سامي النصف

نظرة منصفة لمجلس قائم!

لا يصح إن اختلف زيد مع عمرو ان نسمع رأي الأول في الثاني او العكس لأن رأيهما لن يكون منصفا ومن ذلك الا يتم تقييم أعمال مجلس الأمة الحالي الذي انتخبه الشعب الكويتي في انتخابات حرة نزيهة ـ من قبل القوى السياسية المقاطعة، بل يجب ان ينظر الشعب الكويتي لمجلسه عبر عين منصفة عادلة تشكر من خلالها من يصيب من الأعضاء وتحاسب من يخطئ لا أكثر ولا أقل.

***

كانت البداية الصائبة هي عبر الالتزام الشديد بحضور الجلسات واجتماع اللجان وهي أمور كان بها خلل شديد في السابق، كما أنجز المجلس في زمن قياسي إقرار خطة التنمية والذمة المالية والوحدة الوطنية وإخراج الاتفاقيات المختبئة في الأدراج منذ عام 2003 ووافق عليها، كما تم اقتراح إنشاء لجنة قيم والنظر في حصانة النواب، وجميع ما سبق قضايا حيوية انشغلت أغلب المجالس السابقة عنها بقضايا التأزيم والسخونة السياسية فلم تستفد الكويت شيئا.

***

والحقيقة ان الإنجاز والإنجاز وحده ـ لا التهديد والوعيد ـ هو ما سيدخل المجلس الحالي للتاريخ وقد أحسن الرئيس علي الراشد عملا بدعوة السلطتين لحفل غداء خارج أيام العمل، ونرجو تكرار تلك العادة الاجتماعية والسياسية الطيبة من قبل الوزراء او النواب بين فينة وأخرى كي يقل التوتر وتنعدم الصدامات بين السلطتين التي ملها حتى النخاع الشعب الكويتي، فينعدم الجدل الذي مكانه خارج القاعة ويزداد العمل الذي ما خصصت القاعة إلا لأجله.

***

ورغم التباين في وجهات النظر بين النواب الحاليين فلم نر أي كلمات جارحة او عراك او ضرب كما كان يحدث في السابق، كما لم يشتك أي طرف من الرئاسة قمعته او تحيزت ضده كما كان يحدث في السابق، وفي هذا السياق، وكي لا تختلط الأوراق فمن يعرف التوجه السياسي للنائب والإعلامي نواف الفزيع لا يمكن ان يصدق تهمة الإساءة للذات الأميرية التي وجهت له وتم طلب رفع الحصانة بناء عليها وقد كلمني بعد تلك التهمة المصطنعة قبيل دخوله على سمو الأمير. ولا يمكن لأحد بعد ذلك ان يصبح ملكيا أكثر من الملك.

***

آخر محطة: «لأن الحلو ما يكملش»، كما يقول المثل العامي المصري، نرجو من مجلس الأمة القائم إسقاط فكرة إسقاط فوائد قروض البنوك لما في ذلك من ضرر فادح بالمال العام وبمبادئ الدستور (المادة 17) والعدالة بين الناس وكونه أمرا لم يعمل في الدول الأخرى الأكثر ثراء منا، إضافة الى انه سيصبح سابقة يبنى عليها مستقبلا خاصة ان الإسقاط يشمل الجميع لا من كانت هناك ملاحظات من البنك المركزي حول قرضه.

 

حسن العيسى

وحش فرانكشتين يعود من جديد

لماذا قفزت على الساحة الخليجية فجأة مؤامرة لقلب أنظمة الحكم لدول الخليج يدبرها الإخوان؟ في دولة الإمارات تم القبض على خلية من الإخوان اتهم أفرادها بالتآمر ضد الدولة، وفي الكويت هناك اتهامات عن خلايا أو (خلية) إخوانية تمول رفاقها في دول الخليج…!
مصادر إخوانية ذكرت في خبر لجريدة المصري اليوم "أن دولة الكويت حالياً دخلت مع الإمارات والأردن… (وأن هذه الدول) تسعى إلى هدم التنظيم العالمي للإخوان…" أياً كانت صحة تلك الاتهامات لتنظيم الجماعة والاتهامات المقابلة من الجماعة لدول الخليج والأردن، يظل السؤال السابق قائماً عن المناسبة الزمانية لإعلان الحرب ضد تنظيم الإخوان…! فالمعروف أن دول الخليج ظلت عقوداً ممتدة ومنذ بداية محاصرة تنظيم الإخوان في مصر عبدالناصر في منتصف الخمسينيات هي المراعي الخضراء و"بندروسا" تنظيم الإخوان، فالأبواب شرعت على مصاريعها للإخوان المضطهدين من النظام "الثوري" الناصري، وفي الثمانينيات أضحت أموال "البترو-دولار" الخليجية أكياس التغذية الطبية للمجاهدين الأفغان، وطبعاً كان التنظيم الإخواني في أول قائمة من تصدوا للخطر الشيوعي السوفياتي الكافر وقبره في الدولة الأفغانية، وكان المجاهد الإخواني عبدالله عزام الأب الروحي لأسامة بن لادن، الذي "تطرف" في حربه ضد الكفار السوفيات بعد انسحاب الأخيرين، ليعلن تنظيم القاعدة (وحش فرانكشتين الخليجي- الأميركي) الجهاد ضد الكافر الأميركي وحلفائه من دول الخليج…
ذلك تاريخ معروف وليس به جديد، لكن الجديد اليوم هو مناسبة محاصرة الإخوان في دول الخليج! فالإخوان وصلوا إلى كراسي الحكم في تونس أولاً، ثم في مصر، أكبر دولة عربية ومركز ثقل العالم العربي، اعتلى الإخوان الحكم هناك بانتخابات حرة نزيهة، ولم يأتوا للحكم على ظهر دبابة، كما جرت العادة التاريخية في الدول الثورية العربية الآفلة، لكن ماذا عن بقية الأنظمة العربية المتكلسة؟! في سورية يبدو أن الإخوان ستكون لهم اليد العليا في ما لو سقط النظام السوري، وبقيت سورية موحدة غير مقسمة طائفياً (سنة – علويون) وعرقياً (عرب – أكراد). وعدا سورية، هناك "خشية" مبررة أو غير مبررة عند بقية دول النظام العربي بأن الإخوان هم المرشحون القادمون للحكم، فدولنا ليس بها التراث والثقافة الليبراليان كما هو الحال في أوروبا الشرقية بعد سقوط الأنظمة الشيوعية، والطبقة الوسطى فيها مهمشة وملحقة بالجهاز العام للدولة، على ذلك يبقى الإخوان بما لهم من خبرات تنظيمية وتاريخ عريض يمتد في عمق الوجدان العربي هم المهيؤون ليحلوا مكان الأنظمة العربية… فإذا لم يتحقق هذا فالخيار الآخر هو تصدر السلفيات الجهادية الساحة، عندها ستبدأ عملية خلق لـ"وحش فراكشتين" مرة أخرى من أنظمة الحكم العربية، ومن الأفضل أن يوضع قناع تنظيم الإخوان على وجه هذا الوحش، وأن تتم مطاردته من الأنظمة ذاتها التي خلقته بداية، وتحت مبرر وذريعة محاصرة الإرهاب الإخواني ستتم محاصرة الشعوب وأحلامها بالحرية.

مبارك الدويلة

حديث الأقزام

عندما يتحدث الناس في الكويت عن «الاخوان» فهم يقصدون الحركة الدستورية الاسلامية، وكما ذكرت سابقا أننا لا ننزعج من هذا الربط بسبب العوامل التاريخية والارث الفكري. واليوم الاخوان المسلمون اصبحوا يحكمون عدة دول وصار التقرب منهم غاية الكثيرين وان كنا دائماً نؤكد أننا لا نرتبط تنظيميا بهم ولا بغيرهم. لذلك استغل بعض الأقزام هذا التأكيد ليطعن يوميا بالاخوان المسلمين قاصدا الحركة الدستورية الاسلامية! ونحن نتقبل الانتقاد، هكذا علمنا ديننا، (لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها) لكن انتقاد الرجال!! وليس تخرصات الأقزام وأكاذيبهم! ولعل اقرب مثال ما تناولته بعض وسائل الاعلام أخيراً نقلا عن سمو رئيس مجلس الوزراء في الجلسة السرية(!!) من انه ذكر أن الاخوان بالكويت متورطون بالخلية الارهابية الاماراتية!! وتسابق البعض لترديد هذه المقولة من دون التثبت من صحة نقلها أو عدالة راويها! وعندما تحققنا من الخبر من مصدره وجدنا انه تم تحريفه والزيادة عليه بشكل فج وقبيح!! فأصل الخبر أن عددا من نواب التهريج والتلفيق سألوا وزير الداخلية عن ارتباط الاخوان بالكويت بالخلية الارهابية التي أعلنت عنها الامارات أخيراً، لكن وزير الداخلية لم يجب عن هذا السؤال، فبادر سمو رئيس مجلس الوزراء بالقول ان الامارات أخبرونا بان هناك بالكويت من يمول هذه الخلية لكنهم لم يزودونا لا بأسماء ولا بأرقام!! انتهى! وهذا الكلام سمعناه بشكل يومي من مدير شرطة دبي ضاحي خلفان، بل قال أكثر من ذلك، لكن القزم يظل طول عمره قزما في حديثه وفي نقله وفي تخيلاته وحتى أمنياته!! وعتبنا على بعض الصحف التي روجت لهذه الكذبة المنقولة عن سمو الرئيس وهي تدرك أنها لم تنقل بشكل صحيح، وكيف لا تعرف أنها كذلك وهي التي نقلت أدق التفاصيل عما دار في الجلسة السرية؟!
ان البعض استمرأ الكذب لانه لا أخلاق تردعه ولا دين، بل ان البعض يريد من كثرة ترديد بعض الأكاذيب أن يلفت الأنظار عن بعض ما يجري من انتهاكات لحقوق الانسان في بعض الدول المرتبط بها شعوريا وقلبيا أو حتى مذهبيا أحيانا!! والا فان تاريخ الحركة الاسلامية بالكويت والخليج مشرف منذ الأزل ولا ينكر مواقفهم وقت الشدائد الا جاحد مكابر، ولا أظنني بحاجة الى التدليل على ذلك سواء قبل الغزو الغاشم للكويت أو في اثنائه أو بعده! بل ان التاريخ يسطر بالسواد مواقف بعض هؤلاء الأقزام من نشر الرعب في الكويت أثناء تفجير موكب سمو الشيخ جابر عليه رحمة الله وتفجيرات المنشآت النفطية واختطاف «الجابرية» وآخرها شبكات التجسس التي يتم كل يوم اكتشاف المزيد منها كما لا ننسى سوء السمعة التي التصقت ببعض هؤلاء المطبلين لكل ناعق وباطل بقصد التغطية على سواد الوجه حيث التاريخ الممتلئ بالفاحش من القول والفعل!!
ان السير بمنهج العداء لمكونات المجتمع الكويتي بدءا بقبائله وعوائله ومرورا بقمع شبابه وانتهاء بتخوين تياراته الوطنية لهو منهج خطير! ونستغرب موقف الحكومة التي قد تتعامل بتكتيكات سياسية واجندات انتخابية مع المحرضين ومثيري الفتن من دون أن تفعل قوانين نبذ الكراهية والوحدة الوطنية؟!!
وبالمقابل فانه ليسعدنا تلك المواقف المنصفة التي صدرت من مجاميع سنية وشيعية عاقلة ومخلصة ترفض لغة التخوين وتشهد بما عرفته عن أبناء هذا التيار في الكويت من حب للوطن وترابه.
البعض أيضاً طعن بالاخوان المسلمين من الباب المعاكس!! فاتهمهم بتقاربهم مع ايران وتآمرهم على دول الخليج من هذا التقارب…؟!!
للعلم فقط لمن كان ناسيا أو تناسى أن اول من ترحم على أبي بكر وعمر في طهران هو محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية! وان اول دولة تعقد مؤتمرا لنصرة عرب الأحواز هي مصر محمد مرسي!! فقد عقد بالقاهرة الأسبوع الماضي مؤتمر نصرة العرب الأحواز شارك فيه الشيخ العريفي وعبدالله النفيسي وتحت رعاية مساعد الرئيس المصري، فاتقوا الله في أنفسكم وكفانا انشغالا بأنفسنا، فوالله ما تأخرت الامة الا من هذا الجدل الذي نحن فيه اليوم!! كلما رأينا خيرا حاربناه وكلما شاهدنا ناجحا حسدناه! والله المستعان.

سعيد محمد سعيد

«بكتيريا»… الطائفة!

 

لا يمكن على الإطلاق إنكار وجود الممارسات الطائفية في كل المجتمعات الإسلامية بل وغير الإسلامية أيضاً، فتلك الممارسات تتخذ أشكالاً متعددة:

منها الطائفية الفردية، أي اعتناق فرد لثقافة الطائفية وفق تنشئته وتكوينه التربوي والثقافي والديني، ومنها طائفية الدول والحكومات التي تتبنى المنهج التمييزي بين مواطنيها، ثم هناك طائفية الكيانات والمؤسسات والتيارات، بيد أن أساس طائفية الحكومات والكيانات هو الفرد… أي أنها تتشكل من الأفراد الذين تشربوا – منذ صغرهم – كل الأفكار الطائفية البغيضة.

هناك حقيقة ترتبط بنشوء الطائفية وجذورها، ولاسيما في منطقة الخليج والعالم العربي والإسلامي، وهي أن الاستعمار زرع بذرة هذه الممارسة الدنيئة، ثم نشأت وتفرعت. وهي في حقيقتها قنبلة يزرعها المحتل قبل جلائه عن الدولة المستعمرة لتنفجر فيما بعد مسببة سلسلة من الانفجارات التي لا تتوقف! وفي هذا يقول الباحث سعيد الوجداني في دراسته «الطائفية الورم الخبيث في العالم العربي»، ان ظهور النظام الطائفي في البلاد العربية يكون دائماً مزاوجاً وملازماً لاحتلال الأجنبي لكل بلد عربي. لذا وللإحاطة أكثر بالموضوع، لا ينبغي حصر مناقشته في حدود الفترة الحاضرة المكشوفة عند الجميع وتجاهل خلفيته التاريخية، بل لابد من العودة إلى التاريخ والماضي البعيد لتلمس أصول المشكلة والتي لا تخص بلداً دون غيره، بل انها تعم كل البلاد العربية المهددة بهذا الطاعون الذي تجندت له الدوائر الامبريالية والصهيونية المتحرشة بالمنطقة العربية.

ويشدد الوجداني على أن النظام الطائفي، هو نظام سياسي من طبيعته انه يؤمّن للحاكمين والمحتلين وسيلة لتفريق المحكومين واستخدام أقلية مميّزة لقهر أكثرية مضطهدة. وقد اقترن ظهور هذا النظام بصورة خاصة بالمجتمعات الاقطاعية والاستبدادية التي تقوم على تجزئة السلطة السياسية، أكثر منها في المجتمعات الشديدة المركزية، وهذا لا يعني خلو المجتمعات الاسلامية من مقومات الاضطهاد الديني والتمييزي والطائفي. (انتهى الاقتباس).

وبالطبع، يبصم الجميع بالعشر على أن جذور الطائفية في بلداننا هي صنيعة الاستعمار! لا بأس، آمنا بالله… هي صنيعة الاستعمار، ولكن هل من المعقول أن تستمر الطائفية وتتعاظم إلى حد الاقتتال بين أبناء المجتمع فقط لأن الاستعمار وضع (تلك القنبلة) يوماً ما ومضى؟ أليس هناك من يتولى نزع فتيل تلك القنبلة؟ وكيف يمكن قبول تلك الحقيقة كما هي والواقع اليوم يكشف لنا أن دولاً وحكومات ومؤسسات ومحركات فتنة من مشايخ وكتاب ومنظرين ومؤيدين هم الذين أبقوا ذلك الفتيل بل ووفروا الدعم والرعاية والتشجيع لكل اتجاه طائفي مدمر للمجتمعات؟.

ان الطائفية بين مختلف المكونات الدينية إسلامية وغير اسلامية، بجذورها ومعطياتها ومدلولاتها قائمة ومسنودة وخطيرة ونتائجها المهولة ملموسة على أرض الواقع، إلا أن هناك ظاهرة أخطر بكثير من الفعل الطائفي بين المذاهب، وهي ظاهرة أرغب في تسميتها بـ «بكتيريا الطائفة»، تلك البكتيريا هي الطائفيون من الطائفة ذاتها، كيف؟ والجواب هو: من الطبيعي أن تجد طائفيين متشددين من السنة والشيعة يؤججون الفتنة، وتقف على ممارسات عنصرية لمسيحيين أو يهود أو حتى بوذيين يثيرون النعرات بين تلك الطوائف، لكن أن تجد طائفياً يؤجج ويؤلب ويفعل فعله الخسيس بين أبناء طائفته ذاتها، فهذا أمر أعلى وأخطر درجة من طائفيته ضد الطوائف الأخرى.

لقد ظهرت ملامح ظاهرة «بكتيريا الطائفي» مع ازدياد استخدام وسائل الاتصال التقنية والفضائيات والتواصل الاجتماعي إلى الدرجة التي أصبحنا فيها نتابع من يزعمون أنفسهم علماء دين من جهة، وسياسيين وإعلاميين وناشطين ومدونين ومثقفين وفئات مختلفة من جهة أخرى، سواء في الخليج أو في العالم العربي والإسلامي، يشنون حرباً ضروساً عبر تلك الوسائل مع من يختلفون معهم من طائفتهم. ولا تقتصر تلك الحرب على الخلاف في وجهات النظر أو الاتجاه الفكري أو ما شابه، بل تتعدى ذلك للتشهير وانتهاك الأعراض والشتائم وقائمة طويلة من الافتراءات والاحتراب والتهديد بالقتل. هذه الفئة من «بكتيريا الطائفي»، ليست من طبقة معينة أو مرحلة عمرية محددة، بل هي من مختلف الطبقات والأعمار، ويشمل ذلك التأجيج الخلاف الديني والسياسي والاجتماعي وليس محصوراً في الدائرة الدينية وحسب.

قد يسأل البعض عن الحل؟ وأقول جازماً، لا حل لمثل تلك الممارسات الخبيثة إلا بيد أصحابها من ناحية، وتطبيق القانون على من يمارس ذلك العمل الدنيء كونه يدخل تحت إطار «تهديد السلم الاجتماعي» من ناحية أخرى، لكن باختصار، ولطالما نحن نعيش في مجتمعات تشجع الطائفية والتمييز والعنصرية والتصادم بين الطوائف، فمن الطبيعي أن ترحب وتستمتع بما تفعله بكتيريا الطائفية في عقر دارها. أما كيفية التعاطي مع اولئك، فقرارك ومسئوليتك الشرعية والدينية والأخلاقية بيدك! فإما أن ترفضهم وتحتقرهم، وإما أن تصفق لهم وتشجعهم فتصبح منهم.

احمد الصراف

أن تكون مسلماً..

في أحيان كثيرة يتأخر نشر مقال لي لأيام عديدة بسبب زيادة ما أكتب عن احداث معينة على قدرة النشر اليومية، بحيث تفقد، بعضها، جزءا من رسالتها، ولكن عندما قرأت مقال الكاتب المصري علاء الأسواني في «المصري اليوم»، 8 يناير، بعنوان «أن تكون مسلما في بريطانيا» فرحت لعدم نشر مقالي المماثل لفكرة مقالته التي بدت أكثر طرافة وسخونة. يقول الأسواني: ان تكون مسلماً في بريطانيا معناه أن تدرك مبكرا أنك مختلف، عندما تخرج من الفصل في حصة الدين تطاردك نظرات زملائك الصغار، وعندما تذهب لتأخذ درس الدين في مكان آخر مع تلاميذ مسلمين مثلك تتابعك النظرات نفسها، بعد ذلك ستصاحب التلاميذ المسلمين وتحتمي بهم حتى لا يسخر أحد من دينك أو يسيء معاملتك! أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن كثيرين لا يحبون ديانتك ولا يعترفون بها، وبالتالي ما إن تنطق باسمك، الذي يدل على دينك، حتى تصفعك غالبا ردود فعل سلبية تتراوح بين الكراهية الصريحة والعداء. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك إضافي، هامشي، زائد على الحاجة، مشكوك في أمرك، نادرا ما ينتبه أحد إلى حقوقك وكرامتك. معناه أنك ستضطر إلى الدراسة والعمل في أعيادك الدينية لأن الدولة تعترف لك بعيد واحد فقط وتعتبره عطلة رسمية أما بقية أعيادك الدينية فهي بالنسبة للدولة أيام عادية غير مهمة! تذكر كم مرة ذهبت يوم العيد إلى محاضرة أو درس أو اجتماع عمل، وكم مرة فسدت بهجة العيد على أولادك لأن لديهم يوم العيد امتحانا ما. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تبذل كل مجهودك في الدراسة وأنت تعلم أنك غالبا لن تحصل على الدرجة النهائية حتى لو كانت من حقك. وأثناء الامتحانات الشفوية في الجامعة ما إن يقرأ الممتحن اسمك المسلم حتى يتغير لون وجهه ويعطيك درجة أقل من زملائك. حتى لو حصلت على أعلى الدرجات فسوف تتحايل إدارة الجامعة لتمنع تعيينك معيداً لأنك مسلم. الذين يمنعونك من حقك في التعيين غالبا متدينون يؤدون فرائض دينهم، لكنهم ببساطة يعتبرونك كافرا ولا يمكن أن تتمتع بحقوقهم نفسها. أن تكون مسلما في بريطانيا يعني أن تعد نفسك للهجرة في أي وقت، عليك أن تختار أسماء أولادك ودراستهم بحيث تلائم البلد الذي قد تضطر للهجرة إليه إذا تعرضت لاعتداء من المتطرفين. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أنك لن تصل أبدا إلى مناصب عليا في الدولة. فمهما بلغت كفاءتك لن تكون أبدا رئيسا للجمهورية أو رئيسا للوزراء أو قائدا للجيش أو مديرا للمخابرات، لماذا؟ لأنك مسلم، ورجال دين الأغلبية يعتقدون أن الله قد حرم تعيينك في المناصب العليا، كما أن الدولة في بريطانيا، بصراحة، لا تثق بك تماما. أنت في نظر الدولة مشروع خائن قد يتصل بالأعداء في أي لحظة لأن الأعداء لهم دينك نفسه. أن تكون مسلما في بريطانيا معناه أن تعاني بشدة من أجل بناء مسجد تمارس فيه دينك. سوف تمنعك الدولة والمتطرفون من بناء المساجد، فالدولة تضع قوانين مقيدة تجعل من بناء المساجد مهمة صعبة للغاية وتمنع حتى تجديدها وترميمها، ولو كان دورة مياه، إلا بعد أخذ موافقات عديدة. أضف إلى ذلك أن المتطرفين في بريطانيا يعتبرون بناء أي مسجد اعتداء صارخا على دينهم وكرامتهم، وإن فعلت فسيهجم عليك مئات منهم ليحرقوه ويعتدوا عليك وعلى أهلك وأولادك وهم يلعنونكم لأنكم كفار، كل هذا سيحدث لأنك تريد بناء مكان لعبادة الله، وسوف يتركهم رجال الشرطة يفعلون ما يريدون ثم يصلون متأخرين ليكتبوا محضرا بعد فرار الجناة!.. إلى آخر المقال الشيق والمؤلم في صراحته في الوقت نفسه! المهم أن الكاتب، يطلب منك في النهاية إعادة قراءة المقال! واستبدال كلمة بريطانيا بكلمة مصر، وكلمة مسلم بـ «قبطي»، ومسجد بــ «كنيسة»!

***
• ملاحظة: كان عيد ميلاد المسيح عليه السلام الأخير لدى أقباط مصر الأكثر مدعاة للحزن والقلق في تاريخهم الحديث.

أحمد الصراف

www.kalama nas.com