ذكرت في مقالة سابقة أنني ما كنت أتمنى أن يأتي اليوم الذي نتحدث فيه عن ولائنا لأسرة الحكم، حيث ان هذا الموضوع عندنا من المسلمات، ولان الحديث فيه يدل على وجود خلل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم! وهي علاقة استمرت لعقود طويلة تحيطها الثقة المتبادلة والحب واحترام حقوق كل طرف، الا أن المتابع لتسارع الأحداث في الأشهر الأخيرة يلاحظ فتورا في هذه العلاقة نتيجة التفريط من احد الأطراف بحقوق الطرف الآخر! حيث بدأت الحكومة بحرمان المواطن من بعض مكتسباته الدستورية والتضييق على حرية التعبير واستعمال القمع والعنف مع المعارضة السياسية من دون داعٍ، وأخيرا وليس آخراً رعاية الكثير من الأبواق الاعلامية لتضليل الناس وطمس الحقائق وتبني النطيحة والمتردية للدفاع عن مواقف الحكومة وتزيينها للعامة!
لهذه الأسباب بدأ الناس يشعرون بان الحكومة لم تعد هي تلك الحكومة التي تعطي الانسان الكويتي قيمة اعتبارية وتحرص على رفاهيته المادية، فضلا عن المعنوية باحترام خصوصياته التي تميز بها عن اخوانه في بقية دول الخليج، أما اليوم فمع اول مقارنة مع الأشقاء تجد الكويتي في المؤخرة! وكنتيجة لهذا الشعور عند الناس بدأ التحلطم والتململ من الأوضاع يدبان في النفوس، وصار الجريء يتحدث عن تجني النظام على الشعب، وكم كنا نتمنى أن يبادر العقلاء الى التصدي لهذا التحول بالحكمة ويتدارسوا أسبابه ويبحثوا في علاجه الا أن هذه الأمنيات كانت سرابا في مخيلتنا، فها هي ابنة الحكم تصرح بتصريحات تهدم كل أمل باعادة الثقة بالحكومة الى وضعها الطبيعي، ثم تلاها احد أبنائه ليصرح في قناته تصريحا يسكب فيه الزيت على النار، وهي أصلا نار مشتعلة منذ فترة ليست بالقصيرة، وبدلا من المبادرة لاحتواء الموضوع نسمع من المحامي كلاما ينم عن الولوغ في الاساءة، وذلك باحالة كل من أساء أو اعترض على التصريحات الى النيابة كي يعاقب؟! بينما كانت الحكمة تستلزم أن يتم اصدار بيان يوضح مقاصد التصريح الأول، ويعيد للشعب الوفي اعتباره واحترامه، ثم يطبق القانون على التصريح الثاني باغلاق قناته التي تعرضت بالاساءة البالغة الى رموز وطنية وتاريخية لهذا الشعب، لكن مع الأسف شيئا من هذا لم يحدث!
اذا ظنت الحكومة أن مجلس الصوت الواحد هو المنقذ لكل مشاكلها التي كانت تعانيها فهذا قصر في الرؤية وجهل بالواقع وبطبيعة هذا الشعب الصغير بحجمه الكبير بحبه لوطنه وخوفه عليه! واذا ظنت الحكومة أن المعارضة السياسية هي مصدر مشاكلها فهذه قراءة خاطئة للساحة وضياع في البوصلة لديها! ولئن أطال الله في أعمارنا لنشاهدنّ حكومتنا تترحم على الأيام الخوالي، وكما قال المحلل الاقتصادي جاسم السعدون سيأتي يوم يترحمون فيه على هذه المعارضة، لان الجيل القادم لا نعرف كيف يفكر. أما أنا فأقول ان الجيل الحالي وليس القادم بدأ يكفر ببعض الأمور التي كنا نعتقد أنها من المسلمات وبدأ يتجاوز ما كنا نعتبره خطوطا حمراء!
***
• في مقالي الأخير ذكرت أن هذا البرلمان – مجلس الصوت الواحد – لا يمثل الأمة، وضربت بعض الأمثلة عن تصرفات بعض نوابه التي تنم عن روح عدائية للشعب، وبالامس خرج علينا النائبان صفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي بتصريحات تهدد رئيس الوزراء ان تنازلت الحكومة عن بعض قضاياها التي رفعتها ضد من شارك في المسيرات! أما الأولى فلا عتب عليها لأسباب كلنا يعرفها، وأما الثاني فقد قال كلاما في الشقيقة السعودية وعمل أفعالا في دعمه لأعداء الأمة من دون ان يحال للنيابة، ومع هذا يطالب بعدم التنازل عن قضايا شباب المسيرات.
***
د. حمد المطر سمع ان زميله في مجلس الأمة أسامة الشاهين محجوز في مخفر السرة على خلفية مشاركته في مسيرة قرطبة غير المرخصة، فما كان منه الا ان ذهب الى المخفر للاطمئنان عليه، وعند باب المخفر ألقي القبض عليه بتهمة مقاومة رجال الأمن؟! وبعد أيام من احتجازه مُنع من السفر وأُحيل للنيابة العامة؟! ومع هذا تجد من يعترض على توصيل صوته للمحافل الدولية؟! اتركوه …. فقد يجد حقاً ضائعا له عند أبواب الأعداء بعد ان أوصدنا في وجهه كل أبواب الديرة!