سامي النصف

يوم في محكمة بريطانية

وقف قبل أيام طرفا النزاع في القضايا التي رفعتها «الكويتية» على «العراقية» امام القاضي البريطاني الجليل «بيرتون» لاعلان التسوية، وبذا توقف نزيف مالي كلف الدولتين والشركتين مئات ملايين الدولارات واستمر 22 عاما، واعتبر من اطول القضايا التي نظرتها المحاكم هناك وتم من خلال صحائف المرافعات والاحكام خلق عشرات التشريعات غير المسبوقة حيث تعتمد المحاكم البريطانية على نظام «السابقة» كمبدأ لاصدار الاحكام القضائية المستقبلية.

***

ولم تكن القضية كما يعتقد سهلة وميسرة لـ«الكويتية» منذ البداية حيث لا تقبل المحاكم البريطانية رفع قضايا التعويض بأمور تختص بـ«سيادة» الدول، لذا كان على «الكويتية» ان تثبت ان الاعمال التي تطلب التعويض بسببها كانت «اختيارية» وتمت قبل صدور قرار مجلس الثورة العراقي في 17/9/1990 بمصادرة أصول «الكويتية»، تلك القضايا والاحداث اصبحت تاريخا حافلا ومثيرا يستحق ان يوثق ويدون وليس بالضرورة ان يعلن حيث امتلأ بقصص عكست بطولات ومؤامرات وحيل واعمال مخابرات لا تصدق.

***

وبعكس ما يعتقد، او ما نراه في الافلام، لا يترافع المدعون او المحامون امام القضاء البريطاني بل يتواجدون في المحكمة وينوب عنهم من اختاروه ممن يسمون بمستشاري الملكة (Q.C) وهم من يتم اختيارهم بعد اجتيازهم امتحانات صعبة من بين المحامين، لذا فهم اذكى وافضل العاملين في تلك المهنة، والذين يصبح كثير منهم قضاة في وقت لاحق. أمر أثار استغرابي هو شباب إنجليز صغار يدفعون امامهم ناقلات كالموجودة في سوق الخضار لدينا محملة بالكراتين بين قاعات المحاكم، والسبب ان القاضي ما ان يشير الى ما هو مكتوب في ملف ما للقضية حتى يرجع الاطراف لذلك الملف الموجود في الكراتين.

***

ومن المحاكم الى مكاتب كبار المحامين في بريطانيا حيث يعمل بها كذلك اذكى وأفضل العقول، وهو للعلم ما طالبنا مرارا وتكرارا بعمله في الكويت حيث يجب الا يقتصر توجيه العقول الكويتية الذكية الحائزة أعلى النسب في الثانوية لدراسة الطب والهندسة والصيدلة فقط بل يجب توجيه بعض تلك العقول الذكية للحصول على شهادات عليا في القانون من جامعات مثل «السوربون» و«هارفارد» و«ييل» و«اكسفورد».. الخ، بعد ان يعطوا الفرصة للعمل في بلدان الابتعاث لسنوات طوال، كما يجب ان يمتد الأمر لارسال أفضل العقول لدراسة الاقتصاد والجيش والشرطة، فبلدنا في أمس الحاجة للعشرات من امثال دبدوب في الاقتصاد وشوارزكوف في قيادة الجيش وبراتو في قيادة الشرطة.. الخ.

***

آخر محطة: الدعوة للعصيان المدني خلقت لاستخدامها ضد قوى الاحتلال والاستعمار الاجنبي وليست ضد مصلحة الاوطان، لذا لم نسمع قط بالدعوة لمثلها في الدول المتقدمة كونها دعوة تتسبب في تدمير وافلاس البلدان التي تتضرر منها الشعوب، ويسعد بها اعداء الأوطان، وقد اثبت الشعب الكويتي ذكاءه وحنكته عبر عصيانه.. لدعوة العصيان المخربة.. والملوثة!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *