احمد الصراف

احتياطي وطياطي

ورد في وسائل الإعلام أن احتياطيات الكويت النقدية، او التي يمكن تحويلها لنقد في فترة قصيرة، تزيد على 270 مليار دولار. وعلمنا أيضا أن أكثر من ضعفي سكان الكويت هم من الوافدين الذين تهتم بأمورهم وزارة الشؤون. وأعلن مدير مشروع «ميكنة» خدمات قطاع العمل في الشؤون أن الأعطال المتكررة في نظام الحاسب الآلي سببها عدم تحديث «السيرفرات» منذ عام 2008 (!) وامتلاء السعة التخزينية منها بالمعلومات بالكامل، وهذا أدى الى توقفها. وقال إن عقد الشركة المشغلة انتهى منذ 120 يوما، حتى كتابة هذا المقال، ولم يجدد العقد، والشركة تعمل من دون مقابل، وإنه شخصيا خاطب مدير الحاسب الآلي في الوزارة، ولكنه لم يرد. ورفع مذكرة بالأمر للوزيرة الجديدة!
والآن، ألا يدعو هذا للخجل في دولة صغيرة، لا ينقصها شيء غير العقل، وتعتمد كليا على العنصر الوافد في أداء %90 من حاجاتها، ومع هذا لا تتمكن من تجديد عقد سخيف طوال ثلاثة اشهر؟ ألا يستحي أي مسؤول أن يقول إنه «مسؤول»! ولا نطالبه هنا بأن يستقيل، لو كان يابانيا، بل ان يعلن عن «أسفه» فقط! ولكن الحق ليس على الوزيرة الشابة والجديدة، ولا على الوكيل السابق، أو المؤقت، ولا على مدير الحاسب الآلي او اي مساعديه، بل على سياسة الحكومة التي عودتنا على هذا النمط من التصرف طوال عقود من الزمن، بحيث أصبح عقاب المقصر أمرا شبه مستحيل، ومكافأة الغائب والمعترض والمحتج والعاطل والسافل هي القاعدة!
نريد مثالا واحدا، درسا واحدا، عقابا لمقصر واحد، طرداً لمسؤول علنا، أو حتى إيقاف ترقية، فهل هذا كثير؟
إن الدولة برمتها «رايحة فيها» من فوضى الموانئ، التي لا يعرف المسؤول عنها أين وضعه القدر من مشاكلها، وحتى قضايا ومشاكل الحدود، ومخافرها المتهالكة، مرورا بخدمات كل مدينة وقرية وشارع وسكة، وبالتالي أتساءل: لو لم يكن لدينا 270 مليار دولار احتياطي نقدي، فهل كانت حالنا ستكون أفضل مما هي عليه الآن؟
لست أدري، ربما!
* * *
• ملاحظة: ان الطريق الوحيد للتقدم والخلاص من غالبية قضايا الوطن ومشاكله، وتحطيم صنم الاخوان، يتمثل في تطوير التعليم ونشر حرية الفكر… فلا فائدة من القراءة والكتابة من دون حرية فكر، ولا فائدة من حرية الفكر اذا لم نكن قادرين، بسبب جهلنا واميتنا الثقافية، على القراءة والكتابة.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

مصداقية الكاتب العلماني

يكاد يقف شعري ذهولا وأنا اقرأ لبعض زملائنا من أصحاب التوجهات العلمانية أو الليبرالية، فهم يكتبون كلاما يقرأه كثير من الناس، لانه ينشر في صحف يومية معروفة، وبالتالي مقروءة، ناهيك عما يعاد نشره في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بيد ان كثيرا مما يكتبون إما مجاف للحقيقة واما مخالف للواقع وإما انه تفسير للأحداث بشكل غير منطقي.
فتراهم يتزلفون بالديموقراطية وحق الشعب في اختيار من يمثله، ولكن عندما يصل الإسلاميون إلى السلطة يبدأون بالاعتراض على النتائج ويلعنون الديموقراطية ويتهمون الناس بالجهل، بل ويطالبون بإلغاء هذه الديموقراطية التي لم تأت باصحابهم إلى السلطة! وأغرب ما قرأت في هذا السياق ما كتبه بالأمس أحدهم ممن يدعي الفهامية والثقافة عندما قال بالحرف الواحد «واليوم وقعت مصر في مخالب الإخوان التي لا فكاك منها بغير الدم»! يا ستار….! يطالب بإزاحة الإخوان الذين وصلوا عن طريق صناديق الاقتراع بقتلهم واسالة دمائهم! ثم يأتي تلميذه، الذي كان راعيا لحقوق الإنسان في يوم ما، ليبرر لماذا يعترضون على وصول الإسلاميين للسلطة فيقول: لأننا نعرفهم ونعرف أنهم لا يؤمنون بالديموقراطية أصلاً! ثمانون عاما قضوها ما بين السجن والاضطهاد والتشريد، وعندما أتيحت للشعب الفرصة أن يقول كلمته اختارهم لثقته بهم ومعرفته بسوء سمعة خصومهم، ثم يأتي هذا الفيلسوف بهذا المنطق! واليوم يطالب أستاذه وشيخ طريقته في العلمنة بقتل الإسلاميين في مصر باعتبارها – حسب كلامه – الطريقة الوحيدة لازاحتهم عن الحكم الذي وصلوا اليه بالممارسة الديموقراطية!
نموذج آخر من نماذج العلمانيين في الكتابة وهو الكذب لتمرير المعلومة ولو كان فيها استغفال للعامة، خصوصا عندما يظن الكاتب انه هو الوحيد الفاهم، بينما غيره مغفلون! حيث كتب صاحبنا إياه في مقالة له ما يلي «… ما فعله الإخوان في مصر فعلوه قبل ذلك في الكويت عندما قاموا بإفساد كل جمعية أو تجمع انضموا اليه واغرقوه بحملة الشهادات المزورة»! هكذا يكتبها من دون أي شعور بالحرج من قرائه الذين يعرفون دور التيار الإسلامي في الكويت في محاربة الفساد والتعدي على الأموال العامة، وتاريخه المشرف طوال الستين سنة التي مضت منذ انشائه! وأقول لصاحبنا ان التيار الذي قصدته انشأ جمعية الإصلاح ولم يفسدها، كما ادعيت زورا وبهتانا، بل لها الفخر أنها حصلت على شهادات من وزارة الشؤون بالتزامها بمبادئ عملها وشفافية أدائها. هذا التيار يا صاحبي دخل جمعية المعلمين منذ سنوات وما زال إلى اليوم ينجح في كل انتخابات من دون منافسة! فبماذا تعلل ذلك؟ لأنهم أفسدوا الجمعية، أم لان جموع المعلمين الذين يختلفون في المشارب والأفكار وثقوا بأدائهم وصلاحهم؟! هذا التيار يا صاحبي تسلم دفة اتحاد طلبة جامعة الكويت منذ أكثر من ثلاثين عاما، بعد ان طفح فساد التيار العلماني الذي كان مسيطرا عليها، وما زال التيار الإسلامي في الجامعة ينجح في الانتخابات عاما بعد عام، والتيار العلماني بانحدار مستمر، فهل هذا الاستمرار بالنجاح له تفسير آخر غير انه اصلح الاتحاد وكسب ثقة الطلبة؟!
نموذج ثالث وأخير حتى لا أطيل على القارئ الكريم ما ذكره أحدهم بالأمس من مطالبته لمجلس الصوت الواحد سيئ الذكر بإلغاء قانون منع الاختلاط بالجامعة بحجة انه سبب تأخر مشروع جامعة الشدادية وسبب تأخر الطالب الكويتي بالتخرج! هكذا يخاطبون قرا‍ءهم من دون احترام لعقولهم وإدراكهم! وعجز ان يذكر الأسباب الحقيقية لتأخر مشروع الشدادية، ومنها سوء الإدارة والفساد المالي!
الخلاصة ان هذا النوع من الكتاب يظنون ان من الممكن استغفال الناس طول الوقت! ويذكرونني بآخر صرعات نواب مجلس الصوت الواحد عندما تقدم خمسة منهم باقتراح بقانون يمنع الكويتي من الترشيح ما لم يكن أجداده سكنوا الكويت قبل 1920، والملاحظ هنا ان احد مقدمي الاقتراح ربما غير كويتي! بمعنى انه أخذ جنسيته الأولى بغير وجه حق، ولو بحثوا في ملفه لوجدوه «مقطوع من شجرة»، يعني ليس له عم كويتي وليس له خال كويتي وليس له جد كويتي! يعني لو فلت من تزوير جنسيته «وين يفلت من القانون اللي شارك شلته في تقديمه؟!»، طبعا هو يتوقع ان هذا القانون لن يرى النور، لكنه أراد ان يوحي للناس انه كويتي أصلي. أليس هذا استغفالا للناس؟! هذا نوع من خصوم الإسلاميين، كلهم ملتهم واحدة…. في الكتابة والنيابة! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.