علي محمود خاجه

«راح ينحل»

البعض متفائل بأن هذا المجلس سيكمل مدته القانونية، ويعيد للمجالس التشريعية دورها المفقود والغائب منذ تولي سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء.
رغم تفاؤلهم وأملهم المعقود فإنني أخالفهم الرأي لأسباب أشرحها في هذا المقال، وقد أكون مخطئاً لكن تلك هي رؤيتي.
الشعار الذي واكب انتخابات الصوت الواحد هو الملل من التأزيم، والانطلاق نحو التنمية، وهو الحلم الذي حاول المرشحون والحكومة تقريبه للمواطنين لتسويق الصوت الواحد، فأثمر هذا المجلس ذا النسبة الأقل في تاريخ المجالس النيابية الكويتية.
ورغم الاختلاف الكلي لمجلس ٢٠١٢ مكرر عن سابقه، فإن الحكومة عادت بنفس التشكيل تقريباً، وأقصد هنا العقلية لا الأسماء، فالحكومة بغض النظر عن تشكيل المجلس تصر على تشكيل المحاصصة دائماً (عوائل- قبائل- طوائف ومن الجنسين)، وهو أمر لم يجدِ نفعاً عن ذي قبل ولن ينفع اليوم، فحتى عندما عملت الحكومة دون مجلس لأكثر من عشر سنوات في فترة حل مجلس ٧٥ ومجلس ٨٥، فإنها لم تحقق أي نجاح يذكر لأنها لم تعتمد على الكفاءة والقضاء على الفساد، بل على الترضيات والاستثناءات وبعض الحمقى أحياناً.
الآن لنفترض أن هذا المجلس يرغب فعلاً في التنمية بنية صادقة وعمل دؤوب، وأنا هنا أفترض مع كثير من الشك، بناء على هذه الفرضية فإن المجلس سيسعى لإقرار أمور تضمن هذه التنمية، مثل تحرير المزيد من أراضي الدولة لحل المشكلة الإسكانية غير المبررة، أو تيسير الأمور بشكل أكبر على القطاع الخاص كخطوة نحو المركز المالي المزعوم، أو المدن الجامعية في مختلف المحافظات، أو تحسين القطاع الصحي والطرق وغيرها من مشاريع.
فإن أُقر كل ما سبق أو جزء منه على الأقل، فإنه بذلك وضع الكرة في ملعب الحكومة لإنجاز تلك الأمور، وبالتأكيد فإن حكومة ترضية مكونات المجتمع والمحاصصة لن تتمكن من ذلك، ولنا في عجزها عن تنفيذ المشاريع أمثلة كثيرة كاستاد جابر والدائري الأول ومدينة الحرير والمنطقة الحرة وميناء مبارك ومحطة مشرف والخطوط الكويتية وجامعة الشدادية وإنقاذ البورصة، وأمثلة عجز أخرى لا تحصى.
وإن عجزت وستعجز طبعا كما عهدناها، فذلك سيجبر المجلس على خيارات محدودة، إما التصادم مع الحكومة لعدم إنجازها، وهو ما ستسميه الحكومة تأزيماً، وإما أن يختار مجلس الأمة مهادنة الحكومة في عجزها عن الإنجاز، وهو ما سيجعل المجلس في صدام مع الناخب الذي لا يجد ما سمعه منهم عن التنمية وبقية الأحلام.
وإن كان الصدام هو خيار المجلس، فذلك سيعجل بإعادة صياغة تشكيل الحكومات بشكل مغاير عن الخمسين سنة الماضية، وهو أمر لا تريد السلطة تغييره بإرادتها رغم كل المتغيرات في تفكير وسلوك الناخبين، أما إن كان اختيار المجلس الحالي هو مهادنة العجز الحكومي فذلك سيجبر الناخب مستقبلا على إعادة اختيار نواب من نوعية مجلس فبراير، على اعتبار أن مجلس ديسمبر شريك في عدم تحقق التنمية من الحكومة، وتترسخ فكرة أن منهج الحكومات هذا يجب أن يحارب.
هناك خيار أخير للحكومة والمجلس الحاليين للاستمرار، وهو توزيع أموال بشكل فردي كإسقاط القروض والزيادات وبقية الحماقات الأخرى، فإن أقدموا على هذا الأمر فهذا باب لن يوصد أبداً إلى أن تفلس الدولة، وهي نتيجة حتمية للتغيير أيضاً.
لكل تلك الأسباب أقول إن المجلس سيُحل، ولن يستمر كي تحافظ الحكومة على تشكيلاتها العقيمة قدر المستطاع، وألا تنكشف أمام من تبقى من مصدقيها من الشعب.

ملاحظة:
لم أتطرق في هذا المقال إلى عوامل أخرى كانتظار حكم الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الواحد، أو حتى الحراك المعارض لهذا المجلس، بل تعاملت مع هذا المجلس دون أي ظروف تؤثر عليه خارج إطاره.

سامي النصف

أمنيات قديمة.. لأعوام جديدة!

نرجو أن تنتهي خلال عام 2013 والأعوام اللاحقة المشاكل في الكويت والتي قاربت أن تفوق مشاكل الصين والهند معا، وأغلب تلك المشاكل تقوم على «لا شيء» على الإطلاق، فالخلاف في الكويت هو لأجل الخلاف ذاته أي كحال نظرية «الفن للفن» الشهيرة، وقد نقبل بقاء الخلافات لولا أنها تسببت في غزونا وتأخرنا وتخلفنا وجعلنا أسرى لوجود النفط وتذبذب أسعاره التي لا نملك منها شيئا، حقيقي تعب الشعب الكويتي مما يفعله بنفسه.

***

وبودنا أن تخفف الحكومة الجديدة من معاناة الناس لا عبر المنح والعطايا بل عبر استيراد أنظمة إدارية متطورة تسهل على المواطنين والمقيمين تخليص معاملاتهم دون الحاجة للوسطاء ولو نجحت الإدارة الجديدة في الوصول لهذا الهدف السامي خلال الأربع سنوات القادمة لكفت ووفت ودخلت تاريخ الكويت من أوسع أبوابه حيث لا يصح أن ما ينهى في ساعة لدى الجيران يحتاج إلى شهر لدينا.

***

لا توجد في العالم دول تقوم بحل إشكالات الإسكان عبر بناء الدولة البيوت للمواطنين عدا دول «الكاف الثلاث» ونعني كوريا الشمالية وكوبا والكويت، ففي الخليج وباقي دول العالم تسهل الحكومات للشركات المساهمة والمطورين الحصول على الأراضي العامة بأسعار متهاودة ممن يقومون بالبناء الجماعي للبيوت وبيعها بالأقساط المريحة (المورغج) دون الحاجة لإنشاء شركات لا خبرة لها في البناء وعمليات اكتتاب تمنح المواطن 10 دنانير عائدا كل عام (هذا إذا ربحت الشركات) وتحرمه بالمقابل من فرصة الحصول على بيت العمر.. ويا لها من معادلة!

***

التكدس والترهل الوظيفي أمر لا حكمة فيه، لذا نرجو النظر في إمكانية استخدام العمالة الفائضة للعمل في المساء تسهيلا للمواطنين وتخفيفا للزحمة المرورية الصباحية كما قامت بذلك الأمر مشكورة وزارة الداخلية، أمر آخر يساعد على تخفيف الزحمة وهو الإسراع في إخراج بعض الوزارات كثيفة المراجعين من مجمع الوزارات إلى الدائري السابع وإلى المحافظات المختلفة.

***

وأعلم أن هناك تجانسا وتعاونا غير مسبوق بين أعضاء الحكومة الحالية وهو أمر يسهل العمل بينهم ويزيد الإنتاجية ويعجل الإنجاز ويمنع الأزمات التي كانت تنشأ بسبب عدم الانسجام بينهم، لذا نتمنى أن يحققوا ما سبق ذكره وهو هدف سام سيرجعنا إلى إنجازات وزراء الدولة الكبار الذين دخلوا تاريخ الكويت من أوسع أبوابه.

***

آخر محطة: زرت بالأمس عزاء عائلة الطيار الشاب فهد القبندي وتأثرت جدا لفقدان إنسان رائع خلقا وإحساسا، حيث كان الراحل الشاب قلقا على حزن أهله عليه أكثر من حزنه على نفسه، وقد واجه مصيره شجاعا وبنفس راضية.. فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله الصابرين المحتسبين ورفقائه ومحبيه الكثر الصبر والسلوان..

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

احمد الصراف

الصحافي وحياة الليل

كنت، منذ نعومة أظفاري، وحتى بعد ان أصبحت صلبة وناعمة، أتمنى أن اكون صحافيا! فقد نشأت في أسرة تقرأ، وكانت مطبوعات «دار الهلال» و«آخر ساعة» و«المصور» تملأ البيت، ولكن الحياة أخذتني باتجاه آخر، مختلف تماما، حيث أصبحت، مرغما، مصرفيا ثم مقاولا وتاجرا وطالب مدرسة وجامعة في وقت واحد، ولفترة قاربت العقد، قبل أن أهاجر لأميركا وأتعب منها، وأعود لأهاجر لبريطانيا، واختار بعد سنوات بلغت الست، العودة طوعا وأسرتي الصغيرة للوطن، وتزامن ذلك، بعد اشهر قليلة، بدخول جحافل للكويت في الثاني من أغسطس 1990، ليندحر بعدها وتكون تلك بداية نهاية دكتاتور سافل وتافه لم تعرف المنطقة مثله منذ سنوات. مكثت في الكويت المحتلة فترة قبل أن أغادرها للسعودية واستقر في دبي ولتكون عودتي الثالثة للوطن منها، والتي كانت لفترة خيار هجرة ثالثا، ولكن ذلك ايضا لم ينفع. عودتي للوطن واستقراري دفعاني هذه المرة لأن افكر جديا في الكتابة، ومن وقتها لم اتوقف، ولكني لم اصبح يوما صحافيا بالمعنى المعروف، بل بقيت كاتب عمود، يتحول مرات كثيرة لكاتب صندوق، فشكل المقال كان يتحول من الطويل العمودي إلى المربع الصندوقي. وكنت سأقبل دعوة من القبس لو طلبت مني العمل بها بصورة يومية، ولكن هذا أيضا لم يحدث، ربما لاعتقادهم أن ثرائي النسبي وكبر سني سيدفعانني للرفض، ولم اعرض نفسي عليهم لا تلميحا ولا صراحة، ومرت الأيام وفجأة اكتشفت، عن طريق ملاحظة ليست بالذكية جدا، أن حياة الصحافي ليست بريقا وشهرة ومعرفة فقط، بل تعب وسهر ومشقة ليس لي طاقة بها. فعندما استلم الزميل العزيز وليد النصف رئاسة تحرير القبس، قمت بدعوته وعدد من كبار مساعديه للعشاء في بيتي، فاعتذروا جميعا، وهم يتهامسون، ربما من جهلي، فكيف يمكنهم جميعا ترك الصحيفة، وهنا قلبنا الدعوة للغداء، فقبلوها جميعا، وإن على مضض، وكانت تلك ربما أول وآخر دعوة جمعتهم، حيث اكتشفت أن الجميع تقريبا كان ينظر لساعته طوال الوقت وباله مشغول إما بالعودة للبيت لأخذ قسط من الراحة قبل الذهاب مساء للجريدة، أو الذهاب من عندي للجريدة لإنهاء ما كان يقوم به أو ما عليه القيام به من صف ومراجعة وترتيب واتصال وتدقيق خبر واختيار صورة! كما لاحظت اخيرا، وانا الذي أتواجد بمحض الصدفة، في عشرات حفلات العشاء، وخاصة غير الرسمية، بعد ان انقطعت عن قبول غالبية الرسمية منها، كالاستقبالات الدبلوماسية، لاحظت قلة، أو ربما ندرة، الوجوه الصحفية في مثل هذه الحفلات، وعرفت أن سبب ذلك يعود لطبيعة عمل الصحافي، والتي تتطلب من الكثيرين منهم البقاء في المطبخ الصحفي حتى ساعات متأخرة من اليوم بانتظار خبر أو تصريح، وما أكثر التصريحات والأخبار المهمة، وبالتالي نجد أن هؤلاء، عندما يخرجون من الجريدة اليومية، يصبحون في حالة من الإرهاق الجسدي والذهني التي لا يودون بعدها، سماع شيء أو قول غيره، بل وضع رؤوسهم على مخدة وان يقولوا وداعا لرويترز والفاكس والمكالمة الهاتفية والصورة التلفزيونية، ومرحبا بسلطان النوم.

***
• ملاحظة: ان خاطبكم المفترون والكذبة فقولوا.. سلاماً!

أحمد الصراف

www.kalama nas.com

محمد الوشيحي

فديت تمخ

الحند لله، كما تقول خالة عمرو طاهر، أن كل ما قيل عن الاتفاقية الأمنية الخليجية مجرد ترهات يثيرها دعاة الفوضى (بالإذن من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية صاحب حقوق هذه الجملة).
قيض الله لي وقرأت الاتفاقية الأمنية الخليجية (سأختصرها تمخ) فما وجدت فيها ما يحظر تناول القهوة في فنجان أبيض، ولا حتى في فنجان شفاف، ولا أي لون، وها أناذا أكتب المقالة وأتناول قهوتي في فنجان أبيض بخطوط سماوية مائلة، ولم يقبض علي أحد. يا ما أنت كريم يا رب.
قلّبت الصفحات ومواد القوانين فما وجدت مادة تحظر الغناء بصوت عال في المخيم مع الأصدقاء والندماء، ولا أية مادة تحظر "جر الصوت" وأنت مستند بظهرك إلى خيمة من ماركة النمران، ولم أجد ما يمنعني من مجالسة سعد العجمي وسعود العصفور، وتناول الفطائر معهما في ليالي الشتاء. أصلاً لم ترد جملة "ليالي الشتاء" من الأساس، لا في ديباجة الاتفاقية ولا في ثناياها، فديت ثناياها.
نفضت الاتفاقية نفضاً مبرحاً، ورفعتها أمام الشمس، فما وجدت فيها ما يعاقب على الاستماع إلى أغنية "نسم علينا الهواء من مفرق الوادي" ولا "يا دارة دوري بينا ضلك دوري بينا، تا ينسوا أساميهن وننسى أسامينا" ولا أي أغنية لفيروز. أي والله.
أعدتُ قراءة الاتفاقية، فما رأيت فيها ما يمنعني من مداعبة ولدي سعود "بو عزوز" ذي الجبهة المترامية الأطراف، ولا ما يمنعني من تبادل اللكمات معه، أو حمله على كتفي، أو التسابق معه على الدرج. ولم تحظر الاتفاقية استهبال بو عزوز عندما يختبئ خلف الكنب، فأتظاهر بالبحث عنه، وأتساءل عن مكانه، فيرد علي بصوت شرطي "أكبر قوي" ليخبرني أن سعود "ركب الطيارة وراح فوق". صدقاً، الاتفاقية لم تمنع الأطفال من الاستهبال أو العبط.
قلّبتُ وفتّشتُ، بصّرتُ ونجّمتُ كثيراً لكني لم أقرأ أبداً (بالإذن من نزار قباني) اتفاقية بهذه الوداعة والرومانسية، وسأقسم بالله قسماً غليظاً أنني لم أقرأ فيها ما يفرض تقبيل أيادي أبناء الحكام ولا كتوفهم (لست متأكداً من تقبيل البطون). ويا ما أنت كريم يا رب… كل هذه الأمور مسموحة، فاستمتعوا وامرحوا وارقصوا، بالإذن من معمر القذافي صاحب القبضة الأمنية الأشهر.

سامي النصف

شارع باسم الجنرال نورمان شوارزكوف

بعض شبابنا الكويتي الاقل من عشرين عاما لم يعش تفاصيل كارثة الكويت الكبرى عام 90-91 عندما اختفى بلدنا في ليلة ظلماء بسبب قراءة صدام الخاطئة للتجمعات والتظاهرات والمسيرات والمصادمات في الكويت، وهو من في قلبه غل وحقد خاف، فأرسل جيشه لدعم الثورة التي قامت ضد الأمير! كما أتى في بيانه الكاذب الأول الذي تلاه الإعلان عن تشكيل حكومة الكويت الحرة المؤقتة وتحول دولة الكويت الى جمهورية الكويت (ما فائدة التاريخ اذا لم نتعلم منه كي لا نكرر أخطاءنا.. وما أكثرها؟!).

***

ولد نورمان شوارزكوف بولاية نيوجرسي الاميركية في عام 1934 من عائلة عسكرية ذات أصول ألمانية، حيث تخرج والده في كلية ويست بوينت الشهيرة وشارك في الحربين الاولى والثانية، وعاش وخدم في السعودية وإيران، كما تخرج ابنه نورمان في نفس الكلية وشارك في حرب فيتنام وغرنادا، وضمن القوات الاميركية في ألمانيا، واشتهر بمسمى الدب الأميركي، ويعتبر من ألمع كبار القادة العسكريين الاميركيين في القرن العشرين أمثال دوغلاس مكارثر وباتون وأيزنهاور.

***

في عام 1982 وبعد انسحاب قوات صدام من إيران والاعتقاد السائد بأن الحرب العراقية ـ الايرانية ستنتهي آنذاك، التقى شوارزكوف مع الصحافيين الأميركيين على البارجة «لاسالا» ومما قاله حينها انه لا يعلم نوايا صدام الحقيقية، الا انه يعلم أن قدرات جيشه تؤهله لغزو الكويت بالكامل وتهديد دباباته حقول النفط في المنطقة الشرقية للسعودية، وليتنا كنا نقرأ ونستعد ولا نقوم بما يسهل للذئب الغادر عمله.

***

في عام 1988 رقي شوارزكوف إلى رتبة جنرال وأصبح قائدا لـ «السنترال كوماند» المسؤولة عن منطقة الشرق الاوسط ومركزها تامبا في الولايات المتحدة، وفي عام 90 قرر خلق لعبة حرب اسمها «انترلوك 90» مضمونها كيفية التعامل مع غزو صدامي كامل للكويت وتهديده لحقول النفط السعودية (ليتنا كذلك كنا نتابع ونقرأ ونحلل ما يجري حولنا ولا ننشغل دائما بمشاكل الداخل)، وقد أبدع الجنرال شوارزكوف في كيفية التعامل مع الغزو الصدامي، حيث طبق خطة «درع الصحراء» لحماية المملكة ثم «عاصفة الصحراء» لتحرير الكويت بأسرع وقت وأقل كلفة، معتمداً على خداع القوات الصدامية وجعلها تنتظر قدوم قواته من البحر شرقا، بينما كانت قواته والقوات الانجليزية جرذان الصحراء تنطلق عبر الصحراء غربا لعزل القوات الغازية شمال البصرة فيما سمي بخطة «اللفت هوك».

***

وكعادة القادة العمالقة والعباقرة لم يسم الراحل الكبير شوارزكوف نفسه ببطل أم المعارك الخالدة أو بطل الحرب والسلام، بل تقاعد في صيف 1991 وكتب في العام الذي يليه كتاب ذكرياته عن الحرب في 500 صفحة والذي أسماه «الأمر لا يحتاج الى بطل» ثم عمل محللا عسكريا لقناة NBC الأميركية وأصيب بسرطان البروستاتا وكرس باقي حياته لأعمال الخير والتوعية من أخطار مرض السرطان حتى وفاته، ويا لها من سيرة عطرة تستحق أن تدرس في المدارس.

***

آخر محطة: (1) كي لا نتهم بنكران الجميل أو ضعف الذاكرة، نرجو أن يسمى الشارع الرئيسي المقابل لمعسكرات الجيش باسم الجنرال نورمان شوارزكوف، وهذا أقل ما يمكن أن نفعله لمن ساهم في إرجاعنا بأسرع وقت ومنع تحولنا الى قضية لاجئين ومهجرين دائمة أخرى.

(2) نحذر مرة أخرى من تأثير اضطرابات الداخل على.. إضعاف موقفنا في الخارج.. فالعقل العقل والحكمة الحكمة.. فلن تسلم الجرة في كل مرة!

 

احمد الصراف

كوارث مجتمعية وهندسية

أعتقد شخصيا أن نسبة عدد المهندسين الى عدد السكان، في أي دولة، مؤشر مهم جدا على مدى تقدم او تخلف تلك الدولة، والكويت كالعادة الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة. فقد تبين من احاديث المشاركين في المنتدى الهندسي الأول ان في الكويت 32 الف مهندس اعضاء في جمعية المهندسين، هذا عدا آلاف غيرهم من غير المنتسبين. وهذا الرقم كفيل بجعل الكويت جنة هندسية وتحفة معمارية، ولكن العكس هو الصحيح. والأسباب كثيرة، فعدد لا بأس به من هؤلاء يحملون شهادات مزورة، او على الأقل صادرة من جامعات غير معترف بها! وورد في المنتدى أن لجنة بوزارة التربية أجرت دراسة أثبتت وجود تلاعب في 6422 شهادة هندسية «مستوردة» من الخارج. كما أن وزارة التعليم العالي لا تتبع في مخرجاتها حاجات سوق العمل، ففي عام 2012 مثلا كان هناك 1100 طالب تقريبا يدرسون الهندسة، %3 منهم فقط في العمارة وهي الجانب الأكثر اهمية في الكويت. ونتيجة هذه اللخبطة والتسيب الاداري والمحسوبية والخش والدس الحكومي والديني سمحت الدولة قبل سنوات حتى للمهندس الميكانيكي بفتح مكتب هندسي، وتحمل مسؤولية التصميم والاشراف على مئات المباني المتخصصة والسكنية والخطرة، ووضع توقيعه عليها متحملا كامل المسؤولية، في مخالفة لأبسط القواعد المعمول بها في العالم، وقصة زميلنا الذي تفاخر يوما بوجود أكثر من 200 مهندس في مكتبه، وهو الميكانيكي، معروفة. ولو حاول أحد تفحص «حقيقة» شهادات من تولوا رئاسة جمعية المهندسين في السنوات القليلة الماضية لوجد العجب، فكيف قبلت الفئة الأكثر حرفية من «مهندسينا»، في هيئة مدنية بمثل هذه التقنية العالية، تسليم مقاليد جمعيتهم لمثل هؤلاء؟ ولكن مع من نتكلم نحن؟ ولو عبرنا المحيطات ونظرنا لجامعة هارفارد الاميركية لوجدنا أنها استطاعت على مدى سنوات الاحتفاظ بمكانتها كأفضل جامعات العالم، ولكن على الرغم من شهرتها ومكانتها العلمية المرموقة فانها لم تسلم من الفضائح، كما أنها كانت لفترة على علاقة بالمخابرات الاميركية المركزية، وربما لا تزال كذلك، حيث كان لها، ولبضع جامعات اميركية اخرى، دور في التعاون مع برامج حكومية سرية لقبول ابناء رؤساء وحكام بعض دول العالم، المتردي منها بالذات، للدراسة فيها رغم معدلاتهم الدراسية والاستيعابية المنخفضة، وبالتالي الدفع بهم لاجتياز الاختبارات النهائية بسهولة، ومساعدتهم في الحصول على أعلى الشهادات من دون جهد كبير. وتكمن فائدة هذه الطريقة أو الأسلوب في أن هؤلاء سيتولون يوما أعلى المناصب في دولهم وسيكون لهم تأثير ايجابي كبير في الجامعة التي قامت بتسهيل حصولهم على شهاداتها، خصوصا أنهم لن يعملوا في شركات اميركية ولا ادارات غربية وسيبقى «خمالهم» ضمن دولهم. وقد قام مسؤولو هذه الجامعة في نوفمبر الماضي بالتحقيق في مزاعم، تبين انها حقيقية، عن قيام 125 طالبا بالغش في اختبارات نهاية العام، وتم اتخاذ الاجراءات بحقهم!
ان انكشاف مثل هذه الحوادث ليس عذرا لنا لاستمرارنا في هذا الوضع المؤسف، ففي الغرب هناك شجاعة للاعتراف بالخطأ، كما أن لديهم الآلية لمعالجة أخطائهم، فهل لدينا حتى القدرة لأن نتكلم عنها؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

العزة للإسلام

لفت نظري عبارة وردت في مقال الزميل احمد الصراف في القبس عدد امس، حيث قال ان الباحثين في علم السكان لفت نظرهم تزايد عدد الملحدين في العالم إضافة إلى ما قرره من أن النسبة الأكبر بين البشر من النصارى!
ونحن كمسلمين لن نفاجأ بهذه المعلومات لانه من المعلوم لدينا أن أكثر أهل الأرض على غير ملة الإسلام حسب ما قرره القرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «وَإ.نْ تُط.عْ أَكْثَرَ مَنْ ف.ي الْأَرْض. يُض.لُّوكَ عَنْ سَب.يل. اللَّه.»، مما يؤكد أن عقيدة أكثر البشر الذين يعيشون على سطح الأرض مخالفة للفطرة وللاوامر الإلهية! ولله في ذلك حكمة قد لا نراها اليوم، لكنه سبحانه قادر على أن يهدي كل الناس للإسلام ان شاء «لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَم.يعًا»، لكنه سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل الذي يميز به بين الحق والباطل «إ.نَّا هَدَيْنَاهُ السَّب.يلَ إ.مَّا شَاك.رًا وَإ.مَّا كَفُورًا»، «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْم.نْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، لكنه بالنهاية يتحمل تبعية قراره!
وقد يتساءل أحدنا : يعني معظم هالناس اللي في أوروبا وأميركا في النار وبس إحنا اللي بالجنة؟؟! ويجيب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم:- «نصيب جهنم من كل ألف نفس تسعمائة وتسع وتسعون وواحدة بالجنة»!! ولذلك كانت الدنيا جنة للكافر وسجنا للمؤمن! فهي جنة له مقارنة لما سيواجه بالآخرة من عذاب، وسجن للمؤمن لما سيلقى من نعيم ينتظره هناك! ومع هذا فقد أمر الله المؤمنين بعمارة الأرض بالدعوة إلى عبادته وطاعته وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستمتاع بها وفقا للضوابط التي قررها الشرع «وَابْتَغ. ف.يمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخ.رَةَ وَلَا تَنْسَ نَص.يبَكَ م.نَ الدُّنْيَا» ولذلك كره الإسلام المبالغة بالتصوف واعتزال الناس وقال الرسول الأعظم «الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم».
خلاصة القول، ان العبرة ليست بالكثرة، فرب مؤمن موحد لله عن أمة كاملة في ميزان العدل الالهي! ورب جمع غفير مشرك بالله لا يسوى عند الله جناح بعوضة! لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل من هم يا رسول الله؟ قال الذين يصلحون إذا فسد الناس»، وها نحن اليوم نعيش بعضا من أجواء الغربة هذه حتى اصبح الالتزام بالإسلام جريمة يعاقب عليها القانون، واصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسخرة من البعض، وصار المسلم يستحي من الإفصاح عن عاداته وتقاليده وانطبق علينا قول الرسول الكريم «يأتي زمان يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر»!! وبالمقابل صرنا نسمع ونشاهد من يتجرأ بقول المنكر وفعل الفواحش من دون رادع من دين أو خلق أو حتى قانون، وكيف نستغرب ولدينا نواب في مجلس الأمة نتوقع منهم في القادم من الأيام التجرؤ على ثوابت المجتمع وتقاليده والإتيان بكل ما هو دخيل علينا، وها هو اول الغيث اعتراض من أحدهم باعتبار حفظ القرآن من السلوك المستقيم اللازم للعفو الأميري للسجين!!
واسأل الله ألا نعيش اليوم الذي نشاهد فيه الناس يسحبون للسجون بتهمة التزامهم بدينهم.
قال صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لينصرن الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز به الدين أو ذلا يذل به الكفر»، وقال تعالى «وَالْعَاق.بَةُ ل.لْمُتَّق.ينَ». صدق الله العظيم.

سعيد محمد سعيد

صرخة الأدباء العرب المكتومة

 

بقدر ما أفرح البيان الختامي للمؤتمر العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الكثيرين يوم الأربعاء (25 ديسمبر/ كانون الأول 2012)، بقدر ما أحسست، كما أحس الكثيرون أيضاً، بأن في «بيان الحريات» صرخة مكتومة موجعة!

ولربما جاء المؤتمر الذي استضافته البحرين في الفترة من 22 حتى 25 ديسمبر 2012 في نسخته الخامسة والعشرين، كفرصة سانحة لأن يسجل المشاركون موقفاً للتاريخ، ويطلقون تلك الصرخة التي لم تكن مكتومة بقسوة خلال العامين الماضيين في ظل ثورات الشعوب فحسب… بل كانت مكتومة منذ عقود من الزمن.

كنا على الدوام ومنذ سنين طوال، نسمع، في التصريحات وفي الكتابات الصحافية وفي الديباجات العظيمة المنمقة للحكام والرؤوس الكبيرة؛ أن الأدباء والكتاب والمفكرين هم نخبة الأمة وحصنها، وهم الذين يبنون نهضتها بفكرهم، وهم وهم وهم… بل حتى البيان الختامي ذاته لم يخلُ من مثل تلك الديباجة (وإن بصياغة قلَّ نظيرها) كما في هذه الفقرة نصّاً: «وتأسيساً على حرية الكتاب والأدباء وجمهرة المبدعين من حيث سياق الإبداع الأتم، وضرورة الوعي والكتابة؛ فإن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، يرى في الحرية فضاءً لما يحقق الخير العام الذي يجد في صميم الحرية ضمانة لتوسيع الجماليات في منازلة القبح والانكسار و(السقوط الكابي) والمريب».(انتهى الاقتباس).

الحرية كما يراها المثقفون هنا، تواجه في صميمها القبيح وتنازل السقوط الكابي! والكابي بحسب المعجم الوسيط، هو التراب الذي لا يستقر على وجه الأرض أو الفحم الذي خمدت ناره، ولعل استخدام مثل هذه المفردات، يعكس حقيقة ما تشعره هذه الفئة قبال دورها المهم المقصى قسراً… إي نعم.. كثيراً ما سمعنا عن أدوار النخبة المثقفة في المجتمعات العربية ومكانتها، لكن كل ذلك انكشف – بدرجة مذهلة – منذ أن عصفت بالمنطقة العربية رياح الثورات العام 2010! فتوارى الدور النهضوي لتلك الفئة، واستبدلت بنماذج من الكتاب والأدباء والإعلاميين والفنانين والراقصين والراقصات والساقطين والساقطات ممن قاموا بالدور نيابة عن مثقفي الأمة الحقيقيين. فكان نتاج عمل (البدلاء) الرخيص كمن استخدم (خشباً) كوقود لزيادة تأجيج الشعوب عبر الضحك على عقولهم وخداعهم، والتكسب من وراء أدوار أدوات السلطة في تخدير الشعوب والعبث بفكرها وثقافتها وحقها في المعرفة النقية.

قبال ذلك، وجد المثقف الحقيقي نفسه محاصراً بثلاثة خيارات: إما الانضمام إلى جوقة البدلاء الرخيصة وهذا ما تسامى عنه الكثيرون؛ أو اللعب على الحبلين بمسك العصا من المنتصف ودغدغة السلطة تارة والشعوب تارة أخرى وهذا ما فعله القليلون؛ والخيار الثالث هو ألا تأخذه في الله لومة لائم وأن يقول الحق ويناصر المطالب المشروعة، ويقدم رقبته من أجل صلاح الأوطان والشعوب، وهؤلاء قلة أيضاً لربما تجدونهم اليوم في السجون أو في المنافي، قريبة من الأوطان كانت أم بعيدة.

لماذا وصفت انكشاف أدوار مثقفي الأمة بـ «درجة مذهلة»، في باكورة الثورات أكبر مما كان عليه الوضع في السابق؟ ذلك أيضاً عرج عليه البيان في تعديده لما يتعرض له المثقفون من تهديد وإهمال وتضييق واستهداف لم يكن وليد الثورات، بل كان هو الوضع السائد منذ عقود مضت في الوطن العربي، أليس كذلك؟ لكن مع ذلك، فإن الأدباء العرب قدموا «الإحسان» قائلين في بيانهم: «إن التحولات التي يمر بها وطننا العربي، وما يتعرض له من خلخلة هنا أو هناك، ليحتم على المؤتمر العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أن يضطلع بمسئولياته في حماية الكتابة والمبدعين بما يجعلهم يمارسون دورهم المعرفي والحضاري باقتدار وعافية وعنفوان (كيف؟)… بعيداً عن الرقابة الجاثمة واستهداف المبدعين وملاحقتهم وسجنهم والحد من حريتهم وانتقاصها».

وفي الواقع؛ تمنيت أن يوجه الاتحاد في مؤتمره أصابع الاتهام إلى الحكومات العربية التي أجرمت في حق شعوبها وتبنت الحركات المتشددة المعادية للحقوق وللحياة الكريمة، وهو يشير إلى تصاعد محاولات بعض الحركات الأصولية والسلفية والميليشيات المسلحة والطائفية التي تلجأ للحد من الحريات المدنية العامة ومصادرتها، والحد من حرية الفكر والتعبير ومصادرة الكتب أو سحبها من بعض معارض الكتب العامة! فتلك ممارسة رأى فيها الاتحاد (سياقات لا تليق بالإبداع والمبدعين)، لكن هناك إشارة لا بأس بها وهي أن مداخلات الاتحاد العام في أكثر من مجال آتت أُكلها حيث تم التراجع عن بعض الأفعال التي استهدفت الكتاب، وليس آخرها الإفراج عن الشاعر القطري محمد العجمي.

الصرخة المكتومة للأدباء صدحت باستهداف السلطات في غير بلد عربي للأدباء والكتاب بالملاحقة والسجن، وعدم رعاية الأدباء، واستمرار إغلاق بعض وسائل الإعلام من صحف وقنوات فضائية، ومحاصرتها، ومحاولات الاعتداء على العاملين فيها والمتعاملين معها، مواجهة المسيرات والاحتجاجات والتجمعات والاعتصامات السلمية والمعلن عنها بغير وسيلة تصل إلى القمع المسلح في كثير من الأحيان. أما بالنسبة للتهديدات، فهذه وردت أيضاً بصيغة تقول إن الأدباء والفنانين والمثقفين في غير بلد عربي تعرضوا لتهديدات مباشرة أو غير مباشرة من قبل قوى وتيارات وجماعات دينية وطائفية متطرفة ضد حرية التعبير والفكر، من خلال التهديد بتكفير وتأثيم الثقافة أو بعض تنوعاتها ومظاهرها، أما مسألة الحيلولة دون دخول بعض الإصدارات من وإلى بعض الدول العربية؛ فهذه نشيدة قديمة ما عادت تُطرب.

لم ينتهِ الأمر هنا! فهناك «البيان الختامي» الآخر الذي شمل العديد من النقاط المهمة، لعل أهمها هو التصدي للخطاب التكفيري والإقصائي الذي تكون عناصره مهددة للأمن القومي الثقافي وللوحدة الوطنية، وأن يترافق مع ذلك الترشيد والحكمة، والتأكيد على ضرورة تكريس فكرة الدولة المدنية.

جميل جدّاً… لربما تكون الإجابة المتخيلة أو المتوقعة أو الواردة بقوة من جانب الحكومات العربية كرد على بياني الأدباء والكتاب العرب: «أحسنتم… شكر الله سعيكم»، فالميت لا تجوز عليه إلا الرحمة.

عادل عبدالله المطيري

صقور المعارضة وحمائمها

لاحظ المشتغلون في دراسة عمل المؤسسات السياسية وطريقة اتخاذ القرار فيها، أن هناك تقسيما ممنهجا للأدوار فيما بين منتسبي تلك الكيانات السياسية، فتجد من منتسبيها من يجيد المفاوضات والطرح الهادئ للأفكار، وآخرون لا يجيدون إلا الدفاع عن المؤسسة السياسية وأفكارها وربما يمارسون الهجوم بشراسة على خصومها، والحقيقة أنه على اختلاف أدوار المنتسبين إلا أنهم يكملون بعضهم البعض من أجل تحقيق أهداف ذلك الكيان أو التجمع السياسي، خصوصا إذا ما حافظوا على درجة عالية من التنسيق.

لذلك أطلق المحللون السياسيون مصطلح «الحمائم والصقور» لتوصيف هؤلاء الأشخاص والتميز بين أدوارهم وسياساتهم. فالتيار المثالي والذي يعتمد التهدئة هم الحمائم ـ أما الحازمون في اتخاذ القرار والتمسك به، فيمارسون سياسية حافة الهاوية فهؤلاء بلا شك هم الصقور.

وأخذت هذه المصطلحات من السلوك الطبيعي لتلك الطيور ـ فالحمام مسالم ولا يحلق بعيدا، ويرهق بسرعة ويتوقف كثيرا قبل أن يصل لوجهته النهائية ـ أما الصقور فهي شرسة وجارحة، لا ترضى إلا بـ تحقيق هدفها، تحلق بعيدا جدا ـ ولا تكل ولا تمل حتى تنقض على غايتها المنشودة.

من هذا المدخل التحليلي سنستعرض مواقف تيار أو تكتل نواب المعارضة من الأزمة السياسية الحالية، خصوصا أن المعارضة الكويتية لم تتعرض طوال تاريخها لمثل تلك الأوضاع السياسية الحرجة بل والبالغة في الصعوبة والتعقيد كالتي نعيشها هذه الأيام، والتي تتطلب من المعارضة السياسية أن تتخذ بها مواقف أكثر جرأة مما سبق، فشباب الحراك السياسي الكويتي لا يرحم المعارضة بل ويحملها مالا تحتمل. لذلك انقسمت كتلة المعارضة الكويتية واقعيا إلى تيارين سياسيين لا ثالث لهما.

تيار «الصقور» وهؤلاء يريدون التحليق بعيدا في مواقفهم المتشددة، ويرون أن الحكومة تمادت في التعدي على الدستور حتى أنها اغتصبت صلاحيات البرلمان، وهؤلاء يؤيدون ممارسة الضغط الشعبي على الحكومة، فلذلك تجدهم يشاركون في المسيرات الشعبية المرخص منها وغير المرخص، والتي تدعو إلى إسقاط مرسوم الانتخاب وما ترتب عليه من مجلس أمة جديد.

ويبدو أن «الصقور» متوافقون جدا مع الحراك الشبابي والذي بدورهم ينظمون الوقفات الاحتجاجية في المناطق السكنية بعد أن منعوا من التجمع في ساحة الإرادة.

أما تيار «الحمائم» في المعارضة، فهو لا يختلف مع تيار «الصقور» في الأهداف – كأن ترجع الحكومة عن مرسومها وتحل مجلس الأمة الحالي، ولكنهم حتما يختلفون معهم بالسياسات المتبعة.

فتيار «الحمائم» لا ينظم ولا يشارك في المسيرات غير المرخصة، ويتقاعس عن الحضور بعذر أو بدونه عن المسيرات المرخصة.

كما أن تيار «الحمائم» لا يؤمن أصلا بالمسيرات الاحتجاجية في المناطق السكنية، ويؤكدون دائما على ضرورة التهدئة وضبط الخطاب السياسي المعارض وعدم التمادي في الخصومة مع السلطة، لذلك تجدهم ينتظرون بفارغ الصبر حكم المحكمة الدستورية في النزاع الدستوري القائم حول المرسوم والبرلمان، ويعولون كثيرا على الحل القضائي ويأملون خيرا.

من نافلة القول – ان كلا الفريقين بالمعارضة السياسية في طريقهما للفشل ـ فالصقور أو الاتجاه المتشدد – بدأ ينخفض صوته ويتشتت جهده – لأن الخطاب السياسي للمعارضة وصل إلى الذروة مبكرا ليصطدم بالسقف الأعلى المسموح به، ولم يعد أمامهم إلا اقتحام المجهول السياسي!

ويقابل ذلك أيضا فشل الحمائم في استثمار جهود الصقور وضغطهم المتواصل ضد الحكومة من أجل البدء في حوار سياسي مع السلطة للتوصل إلى حلول وسط.

فلقد كانت «الحمائم» أو تيار التهدئة في المعارضة ـ في قمة السلبية ـ بل كان ولايزال يسعي لخفض صوت المعارضة وسقفها دون أن يطرح البديل!

ويتناسون أن صلب نظرية الحمائم والصقور هو المحافظة على اعلى درجات التنسيق وتبادل المواقف واستثمار كل الجهود المبذولة بينهم، ولاشك أن التنسيق كان مفقودا بين الحمائم والصقور في الحالة الكويتية!

في النهاية: الحذر كل الحذر ليس من صقور المعارضة المحترفة سياسيا، ولكن من (عقبان) الحراك الشبابي ـ فهؤلاء أكثر شراسة وعلى فطرتهم الجارحة، ولم يألفوا القيود والأوكار – انهم يحلقون إلى أبعد مدى ـ وسيكون التعامل معهم أكثر صعوبة من الحمام والصقور!

 

سامي النصف

كي لا نقتل وطننا!

سنة جديدة وحكومة جديدة ومجلس أمة جديد، المهم في هذه السنة الجديدة الا ترجع علاقة المجلس بالحكومة الى ما كانت عليه خلال العقدين الماضيين حيث ان المسار الماضوي هو الذي تسبب في تخلفنا وخيبة أمل شعبنا وعليه نقترح:

ـ تفهم حقيقة ان اخفاق الحكومة أو اخفاق المجلس في عملهما هو ـ رضينا أم أبينا ـ اخفاق للكويت حاضرها ومستقبلها.

ـ ينص الدستور في مادته 50 الشهيرة على فصل السلطات و«تعاونها» لا تعاركها، فالتعاون مع كل الوزراء هو الأصل الذي يؤدي الى الانجاز.

ـ جرت العادات والأعراف في كل الديموقراطيات المنجزة على ان يعطي المجلس التشريعي 6 أشهر على الأقل للحكومة والوزراء كي يعملوا قبل المحاسبة، فكيف يجوز عقلا ومنطقا محاسبة من لم يبدأ عمله بعد؟!

ـ نرجو الا يحاول احد الأعضاء ان يقلد خطوة الآخرين فيضيع خطوته ولا يصل بالتبعية الى خطوتهم، ان الفرصة المثلى لإعادة انتخاب الأعضاء بعد اربع سنوات هي عبر الانجاز، والانجاز فقط الذي يفيد الكويت وشبابها بالدرجة الأولى لا عبر عرقلة عمل الحكومة ووزرائها.

ـ نرجو ألا يقع الأعضاء الأفاضل في مصيدة ومكيدة من يدفع بهم للمعارضة والتسخين فقط كي لا يقال عنهم انهم نواب حكومة، فهذا نهج سيرجع الكويت الى عهد ثبت ان الشعب لا يريده حسب نسب حضور من صوتوا في الانتخابات الأخيرة من ناخبيهم.

ـ يجب تكثيف لقاءات الأعضاء والوزراء خارج الجلسات لتذليل العقبات كي يكون العمل تحت قبة البرلمان نهاية جهد لا بدايته وكي نبتعد عن منهجية التأزيم المستمر القائم على سوء الفهم.

ـ كما نرجو من بعض الأعضاء الأفاضل البعد عن منهجية مضرة طالما انتقدوها وعابوا على من يقوم بها، ونجلهم ـ ونحن من يعرف مقدار وطنيتهم ـ عنها وهي جعل المجلس مكانا للانتقام وتصفية الحسابات بسبب هذا الحدث او ذاك فلا يوجد في الدنيا ما يستحق ان نقتل وطننا لأجله وكل الأمور قابلة للاصلاح مستقبلا.

***

آخر محطة: نشرت صحف أمس صور مظاهرة غير مرخصة، وبالتالي خارجة على القانون وعلى روح ونص المادة 44 من الدستور وتحمل راية كتب عليها «عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان» وهو أمر طريف يحدث فقط في الكويت.