سعيد محمد سعيد

«بكتيريا»… الطائفة!

 

لا يمكن على الإطلاق إنكار وجود الممارسات الطائفية في كل المجتمعات الإسلامية بل وغير الإسلامية أيضاً، فتلك الممارسات تتخذ أشكالاً متعددة:

منها الطائفية الفردية، أي اعتناق فرد لثقافة الطائفية وفق تنشئته وتكوينه التربوي والثقافي والديني، ومنها طائفية الدول والحكومات التي تتبنى المنهج التمييزي بين مواطنيها، ثم هناك طائفية الكيانات والمؤسسات والتيارات، بيد أن أساس طائفية الحكومات والكيانات هو الفرد… أي أنها تتشكل من الأفراد الذين تشربوا – منذ صغرهم – كل الأفكار الطائفية البغيضة.

هناك حقيقة ترتبط بنشوء الطائفية وجذورها، ولاسيما في منطقة الخليج والعالم العربي والإسلامي، وهي أن الاستعمار زرع بذرة هذه الممارسة الدنيئة، ثم نشأت وتفرعت. وهي في حقيقتها قنبلة يزرعها المحتل قبل جلائه عن الدولة المستعمرة لتنفجر فيما بعد مسببة سلسلة من الانفجارات التي لا تتوقف! وفي هذا يقول الباحث سعيد الوجداني في دراسته «الطائفية الورم الخبيث في العالم العربي»، ان ظهور النظام الطائفي في البلاد العربية يكون دائماً مزاوجاً وملازماً لاحتلال الأجنبي لكل بلد عربي. لذا وللإحاطة أكثر بالموضوع، لا ينبغي حصر مناقشته في حدود الفترة الحاضرة المكشوفة عند الجميع وتجاهل خلفيته التاريخية، بل لابد من العودة إلى التاريخ والماضي البعيد لتلمس أصول المشكلة والتي لا تخص بلداً دون غيره، بل انها تعم كل البلاد العربية المهددة بهذا الطاعون الذي تجندت له الدوائر الامبريالية والصهيونية المتحرشة بالمنطقة العربية.

ويشدد الوجداني على أن النظام الطائفي، هو نظام سياسي من طبيعته انه يؤمّن للحاكمين والمحتلين وسيلة لتفريق المحكومين واستخدام أقلية مميّزة لقهر أكثرية مضطهدة. وقد اقترن ظهور هذا النظام بصورة خاصة بالمجتمعات الاقطاعية والاستبدادية التي تقوم على تجزئة السلطة السياسية، أكثر منها في المجتمعات الشديدة المركزية، وهذا لا يعني خلو المجتمعات الاسلامية من مقومات الاضطهاد الديني والتمييزي والطائفي. (انتهى الاقتباس).

وبالطبع، يبصم الجميع بالعشر على أن جذور الطائفية في بلداننا هي صنيعة الاستعمار! لا بأس، آمنا بالله… هي صنيعة الاستعمار، ولكن هل من المعقول أن تستمر الطائفية وتتعاظم إلى حد الاقتتال بين أبناء المجتمع فقط لأن الاستعمار وضع (تلك القنبلة) يوماً ما ومضى؟ أليس هناك من يتولى نزع فتيل تلك القنبلة؟ وكيف يمكن قبول تلك الحقيقة كما هي والواقع اليوم يكشف لنا أن دولاً وحكومات ومؤسسات ومحركات فتنة من مشايخ وكتاب ومنظرين ومؤيدين هم الذين أبقوا ذلك الفتيل بل ووفروا الدعم والرعاية والتشجيع لكل اتجاه طائفي مدمر للمجتمعات؟.

ان الطائفية بين مختلف المكونات الدينية إسلامية وغير اسلامية، بجذورها ومعطياتها ومدلولاتها قائمة ومسنودة وخطيرة ونتائجها المهولة ملموسة على أرض الواقع، إلا أن هناك ظاهرة أخطر بكثير من الفعل الطائفي بين المذاهب، وهي ظاهرة أرغب في تسميتها بـ «بكتيريا الطائفة»، تلك البكتيريا هي الطائفيون من الطائفة ذاتها، كيف؟ والجواب هو: من الطبيعي أن تجد طائفيين متشددين من السنة والشيعة يؤججون الفتنة، وتقف على ممارسات عنصرية لمسيحيين أو يهود أو حتى بوذيين يثيرون النعرات بين تلك الطوائف، لكن أن تجد طائفياً يؤجج ويؤلب ويفعل فعله الخسيس بين أبناء طائفته ذاتها، فهذا أمر أعلى وأخطر درجة من طائفيته ضد الطوائف الأخرى.

لقد ظهرت ملامح ظاهرة «بكتيريا الطائفي» مع ازدياد استخدام وسائل الاتصال التقنية والفضائيات والتواصل الاجتماعي إلى الدرجة التي أصبحنا فيها نتابع من يزعمون أنفسهم علماء دين من جهة، وسياسيين وإعلاميين وناشطين ومدونين ومثقفين وفئات مختلفة من جهة أخرى، سواء في الخليج أو في العالم العربي والإسلامي، يشنون حرباً ضروساً عبر تلك الوسائل مع من يختلفون معهم من طائفتهم. ولا تقتصر تلك الحرب على الخلاف في وجهات النظر أو الاتجاه الفكري أو ما شابه، بل تتعدى ذلك للتشهير وانتهاك الأعراض والشتائم وقائمة طويلة من الافتراءات والاحتراب والتهديد بالقتل. هذه الفئة من «بكتيريا الطائفي»، ليست من طبقة معينة أو مرحلة عمرية محددة، بل هي من مختلف الطبقات والأعمار، ويشمل ذلك التأجيج الخلاف الديني والسياسي والاجتماعي وليس محصوراً في الدائرة الدينية وحسب.

قد يسأل البعض عن الحل؟ وأقول جازماً، لا حل لمثل تلك الممارسات الخبيثة إلا بيد أصحابها من ناحية، وتطبيق القانون على من يمارس ذلك العمل الدنيء كونه يدخل تحت إطار «تهديد السلم الاجتماعي» من ناحية أخرى، لكن باختصار، ولطالما نحن نعيش في مجتمعات تشجع الطائفية والتمييز والعنصرية والتصادم بين الطوائف، فمن الطبيعي أن ترحب وتستمتع بما تفعله بكتيريا الطائفية في عقر دارها. أما كيفية التعاطي مع اولئك، فقرارك ومسئوليتك الشرعية والدينية والأخلاقية بيدك! فإما أن ترفضهم وتحتقرهم، وإما أن تصفق لهم وتشجعهم فتصبح منهم.

احمد الصراف

أن تكون مسلماً..

في أحيان كثيرة يتأخر نشر مقال لي لأيام عديدة بسبب زيادة ما أكتب عن احداث معينة على قدرة النشر اليومية، بحيث تفقد، بعضها، جزءا من رسالتها، ولكن عندما قرأت مقال الكاتب المصري علاء الأسواني في «المصري اليوم»، 8 يناير، بعنوان «أن تكون مسلما في بريطانيا» فرحت لعدم نشر مقالي المماثل لفكرة مقالته التي بدت أكثر طرافة وسخونة. يقول الأسواني: ان تكون مسلماً في بريطانيا معناه أن تدرك مبكرا أنك مختلف، عندما تخرج من الفصل في حصة الدين تطاردك نظرات زملائك الصغار، وعندما تذهب لتأخذ درس الدين في مكان آخر مع تلاميذ مسلمين مثلك تتابعك النظرات نفسها، بعد ذلك ستصاحب التلاميذ المسلمين وتحتمي بهم حتى لا يسخر أحد من دينك أو يسيء معاملتك! أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن كثيرين لا يحبون ديانتك ولا يعترفون بها، وبالتالي ما إن تنطق باسمك، الذي يدل على دينك، حتى تصفعك غالبا ردود فعل سلبية تتراوح بين الكراهية الصريحة والعداء. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك إضافي، هامشي، زائد على الحاجة، مشكوك في أمرك، نادرا ما ينتبه أحد إلى حقوقك وكرامتك. معناه أنك ستضطر إلى الدراسة والعمل في أعيادك الدينية لأن الدولة تعترف لك بعيد واحد فقط وتعتبره عطلة رسمية أما بقية أعيادك الدينية فهي بالنسبة للدولة أيام عادية غير مهمة! تذكر كم مرة ذهبت يوم العيد إلى محاضرة أو درس أو اجتماع عمل، وكم مرة فسدت بهجة العيد على أولادك لأن لديهم يوم العيد امتحانا ما. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تبذل كل مجهودك في الدراسة وأنت تعلم أنك غالبا لن تحصل على الدرجة النهائية حتى لو كانت من حقك. وأثناء الامتحانات الشفوية في الجامعة ما إن يقرأ الممتحن اسمك المسلم حتى يتغير لون وجهه ويعطيك درجة أقل من زملائك. حتى لو حصلت على أعلى الدرجات فسوف تتحايل إدارة الجامعة لتمنع تعيينك معيداً لأنك مسلم. الذين يمنعونك من حقك في التعيين غالبا متدينون يؤدون فرائض دينهم، لكنهم ببساطة يعتبرونك كافرا ولا يمكن أن تتمتع بحقوقهم نفسها. أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن تعد نفسك للهجرة في أي وقت، عليك أن تختار أسماء أولادك ودراستهم بحيث تلائم البلد الذي قد تضطر للهجرة إليه إذا تعرضت لاعتداء من المتطرفين. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك لن تصل أبدا إلى مناصب عليا في الدولة. فمهما بلغت كفاءتك لن تكون أبدا رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء أو قائدا للجيش أو مديرا للمخابرات، لماذا؟ لأنك مسلم، ورجال دين الأغلبية يعتقدون أن الله قد حرم تعيينك في المناصب العليا، كما أن الدولة في بريطانيا، بصراحة، لا تثق بك تماما. أنت في نظر الدولة مشروع خائن قد يتصل بالأعداء في أي لحظة لأن الأعداء لهم دينك نفسه. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تعاني بشدة من أجل بناء مسجد تمارس فيه دينك. سوف تمنعك الدولة والمتطرفون من بناء المساجد، فالدولة تضع قوانين مقيدة تجعل من بناء المساجد مهمة صعبة للغاية وتمنع حتى تجديدها وترميمها، ولو كان دورة مياه، إلا بعد أخذ موافقات عديدة. أضف إلى ذلك أن المتطرفين في بريطانيا يعتبرون بناء أي مسجد اعتداء صارخا على دينهم وكرامتهم، وإن فعلت فسيهجم عليك مئات منهم ليحرقوه ويعتدوا عليك وعلى أهلك وأولادك وهم يلعنونكم لأنكم كفار، كل هذا سيحدث لأنك تريد بناء مكان لعبادة الله، وسوف يتركهم رجال الشرطة يفعلون ما يريدون ثم يصلون متأخرين ليكتبوا محضرا بعد فرار الجناة!.. إلى آخر المقال الشيق والمؤلم في صراحته في الوقت نفسه! المهم أن الكاتب، يطلب منك في النهاية إعادة قراءة المقال! واستبدال كلمة بريطانيا بكلمة مصر، وكلمة مسلم بـ «قبطي»، ومسجد بــ «كنيسة»!

***
• ملاحظة: كان عيد ميلاد المسيح عليه السلام الأخير لدى أقباط مصر الأكثر مدعاة للحزن والقلق في تاريخهم الحديث.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

سامي النصف

ثقافة الصراع في العقل الكويتي!

لتخلف الكويت عن جيرانها أسباب عدة قد يكون منها ثقافة الصراع الحاد والدائم المسيطرة على الذهنية الكويتية، فلا يوجد مركز عمل في بلدنا لا تجد الخلاف محتدا بين الكويتيين من أبنائه، بينما لا ترى ولا تسمع عن نفس الصراع بين غير الكويتيين العاملين معهم.

***

وذهنية الصراع المستدام المتجذرة في العقل الكويتي والتي هي البديل عن مشاريع التنمية المستدامة القائمة لدى الجيران، هي كذلك السبب الرئيسي للاشكال السياسي المحتد في الشارع الكويتي، ولا يوجد للأسف بصيص أمل في توقف ذلك الصراع الذي كلما أطفئت ناره اشتعلت بدلا منها نيران أخرى لأسباب تصطنع في حينها وتقوم في العادة على إساءة الظن بالطرف الآخر والديكتاتورية الشديدة في الرأي ورفض أول وأهم مبادئ العمل السياسي والديموقراطي، أي القبول بالرأي والرأي الآخر والالتقاء منتصف الطريق مع الآخرين.. إلخ، فما هو قائم لدينا هو المبدأ القمعي القائل: ما أريكم إلا ما أرى، ورأيي صواب لا يحتمل الخطأ قط، ورأيك خطأ لا يحتمل الصواب أبدا.

***

ذهنية الصراع في العقل الكويتي تمتد الى صفوة المجتمع أي الى أصحاب المهن الراقية كالدكاترة والأطباء والمهندسين والمحامين والطيارين والأدباء والإعلاميين ورجال الدين ورجال الاقتصاد.. إلخ، ففي جميع الجمعيات المهنية نجد أن هناك انقساما حادا بين منضويها، فما يعمله زيد يسعى لإفشاله عبيد حتى لو أضر بسمعة ممارسي المهنة الآخرين، وقد زاد علم التواصل الاجتماعي الذي خلق لأسباب خيّرة من حدة ذلك الصراع فسعى البعض لاستغلاله في الشتم والكذب بقصد تأجيج الخلافات لا إصلاحها.

***

والغريب جدا أنك لو سألت الجماعات المتخندقة عن أسباب تخندقها وعدائها المميت للطرف الآخر لما وجدت إجابة قط، وهو الصراع الذي لم يوقفه حتى الغزو الغاشم لبلدنا، حيث انتقل الخلاف من الداخل الى بلاد الغربة في الخارج، وبذلك أصبحنا أكثر غفلة من أهل بيزنطة الذين اختلفوا على جنس الملائكة قبل سقوط بلدهم، لا أثناء السقوط وبعده كحالنا، والأغرب كذلك أنه لا يقوم بسبب الدم أو القتل بين المتصارعين دائما وأبدا، بل على الأرجح بسبب.. «ليش خزني بعينه»؟!

***

آخر محطة: (1) كلما أسرعنا بعمليات التدريب المستمرة لتطوير الذات زاد الكويتي مهنية واحترافا وانشغالا بعمله، وقلت حدة الصراع المؤسف القائمة التي تضر بقارب الوطن الذي يحملنا جميعا.

(2) شكلنا في مجلس حي اليرموك لجنة لإصلاح ذات البين بين الأزواج والأهل والجيران، ونرجو تشكيل لجان مماثلة في كل حي ومركز عمل لعل وعسى.

(3) وفي وقت نشهد فيه هذا الكم من الصراع في أمة المليون كويتي، يقاطع 1.3 مليار هندي احتفالات رأس السنة هذا العام تعبيرا عن تضامنهم جميعا مع أسرة فتاة هندية بريئة اعتدت عليها وقتلتها بعض الوحوش البشرية.. تستحق الهند بحق أن يطلق عليها عاصمة الإنسانية في العالم.

 

احمد الصراف

الوفاء للصلع

ورد في صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية أن باحثين في جامعة برادفورد وجدوا، من خلال تجارب إكلينيكية، أن قطرات العين «ليوميغان» التي رُكّبت لعلاج المياه الزرقاء، تحث على نمو الرموش. ويعتقد العلماء بأن لهذه القطرة، أيضاً، أثراً مشابهاً على شعر الرأس، إذ إنها قد تحث بصيلات الشعر على إنتاج فروة رأس أكثف من المعتاد. ويُجري الباحثون، حالياً، تجارب أولية لمعرفة إن كان مكوّن «البيماتوبروست» يمكن أن يعالج الصلع عند الرجال والنساء. وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة فالري راندول، إن مادة «البيماتوبروست» معروفة في حث الرموش على النمو وتستخدم في العيادات لهذه الغاية. وأضافت «أردنا رؤية إن كانت ستنتج التأثير نفسه على فروة الرأس، كون بصيلات الرموش والرأس مختلفة، ولكنها وجدت أن المادة المذكورة تحفّز، أيضاً، نمو شعر الرأس عند البشر، وبالتالي يمكن أن تشكل نهجاً جديداً لعلاج مشكلة فقدان الشعر».
وعلى الرغم من أنني من مشاهير الصلعان، في محيطي على الأقل، فإنني لا أعتبر نفسي معنياً كثيراً بهذا الخبر، ولا أعتبره سعيداً، فقد استقر حالي ورضيت نفسيتي بشكلي ووضعي بعد كل هذه السنين، والعودة إلى الشعر الكثيف لا تجذبني كثيراً، خصوصاً أنني أصبحت في منتصف العمر(!). كما أن وجود شعر على رأسي يعني أن عليّ استخدام الشامبو، الذي توقفت عن شرائه منذ أربعة عقود. كما يجب أن اشتري عدداً لا بأس به من أمشاط الشعر، أضع منها في السيارة والمكتب والبيت، وأن أعوّد نفسي على النظر إلى المرآة بتكرار أكثر، بعد أن أصبح النظر إليها لحلاقة الذقن فقط. وأن أتأكد بين الفينة والأخرى أن شعري غير منكوش ولا يحتاج إلى مردكوش لتقويته. كما سأصاب بالقلق إن تغيّر لونه، ومال إلى الأبيض أو حتى إلى الرمادي، فعليّ هنا شراء الصبغات المناسبة، التي لم أجربها من قبل في حياتي أصلاً، كما عليّ الاهتمام بالكريمات الخاصة بالشعر ومتابعة إعلانات القنوات التلفزيونية فيما يتعلق بالعناية به، وشراء التركيبة المناسبة التي تمنع تساقط القشرة من الفروة، وتمنع الحكة! كما عليّ، أيضاً، تغيير صوري في الهوية والجواز ودفتر قيادة المركبة وحتى تأشيرات الفيزا، التي أظهر فيها بصلعة ناصعة. كما سيتكلف الأمر وقتاً أطول عند الاستحمام، إضافة إلى استهلاك صابون وماء ومناشف أكثر، إلى غير ذلك من موجبات وأعذار، غالبيتها مختلق! لهذا نعلن من الآن مقاطعتنا لهذا المستحضر الجديد، الذي إن طبّقناه، فإنه سيعود بنا إلى مكان نسيناه منذ أكثر من أربعين عاماً، ألا وهو صالون الحلاقة بأدواته غير المعقّمة في غالب الأحيان، فآخر مرة دخلت فيها إلى صالون حلاقة كانت قبل أكثر من عشر سنوات، وهي المرة اليتيمة خلال أربعين عاماً، ولك أن تتخيّل ما كنت سأتكلفه طوال هذه السنين، لو كان لديّ شعر كثيف! أما فيما يتعلق بقدرة المستحضر الجديد على إطالة رموش العين، التي كانت دائماً طويلة، فمرحباً بها، فإطالتها لن تكلفنا شامبو أكثر أو كريماً ولا حتى مسكرة أو دهاناً ولا تحتاج إلى تمشيط وغسل وتشحيم مستمر. وكل عام وأنتم بخير.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

محمد الوشيحي

:أم لا…

خلاص، بعد إغلاق قناة "اليوم"، لم يعد ينقصنا سوى المطرقة والمنجل، ونعيد إحياء حقبة الاتحاد السوفياتي… هانت.
وبالتجربة والمعايشة، أيقنتُ أن السلطة يمكن أن تصبر على الصحف، وتتفاهم مع أصحابها وكتّابها ومحرريها، لكنها ستموت لو ظهرت قناة فضائية تخالف نهجها، وستكمن لهذه القناة خلف الجبل، وستطعنها بخنجر مسموم… ففي يقين السلطة أن الناس تشاهد ولا تقرأ، وأن الصورة أخطر من الكلمة مليون مرة.
خلاص، هزّت السلطة فنجانها واكتفت من قهوة الحرية التي كانت تباهي بها وتتظاهر أنها تتلذذ بها، فالقهوة تُسهر، والسلطة ملّت السهرَ وتريد أن تنام، والسهر يرهق البشرة، والنوم يريحها.
والسلطة تريد أن تستر عورتها وتتستر على فسادها، وعورتها هو البرلمان، وهو برلمانها هي لا برلماننا، وهو فضيحة بجلاجل وخلاخل، ففي كل خطوة يخطوها مصيبة، وفي كل كلمة ينطقها كارثة، وهو يخرج إلى الناس بثياب قصيرة جداً وشفافة جداً، فتحاول السلطة مط ثيابه إلى الأسفل، وتنسى أنها بذلك تكشف أكثر مما تستر.
وهو برلمان ثغرة، تتسلل من خلاله السلطة في الليل "العتيم"، لتسرق حقوق الناس وهم نيام. أو هي تظن أنهم نيام.
ولا أدري هل تعرف السلطة مكانتها ومكانة برلمانها عند الناس أم لا، وهل تسمع ما يقوله عنها وعنه الناس أم لا، وهل تدرك حجم الغضبة التي تشتعل في صدور الناس أم لا… الإجابة طبعا "أم لا".  

احمد الصراف

الوجود الليبرالي المخفي

لا شك ان القوى المسماة بالليبرالية ضعيفة ومشتتة، أو هكذا تريد لها الحكومة، فحتى التنظيم السياسي المسمى بــ«التحالف»، ولا أدري ممن يتحالف وضد من، لم يحصل حتى الآن على ترخيص مزاولة نشاطه السياسي، والذي لا يمكن أن يعمل بغيره بطريقة سليمة وواضحة، ولكن هذا يجب ألا يمنع الليبراليين، أو من تبقى منهم، ممن لم تجذبهم انتماءاتهم القبلية والعرقية او المذهبية باتجاهها، ليقوموا بما هو مطلوب منهم، افرادا وجماعات، من دعم للحريات العامة واحترام القانون، وهذا لا يتم فقط بالكلام بل بالفعل، والفعل إن لم يصاحبه دفع مالي يصبح غالبا غير مجد، ومن المؤسسات الليبرالية الحقيقية التي تحتاج الى دعم مستمر والتي ما انفكت ولا عجزت منذ أكثر من عشر سنوات عن زرع بذور الحرية والإبداع في نفوس شبابنا الطرية، مؤسسة «لوياك»، فهي البوابة الحقيقية والقليلة التي تنادي بالحرية والانفتاح، والعمل على إبعاد الشباب، من الجنسين، عن مهاوي التطرف ووديان الغلو.
ولكن ما نراه على أرض الواقع أمر مختلف، فهذه المؤسسة غير الربحية تعاني الكثير في الحصول على الدعم الشعبي والمؤسسي، بالرغم من دورها كصمام امن وأمان للوطن. فالظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتحرك الشبابي المستمر ضد الحكومة ما كان يمكن ان يكون بهذا الزخم لو كانت هناك العشرات من أمثال «لوياك»، أو لو كانت «لوياك» قد تلقت ما تستحقه من دعم منذ البداية، ولكن مشكلة «لوياك» ان فهم حقيقة دورها وضرورة وجودها يتطلبان وجود من يعرف ويفكر ويقرر! وهذه أمور نادرة في مجتمعنا وأكثر ندرة في حكوماتنا.
تقول «لوياك» في رسالتها، وإن بصورة غير مباشرة، وهي التي اختيرت ضمن 15 من افضل مؤسسات العناية بالشباب على مستوى العالم بملياراته السبعة، إن اي خطة تنمويه لا يمكن أن تنجح إن لم نهتم منذ اليوم الأول بالشباب، عماد مستقبل أي وطن، فالتخلف والعفن اللذان تراكما على مدى عقود من التجاهل لمتطلباتهم يحتاجان الى وقت طويل لازالتهما.
إن «لوياك» مهددة بالتوقف عن القيام بأنشطتها، بالرغم من أن ما تحتاجه لا يشكل شيئا، أكرر، لا يشكل شيئا، مقارنة بما يصرف على ألعاب نارية ومنصات واعلام وألوان لا يعرف أحد ما تعنيه، وليس لها أثر لا في وطنية الشعب ولا في اخلاصه لقيادته، بل هي في غالبها أعمال تنفيعية.
لقد آن أوان ان تعرف الدولة أن سحابة التخلف التي طال مكوثها فوق قلوب اهل الكويت لعقود حان أوان التخلص منها، و«لوياك» جزء من منظومة التقدم الذي نحلم بها وأداة حيوية في التخلص من تلك السحابة. وهنا نطالب الكرماء من هذا الشعب، وما أكثرهم، بالتقدم وتقديم المساعدة لــ«لوياك»، وضرورة زيارة موقعها على www.loyac.org
لمعرفة المزيد عن «لوياك»، وروائع إنجازاتها، وطريقة التبرع لهذه المؤسسة الخيرية الكبيرة.

أحمد الصراف

سامي النصف

ما الذي يجري في الشرق الأوسط؟!

لو فردت خارطة العالم أمامك لاكتشفت أننا جزء من المنطقة المضطربة والملتهبة فيه بعد أن ساد السكون والهدوء والسلام أرجاء الكرة الأرضية الأخرى. المستغرب ان أوضاع المنطقة بلدا بلدا ومجتمعا مجتمعا تظهر أنها متجهة لمزيد من الانحدار والتفتت والانشطار بعكس ما يروجه المخادعون من دعاة أجندات الربيع العربي.. المدمرة!

*****

من يعتقد ان الوضع في سورية قارب على نهايته وان السلام والرفاه قادم سريعا على الطريق فعليه ان يتذكر ان كلاما كهذا قد قيل مرارا وتكرارا مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية التي اعتقد كثيرون انها لن تستمر الا أشهرا قليلة لمحدودية مساحة الأرض فبقيت مشتعلة 17 عاما، ويعتقد الباحث الأميركي الشهير ديفيد ميللر ان سورية قد تتحول إلى رواندا أخرى يذهب الملايين ضحايا للعنف فيها.. وفال الله ولا فاله!

*****

دول المنطقة الكبرى التي يفترض ان تكون عامل استقرار وتهدئة تحول البعض منها الى عامل تأجيج وتحريض وتدخل في شؤون الدول الأخرى رغم وفرة مشاكلها الداخلية وحاجتها الذاتية للاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي، وكأننا عدنا هذه الأيام عقودا الى الوراء عندما أعطت بعض دول المنطقة الكبرى لنفسها حق التدخل في شؤون الدول الأخرى بحجة انها تدخل ضمن «مجالها الحيوي»، والمصطلح الأخير اخترعته ألمانيا النازية ودمرت العالم تحت راياته ويستخدمه كثيرا الأستاذ محمد حسنين هيكل في تحليلاته وتنظيراته الخاطئة دائما وأبدا.

*****

وتضاف إلى مشاكل دول المنطقة السياسية والأمنية اشكالات اقتصادية حادة غير مسبوقة وانفجارات سكانية مدمرة، اضافة الى احتمال نشوب حرب أهلية في كثير من الدول العربية تمهيدا لتقسيمها الذي سيعمّد بأنهار وشلالات من الدم، لذا يصبح التقارب الخليجي قضية مهمة يجب الحرص عليها لحمايتنا من تلك المخاطر الماحقة القائمة والقادمة للمنطقة.

*****

آخر محطة:

نرجو الا نشهد مجلس أمة جديدا بأفكار قديمة تتضمن التأزيم والتسخين والمزايدات الشعبوية ذات الكلفة المالية السابقة، فيضيع وقت المجلس والحكومة فيما لا ينفع.. الناس تفاءلت بكم فلا تخيبوا الآمال بوفرة الجدل وقلة العمل.

احمد الصراف

البكاء على الأطلال

من المسؤول عن هذا الانحطاط الإداري والصحي والأمني الذي تتمرغ فيه البلاد؟ أليست الحكومة هي المسؤولة الأولى والأخيرة؟ ألا يوجد من هؤلاء الوزراء والوكلاء من يحترم نفسه ويستقيل عند وقوع خطأ في وزارته او إدارته، ام أن البعض يستقيل، فيطلب منه الاستمرار في عمله، ليرتكب أخطاء أكثر وأكبر؟
اسئلة كثيرة تخطر على بال الكثيرين، ولكن لا تجد من يجيب عنها ويهدئ روع الآباء والأمهات والمواطنين المحبين لهذه الأرض الطيبة.
وزير الصحة السابق ارتكب أخطاء مخيفة وأقال كفاءات، و«عفس» الوزارة عفاس، وترك منصبه ورحل، ولا ندري كيف تم اختياره في المقام الأول، وهو الذي لم يعرف عنه يوما اي إنجاز يذكر، والآن بدأت المحاكم بتعديل أخطاء ذلك الوزير وإصدار أحكام لمصلحة من أقالهم أو ربما أهانهم بتخفيض مراكزهم! ذهب الوزير وترك للمحاكم ان تنشغل بقراراته، وتنشغل بقية أجهزة الدولة بتعديل ما خرب، واعادة الاعتبار لمن أهين منهم ومن لم يهن!
كانت لي قبل فترة قصيرة تجربة مرة مع مستشفيات الكويت، التي اخترتها وزوجتي لعلاج ابننا، بالرغم من انه مغطى طبيا في الخارج، وكانت تجربة لن نكررها، وعلمتني سبب سفر المسؤولين لتلقي العلاج في الخارج عند إصابتهم بالانفلونزا، أو اي وعكة بسيطة. تجربتي كانت مرة وكتبت عنها مقالا، ولكن صديقا كريما طلب مني أن لا انشر المقال في حينه! ملخص الأمر أن في الكويت نسبة عالية جدا من مرضى السرطان، وهم في تزايد سنة بعد اخرى وبخاصة بين صغار السن، كما أن مرض السكر يفتك يوميا بأعداد متزايدة، وقد تكون الكويت الأولى أو الثانية في عدد المصابين به بين الأطفال حتى عمر 10 سنوات، وفيها نسب عالية من أمراض خطرة أخرى، ومستشفياتها متهالكة ويدير غالبيتها أطباء غير أكفاء والقذارة تأكل فيها وتسيبها واضح وكبير، وهناك هدر في كل إدارة تقريبا، وفي المواد والأدوية، والفساد ينخر في جوانبها، وكل ذلك يحتاج الى متابعة وعلاج، هذا غير حالة المستوصفات المزرية، إلا ما ندر، والتي تشكو من علل كثيرة، ولكن ما ان استلم الوزير السابق منصبه لم يجد ما يعالجه ويصلحه غير الفتك بالكفاءات، أو المختلف معه سياسيا، وترقية فلان وطرد فلتان وتنزيل درجة أطباء موهوبين من غير سبب، ثم ينتهي الأمر بأن يذهب لحال سبيله وكأن شيئا لم يكن، وليس هناك ضمان بأن لا يتكرر هذا العبث مرة اخرى! إن هذه الحالة ليست يتيمة فقد تكرر مثلها عشرات المرات ومع هذا لا أحد يود ان يسمع!
***
• ملاحظة: نبارك للدكتورة المبدعة الإنسانة فريدة الحبيب إعادة الاعتبار لها ككفاءة طبية وإدارية مميزة. وطبعا لا عقاب ولا من يحزنون لكل من اساء لها ولأمثالها من الكفاءات الوطنية!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

مبارك الدويلة

لم يعد لدينا ما نفخر به

كنا في الماضي نفاخر بدستورنا وبرلماننا وممارستنا الديموقراطية عندما نتقابل أو نتحدث مع اشقائنا الخليجيين! خاصة بعد أن سبقونا في التطور العمراني والبيئي، ولم يعد لدينا حينها ما نفتخر به إلا الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وكان المثال الدارج إلى عهد قريب أن الكويتي يستطيع أن يتحدث وينتقد من يشاء كيفما شاء ويرجع لبيته آخر الليل ينام ملء جفنيه من دون الحاجة للتأكد من انه أغلق بابه!
اليوم، الكويتي لا يستطيع أن يتحدث مع نفسه داخل غرفته! فلو فكر بان يمسك «الآيفون» ويعبر عما يختلج في قلبه من آهات وحسرات على الوضع المتردي في بلده من خلال تغريدة فانه سيفكر قبلها ألف مرة في زوار الفجر والمبرقعين والمبرقعات والجرجرة للنيابة، بل والحكم عليه بالسجن سنتين لانه فقط عبر عن رأيه بعبارات قد يكون سوء التعبير حليفه فيها!
في الماضي القريب والقريب جداً كنا نؤكد للغير أن أسرة الصباح هم حكامنا اليوم ودوم كنا نربي أولادنا عليها، وكنا نقول في تحد واضح انك لن تجد كويتيا واحدا يختلف على حكم الصباح! اليوم الوضع بدأ يختلف عما كان عليه! اليوم صار البعض يتحدث عن سوء إدارة حكومية! وعن حكومة ربما تحمي الحرامية والقبيضة! وعن مراسيم وقوانين قد تفقدنا ما كنا نفتخر به أمام الآخرين من حرية واحترام لحقوق الإنسان! اليوم صرنا نتحدث عن أن بعض الرموز في النظام هي السبب في كل المشاكل التي تحدث! بل صرنا نسمع الترحم على الماضي بكل مافيه من إيجابيات وسلبيات!
اعتقد جازما أن السياسة الغريبة التي بدأت السلطة في الكويت تتبعها في تعاملها مع شعبها لن تؤدي إلا إلى مزيد من اتساع الهوة بينهما، ولئن ظنت أنها تطبق بعضا من قرارات القمة الخليجية الأخيرة، فان عليها أن تدرك أنها قرارات جائرة واقل ما فيها أنها تفقد النظام في الكويت ميزته التي كان يتفرد بها عن غيره من الأشقاء والأصدقاء! فاستقرار الأنظمة بمدى قوة العلاقة مع شعوبها واحترامها لآدمية الإنسان فيها، وليس بالسيطرة على مشاعره ومحاسبة أنفاسه! ولئن نجح الحل الأمني في فترة من الزمن فلا يعني هذا انه ناجح في كل الأحوال والأزمنة، والأمثلة على ذلك لا تحتاج إلى تدليل واثبات، لذلك أتمنى من الحكماء في أسرة الخير أن يتداركوا الأمر قبل انفلاته.
* * *
• كان الإخوان المسلمون في معظم دول العالم مغيبين في السجون طوال العقود الماضية بسبب ظلم الأنظمة وقهرها، واليوم بعد أن أنفذ الله سنته في الأرض «وتلك الأيام نداولها بين الناس» وأصبحت الكلمة النهائية للشعوب، تم نقل الإخوان من السجون إلى سدة الحكم بإرادة شعبية واضحة رفعت الظلم عن المظلوم وأودعت الظالم في السجن وهو المكان الذي يليق به!
الغريب أن البعض كان ساكتا عن الأنظمة وبلاويها طوال الفترة السابقة، بل كان لايتحرز من دعمها بالكلمة والثناء عليها، واليوم وبعد أن حكم الإخوان المسلمون بعض الدول أخذوا يترحمون على الأنظمة البائدة ويشنون هجوما مسعورا وغير مسبوق على الحكام الجدد، فقط لأنهم يخالفونهم في الفكر والمنهج! وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل بدأت النخبة الليبرالية عندنا في دول الخليج تحرض أنظمتها ضد أي تيار محسوب على الإخوان المسلمين، ووصل الأمر عند بعض الكتاب، الدخلاء على الثقافة، إلى المطالبة بزجهم في السجون واتهامهم بالخيانة والتحريض على قلب نظام الحكم من دون حياء أو استحياء! وذكرونا بأساليب الأنظمة البائدة القمعية التي كانت تمارس ضد دعاة الحرية وحقوق الإنسان فلم ينفعها ذلك إلا بعدا عن شعوبها وعند اول هزة سقطت كما تتساقط أوراق الشجر.
* * *
• عبدالحميد دشتي ونواف الفزيع ادليا بتصريحات سمعها حتى الأصم! فيها من المساس ما لا تحمله البعارين قياسا على مفهوم الحكومة لمعنى المساس! فهل يطبق عليهما القانون نفسه الذي طبق على عياد وراشد؟!

محمد الوشيحي

وأسقطنا طائرات صقر الحشاش ورفاقه

مات عبد الناصر، وإعلامه حي ينبض ويشتد عوده، واعتزل أحمد سعيد أشهر الإعلاميين العرب على مر التاريخ، لكن كذبه مازال يلعب في الدوري المحلي.
و"تراجعت القوات الصهيونية أمام تقدم قوات جيشنا الباسل"، كما ادعى أحمد سعيد منذ اليوم الأول لحرب ٦٧، و"أسقط حماة الوطن هذا اليوم مئتين وستين طائرة للقوات الصهيونية"، أيضاً كما ادعى حضرته في اليوم الثاني للحرب، في حين كان عساكر الجيش الإسرائيلي لحظتذاك يتبادلون الأنخاب والضحكات والتهاني في الأراضي المصرية.
يومذاك صدّق المصريون كلام أحمد سعيد، باستثناء قلة مثقفة كانت تقيس الأمور بالعقل لا العاطفة، ومنهم مسؤول الكهرباء في السد العالي، الذي أعلن رأيه أمام العمال، وطالبهم باستخدام العقل والمنطق، فثار العمال في وجهه، وجاءه من الشتم والبصق ما يكفي شعب الصين العظيم: "حط المنطق بتاعك في… يا ابن الـ…"، إلى أن تبينت الأمور وانكشف المستور.
غاب أحمد سعيد عن المشهد واعتزل، لكن هناك من ارتدى فانيلته وأصر على استخدام طريقته ذاتها في اللعب الغبي، بكل ما أوتي من فخر، رغم تعدد مصادر الإعلام، بعكس الحال في عهده، أقصد عهد أحمد سعيد.
وتتجاهل غالبية وسائل الإعلام الكويتية ما يدور في الشارع من صمود الحراك في وجه الأعاصير، وتسمّي بعض وسائل إعلام السلطة كل هذه الجموع الغاضبة "المغرر بهم"، ويتبرع بعضها بتخوين المشاركين في الحراك السياسي، ويتطوع آخرون بإخراجهم من الملة، وفي المقابل تمتدح هذا البرلمان المنبوذ، وتسوّقه وتروّجه وتورّثه وتسرّح شعره، ووو…
والصدق، أن غالبية الناس لا تثق بنواب "مجلس السلطة" ولا بوسائل إعلام السلطة، ولا بكل ما يخص السلطة، وتحفظ أسماء شبان الحراك السياسي، وتثق بهم، وتقدر بطولاتهم وتضحياتهم، ويحتفظ كثير من الناس بصورهم، وينظرون إليهم بعين من الفخر وأخرى من الحب.
وتدفع السلطة بسيئي السمعة إلى الصف الأول، ويدفع الشعب بأبطاله صقر الحشاش ومطلق السند وسلام الرجيب وعياد الحربي وحمد البديح وراشد الفضالة وعبدالعزيز بو حيمد والمئات من أمثالهم  (كي لا أنسى أحداً) إلى الصف الأول، وشتان بين الصدارتين.
ومازال أحمد سعيد الذي يسكن داخل السلطة يردد: "أسقطنا طائراتهم" ومازال الشبان يتقدمون بصمت، ويرددون مع الشاب سلام الرجيب: "أنا كويتي… ما أنكسر"، ويردد ذووهم: "بكم نفخر".