يقول محمد الجذلاني، القاضي السابق في ديوان المظالم السعودي، «إن اللحية والثوب أمر ليس من الدين في شيء ولا صلة له بالتدين، لكنه بحكم العادات والتقاليد أصبح مُكملاً للتدين وقسيماً للحية والثوب، أي عدمُ لبس. العقال! ومتى اكتملت لدى الرجل هذه الأمور الثلاثة فهو أهلٌ لأن يزكيه إمامُ المسجد والداعيةُ والفقيه. وقال إنه لاحظ من خلال عمله في القضاء أن بعض المجرمين الذين يُتهمون بأبشع الفواحش والجرائم الأخلاقية والمالية يُفاجئون القاضي بعددٍ من التزكيات من بعض المشايخ، وأنه لا يعتقد أنهم استحقوها لولا مظهرهم المخادع. وقال إن من أكبر المساوئ التي يعاني منها المجتمع السعودي المتاجرة من قبل البعض بالتدين. وهي أن يكون الدينُ ومظهرُ التدين سُلّماً للتكسب وطلب المال، في الوقت ذاته الذي ينطوي فيه خبرُ صاحبه على أبشع الأخلاق وأسوأ القبائح التي لا يمكن أن تجتمع مع التدين الصحيح ولا مع الإيمان الصادق في قلب الرجل» انتهى.
نكتب ذلك بعد انتشار خبر الإفراج مؤخرا عن قاتل ابنته، التي لم تتجاوز الخامسة من العمر، بعد الحكم عليه بدفع ديتها، والاكتفاء بالفترة التي قضاها في السجن والتي لم تزد على سنة بكثير! وقد اعتمد القاضي في حكمه على حديث «لا يقاد الوالد بولده»، على الرغم من عدم الاتفاق عليه! وحيث انه هو الوالد، والخاسر من موتها، فالدية بالتالي قد تكون من حقه، وهذا ربما من سخريات تفكيرنا!
تقول حيثيات جريمة القتل التي هزت وجدان الكثيرين ان حارس المدرسة السابق، والمدن اللاحق، الذي تحول، بفضل مظهره الخارجي وطلاقة لسانه، الى داعية ديني شهير وضيف معروف ومطلوب على القنوات الفضائية، والدينية بالذات، أدين قبل أكثر من عام بقليل بجريمة تعذيب ابنته الصغيرة لشكّه، وهي التي لم تتجاوز السنوات الخمس، في سلوكها، أو عذريتها! وبين التقرير الطبي وجود آثار تعذيب غريبة عليها، تمثلت في إدخال اسلاك وعصي في جسدها، وحرق تلك الأماكن لإخفاء آثار الاعتداء. ونقل عن العاملين في المستشفى ان مؤخرة الطفلة تمزقت، وحاول من قام بذلك احراقها لكي يلتئم الجرح. وأكدت مصادر المستشفى ان الطفلة تعرضت للاغتصاب «في كل مكان». وقد توفيت، متأثرة باصابتها في اكتوبر الماضي. ومعروف أن الحكم على الآباء والازواج الذين يقتلون اطفالهم او زوجاتهم يكون بين خمس الى 12سنة سجنا على الاكثر. لا أود الاسترسال أكثر، فإنني أشعر حقا بالألم.
أحمد الصراف