محمد الوشيحي

اللعب ضد ميسي بلا مدافعين!

أشهر نظرية في الصحافة تقول "من الغباء أن تكتب عن كلبٍ عض إنساناً، فليس في هذا الخبر جديد ولا غريب، الغريب والجديد عندما يعض الإنسان كلباً. هذا هو الخبر. هذا هو المانشيت"، وأشهر نظرية عند الكاتبجي الوشيحي تقول: "من الغباء أن تكتب عن تراجع الكويت، فليس هنا جديد ولا غريب. الغريب والجديد الذي لا يمكن تصديقه هو: الكويت تتقدم".
وعندما نقرأ تقرير مؤشر مدركات الفساد، فنحن لا نبحث عن تقدم الكويت، لا يا عزيزي، نحن نبحث عن ترتيب الكويت مقارنة بترتيب جيبوتي والصومال وبقية الدول التي تنام بلا عشاء. نحن كالطالب الواثق من رسوبه، لكنه يقرأ لوحة النتائج ليعرف كم مادة دراسية رسب فيها. وهل تفوق على ابن عمه الغبي، أم تفوق ابن عمه عليه. 
لكن هذا لا يعني أننا لا نتفوق في أيٍ من المجالات، لا، الحق يقال، نحن نتفوق، أو بالأصح، حكومتنا تتفوق على نظيراتها بالتصريحات والشعارات والوعود التي تُحرج اليابان والدول الصناعية الكبرى! نحن نتفوق بالكذب، نتفوق بالحسد، نتفوق بالتشرذم والفرقة، نتفوق بالقرف الشامل، سيداتي سادتي.
واليوم تنتشر الحملات التبشيرية بـ"الإعفاء من الرقابة المسبقة"، وعلي اليمين أن تهوي الكويت، لو تم هذا الأمر، إلى أسفل سافلين وأقعر قاعرين، فيتفوق علينا العراق، الذي يحتاج إلى شركات تنقيب للبحث عن مركزه وترتيبه في مؤشر مدركات الفساد.
كل هذه الأذرع الرقابية ومع ذا استطاع الفساد التلاعب بالمدافعين بسهولة، كما يفعل الأرجنتيني ميسي بدفاع الخصوم، وتأتي الآن لتطلب إلغاء الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة؟ أي أن تلعب ضد ميسي بلا مدافعين وتتوقع الفوز! يا حبيبي يا ابني.
سامي النصف

بين توقيع وتوقيع الفارق مليار!

أمران مهمان ارتبطا بصفقة تحديث أسطول الكويتية أولهما توفيرنا للأموال العامة عبر خفض عدد الطائرات من 35 طائرة كما هو مقترح من المصنعين إلى 25 طائرة كرقم مبدئي مرتبط بالأمر الثاني وهو عدم التوقيع إلا بعد انتهاء خطة عمل شركة «الاياتا» وعرضها على مجلس الإدارة والأهم على الهيئة العامة للاستثمار لأخذ موافقتها كونها الممول للصفقة.

***

وقد انتظرنا لخمسة أشهر كي تنتهي خطة العمل (BUSINESS PLAN) التي أظهرت الحاجة لـ 22 (لا 25 طائرة) كبيرة ومتوسطة و10 طائرات صغيرة كندية أو برازيلية كي يمكن للخطة أن تنجح وتتحول «الكويتية» للربحية خلال السنوات القادمة ومن ثم على الجمعية العمومية للشركة إما القبول بـ 22 طائرة أو أقل ومن ثم تحويل ثمن الطائرات الثلاث لشراء 10 طائرات صغيرة وهي للعلم تكفي وتزيد.

***

العجيب أنه إذا كان المختصون في مجلس الإدارة قد انتظروا 5 أشهر دون توقيع انتظارا لخطة العمل، فإن غير المختصين سارعوا بالتوقيع على عجل قبل مناقشة خطة العمل مع الجهات المعنية المتكفلة بالصرف على عملية تحديث أسطول الكويتية، وما لا يقل عن ذلك أهمية انهم لم يفصحوا عن أسباب إلغاء صفقة الطائرات الخمس والبدائل المتاحة وكلفتها وأصحابها حيث لا يمكن لمشروع خصخصة الكويتية أن ينجح وأن تتحول للربحية لتشجيع دخول المستثمرين إذا ما تمت إضافة مليار دولار ثمن إيجار جديد.

***

آخر محطة: (1): الساعة العاشرة مساء اليوم سأكون ضيفا على قناة الوطن بلس للحديث حول ما يجري وتأثيره المدمر على مستقبل «الكويتية» المملوكة للشعب الكويتي وأدعو وزير المواصلات ليكون الطرف الثاني في اللقاء، ومن يعتقد أنه على حق لا يخشى مواجهة أحد.

(2) كيف لمن قال إنه سيأخذ صفقة تحديث أسطول الكويتية إلى الجهات الرقابية ودراسة الجدوى الاقتصادية أن يصدر خلال يومين أمرا بالشراء؟ فهل تمت كل تلك الأمور التي اشترطها خلال يومين أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

(3) «الكويتية» شركة الطيران الوحيدة في العالم التي لا تشتري ولا تؤجر إلا جديدا رغم الكلفة الباهظة؟ وكيف لمستثمر أن يدخل لشركة تُفرض عليها قرارات انفعالية كلفتها مئات الملايين من غير المختصين؟!

 

 

 

 

حسن العيسى

نقطة فرح مضيئة

لم أقرأ حتى الآن أسباب حكم البراءة في قضية "دخول" المجلس للسبعين مواطناً المتهمين، ومن بينهم بعض الرموز من نواب سابقين. استعملت كلمة "دخول" المجلس كما يستعملها كل مؤيدي البراءة، وهي تعني رفضاً لمفردة "اقتحام" بمعنى استعمال العنف والقوة المادية. وذلك اللفظ "العنفي" درج على تكراره معظم جم اعات حزب السلطة التي ثارت ثائرتها وحميتها على حكم القانون حين صورت عبر وسائل الإعلام أن ما حدث يعد انتهاكاً صارخاً لحكم القانون تمثل في الاعتداء على مرفق عام، وشغب شعبوي لا يصح أن يحدث في دولة يحكمها دستور وقانون، وبهذا يضحي مبنى المجلس، عند تلك الجماعة، من المقدسات التي لا يصح المساس بها، لكنّ ما بجوف ذلك المجلس من "نواب" (إن صحت التسمية) يصح تبديلهم وتغييرهم وربما "قلعهم" بما يلائم مصلحة السلطة المتطابقة مع مصالحهم الشخصية. 
بهذا يصبح هؤلاء فقهاء الحق في أثينا الكويت ودعاة حكم القانون، وكأنهم أبناء سقراط حين تجرع السم رافضاً مخالفة حكمه الجائر، بينما في الحقيقة هم آخر من يكترث لحكم القانون حين يتحول الحديث إلى معنى الشرعية الدستورية، والعطلة الدائمة لقوانين محاربة الفساد بشقيها السياسي والمالي.
قضية دخول المجلس في نوفمبر 2011 تعد معلماً لحركة وقتية متألقة لوعي شعبي استطاع في ذلك الوقت أن يفرض رؤيته على السلطة الحاكمة في لحظة ما، إثر قضية الإيداعات المليونية التي صبت في جيوب بعض نواب مجلس الأمة في ذلك الزمن، وتم بعدها تغيير الحكومة ورئيس الوزراء، لكن واقعة "الدخول" لم تنتهِ فصولها، ولم يكتمل مشوار الإصلاح والرفض الشعبي لجمود وفساد الوضع السياسي في الدولة، وسرعان ما جاءت ردود الفعل العنيفة من السلطة، والتي تمثلت في ملاحقات أمنية وقضائية لكثير من المعارضين، ورافقتها جهود حثيثة للانتقام للكرامات السلطوية وهيبتها المزعومة عبر نهج العصا والجزرة، وتم الثأر السلطوي للكرامات المشيخية، وانتهت الأمور في ما بعد بانتكاسة ما يسمى مرسوم الصوت الواحد، وتشتتت في المقابل كتل المعارضة السياسية لضعف متمثل في تركيبتها الذاتية وعجزها عن استقطاب جماعات عديدة من المجتمع خشيت وتشككت من الطرح القبلي- الطائفي المغالي في محافظته وتزمته، وهو ما تمثل في طرحها عدداً من مشاريع القوانين آنذاك.
حكم البراءة الأخير نقطة مضيئة في التاريخ الكويتي، ويبقى مشوار الإصلاح طويلاً وشاقاً، ومازال في بداياته ينهض ويكبو، فلننتظر…
احمد الصراف

متخلِّفون.. حتى في لغة الإشارة!

شاهدت فيلماً هندياً قصيراً يقوم فيه أب بتسليم ابنته البكماء هدية عيد ميلادها، وتبين لها عند فتح العلبة أن بها هاتفاً نقالا! نظرت الفتاة الى أبيها بحزن وكأنها تعاتبه، فكيف لم يفكر في إعاقتها؟! ولكن الأب أعطاها إشارة تعني أنه ليس من أرسل الهدية! ما هي إلا لحظات حتى بدأ ذلك الهاتف الذكي بالاهتزاز، فرفعته الفتاة، ونظرت الى شاشته فإذا بصورة حبيبها، الذي لديه إعاقتها نفسها، يخاطبها بلغة الإشارة ليخبرها بأنه الذي أرسل الهدية، وأن بإمكانهما الآن التحدث مع بعضهما، عن بُعد، عن طريقه! وهذه من «ن.عم» التكنولوجيا علينا!
كنت أظن، قبل مشاهدة هذا الفيلم المؤثر، أن لغة الإشارة عالمية، ولكن تبين من ملاحظة صديق أن صفة عالمية غير دقيقة إلا في بعض الإشارات! فلكل دولة – وربما مجتمع – إشاراته الخاصة التي عادة ما تكون ترجمة لحروف لغة تلك الدولة أو المجتمع، وبالتالي ليس غريبا أن نجد تقدم الدول الغربية في هذا المجال أكثر من غيرها، خاصة تلك الناطقة باللغة الإنكليزية، التي تشترك جميعها تقريبا في لغة إشارة واحدة. كما أن هناك قواميس تترجم الإشارات من لغة الى أخرى، إضافة الى جداول توضيحية لشرح لغة الجسد وبقية إشارات الأيدي.
وبالبحث أكثر، تبين أن تاريخ توثيق لغة الإشارة بدأ عام 1620 في اسبانيا، وذلك عندما نشر جوان بابلو بونيت مقالة تحت عنوان «اختصار الرسائل والفن.ّ لتعليم البكم الكلام»، فاعتبر عمله أول محاولة جادة للتعامل مع علم الأصوات ومعالجة صعوبات النطق. كما أنها أصبحت وسيلةً للتعليم الشفهي.ّ للأطفال الصم.ّ بحركات الأيدي، التي تمثل أشكال الأحرف الأبجدية، لتسهيل التواصل مع الآخرين. ومن خلال أبجديات بونيت، بدأت محاولة لتعليم أطفال صم في مدرسة فرنسية على مهارة استعارة تلك الأحرف وتكييفها، وكانت تلك نواة «دليل الأبجدية الفرنسية للصم.ّ»، الذي نشر في القرن الــ 18 وبقي منذ تاريخه من دون تغيير. ولقد استُخدمت لغة الإشارة الموحّدة في تعليم الصُّم.ّ في إيطاليا وغيرها بعد ذلك.
وتبين من البحث – كذلك – أن مشكلة العرب مع لغة الإشارة ليست ببعيدة عن مشاكل تخلُّفهم في بقية المجالات الأخرى، فهناك قواميس لغة مصرية وأردنية وإماراتية وليبية وتونسية، ولكن على الرغم من تعددها فإن أحد الباحثين في هذا المجال وجد أنها لا تحتوي على ما يكفي من الإشارات، وبينها اختلافات كبيرة، (حتى هنا؟)، ولا ترتقي الى المستوى المطلوب لقلة ما بها من مفاهيم ومحدوديتها، مما يعيق عمليتي التواصل والتخاطب بشكل سلس.

أحمد الصراف