ظاهرة الهستيريا العقلية التي اجتاحت العلمانيين والليبراليين وجميع النحل المعادية للدين واتباعه في جميع أنحاء الوطن العربي والإسلامي هذه الأيام، هي نتيجة حتمية لظاهرة الربيع العربي. لكنني، بصراحة، كنت أتوقع وأتمنى من الحكماء منهم والعقلاء ان يتحلوا بشيء من الاتزان النفسي عند تناول الأمور والأحداث السياسية بالتقييم والتحليل. لكنني فوجئت بأن ملة الكفر واحدة. فما نتج عن ثورات الربيع العربي أخرجهم عن صوابهم، وأصبحوا، كلهم، «في الهم شرق»، ولم يتحملوا ان يصبروا ليروا كيف يدير خصومهم الإسلاميون الحكومات التي شكلوها، وتناسوا مبادئ الديموقراطية واحترام الرأي الآخر التي كانوا ينادون بها طوال سنين نضالهم الطويل ضد الإمبريالية والفاشية والدكتاتوريات، كما يقولون دائماً. فهاهم أعلنوا فشل خصومهم قبل ان يبدأوا! وما يجري في مصر هذه الأيام أكبر دليل على فجورهم في الخصومة، كيف لا وهم بكل تبجح يعلنون تأييدهم للثورة ضد الرئيس ويطالبون بإسقاطه بالتظاهرات كما تم إسقاط حسني مبارك قبله! ويسمون من ألقى القنابل الحارقة على الشرطة وشكَّل ميليشيات بلطجة وشغب وأحرق المتاجر وعطّل المواصلات وهدّد الآمنين وروّعهم بـ «الثوار»! بل وتأتي إحدى قنواتهم المتلفزة لتعمل دعاية لاحدى فرق الموت المسماة «بلاك بلوك» وتستضيفهم لتبرر لهم جرائمهم وسلوكهم الدموي! وعندما يمارس الرئيس مسؤولياته ويعلن الأحكام العرفية، وفقا للدستور، للمحافظة على أرواح الناس والممتلكات العامة، تجد عقلاء العلمانيين ينددون ويستنكرون؛ لأنهم يهدفون إلى استمرار الفوضى على أمل أنها الطريق لإسقاط النظام الذي جاء بالانتخاب الحر المباشر.
أنا شخصياً لست قلقاً على النظام هناك من السقوط، لان الشعب المصري عانى كثيرا من الأنظمة التسلطية ولن يقبل ان تأتي بقايا الفلول بعد كل هذه التضحيات لترجعهم إلى المربع الأول، بل أنا قلق على رؤية دولة تتعمد نخبتها إصابتها بالشلل في جميع مرافق الحياة من اجل صراع سياسي وحب للكراسي.
الغريب في الموضوع ان نخبنا السياسية في الخليج كشفت عن حقدها للتيار الإسلامي أينما كان، ولم تحترم مواقعها الثقافية في المجتمع، فأصبحت تكرر كل ما تسمعه من دون تمحيص للغث من السمين، وتعلن بكل وقاحة تمنياتها للنظام في مصر بالسقوط نتيجة الفوضى التي يدفعون بها كي تعم كل المحافظات المصرية، وهم بالأمس يطالبون خصومهم هنا باحترام الرأي الآخر وعدم إقصاء خصومهم وتقبل نتائج الديموقراطية بخيرها وشرها! كل هذه المبادئ لحسوها في اول اختبار! وما ضرهم لو صبروا على هذا النظام حتى نهاية مدته الدستورية ثم يقيلونه بالصناديق ما دام أنهم واثقون من فشله في إدارة الدولة؟ لكن الأكيد الذي لا يحتاج إلى دليل أنهم واثقون من أنهم لن يصلوا الى مبتغاهم من خلال صناديق الاقتراع، لذلك لا مجال إلا الفوضى وان دُمّ.رت جميع مرافق الدولة!
أيها الرفاق، ستنتصر الثورة في مصر وفي غيرها من دول الربيع العربي بإذن الله، رضيتم أم أبيتم، لأنكم بهذا الموقف المشين مما يحدث اليوم انكشفتم وتعريتم ولم تعد لكم مصداقية عند الشعوب، وأدرك المواطن البسيط ان النظام الجديد لم يُعطَ فرصته حتى الآن وان كل ما يحدث هو محاولات يائسة من الفلول واتباعهم للعودة إلى مسرح اللعبة السياسية من جديد!
***
• إحدى النائبات قالت إنها بعدما اعتمرت دعت على النظام الذي تسبب في قتل أربعة من المصريين في أحداث مصر الأخيرة! وكم كنت أتمنى لو أنها دعت أيضاً على من قتل آلاف السوريين ولا يزال، إلا إذا كانت العمرة موجهة سياسياً بحيث حتى الدعاء له ضوابط يجب ان تنسجم مع الأهداف التي من اجلها اعتمرنا.
***
• الآن فقط عرفت لماذا زميلنا غضبان من جامعة هارفارد الأميركية واتهمها بأن شهادتها مضروبة! فقد قرأت ان الجامعة العريقة قررت ان تضع عند مدخل إحدى كلياتها لوحة رخامية مكتوب عليها ان أعظم عبارة في التاريخ هي آية من القرآن الكريم، وأوردت نص الآية…! «من هيك عم بيبكي»!!