سامي النصف

التدويل خيانة عظمى لله وللوطن!

«لا يجوز شرعا للوطنيين الشرفاء الاستقواء بالأجنبي والاستعانة به في القضايا الداخلية فتلك (خيانة عظمى) في حق الله تعالى وحق الوطن»، الفتوى السابقة للشيخ يوسف القرضاوي في معرض تعليقه على لجوء بعض القوى المعارضة المصرية للمجتمع الدولي، فكيف لمن يرى في الشيخ د.يوسف القرضاوي ـ أطال الله في عمره ـ مرجعا دينيا وسياسيا وفقهيا له أن يقوم بما وصفه الشيخ بأنه خيانة عظمى؟! وفي هذا السياق قيل في المؤتمر الأخير لقوى المعارضة اننا لسنا من بدأ عملية التدويل، بل سبقتنا اليها القيادات الرياضية، ونذكّر بأن ذلك التدويل انتهى بأفدح الضرر على الكويت وشعبها، حيث حرمت فرقنا من المشاركة في البطولات الاقليمية والقارية والدولية، فهل في ذلك ما يتقدى به؟!

***

ونتذكر هنا، وكما ذكرت الزميلة د.هيلة المكيمي في مقالها الشائق بجريدة «النهار» حادثة جريدة الاهرام عندما طالبت نفس القوى السياسية الذاهبة للتدويل بإحالة وكيل وزارة الإعلام الى النيابة العامة بحجة أنه أساء لسمعة الكويت عبر نشر خلافاتنا في جريدة الأهرام، فكيف يصح لجوء نفس القوى لنشر خلافاتنا في الصحف الأجنبية ولدى المنظمات الدولية؟! وما الذي سيشتكى منه تحديدا؟!

***

ومعروف أن المجتمع الدولي مرجعيته في حكمه على الأمور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يرفض التمييز بين البشر بسبب الدين أو الجنس أو العرق (هناك من اللاجئين إليه من ساهم في إصدار تشريع يحرم المسيحي من الجنسية الكويتية، ويدعو لهدم الكنائس وحرمان المرأة من حقوقها السياسية)، كما يدعو الاعلان العالمي لحرية الفكر (هناك من ساهم في سجن مخالفيه في الفكر، بحجة الكفر، ومن استجوب وزير الإعلام الأسبق سعود الناصر كونه التزم بذلك المتطلب في معرض الكتاب)، كما أن هناك من شارك في انتخابات فرعية قائمة على العرق، والبعض الآخر حرض الشباب وأرسلهم لمقاتلة قوى المجتمع الدولي المشتكى اليه في العراق وأفغانستان!

***

نخشى وبحق أن يطلب المجتمع الدولي من اللاجئين اليه من قوانا السياسية أن يغادروا سريعا كي لا تتم محاكمتهم وسجنهم على أفعالهم المضادة للاعلان العالمي لحقوق الانسان وللدولة المدنية، وأن يقول لهم ان النظام الذي تشتكون منه أكثر إيمانا بالديموقراطية والرحمة والتسامح والحرية والدولة المدنية وحقوق الانسان منكم بكثير، وأما ما تشتكون منه مما تسمونه بعنف رجال أمنكم ضدكم فما عليكم إلا أن تجربوا التظاهر ليلا دون ترخيص في المناطق السكنية وقطع الطرق هنا أو في أي دولة متقدمة، وسترون تعاملا قويا وأحكاما قضائية ستجعلكم تترحمون على كم التسامح في بلدكم!

***

آخر محطة: (1) للشباب، ارجعوا لفتوى الشيخ القرضاوي في أول المقال وارجعوا لعدد «الأنباء» الثلاثاء 22/1/2013 وفتاوى الشيوخ الافاضل حاي الحاي وحمد العثمان ومحمد طاهري وصالح الغانم وأحمد الكوس في تحريم الاستعانة بالخارج من أجل إرجاع البعض للكراسي الخضراء.

(2) وضمن التدويل، كلام خطير ذكره وزير الخارجية المصري الاسبق أحمد أبوالغيط ضمن برنامج «شاهد عيان»، حول تدخل منظمات دولية وإقليمية وتجنيدها العملاء ودفعها الاموال الضخمة لساسة وإعلاميين وقادة حركات شبابية لخلق الربيع المدمر الذي حدث والذي تتعاظم أضراره مع كل يوم يمر.

 

احمد الصراف

منطقتنا وتوقعات سيل

يعاني الشرق الأوسط منذ عشرة قرون تقريباً، وقبل أن يصبح أدنى وأوسط، من مشكلات لا عد ولا حصر لها، وكان من الممكن أن تكون المنطقة على هامش التاريخ، لولا أن حفر قناة السويس في قلبها، واكتشاف النفط في غالبية دولها تالياً، وإنشاء دولة إسرائيل في وجدانها، وكل هذا جعلها تعاني أمراض الأمم مجتمعة، وأصبح حال المنطقة كحال فتاة رائعة الجمال، ضعيفة الحال، تفتقد العلم والمعرفة، والكل يريد بها وصلاً، وهي لا تستطيع رد أحد، فلا علم يقيها، ولا ثقافة تعصمها من الزلل! ويعتبر البريطاني باتريك سيل من أكثر الصحافيين الغربيين اهتماماً بقضايا الشرق الأوسط، وقد كتب مقالاً في 30 ديسمبر الماضي ضمنه توقعاته للمنطقة في عام 2013، وبالرغم من أنه يعرف الشرق الأوسط جيداً، ومتزوج من سيدة سورية، فإن ما كتبه لم يرق إلى مستوى مقالاته الأخرى. يقول سيل إن المنطقة، بالرغم من تخلصها من عدد من أشرس قادتها، فإنها لا تزال تواجه مشكلات عدة تتعلق بتطبيق الديموقراطية والحريات المدنية، وليس من المتوقع أن تستجيب الحكومات الجديدة لمطالب شعوبها بالمساواة والنزاهة وغير ذلك. وقال إن الضعف العربي أصبح واضحاً، ولا أحد يود سماع صوت العرب، فسوريا والعراق، الأكثر دفاعاً عن حقوق العرب والتحدث باسمهم (!!) أصبحتا غارقتين في مشكلاتهما وحروبهما الداخلية الدموية، وبالتالي لا يسمح لهما وضعهما بفعل شيء. أما مصر، التي كانت في القيادة دائماً، فإن احتمال ركوعها تعباً وإفلاساً أمر أكثر من وارد. كما أن هناك الصراع السني الشيعي الذي أصبح يفتك بأكثر من دولة ومجتمع عربي، وسيشكل استفحاله عنصر خطر كبير على علاقات دول المنطقة ببعضها، هذا غير تأثيره الداخلي في استقرار مجتمعات أخرى. وقال إنه لو كان في مكان دول الشرق الأوسط لاهتم في السنة الجديدة بالأمور التالية، أولاً: وقف الصراع المذهبي، والشيعي السني بالذات. ثانياً: تحقيق السلم في سوريا وإنهاء صراعها الأهلي أو الإقليمي. ثالثاً: المطالبة بتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية، حتى لو تطلب الأمر قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، والتخلص من قواعدها العسكرية في المنطقة. رابعاً: المباشرة بإجراء مباحثات تصالح مع حكومة طهران، فالعداوة بينها وبين الأقطار العربية خطأ قاتل للطرفين، والتعاون المشترك بينهما أمر أكثر من ضروري!
ذكرتني تمنيات السيد باتريك سيل بالوعود التي نقطعها على أنفسنا مع بداية كل عام، بأن نكون أقل عصبية أو أن نتوقف عن التدخين أو نخفض من أوزاننا أو نبدأ بممارسة الرياضة بانتظام، أو نتوقف عن البهورة والمبالغة والكذب، وغير ذلك من وعود عادة ما تتبخر مع نهاية الأسبوع الأول من الشهر الأول! فإذا كنا بكل هذا الضعف، على المستوى الشخصي، والقرار بيدنا، فكيف يمكن يا أخ سيل أن تتفق قيادات 22 دولة على ما طلبت من قرارات؟ وهل تعتقد أن الأمة العربية كتلة صماء، بحيث يمكن توجيه الحديث إليها وكأنها فريق واحد؟ وهل تعتقد أن من السهل وقف الصراع الشيعي السني بمجرد اتفاق عدد من القادة على ذلك؟! وهل تعتقد أن لا أحد فكر في هذه الأمور قبلك، أو أن الجامعة العربية، وبحضور كل أعضائها، قادرة على وقف الصراع في سوريا، وإعادة حقوق الفلسطينيين إليهم؟

أحمد الصراف