محمد الوشيحي

مشايخ السلطة… وريشتا النسر الأخيرتان

كانت ردود أفعال الناس في الكويت تجاه مشايخ السلطة وأتباعهم لا تتعدى الهمهمات والتذمر وكظم الغيظ. كانوا يخشون النسر الذي يحلق فوق رؤوسهم باسم الدين وبأجنحة السلطة، وكان النسر يهوي عند الطلب فيمسك بكل من يرفع رأسه دفاعاً عن كرامته، فيحلق به شاهقاً، ويبعده عن "أرض دين السلطة" إلى "أرض الكفار"، قبل أن يطلقه فيسقط المعارض على الصخور المدببة جثة هامدة.
وبعد صبر، وبعد ألم شديد، أعلن الناس الحرب على نسور السلطة، فأمسكوا بها (النسور) وراحوا ينتفون ريشها، ريشة ريشة، ويكسرون مناقيرها وأصابعها، فتألمت السلطة قبل النسور، وانطلقت "فريخات النسور" تشتم بلا هوادة، وتلعن بلا توقف، وتنعق بلا تنظيم.
وكنت قد أعلنت بدء المعركة على مشايخ السلطة ونسورها، واستعدادنا لمنازلتهم، بكل أدواتهم وأدوات السلطة من خلفهم، فوعدني أتباعهم بالرد، فكتبت مقالة طويلة في جريدة "سبر"، وجهت إليهم فيها أسئلة محددة، وتحدثت عن نقاط معينة، فلجأوا إلى سراديب الصمت، حتى لحظة كتابة هذه المقالة، باستثناء الشتامين واللعانين والمكفرين المكفهرين، الذين انطلقوا يتبارون أيهم أقذع شتماً وأقذر لساناً… علماً بأن المجال مفتوح لهم للرد في الموقع ذاته.
أتحدث معهم عن العقل، والتحرر من التبعية العمياء، فيسألني أحدهم بطريقة ظنها محرجة: "إذا لم نتبع مشايخنا فمن نتبع يا الوشيحي؟ هل نتبع اليهود أم الأميركان أم الليبراليين؟"، يبدو أنه نسي أن الله وهبه العقل، وله أقول: "اذهب إلى مشايخك، وأعطهم الكوبون الذي أعطوك إياه مقابل رهن عقلك ولسانك، وبعد أن تسترد عقلك اتبعه هو، اتبع عقلك أنت فقط، وتخلص من روح العبودية للبشر".
على أية حال، وكما ذكرت، ضاق الناس ذرعاً بنسور السلطة في الكويت، فقرروا نتف ريشها، وجار الآن نتف الريش بحماسة لم أكن أتوقعها، وبقيت ريشتان اثنتان، سيتم نتفهما قريباً، وسننجح في تطهير ديننا وأرضنا من دعاة العبودية والخنوع.

سامي النصف

«الكويتية» بين أهل الاختصاص وغيرهم (2)

ويسأل البعض عن السيرة الذاتية ل وهي سيرة يعرفها القاصي والداني، حيث لم آت مباشرة من كابينة القيادة الى قيادة الشركة، بل عملت متدرجا لأربعين عاما في العديد من المناصب الإدارية وتلقيت العشرات من الكورسات من أرقى المعاهد والجامعات وتبوأت العديد من المناصب المتعلقة بالموارد المالية فأتيت بوفرات بعشرات الملايين للمؤسسة في اكثر من موقع وأسست جمعية الطيارين وترأست لجان الحفاظ على المستويات في اتحاد النقل العربي لعشر سنوات وعضوا في مجلس إدارة «الكويتية» الذي ساهم وإدارته التنفيذية في خفض خسائر «الكويتية» من 44 مليونا عام 2005 الى 21 مليونا عام 2006 و10 ملايين عام 2007، وكان من المفترض ان نتحول للربحية عام 2008 بعد انتهاء أقساط الطائرات المشتراة عام 1992، وتبنينا خطة تحديث الأسطول القائمة على «نوعين» فقط من الطائرات قصير المدى وبعيد المدى والتي ألغاها غير المختصين في علوم الطيران وتم تسليم ملف الخصخصة لغير المختصين أعوام 200(8)2012، فتم السكوت عن ارتفاع الخسائر من 10 ملايين الى 105 ملايين دينار رغم عدم زيادة ساعات التشغيل بل خفضها وعدم شراء أي طائرات، وتم القبول كذلك بمبدأ عودة من تسلم «الشيكات الذهبية» للعمل في الشركة الجديدة وهو ما رفضناه منذ يومنا الأول فوفرنا على ميزانية الشركة 50 مليون دينار سنويا كان بإمكانها ان تدفع وتحمل على البند الأول لو أرجعنا مئات الموظفين بعقود كما كان مخططا قبل تعييننا.

***

ونسأل من سأل عن سيرتنا الذاتية عن سيرته الذاتية التي تؤهله لتقرير ما إذا كان أعضاء هذا المجلس أو ذاك مؤهلين لإدارة هذه الشركة أو تلك؟! إن المصلحة العامة ومصلحة آلاف الموظفين تفرض ان يحكم على الإدارات بعد عملها لا «قبله» وهو للعلم ما كنا نقوله في «دفاعنا» عن مجلس الأمة الحالي أمام من حكم عليه بالفشل والإخفاق وعدم النجاح قبل ان يعمل.. اي اعطونا ما نطلبه لكم ـ أي فرصة العمل ـ ثم اصدار الأحكام بعد المداولة لا قبلها وهذا أدنى مبادئ العدل والعدالة.

***

آخر محطة: للشعب الكويتي كافة ولآلاف المواطنين في «الكويتية» والشركات التابعة.. إن من يريد التدخل في أعمال الشركة الكويتية الجديدة بعضهم بحسن نية وهو أمر نقبله ونرحب به إذا لم يتم إصدار الأحكام المسبقة والبعض الآخر هو احد اثنين:

الأول من لا يكل ولا يمل ولأهداف لم تعد خافية من محاولة إفشال «الكويتية» وإفلاسها وتفشيلها عبر الهجوم المتواصل عليها بقصد حرمانها من تحديث أساطيلها تكرارا لما حدث عام 2007 وكانوا مشاركين فيه وكي تبقى في خسارة دائمة وضمن رفض معلن لتحولها الى «الربحية» كي تباع في النهاية كحديد خردة وبـ «دولار واحد» كما حدث لبعض شركات الطيران، وآخرها شركة TMA اللبنانية قبل عدة أشهر دون ان يهتم هذا البعض بمصير آلاف العاملين بها وكثير منهم ناخبون في دائرته الانتخابية.

ـ الثاني هم أصحاب العمولات والرشاوى وأفضل مثال على ذلك ما أخبرنا به وزير سابق وعضو معنا في مجلس إدارة «الكويتية» عام 2007 عمن اتصل به طالبا أن ينشىء شركة مع اعضاء مجلس الإدارة آنذاك لتحصيل «عمولات ورشاوى» شراء الطائرات فتلقى الرد القاسي الذي يستحقه وهو ما جعله يصر هذه الأيام على تغيير مجلس الإدارة كمحاولة لإعادة الكرة لعل وعسى، وأين بحق لجنة القيم عن تلك الممارسات والمؤمرات التي يقصد منها التكسب الشخصي على حساب العامة؟!

 

حسن العيسى

هل توجد نية للحوار الجاد؟!

إذا كان الكلام عن توجه السلطة الحاكمة إلى المصالحة مع المعارضة حقيقياً، فلتقدم عملاً ملموساً لتحقيق تلك المصالحة، فلا تكفي إشارات متباعدة من الوزير الشيخ محمد العبدالله "على ما أعتقد" كي تشي بذلك، كأن يحاور بعض الشباب الناشطين من صفوف المعارضة، فتلك خطوة صغيرة جداً لا تقدم دليلاً أكيداً على صدق النوايا في الحوار والمصالحة الحقيقيين.
رموز كبار من النواب المعارضين، مثل مسلم البراك وفيصل المسلم وغيرهما، أضحت دور المحاكم الجزائية ومكاتب وكلاء النيابة موطناً مستقراً لهم، من كثرة الدعاوى الجزائية التي أقيمت بحقهم، وليس من المستبعد أن تصبح السجون هي الموطن الآخر لهم بعد المحاكم ومنازل سكنهم، وأصبح من الأمور المعتادة، كشروق الشمس شرقاً وغيابها غرباً، عندي أن أقرأ كل يوم في صفحات "تويتر" عن مرافقة محامين لهؤلاء النواب السابقين في تحقيق معين عند النيابة العامة أو في قاعات المحاكم، كما أصبح عدد من شباب "تويتر"، أو من المتظاهرين ضد السلطة، توهموا مدى حرية التعبير، نزلاء دائمين للسجون ومخافر الدولة.
بذلك المنهج الذي تسير عليه السلطة بقمع الرأي المعارض بحجة دولة حكم القانون، وبتلك القوانين التي تناقض أبسط مبادئ حرية الضمير، وتتنافر مع مضمون دستور الدولة، يصبح كل الكلام عن الحوار والمصلحة هباءً منثوراً.
اليوم نتمنى أن تكون سلطة الحكم قد أدركت مغزى حكمة "عدو عاقل ولا صديق جاهل"، وهنا أستدرك متحفظاً ان المجلس المبطل لم يكن عدواً للسلطة، وإنما كان يحاول الإصلاح، وفي أكثر من مرة شط وتجاوز المعقول في طرحه أو في اقتراحات عدد من نوابه، وسكب الملح على جروح طائفية غائرة بعمق في اللاوعي الكويتي خاصة والعربي عامة، كان هناك شطط وتطرف مذهبي لم نكن بحاجة إليه، كما أن عدداً من نوابه أضحت قضية مصادرة الحريات الفردية هي قضيتهم الأولى والأخيرة، إلا أنه في الوقت ذاته كان الكثير من نواب المجلس المبطل ينشدون وضع حد لإمبراطورية الفساد في الدولة، وكانت إحدى تجلياتها المقيتة، كما نعرف، قضية الإيداعات، كما تسمى تأدباً، بينما هي، حقيقة، جرائم رشوة لبعض النواب، أما المجلس الحالي فهو ما يمكن اعتباره الصديق الجاهل، هو صديق للسلطة، إلا أن صداقته مضرة وليست نافعة، فقد شاهدنا الطرح الطائفي لبعض نوابه، ولمسنا باليد عنصرية بعضهم وتعاليهم على فئات كبيرة من الشعب الكويتي، ومزايداتهم الفجة في أن يكونوا ملوكاً أكثر من الملك.
تحيا الكويت هذه الأيام مناسبة مضي سبع سنوات على تولي صاحب السمو منصب الإمارة، كما ستمر بعد أيام مناسبة العيد الوطني وذكرى التحرير، فلم لا تكون أيامنا هذه مناسبة لإسقاط الدعاوى الكثيرة عن نواب الأمة المرتهنين في قاعات المحاكم، وأن تمنح الحرية للشباب المحبوسين في قضايا حرية الرأي! لن نجد أفضل من تلك المناسبة والمناسبات كي تظهر السلطة جدية ومصداقية كلامها عن المصالحة، ولتكن أيامنا هذه مناسبة للحوار الحقيقي، ستكون خطوة عملية في الطريق الصحيح، ويبقى هناك الكثير من الأمور العالقة على طريق الإصلاح، لكن لتشرع السلطة الآن في إظهار حسن النية، فماذا تنتظر؟!

احمد الصراف

مهندسو التمكين

ما الذي سيحدث لو جرت انتخابات جديدة في مصر؟ لا شك ان الإخوان سيفاجأون بمدى انحسار شعبيتهم بعد خفوت نور الهالة التي كانت فوق رؤوسهم، وبعد أن انكشف كذبهم ورياء بعض كبارهم قبل صغارهم، ولو لم يكن الفضل لـ «تنكات الزيت» وارغفة الخبز التي وزعوها على فقراء الأرياف استجداء لأصواتهم، لما حققوا نجاحا يذكر! وهنا يقول الكاتب السوداني حيدر علي: إن فترة السرية التي عمل من خلالها الإخوان اضفت عليهم قدرا من المجد والتقدير، الأمر الذي مكنهم من تكوين رأسمال رمزي حولوه لتأييد شعبي وأصوات أوصلتهم للسلطة. ولكن يبدو أن شمس العلنية والاحتكاك المباشر بالناس، أذابا وهجهم، فانحدر رصيدهم لدرك سحيق، وفقدوا كل مظاهر الاحترام والرهبة، ولم يعد هناك من يخشاهم، وهذه هي أكبر خسائرهم. فالسلطة لم تضف للإسلاميين هيبة، بل صاروا هدفا سهلا للنقد والسخرية من قبل حتى أكثر العناصر ترددا في مواجهتهم في الماضي. خصوصا ان دخولهم للمعترك السياسي جاء بالشعارات والنصوص، دون أي نموذج استرشادي لكيفية حكم دولة فقيرة وذات مشاكل كثيرة، مثل مصر، في القرن 21. فالفكر السياسي الإسلامي لم يقدم خلال 1400عام تجربة حكم لا تستند الى الاستبداد، حتى كاد أن يصبح الاستبداد طبيعة. وهكذا لم يشغل الإسلاميون العرب، والإخوان منهم، أنفسهم كثيرا بشؤون الفكر والتنظير، مفضلين الاهتمام بالحركية والتنظيم والعمل السياسي المباشر. وقد كان هذا الخيار نتيجة انتصار تفكير تيار الدولة والسلطة السياسية والحكم أولا، الذي مثله حسن الترابي وراشد الغنوشي و«حماس»، على تيار تربية المجتمع تمهيدا لقيام الدولة والسلطة، أو التيار الدعوي كما أعلنه في بداياته مؤسس الحركة! ووقعت الحركات الإسلامية بعد وصولها الى السلطة في حيرة وارتباك لغياب أي مرجعية إسلامية سياسية حديثة تستند اليها في الاستراتيجية والقرارات. ولكن معضلة الإسلاميين الحقيقية كانت في قبول مشاركة الآخرين لهم في إدارة شؤون البلاد، فقد سبق وأن قبلوا، تكتيكيا، مبدأ «السيادة للشعب»، ولكنهم ظلوا في داخلهم مؤمنين بــ«السيادة لله»! وسيتسبب هذا، برأي حيدر، في وقوع صراع مرير مع السلفيين الذين أصبحوا، للمفارقة، فزّاعة الإخوان في مصر، والنهضة في تونس، لأن السلفيين لا يرضون بالبراغماتية التي تغلب على ممارسات الإخوان. ويضيف أن المتأمل لكتابات الإخوان يلاحظ ترديدهم لمفهوم «التمكين» لتأصيل وصولهم الى السلطة، في تعارض مع مفهوم التفويض الشعبي، أو «تداول السلطة»! ويستند هذا الى نص الآية التي تقول: «والذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور»! وهنا تكشف الآية وظائف الدولة الدينية بصراحة وبلا لبس، أي دولة التمكين، وهذه تمهد للتحول من الاستضعاف، الذي تعرضوا له، إلى أن يكونوا أئمة ووارثين للأرض، حسب منطوق آية من سورة القصاص تقول: «ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين». والآن هل هناك من لا يزال يثق بحسن نوايا الإخوان في الكويت؟

أحمد الصراف