بعد اجتماع الرئيس المصري بالقيادات الأمنية، ومجيء وفد عسكري أميركي -الذي كان بالطبع مصادفة فقط!- ظهر الرئيس على شاشة التلفزيون، مهدداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، لمن يرفض الطاعة، معلناً أحكاماً عرفية، كان قد تعهد سابقاً بعدم عودتها إلى مصر.
وهنا يتضح تحالف “الإخوان” والعسكر وملوك النظام، تحت الرعاية الأميركية، للتصدي للربيع العربي المصري، ربيع الكرامة التي مثلها أحمد عرابي وسعد زغلول وجمال عبدالناصر، الذين دافعوا وحافظوا على تراث مصر الحضارة وشعبها العظيم، الذي هبَّ بعد سبات طويل، لتتبوأ مصر وشعبها المكانة المؤهلة لها، وتنطلق كفاءاتها البشرية والمادية، لتحتل معها الأمة العربية المكانة التي تستحقها، حيث حُرمت منها، بسبب عقود طويلة من طغيان أنظمة فاسدة مفسدة رهنت كرامة الأمة عند أسيادها جلادي الشعوب.
كثيرون اعتقدوا أن انتفاضة شباب الكرامة قد فشلت وأتت بحكم هو أكثر ظلماً وبطشاً وخبثاً من نظام سابق، لا، بل أكد الكثيرون أن الربيع العربي هو بضاعة أجنبية ومؤامرة أميركية- صهيونية، بجهلهم لطبيعة الحراك الشبابي العالمي. ولا أدري بمَ سيفسرون تصدّي شباب مصر لهذا التحالف الإخواني الأمني الأميركي، فهل سيعتذرون أم يكابرون بجهلهم المخزي؟
الحراك الشبابي هو ثورة لم يشهدها تاريخ البشرية، كما يقول بريزنكي، ضد نظام عالمي مدمر منذ بدء الخليقة، ويهدف إلى إشاعة ثقافة عالمية جديدة ترفض كل أنواع الظلم والتفرقة والحرب، وتؤمن بقدرة البشرية على إيجاد نظام عالمي يشيع الأمن والسعادة للجميع.
ولكن الطريق طويل، لأن الأعداء أصحاب المصالح سوف يتصدون لذلك بكل إمكانياتهم وقواهم… وما أكثرها.
من كان يعتقد أن نظاماً دينياً مدعوماً بأجهزة أمنية عريقة معروفة بالبطش يحظى بحماية من الدولة العظمى الوحيدة سيهترئ ويتهاوى بهذه السرعة ويتجه نحو استعمال القوة واللجوء إلى حالة الطوارئ ويطلب التفاوض مع المعارضة للخروج من أزمته… وهذه مناورة مفضوحة؟!
إن الربيع المصري العربي ربيع الكرامة قادر على التصدي وهزيمة كل المعوقات التي سيضطر إلى مواجهتها في طريقه لبناء مصر الجديدة العزيزة، مصر الكرامة، وسوف تكون الرافعة الجبارة لنهضة هذه الأمة المنكوبة شعب مصر العظيم وجيل شباب الكرامة في مصر وبقية البلاد العربية، الذين سيعيدون دور أمتنا العربية الرائد في مجال إثراء الحضارة الإنسانية لبناء العالم الجديد، الذي أصبح ممكناً، بفضل التقدُّم العالمي الذي نراه أمام أعيننا.
وبإصرار شبابنا على المضي في هذه المسيرة السلمية، مهما كلفهم ذلك من تضحيات، فإن الدرب طويل، لكن النصر أكيد.