ينقل عن عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين أنه قال: «أخاف اليوم الذي ستتفوق فيه التكنولوجيا على البشرية، عندها سيقتصر العالم على جيل من الحمقى». ولو نظرنا حولنا اليوم لوجدنا أن ما قاله بالأمس البعيد يشبه التنبؤ بالمستقبل، وقد تكون أجهزة الهاتف النقال، وبالذات الجيل الذكي منها، أكثر أنواع التكنولوجيا تغلبا وتفوقا على الإنسان، فقد أدخلت هذه الأجهزة تغيرات إيجابية وسلبية هائلة على حياة الكثيرين، بحيث أصبحوا لا يتخيلون حياتهم من غيرها، فهي إضافة إلى كونها وسيلة لأداء عمل وطلب نجدة وترتيب موعد، وتلبية استغاثة، أصبحت الوسيلة الوحيدة التي تربط البعض بأسرهم، فبوجودها قلّت الزيارات وانعدم التواصل المباشر، وأصبحت المكالمة بمكانة الحضور الشخصي، وخاصة في المناسبات السعيدة والحزينة والأعياد! كما تحوّلت هذه الأجهزة، بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من «واتس أب» و«تويتر»، إلى مصدر الأخبار والإشاعات الوحيد للكثيرين. كما أصبحت للبعض الآخر وسيلة للدعاية وبث الأخبار وتنظيم التظاهرات والاجتماعات بأسرع طريقة، ومن دون كلفة حقيقية.
تأثير الهواتف الذكية سلبي في غالبه، ولكن من إيجابيات استخدامها أنها دفعت البعض لقراءة شيء ما، وخاصة أولئك الذين كان آخر عهدهم بالقراءة الكتاب المدرسي! كما أن البعض لا يطيق قراءة شيء أو البحث عن موضوع ما يهمهم، حتى لو كان مسلياً أو مثيراً، ولكنه أصبح يأتيهم «باردا مبردا» على الجهاز. كما أصبحنا نلاحظ توقف التذمر المعتاد لمراجعي العيادات الطبية أو الدوائر الحكومية، من تأخر دورهم او معاملاتهم، فالجميع مشغول بالنظر لجهازه. كما أصبح الجهاز مهربا معقولا في السهرات الثقيلة الظل، حيث يهرب الضيف منها لجهازه الحبيب.
كما أخذ البعض الآخر هاتفه النقال معه إلى دورة المياه، أثناء قضاء حاجته البيولوجية، ربما لكي يقرأ بعض الرسائل على الريحة!
أحمد الصراف