سامي النصف

وقد يستجوب الجيد ولا يستجوب السيئ!

ونحن  نعيش ترمومتر بورصات التوزير الصاعد والنازل، نذكر بأن تقديم استجواب لوزير ما، هو حق للنائب، الا انه لا يعني سوء أداء الوزير المعني ومن ثم النظر في عدم توزيره، والعكس من ذلك تماما، حيث ان عدم تقديم استجواب بحق وزير ما لا يعني انه محصن من الاستجوابات مستقبلا، ومن ثم الإصرار على بقائه رغم سوء أدائه، فالمحك الحقيقي هو.. الكفاءة والأمانة.

***

ومن ذلك فقد يكون سبب استجواب وزير ما هو كفاءته وأمانته وإصداره على تطبيق القانون على الجميع، وهو ما يغضب، أحيانا، بعض النواب، كما أن عدم استجواب وزير آخر قد يكون سببه الرئيسي هو عدم كفاءته وعدم أمانته، ومن ثم قيامه بعمليات الارضاء على حساب العدالة ومبادئ الدستور، التي تحض على المساواة وتطبيق القوانين وعدم التفريط بالأموال العامة.

***

ومعروف أن الوزراء ومثلهم من يعين في المناصب العامة كالرؤساء والمدراء وأعضاء مجالس الإدارات ينقسمون الى صنفين، الاول: من يرى في تلك المراكز تكليفا لا تشريفا، فيصبح همه الأول خدمة البلد والشعب وتحقيق الرفاه،، معتمدا الصدق في قوله، والحفاظ على الأموال العامة في عمله، يقابل ذلك صنف ثان يرى انه لم يأت لتلك المراكز الا لملء جيبه من الاموال العامة الحرام والقفز على القوانين، وخدمة مصالحه الخاصة، ومصالح من أتى به، والواجب بعد أن فاحت روائح الفساد، وبدأنا في التخلف في مؤشرات الفساد الدولية مع كل يوم يمر أن يتم اختيار الصنف الأول من الوزراء وترك الصنف الثاني لا العكس!

***

آخر محطة: (1) عن تجربة، نعلم أن الوزير م.سالم الأذينة هو كفاءة نادرة وقدرة متميزة، ولديه من التجربة والخبرة ما يؤهله لمواصلة خدمة الكويت بشكل أفضل، خاصة في الوزارة التي عمل بها لسنوات طوال، والتي تضررت كثيرا برحيله.

 

 

 

 

حسن العيسى

مأزق وهمي

هذا المأزق، حقيقياً كان أو وهمياً، مرفوض، فهو الذي يضعنا أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن نتقبل ونتجرع قضايا الفساد المالي والسياسي في الدولة و"نصهين" عنها ولا نبالغ في الحديث عن أدبياتها بعوض وثمن أن تُحترَم حرياتنا الخاصة والعامة في معتقداتنا وممارساتنا ولا نخضع للشرطة الدينية والأخلاقية وما في حكمها، ولا لقوانين ومشاريع قوانين تطرحها "مجاميع التخلف الديني- القبلي"- وهو المصطلح الذي كثيراً ما يتردد في مقالات الزميل عبداللطيف الدعيج – أو نرضى ونتقبل طرح المعارضة بشعارها الكبير المعنون بمحاربة الفساد في الدولة.
  فهذه المعارضة في مجلسها الأخير حين كانت تمتلك شبه الأغلبية وقبل حكم المحكمة الدستورية ببطلان المجلس قدّمت أشرس مشروعات القوانين "الدراكونية" في معاقبة المسيء للذات الإلهية على سبيل المثال، وطرحها لحظر الشيشة…! ودعواتها اللامنتهية إلى بقاء المرأة في البيت ومحاربة حقوقها السياسية في الماضي قبل إقرار تلك الحقوق، (أيضاً تلك كلمات تتردد في مقالات بوراكان)، ولنذهب إلى أبعد من ذلك، فجذور تلك المعارضة، حين قوت شوكتُها في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، هي دينية أصولية بمعنى الكلمة، فهي التي طرحت مشروع حرمان غير المسلم من استحقاق الجنسية عام 1982، ثم شرعت قانون منع الاختلاط في مقاعد الدراسة الجامعية عام 1996، وهي التي صبغت الدولة باللون الأسود الكئيب بمنع كل مظاهر الفرح والبهجة التي كانت من ملامح الدولة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويمضي ذلك الطرح إلى لوم قوى سياسية مثل المنبر الديمقراطي على مساندتها للمعارضة في دعوات محاربة الفساد والتضحية بقضية الحرية الفردية – رغم أن المنبريين لم يقصدوا أبداً قضية الحريات الاجتماعية – متناسية (قوى الحداثة تلك) واقع وتاريخ الأغلبية المعارضة.
 وضعنا بين هذين الخيارين، فالذي يرجِّح ضمنياً خيار "الصهينة" على مسائل الفساد غير مقبول منه ذلك، لأنه يتناسى أن قوى المحافظة الدينية هنا في الكويت أو في معظم أقطارنا العربية لم تظهر من العدم، فالأنظمة الحاكمة وجدت ضالتها في "سلاح الدين" لتدجين شعوبها، والمثال الفذ على ذلك يتمثل بالتجربة المصرية أيام الرئيس المؤمن أنور السادات في الماضي، حتى انقلبت عليه وطرحته صريعاً، ووجدنا، بالمناسبة واستطراداً، أيضاً شخصية شاعر يساري فذ وهو الراحل أحمد فؤاد نجم تمجد قتلة السادات، وكأنه من الواجب علينا أن نتقبل أي نظام حتى ولو كان دينياً متطرفاً مقابل الخلاص من طاغية، ثم يعود الشاعر الشعبي الراحل ليؤيد حركة الانقلاب على الشرعية الدستورية في 30 يونيو الماضي طالما كانت تلك الشرعية متمثلة بجماعة الإخوان المسلمين! ويعصف النظام العسكري الجديد بالحريات السياسية جملةً وتفصيلاً، ونتذكر هنا عبارة باسم يوسف حين قال: "قدمت 30 حلقة نقد لمرسي ولم يمنعني، وحلقة واحدة لم يتقبلها النظام الجديد، ومنع البرنامج".
كان ذلك استطراداً لا بد منه لتوضيح هذا الخيار المستحيل، ونعود إلى الكويت، التي لا تمثل حالة استثنائية من القاعدة العربية، وإن اختلفت عنها في معايير الثراء وهامش الحرية السياسية النسبي، يبقى أن نعترف بأن أنظمة دولنا العربية التي مارست الفساد هي التي "خلقت" أو تسببت في خلق التطرف الديني، واحتفلت بإلهاء الشعوب عن مصيرها البائس، ولم يكن بالأمر الجديد استعمال الدين لاستمالة الشعوب وقمعها، فأوروبا العصر الوسيط ومنذ قيام الدولة الرومانية المقدسة سارت على ذلك الدرب، وحدثت الصراعات بين الأنظمة الملكية و"بابوات" روما على "الشرعية الدينية" واستقلالية الملك عن البابا، وتزامن هذا مع بزوغ حركات الإصلاح الديني والحروب الدينية "الطائفية" حتى انتهت بقيام الثورة الفرنسية بدمويتها المرعبة وشعار "لا حرية لأعداء الحرية" لتستقر الأمور نهائياً، ليس بسيطرة نابليون على الحكم ولكن بإقرار دستور 1905 وفرض العلمانية مرة واحدة وللأبد. لعلنا اليوم، أيام الربيع العربي بكل صوره المخيفة، نمر بتلك المرحلة الأوروبية مع اختلافات كبيرة، لكن في كل حال يبقى الإقرار بضرورة رفضنا أن نُحشَر بين خيارين إما أنظمة حاكمة ترفض الإصلاح وتمنح هامشاً ساذجاً من الحريات الاجتماعية أو نظام ديني يدعو بعمومية إلى محاربة الفساد، وفي الوقت ذاته يقوّض الحريات الاجتماعية… مفاضلة "إما" و"أو" يتعين رفضها من أساسها، فهي خاطئة، ولابد العمل من أجل طريق ثالث مهما كان بعيداً الآن.

احمد الصراف

أبو شكري الكبير

عرفت الكويت إبراهيم دبدوب، الشهير بأبو شكري، عام 1961، عندما التحق بالبنك الوطني، بعد انهاء دراسته، موظفا في سكرتارية مجلس الإدارة. أمانته ومثابرته اثناء عمله أكسبتاه احترام أعضاء المجلس، وكان جلهم من كبار الاقتصاديين. وقد عاصرته وظيفيا قبل ان نلتقي في مناسبات قليلة، فقد عملت بعده بسنوات قليلة في أحد البنوك، وتدرجت معه في مناصب ودوائر البنك، واصبحت في عام 1980، في منصب يعادل المنصب الذي شغله في السنة نفسها، ولكني تركت البنك سنتها، ليستمر هو لأكثر من ثلاثين عاما أخرى مع البنك، تقلد فيها أرفع المناصب، وحقق لمساهمي البنك ما لم يكن بالإمكان تحقيقه من دونه، قبل أن يطلب، أو بالأحرى يصر أخيرا، على التقاعد، مع استمرار عمله كمستشار.
لقد كنت مصرفيا صغيرا، وأصبحت رئيس قسم ومديرا، واستقلت لأعود إلى البنك نفسه، بعدها بسنوات قليلة، عضوا في مجلس الإدارة، وخلال تلك الفترة عاصرت، كما عاصر غيري في البنوك الأخرى، العشرات من كبار المديرين العامين، وغالبيتهم أوروبيون او أميركيون، رافق الفشل والخسارة والاضطراب الوظيفي عمل كل واحد منهم تقريبا، وفقدوا الواحد تلو الآخر وظائفهم، وحده إبراهيم دبدوب والبنك الوطني ظلا على علاقتهما المتينة، على مدى عقود اربعة، تمكن فيها أبو شكري، باستقامته، من إيصال البنك إلى المرتبة التي يتبوأها الآن في مصاف المصارف العالمية، ورفع علم الكويت خفاقا في أكثر من مناسبة، محققا المليارات للمساهمين، وليحتل البنك الريادة المصرفية العربية والعالمية سنة بعد اخرى في مسيرة نجاح متواصلة. ولا ننسى جهوده، ومجلس الإدارة، في حصول البنك على أعلى التصنيفات المصرفية من قبل أكبر الوكالات العالمية. كما لا ننسى له قيادته للبنك خلال أزمة المناخ، وخلال فترة الغزو الصدامي الأحمق، وكيف نجح في تجنيب البنك التورط في كثير من المديونيات السيئة التي تورطت بها بقية المصارف بدرجة أكبر بكثير.
فضلُ الصديق ابو شكري، الذي اعرفه بالكاد، على البنك الوطني، والاقتصاد الكويتي لا يمكن إنكاره، وأمانة الرجل واستقامته في عمله لا شك فيهما، ولو كنت في موقع من ينصح مدير عام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لاقترحت تضمين اسمه ضمن المكرمين، ومنحه إحدى جوائز المؤسسة المرموقة، فأبو شكري يستحق أكثر من ذلك.
ميري كريسماس، وكل عام وأنت بخير يا عزيزي.

أحمد الصراف