علي محمود خاجه

وأيضاً شهر

قبل عام تقريباً وتحديداً في مارس الماضي كتبت بعد مرور شهر من انعقاد مجلس فبراير المبطل، وكيف أن الأغلبية المبطلة حينذاك انصرفت عن الأمور التي تهم الكويت وتقدمها واتجهت إلى قضايا تعيسة وغير دستورية لا حصر لها في غضون شهر واحد فقط، واستمر أداؤهم المتخم بعدم احترام الدستور والتعدي على الحريات إلى حين إبطال المجلس بعد مرور أربعة أشهر من انعقاده. ومن باب المقارنة فنحن اليوم أمام مجلس جديد مضى على انعقاده شهر أيضا بتركيبة مغايرة تماما عن تلك التي كانت في فبراير، وشعارات نيابية استند معظمها إلى مسح الصورة السيئة لمجلس فبراير. – عقدت الكثير من اجتماعات النواب في مجلس فبراير بالجواخير والمزارع، وكانت محل انتقاد نواب ديسمبر ومؤيديهم، وها هم نواب مجلس ديسمبر يجتمعون أيضا في المزارع والدواوين أيضا!! – تعدى نواب مجلس فبراير على حريات الناس وشككوا في نوايا الشعب الكويتي من خلال اقتراحات حمقاء كقانون الحشمة في تلميح واضح إلى أن المجتمع تحكمه الغرائز دون عقل أو تفكير، فثارت ثائرة نواب ديسمبر ومؤيديهم على اقتراح يشكك في نوايا الناس ويتدخل في تربيتهم، واليوم يقترح نواب ديسمبر قانونا يجرّم الهمز واللمز في الذات الأميرية في محاسبة واضحة للنوايا، فوفق قانونهم المقترح من المحتمل أن يسجن شخص لمدة خمس سنوات لأنه قال " الحَكَم ظالم" حتى إن كان قوله مقترن بمباراة كرة قدم!! – تغاضى نواب فبراير عن ٦٠٠ مليون دينار هي مبلغ تعويض الداو كيميكال لمجرد أنهم لم يرغبوا في أن يتمزق تحالفهم (حدس والشعبي) فقبلوا أن تذهب ٦٠٠ مليون دون حساب في تعارض صريح مع واجبهم بالذود عن أموال الشعب، واليوم يوافق حسب ما يتردد أكثر من ٤٠ نائباً على إسقاط القروض عن المواطنين، والتي اقترضها المواطنون طواعية من الجهات الممولة في تعدٍّ واضح على المال العام أيضا. – ملأ نواب فبراير الصحف تهديداً باستجواباتهم لمختلف الوزراء بل وجهوا استجواباتهم أيضا، فكان نواب ديسمبر يعدون الناس بزوال الاحتقان الحكومي النيابي مع المجلس الجديد، وها هم اليوم يهددون الوزراء المختلفين بالاستجوابات أيضا في استمرار ملحوظ لأسلوب نواب فبراير. هذا هو أداء مجلس ديسمبر المشابه لمجلس فبراير في أول شهر من عمره، وأعلم جيدا أن من قال لي في مارس الماضي إنه من المبكر الحكم على مجلس فبراير سيسوّق هذا المقال ليثبت سوء مجلس ديسمبر، وبالمقابل فإن بعض من سوّق مقالي في مارس سيصفني بالمستعجل أو المتصيد على مجلس ديسمبر. المشكلة لم تكن ولن تكون في صوت أو بأربعة، بل في انحدار مستوى الاختيار لدى الكويتيين وانحراف العقليات عن المسار الطبيعي الذي جبلت عليه الكويت، وأوصلها إلى التقدم في فترات سابقة، ولن تجدي محاولات التغيير بعدد الأصوات أو النظام الانتخابي ما لم تكن هناك حركة إصلاحية شاملة تقوّم هذا التردي، أساسها التربية والتعليم وحرية الفكر وتشجيع الإبداع والتغيير. خارج نطاق التغطية: تصرح الجهات المختصة في الكويت أن الشوارع في الكويت لا تستوعب إلا ٩٠٠ ألف سيارة في حين أن السيارات المسجلة تعادل مليوناً وسبعمئة ألف سيارة تقريبا، بمعنى أن عدد السيارات المسجلة ضعف الطاقة الاستيعابية، وهي بلا شك لم تحدث فجأة، ولم تتصرف الدولة تجاه هذا الأمر أبدا إلا بتصريح واحد وهو أن الزحمة نعمة!!

سامي النصف

الكويت بين قاسم وصدام

اذا ما تركنا الملك المخمور غازي الذي كان يذيع من قصر الزهور، وقفزنا على محاضر رشيد عالي الكيلاني مع الفوهرر عام 41 والذي طالبه فيها بعد تحرير هتلر للعراق ودول المنطقة بأن يبدأ بضم الكويت وعربستان لبلاد الرافدين تمهيدا لتمويله لبروسيا العرب ومن ثم ضم باقي دول الهلال الخصيب التي كانت بمفهومه الدول العربية الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط حيث ألغيت دول وادي النيل وشمال افريقيا من مفهوم العروبة.

***

ثم تناسينا مشروع نوري السعيد عام 58 لخلق اتحاد ملكي ثلاثي يزايد على الوحدة الثنائية بين مصر وسورية انذاك لتضم ملوك «الكويت والعراق والاردن» واتجهنا للمقارنة بين نظامي الاقليمي والقطري وحتى الشعوبي كما سمي في حينه ونعني نظام عبدالكريم قاسم ذي الاصول اليمنية في جده السادس والبعثي والعروبي الوحدوي سيف العرب (كذا) صدام حسين غير معروف الاصول كما يذكر مؤرخو العراق، لوجدنا فروقات كثيرة وكبيرة تصب لصالح الاول على حساب الثاني.

***

وقد كفانا الزميل حسن العلوي في سلسلة من كتبه عناء المقارنة بينهما فيما يخص ما عملاه للشعب العراقي حيث اثبت ان عبدالكريم قاسم افضل بكثير من صدام حسين حيث ان سيئاته تعتبر حسنات بالنسبة لصدام حسين، فمحاكمات المهداوي المقتبسة طبق الاصل من محاكمات البكباشي جمال سالم للاخوان المسلمين عام 54 كانت اخر محاكمات علنية يتاح فيها للمتهمين حق الدفاع عن نفسهم حيث رفع قاسم شعار «الرحمة فوق القانون» بينما رفع صدام شعار «لا رحمة ولا قانون ولا محاكمات» بل مقابر جماعية للجميع، وكان قاسم عفيف الجيب والفرج فلم يستبح الاموال والاعراض بعكس طاغية العصر صدام.

***

وفيما يخص الكويت وان كنا نتحفظ على ما فعله الاثنان تجاه بلدنا الا ان اي مقارنة منصفة بينهما تصب قطعا لصالح عبدالكريم قاسم الذي هدد ولم يغز ولم يجرح احدا رغم خروج القوات الانجليزية، وحتى قوات الجامعة العربية التي لم يبق منها إلا 300 جندي وضابط على الحدود بينما غزا صدام الكويت وقتل ودمر وحرق وهتك الاعراض ولو استمر في الحكم لغزانا مرة اخرى أو لغزا الاردن ومن ثم فصدام هو الاسوأ للشعبين الشقيقين وللأمة العربية جمعاء.

***

آخر محطة: العزاء الحار لـ آل الخرافي والصبيح الكرام على فقيدهم الشاب جاسم انور الخرافي، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

احمد الصراف

مربى خوخ أو مربي أجيال

لا أعتقد أن دولة في العالم صرفت على التعليم بسخاء كما فعلت الكويت في تاريخها الحديث، وأتذكر جيدا أننا كنا كطلبة مدارس حكومية، قبل نصف قرن، سعداء جدا بما كانت تعطينا اياه المدرسة من مواد وحرية ونشاط مسرحي وتحرير صحف حائط، من دون قيود، بل انفتاح تام على الآخر، وهو ما يفتقده التلميذ أو الطالب الآن، ليس في مدارسنا فقط بل في كل مناحي حياتنا، بعد ان أدخل مستفيدون سوسة التطرف بيننا، فهؤلاء، وبينهم رجال دين، يعرفون جيدا أن في تقاربنا خراب بيوتهم، وافلاسهم في وحدتنا، وخرابهم في تكاتفنا، ورزقهم وارتفاع أهميتهم في تفرقنا وتشتتنا، وهذا ينطبق على اصحاب أي مذهب أو دين. ولكن بالرغم من كل ذلك الصرف الذي وصل لمليارات، الدنانير والدولارات، الا ان الأمر انتهى بنا اخيرا لأن نصبح في الدرك الأسفل في مخرجات التعليم عالميا، ففي تقرير اصدرته «تيمز وبيرلز»، (القبس 2012/12/12)، كان ترتيب الكويت 48 بين 50 دولة فقط، وهذه مرتبة شديدة التدني ومؤلمة وتفشل! ولكن لو عاد الأموات من وزراء تربية وتعليم سابقين للحياة ووضعناهم مع الأحياء من وزراء تربية، الذين نتمنى لهم عمرا اطول، لما رفض غالبيتهم العودة والعمل كوزراء تربية، من دون اعتبار لكل ما تسبب فيه غالبيتهم في ايصالنا لهذا الدرك الأسفل! وهذا ذكرني بفقرة وردت في أحد كتب الفلسطيني الراحل ناصر الدين النشاشيبي، أنه عندما زار ألمانيا لأول مرة، بعد الحرب العالمية الثانية بسنوات، تمنى لو كان النازي هتلر حيا ليستمع منه عن سبب وضعه العرب في الدرك الرابع عشر من شعوب الأرض، ومن بعدنا اليهود والسود! وهذه نظرة عنصرية عفا عليها الزمان طبعا، ولكنها جزء من تاريخ البشرية على اي حال. فما الذي يمكن ان يقوله اي مسؤول حالي في التربية من درجة وكيل وزارة أو أدنى من كبار مسؤولي المناهج؟ ألا يستحي هؤلاء من أن تصبح واحدة من «أمة اقرأ» في المرتبة الـ46 في القراءة بين 49 دولة، نصفها لا يجد ما يسد به رمقه؟ نحن لا نتكلم هنا عن الفيزياء ولا على بطولة القفز بالزانة ولا بمواد دروس الأحياء ولا بمسابقات رفع الأثقال، بل نتكلم عن ترتيبنا في القراءة، في القراءة يا ناس يا بشر! فكيف يحدث ذلك بعد صرف عشرات وربما مائة مليار دولار على التعليم؟ انه أمر مخجل بامتياز، ومؤلم حتى العظم، ولكن ليس باليد حيلة. كل ما نريده هو استقالة واحدة من مسؤول كبير على هذه النتيجة المخزية، هل صعب هذا؟ اذا، نريد اعتذارا واحدا من مسؤول متوسط، هل يستحيل هذا أيضا؟ اذا، نريد من واحد من هؤلاء أن يضع، بينه وبين نفسه، وجهه بين يديه ويتوارى عن نفسه خجلا من هذا العار، ويمتنع اليوم عن الذهاب الى ديوانيته المعتادة! ولكن لا شيء من هذا سيحدث فقد «تمسحت» جلودنا ووخز الابر اصبح لا ينفع معنا أو يؤثر فينا!
ملاحظة 1: أثار بعض حملة شهادة «الدكتوراه» المضروبة والصادرة من جامعات وهمية أو غير معترف بها، ضجة كبيرة قبل اشهر بسبب عدم اعتراف الوزارة بشهاداتهم، وفجأة «خف الرمي» وخفتت الضجة، فهل تم ارضاء هؤلاء، واصبح منهم مربو أجيال؟ أعتقد ذلك!
***
• ملاحظة: يقول المثل الصيني «تجاهلك للكذاب الجاهل سيجعله يتمادى اكثر في جهله وعدوانيته وسيؤدي ذلك في النهاية لتقطع مصارينه»!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com