محمد عبدالقادر الجاسم

مفترق طرق 4/3

ناقشت في مقال يوم أمس فرص كل من الشيخ مشعل الأحمد والشيخ ناصر المحمد في الحصول على ولاية العهد في مرحلة الشيخ نواف الأحمد. واليوم أناقش فرصة الشيخ جابر المبارك والشيخ ناصر صباح الأحمد والشيخ الدكتور محمد صباح السالم.

أما عن الشيخ جابر المبارك (مواليد سنة 1942)، فلابد من الاعتراف بأنني لا أرى فرصة له، وأميل إلى الاقتناع بفكرة أن رئاسة مجلس الوزراء هي الحد الأقصى لما يمكن أن يحصل عليه الشيخ جابر، فهو لا يتمتع بأي امتداد أو تأثير وسط ذرية مبارك الصباح أو حتى في أطراف أسرة الصباح عموما، وليس له نفوذ أو هيمنة على مجلس الأمة، وهو يصارع الآن للبقاء في منصبه الحالي. كما أنه يعاني قليلا في مسألة القبول الشعبي. فضلا عن ذلك، فإن خروج الإمارة من فرعي ‘آل جابر وآل سالم’ وانتقالها إلى فرع ‘آل حمد’ الذي ينتمي إليه الشيخ جابر المبارك غير متوقع.
متابعة قراءة مفترق طرق 4/3

احمد الصراف

«بكرا بيجي نيسان»

تأثرت – كغيري – بوالدي، وربما اجمل ما أعطاني إياه حبه للبنان وفيروز. وأول مرة أخذني فيها للبنان كان في صيف عام 1956، وأسكنني في بيت أسرة صديق له، وربما كان بيت المرحوم محمد البدر، في بحمدون الضيعة! وكنت أخرج من ذلك البيت كل صباح، مع صوت القطار الذي كان يمر بالقرب منا، وأتجول في الحقول الصغيرة القريبة ألتقط الفواكه وأسمع شدو الطيور، وأملأ رئتي برائحة الصنوبر، وأقطف الزهور، غير شاعر بتغلغل حب ذلك البلد في نفسي مع كل خطوة أخطوها، ونسمة أستنشقها، بعيدا عن لظى الكويت وغبارها، ومن يومها أصبحت ولبنان شيئاً واحداً، ولا أذكر أنني تغيبت عنه، أو غاب عن خاطري يوماً!
لبنان يعني لي الكثير، ولكن فيروز اصبحت تعني لي أخيراً أشياء أكثر، بعد أن خرب لبنان الذي خبرته وعرفته لما يقرب من ستين عاماً! فصوت فيروز – وأغانيها القديمة بالذات – يعيدني في لمحة الى أيامي ولياليّ فيها، وذكريات طفولتي في دروب ضيعها، وشيطنتي في أزقة مدنها، وضحكاتي مع شبابها، ونظراتي لورد بلكوناتها، ولقهوة «أم حنا الغنوجة» وحلوياتها، وإغواءات صباياها! ولا أعتقد أن هناك أغنية تذكرني بكل ذلك، والحنين للبنان، كأغنية فيروز «بكرا بيجي نيسان»، التي تقول فيها:
بكرا بيجي نيسان يسألنا
وبيرش وردو عا منازلنا
منخبرو شو صار
منسمعو الأشعار
يللي كنت فيها تغازلنا
بكرا بيجي نيسان يغوينا
ويموج زهورو بروابينا
منحكيلو عالي كان…
منسمعو الألحان يللي كنت فيها تناجينا
ناطرين تلوح يا حلو
وتبوح وتسمع شكاويك للوردات
ناطرين نضيع، عالدرب وتشيع
عن هوانا بهالدنيي حكايات
بكرا بيجي نيسان يسعدنا
وعاتلال أحلامو يبعدنا
منتيه شردانين عا دروب مخضرين
وأرض الهوى والحب موعدنا

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

هاتف «العملة» لا يزال يعمل!

 

يلزم أن تسعى الحكومة إلى تغيير نظرتها و«فلسفتها» تجاه التعامل مع الأصوات الوطنية الصادقة التي تقول الحق ولا شيء غير الحق! ويلزم هذا التغيير، أن تتعامل الحكومة بجرأة وشجاعة وحسم مع من يكذبون عليها ويصورون لها الأوضاع في البلاد على أنها في أحسن حال، ويجب ألا تسعد وتفرح وينشرح صدرها وهي تقرأ لهم في الصحف أو تتابعهم في الفضائيات وفي الإعلام بكل أنواعه وهم يكيلون لها المديح والألعاب النارية متعددة الألوان.

يتوجب على الحكومة ألا تعتبر من يطالب بالإصلاحات الحقيقية لحاضر ومستقبل البلد وينقل الحقيقة وينتقد الإخفاقات والسلبيات والتقصير على أنه «عدو» لها، تماماً كما يتوجب عليها ألا تعتبر المنافق صاحب مهارة التدليس والكذب والتلميع «صديقاً صدوقاً»، فالأحداث المتسارعة حولنا، وتعقيدات الأزمة السياسية طيلة العقود الماضية وتراكماتها توجب تقريب «الأعداء» الوطنيين المخلصين في رؤاهم ونواياهم وتطلعاتهم لصالح الوطن والمواطنين، وتبعد قسراً، طيباً أم غصباً، «الأصدقاء» من حملة الطبول والطنابير وأبطال النفاق والوطنية الزائفة من ذوي المصالح الشخصية. فهؤلاء ليس إلا سماسرة يعتاشون على الأزمات، ويتمنون لها ألا تنتهي، سواءً كانوا مسئولين أم كتاباً أو نواباً أو مشايخ أم سمّهم ما شئت.

في العام 2007، طرحت ذات الفكرة في مقال هاهنا، وتحديدًا في يوم الخميس 9 أغسطس /آب، ولعل بعض كبار المسئولين في ذلك الوقت، ممن نلتقيهم في المؤتمرات والاجتماعات وما إلى ذلك، كانوا يعبرون بثقة عن حسم كل الملفات المرهقة للوطن والمواطن، بدءاً من الفساد انتهاءً عند حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية لكل بحريني، أياً كان دينه ومذهبه أو طبقته أو وضعه الاجتماعي، وأن جوقة المنافقين، بل حتى «المستشارين» الفاشلين لن يكون لهم مكان في غضون السنوات القليلة القادمة (أصبحت ماضية قطعاً)، وسيكون الأساس هو الاستعانة بأبناء الوطن من المخلصين، مسئولين ومثقفين وكتاباً وناشطين وسياسيين وإعلاميين ومتخصصين في مجالات علمية مختلفة من الجنسين، فقد سمعنا الكثير من الجعجعة..ليس سوى جعجعة، بقي المنافقون يصولون ويجولون ولا نجد مكاناً للمخلصين.

على أية حالة، من المهم، وأكرر ما قلته في ذلك العام لعل الذكرى تنفع، من المهم القول أن الناس في بلادنا يعرفون جيداً من هم أولئك الذين يعادون الوطن قولًا وفعلًا عبرنفاقهم وكذبهم وسعيهم الدؤوب لتأجيج الأوضاع في البلاد من خلال تصنيف الناس وفقاً لهواهم، لكن المهم – بعد معرفتهم – وتعريتهم أمام المواطنين، صحيح أن هناك رفضاً محدوداً وانتقاداً مستحياً للكثيرمن الممارسات التي أصبحت بمثابة لباس لأولئك المنافقين الذين لايعرفون إلا «الفتن» ولايبغون إلا «الوهن» للمجتمع، ولايفرحون إلا في «المحن» التي يعيشها الناس لكي يظهروا أبطالًا فاتحين، لهم العزة والكرامة دون غيرهم من أهل البلد. لذلك، نتمنى أن ينظر الناس، قبل الحكومة، بعينٍ فاحصةٍ إلى ممارسات أولئك الذين لا بأس في أن يكونوا قريبين في المجالس مع الناس، ولا ضير من وجودهم في مكاتب المسئولين، لكن أكبرالضير وأشد البأس، أن يصبحوا هم المواطنين الصالحين، ومن دونهم من الناس ليسوا سوى أعداء للوطن وللتراب الوطني، وللوحدة الوطنية، ولكل ما يمت للوطن بصلة.

من العار أن يبقى مستشارٌ أو مطبلٌ أو كذابٌ مقرباً من المسئولين وهم يعرفون أنه ليس سوى «سمسار نفاق»، فالمواطن البحريني لا يريد من يستفز مشاعره في الكتابات والتصريحات والبيانات والتصيّد المقيت، ولا يريد من يتقلب حسب حجم الأعطيات الممنوحة من تحت الطاولات. لقد أصبح المواطن اليوم على صلة بمشاهد متعددة من ممارسات الكذابين والمنافقين ممن يخبئون الحقائق والمعلومات، ولا يقدّمون التقارير الصحيحة للمسئولين بما يصب في مصلحة الشعب..

ولا تستغرب عزيزي القاريء إن سمعت من واحدٍ من هؤلاء يوماً أنه يمدح إلغاء علاوة الغلاء ويصفق لرفع أسعار البنزين ويبرر تقليص الأجور وحرمان المتقاعدين من حقوقهم وينفي غلاء المعيشة ويستميت في القول أن الخدمات الإسكانية في أعلى درجات المقارنة مع أفضل نماذجها في العالم. لا تستغرب أبداً…فهاتف العملة لا يزال يعمل على رغم كل هذا التطور التقني في العالم.