباع اليوم بأسعار عالية فإن الفضل يعود إلى السوق العالمي وليس إلى الكويت هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن كان ولا بد من صرف هذه المكافأة، فيتوجب صرفها لكل الكويتيين، وتحديداً العاملين في وزارات الدولة ومؤسساتها لأنهم كلهم يساهمون في إنتاج هذا النفط. وإن سلمنا بأن مكافأة النجاح هي حق مكتسب للعاملين بالقطاع النفطي، وهو جزء من التقدير المادي لعطائهم وعملهم في حال الربح، فإن المنطق يقول إنه يجب أيضاً أن يدفع العاملون في القطاع النفطي من رواتبهم في حال الفشل، وهو ما يعني أن عليهم دفع غرامة "الداو" من رواتبهم مثلاً أو في حال حدوث عطل في أحد المصافي أو حتى تخفيض رواتبهم في حال انخفاض سعر النفط، ولا أعتقد أن هذا الأمر المنطقي سيرضي أحداً في القطاع النفطي. أقدّر جداً ما يقوم به القطاع النفطي من عمل شاق ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال قبولي بأساليب تعاطيهم مع مشاكلهم وفرض الرأي بالتهديد بالإضراب الكلي، ولكن مع الأسف فإن الحكومة سترضخ للتهديد كالعادة وهو ما يعني استمرار هذا الأسلوب دائماً. خارج نطاق التغطية: حصل المنتخب العراقي للشباب على كأس آسيا قبل أيام قليلة رغم الظروف الصعبة وشح الأموال وعدم الاستقرار الذي يعانيه العراق منذ سنوات، وما زال طلال فهد الأحمد يتذرع بشح الأموال لتبرير فشل منتخباتنا، وها هو العراق يثبت أن الإدارة لا تعني الأموال فحسب، بل هي تخطيط ورؤية يفتقدها طلال فهد ومن معه بكل تأكيد.

احمد الصراف

هل دقت ساعة الرحيل؟

“>كتب الزميل والنائب نبيل الفضل في «الوطن»: «نحن رغم كرهنا الشديد وتخوّفنا الأشد من كل ما يمتّ لـ«الإخوان المسلمين»، فإننا نعترف بأننا لا نخرج من معروف أحدهم الذي أضرّ بالإخوان أضعاف ما يمكن لنا أو لغيرنا أن يفعل. فقد تميّز هذا الرجل بشخصية مقززة على الساحة المحلية، نفّرت الناس من الإخوان، وأقنعت الأغلبية بكذبهم وافترائهم والبحث عن مصالحهم الشخصية، على حساب الدين والدعوة! فشكراً له على ما أحدث في تنظيماتهم من دمار نيران صديقة».. انتهى.
والحقيقة أننا لو نظرنا إلى ما يتعرّض له الإخوان من حرب ومضايقة في أكثر من دولة عربية، إلا أننا لا نرى أي تحرك ضدهم في الكويت، أكبر معاقلهم المالية على الأرجح، ولعلها الثانية في الأهمية بعد مصر. وربما هناك بوادر «حصار حكومي» باتجاههم، ولكنه حصار مخملي، يتّسم بالخجل. وربما تكون محاولة الحكومة، أو من يمون عليها، السيطرة على مقدّرات واحدة من أكبر معاقلهم المالية، الخطوة الأكثر قوة، إن صحّ ما يُشاع! ومع كل هذا نقول إن تردد الحكومة في اتخاذ موقف من الإخوان، سواء ما تعلق بكونهم العمود الفقري والمالي للمعارضة الداخلية لها، أو فيما يقومون به من تمويل لأنشطة مخالفة في الخارج. كما أن تصرف الكويت حتى الآن مع الإخوان يتناقض تماما مع تصرف الحكومة المصرية تجاه الحركة نفسها، فكيف تقوم السلطة من جهة بصرف مليارات الدولارات لدعم النظام المصري في وجه آلة الإخوان الإرهابية، ولا تقوم بفعل شيء للجم أنشطتهم داخل الكويت؟
وما ذكرناه، من كلام للزميل الفضل، بخصوص ما يتسبب فيه من أصبحوا من زعماء الإخوان الجدد، لحركتهم، كلما فتحوا أفواههم بالحديث، أو أمسكوا بالقلم لمهاجمة خصومهم وتبرير المتناقض من أقوالهم وتصرفاتهم، هو كلام دقيق وصحيح، ولكن لا يمكن التعويل عليه في القضاء على الحركة وأذنابها مرة وللأبد. فلايزال هناك مجال لاتخاذ موقف حازم منهم، ولكنه مجال ضيق، وليس في مصلحة الحكومة! علما بأن القضاء عليهم ليس بالصعب، فمعروف عنهم «حبهم للمال حباً جماً»، ومن هذا المدخل بالذات يمكن تحجيم الحركة والسيطرة على أعضائها، وبالتالي أمورها، من دون جهد كبير، خاصة أن الحركة تفتقر الآن للقيادة التاريخية، ومن يدير أمورها لا وزن لهم في الغالب، تجمعهم مصالحهم أكثر من عقائدهم، وهذه من سمات الحركات السياسية الشديدة المركزية. ولو كنت مكان قيادة الإخوان لقمت بالتخلّص ممن أساؤوا إلى الحركة، وكدّسوا الثروات من انتمائهم لها، من عقود حكومية كبيرة، وكل ذلك برضا الحكومات، ولكن هذه «القيادة» تعلم جيدا أنها إن فعلت ذلك، فلن يبقى على الساحة من يكتب ويصرح!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

مواقفنا تجسِّد مبادئنا

عندما نتحدث عن قضية فاننا ندلل عليها من الواقع ولا نتكلم عن خيال، فعندما حكم التيار الاسلامي فترة قصيرة من الزمن جسد مبادئه وضرب مثلا في احترام شعاراته، ولعل فترة حكم مرسي اقرب مثال لما نقول، فاحترام الرأي الاخر وعدم اقصائه من المشاركة في الحياة السياسية، وفتح المجال للخصم للتعبير عن رأيه بمختلف وسائل الاعلام. واغلاق نيابة امن الدولة وشعور المواطن المصري بالامن السياسي لاول مرة في تاريخه، كل هذا مؤشر على ان ادعاء الاسلاميين باحترام الحريات العامة والرأي الاخر انما هو حقيقة وليس سرابا! وقس على ذلك ما تفعله حركة النهضة عندما فازت في الانتخابات العامة التونسية، وكان يمكنها ان تنفرد بالحكم دون غيرها ودون ان تُلام! لان هذه من مستلزمات الديموقراطية وهي ان الاغلبية تحكم، لكنها اشركت خصومها من الاحزاب الاخرى بالحكم، فأعطت لليسار رئاسة الجمهورية، وللقوميين رئاسة البرلمان، وهي شكلت الحكومة، ثم ها هي اليوم تتنازل حتى عن حقها في اختيار رئيس الحكومة! كل هذا من اجل المحافظة على الجو الديموقراطي، وخوفا من الحلول الامنية التي تفتت المجتمع، وها هو حزب العدالة في تركيا يحكم اكبر دولة اسلامية ويقودها الى صف الدول المتقدمة حضاريا واقتصاديا وتمكن باسلوبه الهادئ ان ينشر افكاره مستغلا الممارسة الديموقراطية داخل البرلمان الذي يملك فيه اغلبية مريحة. في المقابل كنا نُحكم لعقود مضت في معظم الدول العربية من قبل دكتاتوريات همها الوحيد التفرد بالحكم، وكبت الرأي الاخر واقصاء التيار الاسلامي من الساحة وعزل الدين عن الحياة العامة للناس، في تجسيد لمعنى العلمانية وتطبيق الاسلوب الليبرالي المتحرر من كل قيود الدين وأخلاقياته! متابعة قراءة مواقفنا تجسِّد مبادئنا

محمد الوشيحي

وكذبتُ مراراً ومراراً!

إلى أستاذي وجاري في الصفحة، وأحد معلميّ الذين تدربت خلسة على طريقتهم في الكتابة قبل أن أنضم إلى فريقهم، وأحد القلة القليلة الباقية التي لم تغرِها المغريات، ولم تغوِها المغويات، حسن العيسى:
تحية وبعد… أبا حامد، كان بإمكاني مهاتفتك، أو الجلوس معك في المكتب أو في المقهى، وطرح هذا الموضوع عليك، ولا من شاف ولا من شمت، لكنني فضلت أن تكون مقالاتنا وسجالاتنا “بجلاجل”، وأن يسبقها “مطبلاتي” يوقظ بطبلته أهل الحي، فيسمعونها، أو يقرأونها. متابعة قراءة وكذبتُ مراراً ومراراً!

حسن العيسى

الإصلاح يبدأ من فوق

يحذر محافظ البنك المركزي وزير المالية سابقاً الشيخ سالم الصباح (الوطن عدد 26 يناير) من أن الكويت قد يصيبها المرض الهولندي. بمعنى أن تصاب الدولة الكويتية بمثل ما حدث لهولندا في بداية ستينيات القرن الماضي، بعد اكتشاف غاز ونفط الشمال فتواكلت على تصدير هذه السلعة الخام وأهملت التصنيع، وكان انتكاسة للاقتصاد. تصوير وضعنا بالمرض الهولندي فيه ظلم لهولندا وللمرض ذاته، فالفارق بين الكويت ودول الخليج معها لا يمكن مقارنته بهولندا التي كانت ومازالت في طليعة الدول المتقدمة، وأولى أن نسميه المرض الخليجي، إلا أن تحذير الشيخ سالم والأرقام المخيفة والسيناريوهات التي سطرها يجب أن تؤخذ بجدية، فعدد السكان في الكويت 3.9 ملايين نسمة، يشكل الكويتيون ما يقارب الثلث فقط… "وهذا يوصلنا إلى استنتاج بأن نسبة عدد السكان غير الكويتيين ستظل تدور حول 60-70% طالما بقيت أنماط ونزعات وسلوكيات المجتمع تدور على ما هي عليه" (من مقال الشيخ سالم)، من جديد يؤكد صاحب المقال خطورة العجز بسبب بند الرواتب والأجور والمزايا والاعتماد شبه الكامل على منتج وحيد… إلخ، وعجز القطاع الخاص عن مجاراة القطاع العام في المزايا الوظيفية، ما رتب توجه العمالة للعمل به، وبالتالي أصبح يوظف أكثر من 90% من نسبة العاملين الكويتيين، مقابل رقم هامشي للكويتيين الذين يعملون في القطاع الخاص، ويتوقع الشيخ سالم تنامي نسبة البطالة من الكويتيين لتصل إلى 25%، وقد تصبح مؤسسات التأمينات عاجزة عن سداد المعاشات، وأن الرواتب والأجور قد تتأخر عن الموظفين إذا استمرت الأحوال على حالها.
قبل مقال ومقالات الشيخ سالم، حذرت تقارير "الشال"، وكتابات جاسم السعدون العديدة من خطر القادم، لكن لا يبدو أن أحداً من أهل القرار يقرأ، وإن قرأوا فلن يستوعبوا، وإن استوعبوا فهم أضعف من أن يضعوا أقدامهم على طريق الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ردود الفعل لـ"صحوة" السلطة على واقع الدولة المالي، اختلفت بين أهل اليمين واليسار في التركيز على قضايا معينة وإهمال غيرها، فأهل اليمين لا يرون حلاً بغير تغيير واقع بند الرواتب والأجور وسياسة المنح والعطايا، وتحجيم هيمنة القطاع العام على اقتصاد الدولة، بينما أهل اليسار يرون أن بداية الإصلاح لا تكون بغير بتر امتيازات الكبار وفرض الضريبة التصاعدية على أصحاب الدخول العالية من شركات ومؤسسات مالية تحلب الدولة، ولا تعطي شيئاً في المقابل، ولا توظف أهل الديرة في الأغلب، ومقال الزميل د. بدر الديحاني في "الجريدة" أمس يعد مثالاً لذلك.
لا توجد حلول سحرية، ولا يمكن رفض كل حلول اليمين وكل حلول اليسار، القدر المتيقن المعترف به هو واقعنا الريعي المريض، مريض بمعنى أن نجلس على الكراسي وننتظر "ريع النفط"، بمثل ما ينتظر صاحب العمارة أجرة السكن من المستأجرين دون عمل ولا إنتاج، هذا مرض بدأ من الأعلى ونزل للأسفل، السلطة عممت الفساد والتواكل والاعتماد على عمل الغير، ووزعت "الريع" كل حسب قربه منها، بالدرجة الأولى وحسب الجنسية، لا بحسب العمل بالدرجة الثانية، وتم تشجيع المجتمع على هذا النمط الاستهلاكي الريعي، حتى ينسى الناس بؤسهم السياسي والفساد المقنن عند كبارهم، ولم تبد السلطة اهتماماً بنوعية التعليم باعتبار أنه أهم مفاتيح المستقبل للدولة، ولم تكترث بالاستثمار في الإنسان المنتج، وفضلت استثمار الولاءات الشخصية لها وشراء المواقف السياسية. ولا فائدة الآن من كل هذا الحديث المعاد، وكل الكلام عن الإصلاح الاقتصادي لن يكون مجدياً من غير إصلاح سياسي، وجماعة السلطة ليسوا مستعدين لسماع مثل هذا الكلام، فهذا "سيفوه وهذه خلاجينه".

احمد الصراف

سجون الدنيا ونارها

بالرغم مما تدعيه وسائل الإعلام اللبنانية والمصرية والكويتية والتونسية والمغربية وغيرها من ارتفاع سقف الحريات فيها مقارنة بالبقية، وهذا صحيح إلى حد ما، فإن هذه الحرية النسبية لم تجعل تلك الدول أفضل من غيرها في عدد المفكرين البارزين، واعتقد، وقد اكون على خطأ، بأن عدد هؤلاء في السعودية، آخذين في الاعتبار نسبية الأمور وظروف المملكة الثقافية والعلمية، أكبر مما هو معلوم بكثير، فهذا ما يمكن تحسسه، وقد سعدت بمعرفة عدد من هؤلاء، وعلى اتصال مباشر بغيرهم.
وبالتالي ما نراه على الساحة السعودية حاليا، وتحرك بطيء باتجاه الدعوة للانفتاح، بدأ يؤتي أكله. وربما ما ذكره أخيرا داود الشريان، مقدم البرامج الناجح، على قناة mbc، عن «شيوخ الفتنة» يصب في هذا الاتجاه. نقول هذا بالرغم من امتعاضنا من سكوته وغيره الذي طال، على تصرفات «شيوخ الفتنة»، والذي حذرنا من خطرهم على مدى عشرين عاما، وبدأت جهودنا وجهود غيرنا تؤتي أكلها. فقد قام الشريان، وللمرة الأولى من خلال مؤسسة قريبة من السلطة، بتسليط الضوء على الضحايا الذين غرّر بهم رجال دين الفتنة، وجعلوهم وقودا في عدة حروب أهليّة شرسة، وقام في برنامجه بتوجيه اتهام صريح لمجموعة من رجال الدين حددهم بالأسماء، بالتغرير بالشباب السعودي وإرسالهم إلى حروب سخيفة وشرسة، وطالبهم بان يذهبوا بأنفسهم إلى الجنة، وان فعلوا فسيلحقهم! واضاف: إن «المجتمع (السعودي» لازم يحاسبكم، المجتمع لازم يسائلكم، أنتم من غررتم بأولادنا.. وأفلتّم من العقاب في أفغانستان، وأفلتّم في العراق، وفي سوريا المفروض ألا تفلتوا»!
إن هذا التحول في «الفكر الإعلامي» السعودي إشارة مهمة لإيصال رسالة للرأي العام السعودي، والمجموعات التي تقوم بالدور الأكبر في تمويل الحركات الإرهابية، أو هكذا يقال، هذا غير دور مخابرات هذه الدول!
لطالما حذرنا من أحاديث هؤلاء الذين لم نتوقف يوما عن وصفنا لهم بالعلماء، تاركين الألقاب الأكثر تواضعا للعلماء الحقيقيين، على قلتهم في مجتمعاتنا!
نتمنى أن تشمل «ظاهرة الشريان» بقية إعلاميي السعودية، وان تمتد الظاهرة لتشمل الكويت، لنجابه المدعّين بالعلم الذين حققوا الملايين لأنفسهم من خلال إرسال فلذات أكباد عشرات آلاف الأمهات إلى حتفهم، من دون نتيجة تذكر، فمآل كل هؤلاء، وحركاتهم المتشددة، نار الدنيا وغياهب سجونها.

أحمد الصراف