"عفا الله عما سلف"، شعار تريد الأغلبية المبطلة ومناصروها أن يُرفع من كل الأطراف التي لا تؤيد الحكومة أو الحكومات المتعاقبة ونهجها السيئ، بحجة توحيد الصف المعارض للوصول إلى الغاية الأفضل متمثلة بزوال نهج الحكومات وأسلوب إدارتها للدولة. الأغلبية المبطلة ومناصروها يريدوننا أن نمسح الأشهر الأربعة السيئة الذكر من عمر مجلس فبراير ٢٠١٢ المبطل، ذلك المجلس الذي حقق أغلبية نيابية غير مسبوقة بتاريخ المجالس النيابية الكويتية، فتمخض هذا الرقم التاريخي للأغلبية على تعدٍّ مشين على الحريات الخاصة والعامة وسعي لاستنزاف موارد الدولة كما هي الحال مع مجلس ديسمبر وشخصانية مستفزه تجاه كل من يخالفهم الرأي. يريدوننا أن نشطب كل ذلك من الذاكرة في سبيل الوصول إلى الإصلاح السياسي!! متناسين أن الإصلاح السياسي المنشود يتطلب أساسا محاربة نهجهم بمعية الحكومات المتعاقبة ونهجها. لا يوجد سيئ وأكثر سوءاً بين الأغلبية المبطلة والحكومة أو الحكومات المتعاقبة إن صح التعبير، فالطرفان بنفس السوء، وعندما وجدا تحت سقف مجلس فبراير معا وجدنا تحالفهما سوياً في أسوأ صورة، فدافعت الأغلبية عن رئيس الوزراء ووزير الداخلية والإعلام، ومنعت بعض نواب الأغلبية من استجواب رئيس الوزراء، وأقروا سويا قوانين تتعدى على الحريات، وتغاضوا عن خسارة الدولة لمئات الملايين، كل هذا في غضون أربعة أشهر فقط. إن كان هناك من يريد أن يعفو عما سلف (وهو أمر غير مقبول بالنسبة إلي طبعا) فيجب أن يشمل هذا العفو أيضا الحكومة ومناصريها كذلك، فهل تقبل الأغلبية ومن معها هذا العفو؟ أعتقد أن الإجابة هي "لا"، لأن نهج الحكومة الدائم يثبت أنه لا فائدة من مهادنتهم، ولابد من محاربة هذا النهج الحكومي لحين زواله، وهي بالضبط نفس المحاربة المهمة للأغلبية كنهج وأسلوب سياسيين لا يؤمن بدستور ولا حريات الغير أبدا. طبعا هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن نتخذ مواقف مضادة لمواقف الأغلبية أو الحكومة طوال الوقت فأحيانا تكون مواقفهم صائبة كموقف الحكومة من رفض إسقاط القروض مثلا أو موقف الأغلبية المبطلة في رفض مرسوم الصوت الواحد، ويجب أن نفرق بين تشابه المواقف والوقوف خلف أي طرف منهم، فتشابه المواقف أمر طبيعي، أما دعم الفاسدين لإسقاط فاسدين آخرين فهو سيعزز وجود طرف فاسد وإن ألغى طرفاً آخر، ووجودهم سيضر بالكويت والإصلاح السياسي المنشود. خلاصة القول نهج الحكومة ونهج الأغلبية المبطلة وجهان لعملة فاسدة أضرت بالكويت ودستورها وحرياتها العامة والخاصة، ولا بد من استئصال هذا النهج في سبيل كويت أفضل وتأييد أي قضية عادلة من أي طرف من الأطراف. خارج نطاق التغطية: رجل دولة كبدر المطوع يقدم لوطنه شبابه وجهده لرفعة الكويت وعلمها فتفصله الحكومة من عمله، ولا يحرك أي عضو ساكنا في إنصاف هذا البطل!! هذا باختصار وضع البلد وشكل تعاطي الدولة مع خيرة أبنائها.
اليوم: 11 فبراير، 2013
الشارع العربي ودمه المسفوك!
في وقت تنصرف فيه دول العالم أجمع للعمل والانتاج والفكر والدراسة والتدريب المستمر والتنمية المستدامة، فتسعد وتغنّي وتبني من خلال العمل الدؤوب المستقبل المشرق لشعوبها وشبابها، تبقى شعوبنا العربية ومنذ رؤيتها قبل عامين لهلال الخراب المسمى بالربيع العربي محتشدة ومتصارعة بالشوارع، لا تزرع ولا تصنع بل تسفك دماء بعضها البعض بعد ان خُدعت ـ وما اكثر ما تُخدع شعوبنا ـ من الإعلام المغرض الذي سمى الفوضى بالحرية، والدمار بالانتصار ولم يقل ذلك الاعلام الدولي، ان كان يؤمن حقا بأن النزول للشوارع أمر محمود، فلماذا لا يشجع شعوبه على القيام به؟!
***
ومازالت بعض قيادات القوى السياسية الكويتية المخضرمة توعد شعبنا وشبابنا بربيع الخراب والدمار في الكويت (لاسباب لم تعد خافية على الإطلاق) فنرى شبابا مغررا به ـ للأسف ـ يجري هنا وهناك رافعا على الاكتاف من ينوي دماره وهلاكه ومنطبقا عليه قول الشاعر:
هتف الشعب بأسماء قاتليه
يا له من ببغاء عقله في اذنيه!
***
ونحمد الله على وجود ثلة من الإعلاميين الوطنيين ممن تصدوا منذ اليوم الأول للمؤامرة ففضحوها وافشلوها وكانوا كالسد المنيع الذي منع الطوفان، ونشكر معهم رجال وشباب وشابات وسيدات مجتمع ممن لم تنطل عليهم الحيل والألاعيب فتركوا بيوتهم للتصدي للمخربين ولولاهم لكانت دماؤنا خبرا آخر من أخبار الإعلام الدولي، لقد أطفأ الناخبون بذهابهم للصناديق النيران وانكشفت الأهداف ولم يبق من تلك المؤامرة الكبرى إلا.. الرماد!
***
آخر محطة:
(1) للتذكير.. محمد العريفي هو من أساء لرمز الكويت وأعقب اساءته بمقولة «عفا الله عما سلف» وهي كلمة يقولها من تم الخطأ بحقه لا المخطئ لولا.. الحمق!
(2) محمد العريفي نقلت عنه «العربية. نت» امس انه اخطأ في دعمه طوال السنين لتنظيم القاعدة (يا سلام) ولم يتناول في حديثه مصير الشباب المغرر به الذي سمع كلامه فذهب وقتل وفجر وتم قتله أو أسره في العراق او افغانستان وليس بالطبع بينهم ابنه.. أحسن تعليق على ذلك الخبر من رد عليه بالقول: لقد اصبحت كالممثلين والمطربين والرياضيين تبحث عن الشهرة وتصدر الاخبار في كل مكان وبكل الاثمان.
(3) وفي عدد امس نشرت «الأنباء» خبر سؤال العريفي للمخدوعين به عن صحة قيامه بـ«التمثيل» في بعض البرامج من عدمه.. شخصيا افتكرت انه سيسألهم عن رغبته في اعتزال التمثيل الذي مارسه عليهم لسنوات طوال!
السمعة العالمية السيئة!
يقول عبد العظيم حماد، وهو صحافي مصري مرموق، إن «ثورة 25 يناير لم تقم فقط من أجل تعديل دستور ولا من أجل طريقة انتخاب رئيس وتحديد فترة رئاسته، بل إنها قامت من أجل تجديد مصر مجتمعا ودولة تجديدا شاملا عبر تأسيس دولة مؤسسات ديموقراطية حديثة تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتستوعب قيم العصر». ويضيف في كتابه الذي حمل عنوانا فرعيا هو «صراع الخوذة واللحية والميدان.. رؤية شاهد عيان» أن دور الدولة الحديثة أكبر من استخدام السلطة «لإدخال المواطنين الجنة وإبعادهم عن النار في الآخرة»، بل يكمن دورها في توفير الحياة الكريمة للمواطن وحماية أمنه في الداخل وضمان قوة الوطن بحفظ حدوده. انتهى.
ولو نظرنا لما فعله الإخوان أو المتشددون دينياً، سواء في مصر أو أفغانستان أو إيران أو تونس أو السودان وباكستان ومصر وغيرها، لما وجدنا أن أياً من سلطات هذه الدول، أو على الأقل غالبيتها، انشغل يوما بأمور حفظ كرامة المواطن وحماية أمنه، فمرتبة المواطن، أو المواطنة بالأحرى، تأتي في ذيل اهتمامات سلطات هذه الدول، الدينية السياسية، وإن اهتمت بها فهذا يكون عادة من خلال الاهتمام بحرمانها من التعليم ومراقبة سلوكها ووضع ضوابطه، وما يجب عليها ارتداؤه، ومنعها من الخروج من الدولة بغير إذن «الذكر» الذي تتبع له، زوجا، أبا أو جدا، أو حتى أخا جاهلا يصغرها بسنوات! كما نجد أن اهتمامات هذه الدول بعيدة عن كل ما له علاقة بالفرح أو التسلية، حتى البريئة، ونجدها تتخبّط في قرارات سخيفة لا معنى لها، من ضرورة إعلام الزوج بسفر زوجته، برسالة هاتف قصيرة، أو منع الذكر من ارتداء ربطة العنق، واختزال معاداة الغرب بقطعة القماش تلك، وغض النظر عن بقية قطع ملابسه الغربية، وكأن المقصود هنا فقط الاقتصاص من تجار الكرفتات ومصنعيها، لجريمة سرية سبق أن ارتكبوها ربما بحق المرشد!
ما يؤلم حقاً هو منظر النساء المتشحات بالسواد، ومدارس البنات المغلقة، واختفاء المرأة من شوارع أي مدينة يحتلها هؤلاء الغرباء، والدموع الغزيرة التي تنساب من عيون عطشى للحرية والكرامة والعلم في كل مرة تقع فيها مدينة أو دولة في قبضة هؤلاء المتشددين الذين شوّهوا سمعتنا في العالم أجمع وحوّلونا إلى مجموعة من الأوباش غير المكترثين بأي قيم إنسانية أو كرامة بشرية، والذين يصرّون على وضع السيوف في خواصر بعضهم، على صيحات «الله أكبر»، لدفعهم لدخول جنتهم، وهم «صاغرون»!
أحمد الصراف