في البدء الشكر الجزيل لوزيري التجارة والعدل الأردنيين ولسفيرنا المتميز والمتألق دائما د.حمد الدعيج ولسفير العراق د.جواد عباس على حسن الاستقبال وعلى تعجيل وتسهيل تسوية القضايا العالقة بين الخطوط الكويتية والخطوط العراقية بعد إصدار سمو الأمير، حفظه الله، لمرسومي التسوية و«الكويتية» اللذين سيرسمان مستقبلا زاهرا للكويت و«الكويتية» ويمهدان لعهد مشرق بين الجارين الشقيقين.
***
اعتدنا الخطأ في بلدنا حتى أصبح عمل الصواب يثير الاستغراب والتعجب، ومن ذلك عدم تساؤل أحد عن صحة عدم تعيين «طيار» خلال فترة جاوزت الربع قرن في القيادة العليا لشركة «طيراننا» المحلية، وعندما صحح هذا الخطأ الجسيم الذي دفعت الكويت و«الكويتية» سببه الأثمان الباهظة لغياب التخصص في قيادة عمل تخصصي، بدأ التدخل والتساؤل: أين الآخرون في إدارة «الكويتية» (رغم وجودهم) كي يساهموا في إعادة هيكلتها وتحويلها للربحية؟ رغم معرفة الجميع بعدم وجود خبرات وقدرات اقتصادية محلية مختصة بإعادة هيكلة شركة طيران واحدة وخصخصتها من قبل، بينما قامت الإدارة الحالية بالاستعانة بشركات وخبرات اقتصادية وفنية شديدة الاختصاص في علوم الطيران قامت في السابق بهيكلة وخصخصة مئات من شركات الطيران في العالم، كما تظهر سيرتها الذاتية، فأيهما أفضل: شخصيات اقتصادية محلية دون خبرة او تخصص، أم شركات وشخصيات عالمية ذات خبرة وتخصص؟! الإجابة واضحة!
***
وأجد نفسي مضطرا لسرد تجربة «الكويتية» مع رجال التخصص في إدارتها ورجال الاقتصاد غير المختصين، لا انحيازا لهذا الطرف ضد ذاك، بل إظهارا للحقيقة المطلقة، فعندما التحقت بـ «الكويتية» عام 1971 كان يقوم على إدارتها طيار، أي رجل اختصاص، وكان أسطول «الكويتية» مكونا من نوع واحد هو البوينغ 707، وكان التوظيف يقوم على الحاجة لا الواسطة، فلا شحم زائد بل عمل جاد، وكانت «الكويتية» تربح فلا تعلق حساباتها الختامية في مجلس الأمة، وكان هذا آخر عهدها في الربحية وانتهاء «عصرها الذهبي» الحقيقي الذي أضاعته الإدارات الاقتصادية غير المختصة لاحقا، مما أدى الى تنوع عجيب في أنواع الطائرات لا مثيل له في تاريخ الطيران في العالم كان له أفدح الضرر على ربحية المؤسسة، وأضيف الى ذلك التوظيف الصوري وتكدس الشحم الزائد وتحولت المؤسسة قليلا قليلا الى وزارة متخمة أخرى.
***
وفي أوائل الثمانينيات وبعد ابتعاد إدارة الاختصاص كان الخيار الأمثل لأسطول «الكويتية» هو طائرتي بوينغ 757 وبوينغ 767 الجديدتين ذواتي التقنيات الحديثة والسعة المعقولة والمحركين الاقتصاديين، والقادرتين على تغطية المسافات القصيرة والمتوسطة والطويلة طوال العام بعائد مالي ممتاز، والآن ما حدث هو شراء الإدارة غير المختصة الطائرات بوينغ 727 المدشنة والمصنوعة أساسا عام 63 والتي توقفت «البوينغ» عن صنعها بعد قليل من طلب الكويتية (!) وتم إلحاقها بشراء طائرات بوينغ 747 المصنعة أساسا أواخر الستينيات والتي كانت كارثة مالية بحق على «الكويتية» كونها تصبح عالة بعد انتهاء موسم الصيف فيتم البحث لها عن مؤجرين يؤجرونها شهرا ويتركونها أشهرا، ثم أضيف الى ذلك شراء ايرباص 310 وايرباص 300 ثم طائرات بوينغ 767، ولا يمكن ان تربح شركة طيران صغيرة بها هذا الكم من التنوع حتى تندر علينا المختصون وأسمونا مؤسسة «الماكنتوش» للطيران لتعدد أنواع الطائرات دون مبرر من قبل غير المختصين.
***
أتى عام 90 وفشلت الإدارة غير المختصة في إخراج الطائرات الكويتية من المطارات، بينما نجحت ـ للمقارنة فقط ـ القيادة المختصة لشركة ناقلات النفط (كابتن بحري) في إخراج جميع الناقلات من الموانئ رغم فارق السرعة بين الطائرة والناقلة ورغم تحفظنا الشديد على التجاوزات المالية غير المغتفرة لإدارة الناقلات آنذاك، واشتغلت الناقلات ذات القيادة المختصة من الشارقة فربحت خلال الغزو، بينما رفضت القيادة غير المختصة لـ «الكويتية» التشغيل من الشارقة رغم إعطائها جميع حقوق النقل كحال الناقلات وفضلت التشغيل المحدود وغير التجاري من القاهرة ودون حقوق نقل كي لا تنافس «المصرية» المتضررة، فتكبدت الخسائر قبل وأثناء وبعد الغزو، وبعد التحرير تمت عملية شراء جديدة للأساطيل ولم يتم تعلم الدرس بل كبر تنوع علبة «الماكنتوش» فأصبح أسطول الشركة الصغير يضم ايرباص 320 وايرباص 310 وايرباص 300 وايرباص 340 وبوينغ 400 ـ 747 وبوينغ 777 إضافة بالطبع الى بوينغ 727 وبوينغ 200 ـ 747، وبوينغ 767 وهي الأساطيل التي نجت من التدمير في الغزو نتيجة لوجودها أصلا خارج البلاد، ولا يمكن لطيار صاحب اختصاص يعرف أصول المهنة وأضرار هذا التنوع ان يشتري هذه الخلطة العجيبة وغير المفهومة للطائرات.. يتابع.
***
آخر محطة: هناك من تظهر مواقفهم انهم كانوا دائما وأبدا يتسببون بخسارة الكويت لمئات المليارات من الدولارات وضياع الآلاف من فرص العمل للشباب عبر تدخلهم بغير اختصاص في أعمال شديدة الاختصاص مثل ما تثبته الوقائع والوثائق من إفشالهم لمشروع حقول الشمال وشراكة الداو والمصفاة الرابعة وخطة تحديث «الكويتية» وتأييدهم لمشروعات مضرة ومدمرة مثل قانون «B.O.T» وغيره ثم إنكارهم اللاحق لما لا يصح إنكاره.. مسار نرجو توقفه حفاظا على الكويت وعليهم، فالتاريخ لا يرحم.. والناس بدأت تتساءل: هل هناك من يود تدمير وتخريب الكويت؟! ولماذا؟!