حكومة منتخبة، هكذا دون تفاصيل أو نقاش، أصبح هذا المطلب سائداً لدى المعارضة في معظم أطيافها النشطة، ولأني لا أود شخصياً على الأقل أن يتكرر خطأ "نبيها خمس" حينما كان المطلب إقرار الدوائر الخمس الحكومية دون النظر في عيوبها، خصوصاً في مسألة التوزيع الجغرافي، وكانت النتيجة مجالس ثلاثة متعاقبة تفشت فيها أمراض سياسية واجتماعية كثيرة لا نزال نعيش تحت تأثيرها. لنضع مطلب الحكومة المنتخبة على طاولة الاختبار، ولنقيّم الأمر على فرضيتين: الأولى أن تكون الحكومة المنتخبة المقصودة هي حكومة يشكلها رئيس الدولة، على أن تلتزم في تشكيلها تركيبة المجلس المنتخب، والفرضية الأخرى أن ينتخب الناس حكومتهم بشكل مباشر كجزء من انتخابات مجلس الأمة، وهي الفرضية التي تتطلب تعديلاً دستورياً بالطبع. الفرضية الأولى أن يشكل رئيس الدولة الحكومة بناء على نتائج انتخابات المجلس وبالتوافق معه، لنفرض أننا نريد تطبيق هذا النموذج أو المطلب بهذا الشكل على المجلس الحالي، فكيف سيتحقق ذلك؟ فمن أغلبية هذا المجلس أصلاً؟ فلا انتماء حزبياً أو مؤسسياً واضحاً سوى التحالف الوطني الإسلامي، وهو يشكل عُشر المجلس فقط، في حين أن تسعة الأعشار الباقية غير واضحة الانتماء البرامجي أصلاً، كفيصل الدويسان أو عسكر العنزي أو نواف الفزيع أو عدنان المطوع، بمعنى آخر أن أغلبية مجلس ديسمبر بلا هوية سياسية واضحة، فهل المطلوب أن تكون الحكومة بلا هوية كحال الحكومات المتعاقبة؟! وإن أسقطنا نفس المثال على مجلس فبراير فسنواجه نفس المعضلة، فأغلبيته المبطلة كانت تتكون من مجاميع صغيرة مختلفة في الأفكار كـ"السلف" و"الإخوان" و"الشعبي" وبعض المستقلين كالشايع والعدساني مثلاً، وشكل الحكومة حينها كان يجب أن يراعي تلك التكوينات الصغيرة، ويصبح بلا هوية كذلك، وتستمر الحال كما هي عليه. أما الفرضية الثانية والتي تعني انتخاباً مباشراً للحكومة من قبل الشعب، وفي شكل نظامنا السياسي الحالي، فهو يعني أن يهيمن بعض المرشحين على وزارات الدولة كأن يصبح الطاحوس وزيراً للشؤون أو عسكر وزيراً للداخلية أو خالد السلطان وزيراً للأوقاف أو عبدالحميد دشتي وزيراً للخارجية، وعليكم أن تتخيلوا الفوضى حينها، وسيحظى من ينجز العدد الأكبر لـ"الواسطات" بالوزارة طيلة حياته، وهو ما يعني تسريع إجراءات الفساد طبعاً. مشكلة الحراك المعارض اليوم أو أغلبيته التي أشاهدها على الأقل هو أنه يقدم المطلب دون تفاصيل أو نقاش، ويفترض قسراً أنه الحل، وعلى جميع من يعارض الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة أن يتكيف مع المطلب وينادي به، وإن لم يقبل بذلك فهو سيواجه أقصى درجات التخوين والإقصاء من المعارضين. تعديل الوضع القائم لن يتم عن طريق مفردة تخطر على البال دون حوار فعلي وحقيقي ونقاش مستفيض من كل الأطياف للانسجام مع حريات الدولة وكيانها الدستوري، وبالتالي طرح حلول وبراهين تثبت أنها الحلول الفعلية لمشاكلنا ووضعنا القاتم.
الشهر: يناير 2013
الأردن بلد العطاء غير المحدود
عندما حدثت النكبة عام 1948 فتح الأردن أبوابه الواسعة لاستقبال اخوته الفلسطينيين، وبعد النكسة عام 1967 فتح أبوابه مرة أخرى ورغم محدودية قدراته الاقتصادية أمام النازحين من الضفة الغربية ممن بدأ البعض منهم في إنشاء منظمات إرهابية وارتزاقية أذلت الأردنيين ولم تضر بالإسرائيليين حتى أصبح الأردن على شفا حرب أهلية لولا حسم الأمور عام 1970 وعودة الأمن والاستقرار لعمان.
***
وقامت المنظمات الفوضوية والمأجورة التي طردت من الأردن بالمساهمة في إشعال حرب أهلية في لبنان، وتدفق اللاجئون اللبنانيون على الأردن المعطاء الذي استقبلهم كذلك برحابة صدر وقبلهم الشيشان والشركس والأرمن والأكراد، وتلاهم هجرة العراقيين اليه بسبب حروب صدام على شعبه وجيرانه، ثم قيام فلول البعث المجرم بعد عام 2003 بقتل الآخرين مما أدى الى ردات فعل ساهمت في زيادة النازحين من أرض الرافدين.
***
هذه الأيام يستقبل الأردن بكرمه المعتاد ورحابة صدره اللاجئين السوريين الذين بإمكانهم متى ما استمرت عمليات القتل والنحر في بلدهم أن يفوق عددهم ـ مع مرور السنين ـ عدد سكان الأردن ذاته، ان الاردن البلد الكريم المعطاء وقيادته الهاشمية الشهمة بحاجة لدعم اخوانه الخليجيين بأكثر مما يمنح هذه الايام والذي يقل عما يدفعه البلد لدعم المحروقات لشعبه والنازحين على أرضه، ان الاردن صمام أمان متقدم لدولنا الخليجية فسقوطه في مستنقع الفوضى لا سمح الله سيجعل دولنا مكشوفة لأصحاب أجندات الربيع العربي المدمر.
***
آخر محطة: (1) انتهت قبل أيام الانتخابات الأردنية بعد أن قاطعها الاخوان المسلمون، وكان الفائز الأكبر فيها العشائر وحزب الوسط الاسلامي ورجال الاعمال والطبقة المحافظة والعسكريون المتقاعدون، أما الخاسر الأول فهو الأحزاب اليسارية والقومية وبالطبع الاخوان المسلمون المقاطعون ممن لم يعد لهم كرسي واحد من 150 كرسيا برلمانيا تمت المنافسة عليها.
(2) عند مقارنة ما حصل عليه الاوائل في دوائرهم الانتخابية بالأردن نجد أن الاول في الدائرة الاولى في عمان حصل على ما يقارب 20 ألف صوت بينما فاز الأول في الكرك بألفي صوت، والاول في اربد حصل على 12 ألف صوت، بينما الاول في معان حصل على ألف وخمسمائة صوت، والاول في الاغوار حصل على 11 ألف صوت والاول في الطفيلة حصل على 3 آلاف صوت، وفي هذا رد على من يعتقد أن تفاوت عدد الاصوات في دوائرنا أمر غير معتاد في الديموقراطيات ويجب تصحيحه رغم حكم المحكمة الدستورية المقر بأن تفاوت أعداد الناخبين لا يخل بمبدأ العدالة.
لولاها لضاع محمود
كان محمود شاباً يتصف بكل الصفات التي تتعارض واسمه تماما، وكانت هوايته ارتياد الأسواق والمجمعات التجارية، والخز، وافتعال أي خلاف لكي يدخل في ملاسنات أو معارك (هوشات) شبابية. وقد تسبب ذلك في دخوله المخفر لأكثر من مرة، وعندما يكون سعيد الحظ يدخل المستشفى لعلاج جروحه من ضربة سكين أو قطعة صلبة. مشاجراته المستمرة تسببت في نهاية الأمر في تركه الدراسة، وتسكعه في الطرقات والمجمعات، بحثا عن مكان بارد صيفا، ودافئ عندما يبرد الجو. وبالرغم من كل عيوب محمود وميوله الخطرة للعنف، وقسوة حياته وظروفه المعيشية الصعبة، فانه كان يتمتع بحس فني، وكان يميل للأعمال الاستعراضية التي تجذب انتباه الآخرين له، وربما كان ذلك السبب الذي دفعه اساسا للتورط في مشاجرات علنية! وفي يوم ما رافق صديقاً له لــ «لوياك»، وهناك أخذ يراقب عن بعد مجموعة من الشباب، من الجنسين، ممن كانوا في مثل عمره، يقومون بأداء «بروفة» لعمل مسرحي، فلم يتردد في الذهاب للادارة ليخبرها برغبته في التدرب على التمثيل المسرحي! وعندما تحدثت معه المسؤولة، وعرفت ظروفه وبعضا من مشاكله، وجدت أنها لن تنجح فقط في انتشاله من مصير مظلم، بل ستكسب موهبة واعدة، وهكذا تم احتضانه وإلحاقه بفرقة المسرح، ولم يطل الأمر كثيرا لتظهر بوادر التغيير الايجابي على محمود، حيث ترك عاداته السابقة وعاد للانتظام في دراسته، وامتنع كليا عن ارتياد المجمعات من دون هدف، وبات يقضي معظم وقته في «لوياك». وتقول مسؤولة «لوياك» انها أرادت مشاركتي في معرفة هذه الحالة، غير الفريدة، بعد ان علمت بحادثة القتل التي جرت في أحد المجمعات التجارية، لأن محمود كان مرشحا بقوة لأن يكون «بطلا»، أو «ضحية» لحادثة مماثلة! وتقول المديرة ان المؤسسة تضطر في أحيان كثيرة لصرف مكافآت بسيطة لمثل هؤلاء لمساعدتهم في دفع نفقات المواصلات، لأن معظمهم يعانون ظروفا معيشية قاسية، والكلفة المادية للاهتمام بهم ليست سهلة، خاصة اذا أضيفت اليها رواتب المدربين وغيرها من نفقات. هذا ما فعلته وتفعله «لوياك»، فما الذي بامكاننا القيام به؟
للمهتمين بدعم «لوياك»، ماديا ومعنويا، الاطلاع على انشطتها على موقعها الالكتروني: www.loyac.org
* * *
• ملاحظة: تبرع مؤسس الفيسبوك، الذي لم يبلغ الثلاثين من العمر، بنصف مليار دولار للأعمال الخيرية. وقام غيره عندنا، في الفترة نفسها، بدفع مبلغ مماثل ثمنا لطائرته الخاصة، ولا تزال لوياك بانتظار أهل الخير.
أحمد الصراف
أيها السادة.. لا تدوّلوا!
على الذاهبين للشكوى ضد بلدهم في المنتديات الدولية ان يكونوا مستعدين للإجابة عن أسئلة المجتمع الدولي قبل ان يحاسبوا من قبل مواطنيهم وناخبيهم، ومن تلك الأسئلة المنطقية:
٭ هل تخضعون بحق لنظام حكم ديكتاتوري قمعي جائر يزيف الانتخابات ويملأ المعتقلات بـ «الأبرياء» من مواطنيكم؟! ويكمم الأفواه ويصادر الصحف وأرضه تعج بالمقابر الجماعية ومعها ملايين الجائعين والمعذبين؟! أم انكم تعيشون تحت نظام حكم أبوي ديموقراطي يعاني مواطنوه من رغد العيش وفائض في الحرية والديموقراطية؟!
٭ في المقابل أيها السادة هل يظهر تاريخكم وسيرتكم الذاتية انكم تقبلون بالرأي والرأي الآخر؟! وماذا كنتم ستفعلون بحق مخالفيكم في الرأي لو كنتم مكان نظامكم بالحكم؟!
٭ هل بينكم من يرفض الديموقراطية أصلا وحكم الأغلبية ويلجأ للشارع والتجمهر كلما خسر التصويت؟! وهل فيكم من مارس التعدي الجسدي على زملائه النواب تحت قبة البرلمان فقط بسبب الاختلاف في الرأي؟!
٭ هل فيكم من يرفض أحكام قضاتكم الأفاضل إذا لم تلق هوى في نفسه ومازال لم يتعهد بالقبول بحكم محكمتكم الدستورية القادم وكأن هدفه المبطن هو البقاء في الشوارع وزعزعة الاستقرار في البلد، لا المصلحة الوطنية، بل لخدمة أجندات خارجية؟!
٭ هل منكم من اتهم المعارضة في بلد خليجي شقيق لكم بأنهم انقلابيون وعملاء للخارج كونهم نزلوا للشوارع وطالبوا بحكومة شعبية ثم قام هو تماما بالفعل الذي نهى عنه؟!
٭ هل بينكم من يرفض مبادئ الدولة المدنية والديموقراطية والحريات الشخصية ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي هو مرجعية المجتمع الدولي الذي تشتكون اليه؟!
***
آخر محطة: (1) ليس من الحكمة أن يجدع الإنسان أنفه كي يغيظ أهله أو أن يشتكي بلده ليرضي غروره ويلبي أطماعه الشخصية.
(2) قلنا: لا تقاطعوا فأنتم من سيخسر، فقاطعوا وخسروا، ونقول هذه المرة: لا تدوّلوا حتى لا تخسروا.
حراك الكويت.. وحراك مصر
الحراك في مصر:
ــــ المتظاهرون يلقون بالزجاجات الحارقة داخل ساحة قصر الاتحادية، (قصر الحكم).
ــــ المتظاهرون يحرقون مقرات الإخوان المسلمين (الحزب الحاكم) ويعتدون على من فيها.
ــــ المتظاهرون يمنعون الناس من الوصول إلى البورصة.
ــــ المتظاهرون يحاولون اقتحام منزل رئيس الجمهورية بالشرقية.
• الحراك في الكويت:
ــــ المتظاهرون أعلنوها سلمية والتزموا بإعلانهم، ولم يكسروا غصن شجرة مروا عليها.
ــــ في كل المسيرات القوات الخاصة هي التي تبدأ العنف بإلقاء القنابل المسيلة للدموع، ولا يملك المتظاهرون غير الانسحاب، عندما تقوم أي مجموعة بعمل بخلاف توجه سلمية المسيرة يصدر من المنظمين استنكار لهذا العمل، كما حدث مع إغلاق الدائري السادس والاعتداء على سيارات الشرطة.
• الحراك في مصر:
ــــ المطالبة بتغيير النظام الذي جاء عن طريق صناديق الاقتراع بانتخابات شهد الجميع بنزاهتها.
ــــ المطالبة بإلغاء الدستور الذي وافق عليه الشعب باستفتاء عام تحت إشراف قضائي.
• الحراك في الكويت:
ــــ التأكيد على ان الولاء للحكم وان الشرعية لا خلاف عليها.
ــــ المطالبة بإلغاء البرلمان الذي جاء وفق أداة صدرت بشكل غير دستوري (مرسوم الضرورة).
هذه مقارنة بسيطة وسريعة بين ما يحدث في مصر وما يحدث في الكويت، فلا يجوز ان يستكثر علينا احد ان دعمنا الحراك في الكويت لسلميته ودستوريته واستنكرنا كثيراً من الأحداث المصاحبة للحراك في مصر! خاصة إذا توافرت لنا معلومات تؤكد ان الكثير من المشاركين في الحراك المصري يهدف إلى إعادة الروح في النظام السابق والقضاء على مبادئ الثورة! ولماذا الاستغراب؟ ألم يصوت أكثر من احد عشر مليونا لمرشح الفلول؟!
كما ان التيار العلماني في جميع الدول العربية يرفض الممارسة الديموقراطية ان جاءت نتائجها في غير مصلحته، لذلك تجد حججهم في مصر ان الرئيس يسعى إلى اخونة الدولة! وانه حتى الآن لم يحل مشاكل المواطن المصري البسيط! ولقد استمعت إلى برامج حوارية متلفزة حول هذه القضايا، ولم اجد عندهم حجة تستحق النظر! فعندما تطلب من أحدهم ان يعطي مثالا على اخونة الدولة يقف عن الكلام! فالحكومة واللجنة التأسيسية ومجلس الإعلام ومستشارو الرئيس والمحافظون كلها تم تشكيلها بعيدا عن أي سيطرة للإخوان عليها! مع ان المنطق يقول ان الرئيس يجب ان يختار الفريق الذي ينسجم مع توجهاته وأفكاره والتي على ضوئها تم انتخابه من قبل معظم فئات الشعب كما هي الحال في كل الدول الديموقراطية التي يشكل فيها الحزب الحاكم الحكومة ويختار كل الجهاز التنفيذي من كوادر الحزب (الولايات المتحدة كأقرب مثال)! ومع هذا يثير العلمانيون في مصر هذه القضية ويكررونها من دون خجل، بل وتجد بعضا من أشباه العلمانيين عندنا من يتكلم بها! وهذا يذكرني بالكثير مما يكرره الليبراليون وأبناء عمومتهم العلمانيون عندنا في الكويت منذ سنوات، من ان الإسلاميين مسيطرون على وزارتي التربية والإعلام! ولئن طلبت منهم إعطاءك الدليل على ادعائهم لصمتوا او تهربوا من الإجابة! اكذب اكذب حتى يصدقك الناس!
***
• مجلس الصوت الواحد عندنا في الكويت ما باقي غير يعلق المشانق للناس بالشوارع ويفتح قصر نايف من جديد! بسبب هالاقتراحات اللي تصدر من بعض اعضائه ضد الشعب، ويغطونها باقتراح يدرون قبل غيرهم انه ما راح يمر وهو إسقاط القروض!
***
• أحلى تغريدة: امرأة تذبح في سوريا! وأخرى تغتصب في اريتريا! وثالثة تموت جوعا في الصومال! ولم تحرك الدول الغربية ساكنا! بينما تعترض بشدة على عدم السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة؟!
لكي «لا ينجح» الحوار!
في العادة، يتداول المهتمون بالشأن السياسي، في كل مكان في العالم، وفي كل دولة تواجه أزمةً واضطراباً سياسيّاً… يتداولون ويتباحثون في أسس نجاح حوار ينهي تلك الأزمة ويعيد الأمور إلى نصابها باتفاق بين سلطة ومعارضة، لكي تتعافى الدولة وتبدأ مرحلة جديدة من العمل السياسي، لكن أن يكون التداول والتباحث في محور (لكي «لا ينجح» الحوار)، فهذا ما يمكن أن يوصف بأنه مؤشرات مسبقة لبقاء الأمور على ما هي عليه، بل ولربما تعقدت الأزمة وتشعبت وتضاعفت تبعاتها الخطيرة، وهذا ما يمكن أن توصف به حالة الحوار في بلادنا.
حتى اللحظة، لا يمكن لأي طرف أن يقدم قراءة واضحة لأسس الحوار الوشيك، وما إذا كان سيؤدي إلى إنهاء الأزمة السياسية في البلد أم لا؟ وحتى اللحظة أيضاً؛ ليس ممكناً تقديم ما يؤكد أن حوار التوافق الوطني الذي انعقد في شهر يوليو/ تموز 2011 قد أسهم فعلاً في وضع أسس وتوافقات لانطلاق سلسلة من الحلول، حتى يستكمل خطوة بخطوة! والأكثر تعقيداً من غياب القراءة الواضحة، هو الحيرة في وصف «المعارضة» التي هي ذاتها القوى السياسية وائتلاف شباب 14 فبراير، وهي ذاتها التي قادت حركة الاحتجاجات المطلبية طيلة عامين من عمر الأزمة، وهي ذاتها التي استخدمت تكتيكاتها السياسية في طرح مرئياتها المشتركة للمطالب وضمنتها «وثيقة المنامة»، وهي ذاتها التي صمدت بإصرار على تقديم الحل السياسي على الحل الأمني… هي ذاتها القوى المعارضة التي يجب أن تمثل الركن الرئيس في الحوار مع الحكومة. هل هي معارضة وطنية سياسية معترف بها؟ أم هي «ذراع خيانة» متصل بالخارج؟
أمامنا الآن معضلة معقدة تضاعف تعقيد قراءة الوضع المستقبلي للأزمة وآفاقها، ووفق، على الأقل، تصريح وزيرة الدولة لشئون الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب في تصريح نشرته «الشرق الأوسط» السعودية الخميس (24 يناير/كانون الثاني 2013)، فإن الحكومة «ستشارك في مؤتمر الحوار السياسي كمنسق لبرامج وفعاليات الحوار»، وهذا يعني في تصوري، غياباً حقيقيّاً للسلطة حين تكتفي بكونها «منسقاً لبرنامج مؤتمر»! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، الحكومة ستتولى تنفيذ التوصيات (التي سيتم التوافق عليها)، وماذا أيضاً… (لن تشارك في الحوار كطرف مقابل ماذا)… مقابل المعارضة السياسية. اذن، هناك معارضة سياسية معترف بها، وهناك أزمة، وهناك مرحلة مقبلة لتنفيذ توصيات ما… لكن الحكومة لن تشارك! هنا، يمكن أن نعطي دلالة منطقية على ما يمكن اخضاعه تحت مقولة «لكي لا ينجح الحوار»… أليس كذلك؟
في الحقيقة، لسنا في مرحلة تستدعي أن نتفنن في لي المصطلحات، وتلوين المفردات، وتقطيع الوقت، والتنظير المفضي إلى لا شيء! ولسنا أيضاً في حاجة إلى استجلاب الخبراء والسياسيين والمتابعين للوضع الإقليمي حتى يعيدوا تكرار قراءاتهم عن تعقيدات الوضع في العالم العربي وخطط القوى الإقليمية، والمخاطر المحيقة بمنطقة الشرق الأوسط… و… و، بالقدر ذاته من عدم حاجتنا إلى حوار توافق وطني، سواء في إعادة مراجعة المحاور السابقة التي لم يثبت تأثيرها في حل الأزمة ولو بنسبة يسيرة منظورة، أو استكماله في المحور السياسي؛ لطالما أن طبيعة استخدام المفردات والمصطلحات والتصريحات كلها تسير في اتجاه المبهم القابل للكثير من القراءات عدا… أن تكون قراءات صحيحة!
مع الاعتبار لكل المؤثرات الإقليمية؛ فإن بلادنا تمتلك من المقومات ما يجعل جبهتها الداخلية محصنة تحصيناً قويّاً بإنهاء الملف السياسي بتوافق قائم على الاستحقاق والعدالة الاجتماعية والإنصاف والمساءلة بين طرفين رئيسيين: السلطة وقوى المعارضة، ولعلني، وليسمح لي القارئ الكريم، أن أعيد ما طرحته في مقال سابق بعنوان: «الراقصون على حساب الوطن» (24 يونيو/حزيران 2012)، ونصه: «وربما كان من بين هذا المسار، حوار عام توافقي «للنظر في الأجواء التي سيحققها حوار السلطة والمعارضة»، تماماً كما كان ومضى على غرار حوار التوافق الوطني في صيغته التي رأيناها (ملتقى أو منتدى لا أكثر ولا أقل)، على أن تكون الأهداف بالدرجة الأولى لدى السلطة والمعارضة، هي الاحتكام لمبادئ سمو ولي العهد السبعة، باعتبارها الخيار المتاح والأسلم لإنقاذ البلد… تيسيراً للجهد والوقت وتحقيقاً للفائدة وإصابتها إصابة تامة، فإنه ليس هناك من داعٍ لدعوة 300 أو 400 أو ألف شخص لحوار ينتظم عقده وينخرط بسرعة ويذهب جفاء، قبل حوار مباشر بين السلطة والمعارضة التي طرحت كل ما لديها في وثيقة المنامة بكل وضوح». (انتهى الاقتباس).
في ترقب الحوار «المبهم» بالنسبة لي وللكثيرين قطعاً، يجب على القوى المعارضة أن تشارك وتقدم ما توافقت عليه ضمن «وثيقة المنامة»، وتراقب في الوقت ذاته ما إذا كان في الأفق بصيص أمل لحل سياسي ضمن حوار حتى لو كان مبهماً! ذلك حتى تعيد وتثبت تأكيد دستورية مطالبها وحرصها على المصلحة العليا للوطن ووجودها الوطني الذي لا نشك فيه. فقد سقطت جملة من النعوت التي ألصقت بها وأولها أنها «متآمرة مع الخارج»… أليس كذلك؟ فهي اليوم «معارضة سياسية»! وحتى نفهم نحن المواطنين بالضبط، من الذي يسعى ويصر على أن يطوِّل أمد الأزمة، ولكي… لا ينجح الحوار.
شرور الإخوان
«.. إن دخل الإخوان جمعية تعاونية أو تعليمية أو هندسية، أو ناديا، أو حتى قصرا رئاسيا، خربوه وأفسدوه وجعلوا أعزته أذلة واشرافه سوقة..».
حكم مصر في الثمانين سنة الماضية ملك وثلاثة رجال، اتسمت فترة حكم الثلاثة الأخيرين منهم، بسبب خلفياتهم العسكرية، بالفراغ الفكري والضحالة، وبالتالي ذهبوا دون أن يتركوا اثرا حقيقيا، فقد كان خيار الدكتاتورية ربما الوحيد المتاح أمامهم! ولكن المرحلة الحالية تبدو مختلفة، فقد وقعت البلاد في قبضة حزب يعتقد، بسذاجة، وهنا الخطورة، أنه يمتلك الإجابة عن كل مشاكل مصر، وانه مدعوم من الله، وكل ما يطلبه الوقت لتطبيق البرامج «الاستراتيجية»، التي لا يعرف أحد عنها شيئا، ربما لعدم وجودها! وإطباق الإخوان قبضتهم على مقاليد الأمور يعني بقاءهم ربما إلى الأبد في الحكم، فكيف يمكن الانقلاب على حكم الله وإرادته، كما يدعون؟ ففي مقابلة لنائب المرشد قال انه راض تماما عن أداء رئيس الجمهورية، وأنه «قدر اختاره الله»! وقالت منال ابوالحسن، وهي إخونجية معروفة إن مرسي مدعوم من الله. وقال الشيخ الحويني، مخاطبا جمعا من السلف: ان رئيسكم ملتح ويعتمر ويزور مسجد الرسول ويصلي إماما ويعطي دروسا دينية ويتكلم في الكتاب والسنة، أفلا تكبرون؟ وشبّه سلفي آخر مرسي بالنبي يوسف عليه السلام، الذي خرج من السجن لعرش مصر، ومحمد مرسي خرج من السجن لعرش مصر! وقال داعية آخر انه حزم رأيه من اول يوم ترشح فيه مرسي للرئاسة، فهو رجل المرحلة ورجل هذا الزمان، وانه يقول فيه، كما تقول الستات «دا فارس أحلامي»(!) وهناك أقوال كثيرة تصب في السياق نفسه، والسؤال: ما الذي سيقوله هؤلاء إن فشل الرئيس في مهمته، أو لم يستطع تحقيق شيء، واضطر للاستقالة، خاصة بعد الفضيحة التي انفجرت في مصر اخيرا، والتي تعلقت بالتضارب الشاذ في اقواله، ففي مقابلة تلفزيونية قال ان من أهم منجزاته الشخصية حصوله على الدكتوراه من أميركا، التي درس فيها على يد اعظم استاذ، ولكنه لم يذكر اسمه! وأنه درس في جامعاتها كأستاذ مساعد! وأنه عمل لفترة طويلة مستشارا لوكالة الفضاء الأميركية في مجال التطبيقات العملية وليس النظرية. وفي مقابلة لاحقة مع قناة سلفية أنكر أي علاقة له بالوكالة، وأنكر انه قال يوما بوجود علاقة، فهو لم يكتب أو ينشر أو يصرح بأنه عمل يوما معها، وليس في سيرته الذاتية شيء من ذلك! وهنا نكتب لنحذر كل واهم بصلاح أغلب القائمين على تنظيم الإخوان المسلمين، أو بالتنظيمات الحدسية المتسترة، وإلى عدم الثقة بأي من وعودهم، فليس لدى هؤلاء برامج حكم ولا خطط ولا فكر ولا هدف غير الوصول للسلطة وسن القوانين المقيدة للحريات والتضييق على المرأة والاهتمام بالشكل الخارجي لها، وبالتالي هم سرطان يجب استئصاله.
***
• ملاحظة: أعلن وزير الأوقاف عن تشكيل لجنة (تاني؟) وصفها بالمحايدة، وهذا يعني عدم حيادية ما سبقها من لجان، وذلك للنظر في ما أثير من سلبيات ومخالفات في الأوقاف! وهذا وصف مهذب ربما لسرقات/ اختلاسات! وقال ان اللجنة ستضع تقريرها خلال شهر! ونحن على ثقة بأن لا شيء سيحدث، فإما ان تستقيل الحكومة، أو يستقيل المشتبه بهم، أو يتم تناسي الموضوع برمته!
أحمد الصراف
التدويل خيانة عظمى لله وللوطن!
«لا يجوز شرعا للوطنيين الشرفاء الاستقواء بالأجنبي والاستعانة به في القضايا الداخلية فتلك (خيانة عظمى) في حق الله تعالى وحق الوطن»، الفتوى السابقة للشيخ يوسف القرضاوي في معرض تعليقه على لجوء بعض القوى المعارضة المصرية للمجتمع الدولي، فكيف لمن يرى في الشيخ د.يوسف القرضاوي ـ أطال الله في عمره ـ مرجعا دينيا وسياسيا وفقهيا له أن يقوم بما وصفه الشيخ بأنه خيانة عظمى؟! وفي هذا السياق قيل في المؤتمر الأخير لقوى المعارضة اننا لسنا من بدأ عملية التدويل، بل سبقتنا اليها القيادات الرياضية، ونذكّر بأن ذلك التدويل انتهى بأفدح الضرر على الكويت وشعبها، حيث حرمت فرقنا من المشاركة في البطولات الاقليمية والقارية والدولية، فهل في ذلك ما يتقدى به؟!
***
ونتذكر هنا، وكما ذكرت الزميلة د.هيلة المكيمي في مقالها الشائق بجريدة «النهار» حادثة جريدة الاهرام عندما طالبت نفس القوى السياسية الذاهبة للتدويل بإحالة وكيل وزارة الإعلام الى النيابة العامة بحجة أنه أساء لسمعة الكويت عبر نشر خلافاتنا في جريدة الأهرام، فكيف يصح لجوء نفس القوى لنشر خلافاتنا في الصحف الأجنبية ولدى المنظمات الدولية؟! وما الذي سيشتكى منه تحديدا؟!
***
ومعروف أن المجتمع الدولي مرجعيته في حكمه على الأمور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يرفض التمييز بين البشر بسبب الدين أو الجنس أو العرق (هناك من اللاجئين إليه من ساهم في إصدار تشريع يحرم المسيحي من الجنسية الكويتية، ويدعو لهدم الكنائس وحرمان المرأة من حقوقها السياسية)، كما يدعو الاعلان العالمي لحرية الفكر (هناك من ساهم في سجن مخالفيه في الفكر، بحجة الكفر، ومن استجوب وزير الإعلام الأسبق سعود الناصر كونه التزم بذلك المتطلب في معرض الكتاب)، كما أن هناك من شارك في انتخابات فرعية قائمة على العرق، والبعض الآخر حرض الشباب وأرسلهم لمقاتلة قوى المجتمع الدولي المشتكى اليه في العراق وأفغانستان!
***
نخشى وبحق أن يطلب المجتمع الدولي من اللاجئين اليه من قوانا السياسية أن يغادروا سريعا كي لا تتم محاكمتهم وسجنهم على أفعالهم المضادة للاعلان العالمي لحقوق الانسان وللدولة المدنية، وأن يقول لهم ان النظام الذي تشتكون منه أكثر إيمانا بالديموقراطية والرحمة والتسامح والحرية والدولة المدنية وحقوق الانسان منكم بكثير، وأما ما تشتكون منه مما تسمونه بعنف رجال أمنكم ضدكم فما عليكم إلا أن تجربوا التظاهر ليلا دون ترخيص في المناطق السكنية وقطع الطرق هنا أو في أي دولة متقدمة، وسترون تعاملا قويا وأحكاما قضائية ستجعلكم تترحمون على كم التسامح في بلدكم!
***
آخر محطة: (1) للشباب، ارجعوا لفتوى الشيخ القرضاوي في أول المقال وارجعوا لعدد «الأنباء» الثلاثاء 22/1/2013 وفتاوى الشيوخ الافاضل حاي الحاي وحمد العثمان ومحمد طاهري وصالح الغانم وأحمد الكوس في تحريم الاستعانة بالخارج من أجل إرجاع البعض للكراسي الخضراء.
(2) وضمن التدويل، كلام خطير ذكره وزير الخارجية المصري الاسبق أحمد أبوالغيط ضمن برنامج «شاهد عيان»، حول تدخل منظمات دولية وإقليمية وتجنيدها العملاء ودفعها الاموال الضخمة لساسة وإعلاميين وقادة حركات شبابية لخلق الربيع المدمر الذي حدث والذي تتعاظم أضراره مع كل يوم يمر.
منطقتنا وتوقعات سيل
يعاني الشرق الأوسط منذ عشرة قرون تقريباً، وقبل أن يصبح أدنى وأوسط، من مشكلات لا عد ولا حصر لها، وكان من الممكن أن تكون المنطقة على هامش التاريخ، لولا أن حفر قناة السويس في قلبها، واكتشاف النفط في غالبية دولها تالياً، وإنشاء دولة إسرائيل في وجدانها، وكل هذا جعلها تعاني أمراض الأمم مجتمعة، وأصبح حال المنطقة كحال فتاة رائعة الجمال، ضعيفة الحال، تفتقد العلم والمعرفة، والكل يريد بها وصلاً، وهي لا تستطيع رد أحد، فلا علم يقيها، ولا ثقافة تعصمها من الزلل! ويعتبر البريطاني باتريك سيل من أكثر الصحافيين الغربيين اهتماماً بقضايا الشرق الأوسط، وقد كتب مقالاً في 30 ديسمبر الماضي ضمنه توقعاته للمنطقة في عام 2013، وبالرغم من أنه يعرف الشرق الأوسط جيداً، ومتزوج من سيدة سورية، فإن ما كتبه لم يرق إلى مستوى مقالاته الأخرى. يقول سيل إن المنطقة، بالرغم من تخلصها من عدد من أشرس قادتها، فإنها لا تزال تواجه مشكلات عدة تتعلق بتطبيق الديموقراطية والحريات المدنية، وليس من المتوقع أن تستجيب الحكومات الجديدة لمطالب شعوبها بالمساواة والنزاهة وغير ذلك. وقال إن الضعف العربي أصبح واضحاً، ولا أحد يود سماع صوت العرب، فسوريا والعراق، الأكثر دفاعاً عن حقوق العرب والتحدث باسمهم (!!) أصبحتا غارقتين في مشكلاتهما وحروبهما الداخلية الدموية، وبالتالي لا يسمح لهما وضعهما بفعل شيء. أما مصر، التي كانت في القيادة دائماً، فإن احتمال ركوعها تعباً وإفلاساً أمر أكثر من وارد. كما أن هناك الصراع السني الشيعي الذي أصبح يفتك بأكثر من دولة ومجتمع عربي، وسيشكل استفحاله عنصر خطر كبير على علاقات دول المنطقة ببعضها، هذا غير تأثيره الداخلي في استقرار مجتمعات أخرى. وقال إنه لو كان في مكان دول الشرق الأوسط لاهتم في السنة الجديدة بالأمور التالية، أولاً: وقف الصراع المذهبي، والشيعي السني بالذات. ثانياً: تحقيق السلم في سوريا وإنهاء صراعها الأهلي أو الإقليمي. ثالثاً: المطالبة بتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية، حتى لو تطلب الأمر قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، والتخلص من قواعدها العسكرية في المنطقة. رابعاً: المباشرة بإجراء مباحثات تصالح مع حكومة طهران، فالعداوة بينها وبين الأقطار العربية خطأ قاتل للطرفين، والتعاون المشترك بينهما أمر أكثر من ضروري!
ذكرتني تمنيات السيد باتريك سيل بالوعود التي نقطعها على أنفسنا مع بداية كل عام، بأن نكون أقل عصبية أو أن نتوقف عن التدخين أو نخفض من أوزاننا أو نبدأ بممارسة الرياضة بانتظام، أو نتوقف عن البهورة والمبالغة والكذب، وغير ذلك من وعود عادة ما تتبخر مع نهاية الأسبوع الأول من الشهر الأول! فإذا كنا بكل هذا الضعف، على المستوى الشخصي، والقرار بيدنا، فكيف يمكن يا أخ سيل أن تتفق قيادات 22 دولة على ما طلبت من قرارات؟ وهل تعتقد أن الأمة العربية كتلة صماء، بحيث يمكن توجيه الحديث إليها وكأنها فريق واحد؟ وهل تعتقد أن من السهل وقف الصراع الشيعي السني بمجرد اتفاق عدد من القادة على ذلك؟! وهل تعتقد أن لا أحد فكر في هذه الأمور قبلك، أو أن الجامعة العربية، وبحضور كل أعضائها، قادرة على وقف الصراع في سوريا، وإعادة حقوق الفلسطينيين إليهم؟
أحمد الصراف
نريد إنجازات لا تصريحات!
مما لاشك فيه أن المعارضة فشلت فشلا ذريعا في إسقاط قانون الانتخاب الجديد أو حتى في طريقة الاحتجاج المؤثر على سياسات الحكومة الحالية.
يبدو أن قطار الدولة انطلق بقيادة الحكومة والبرلمان الجديدين ومن ركب ركبهم، بينما الكل يرقب أعمال السلطتين ـ المعارضة تتصيد الإخفاقات ـ والمؤيدون ينتظرون الإنجازات.
ومن أكبر أخطاء الحكومة والحكوميين، تلك التصريحات غير المنضبطة وغير المفهومة، فكلما هدأت الأجواء السياسية واحتارت المعارضة في أمرها – جاءوا وألقوا بتصريحاتهم التي تقلب الأوضاع السياسية رأسا علي عقب
ما أجمل أن يعمل الإنسان أكثر من أن يتحدث ـ فالعمل يعني الإنجاز، أما الكلام فهو حيلة العاجزين ولا يعني سوى الإفلاس.
رغم أن النقد السياسي من صميم عمل المعارضة وهو شيء مشروع ومفهوم، إلا أن الحكومة يجب أن تواجه معارضيها بتحقيق التنمية وليس بالتصريحات والخوض فيما تخوضه المعارضة.
أتمنى أن تتوقف الحكومة وخصوصا بعض الأطراف الموالية لها عن التصاريح التي (تجيب العيد) وأن تكتفي بخدمات المتحدث الرسمي للحكومة الشيخ محمد العبدالله، فبحكم المنصب الوزاري والممارسة السياسية وبما يتمتع به من ثقافة وعلاقات مع كل فئات المجتمع، ربما يكون هو الشخص الأكثر قدرة على إدارة العلاقات العامة للحكومة وتسويق سياساتها للمواطنين، أو حتى إدارة الأزمات الحكومية مع المعارضة السياسية، وليتوقف الموالون للحكومة عن الدفاع عنها ـ وبلاش من الفزعات السياسية التي تفسد الأمور أكثر من أن تصلحها!