الفارق الحقيقي بين جنوب افريقيا المزدهرة والمتقدمة وزيمبابوي الجائعة والمتخلفة ان الأولى قدمت مبدأ العفو والتسامح، فأبقت على البيض ولم تنتقم منهم، فنجحت وتحولت إلى بلد أقرب لدول العالم الأول، بينما اختطت الثانية نهج الانتقام والقتل والتهجير، فانتهى الأمر بالمجاعات والتخلف والقمع والتسلط الذي حوّلها إلى دولة عالم.. عاشر!
* * *
استطاع الداهية د.هنري كيسنغر أن يحل الصراع التاريخي بين مصر وإسرائيل عبر رفع شعار «اللي فات مات»، كما قام الشعب التشيلي بالعفو عن الطاغية «بنوشيه» الذي قتل الآلاف فاستقر وتقدم ذلك البلد الجميل، مثل ذلك ما حدث في رواندا من عمليات مصالحة ومغفرة ونسيان للماضي، فأضحت احدى اكثر الدول الأفريقية أمنا واستقرارا. العكس من ذلك ما جرى في بعض دولنا العربية من عمليات قتل وانتقام و«اجتثاث» كما حدث في العراق وليبيا ومصر ما بعد مبارك، فانتهى الأمر بكوارث وفواجع وحروب وتطاحن اهلي لا يعلم احد متى ينتهي!
* * *
إن على العرب أن يرفعوا شعار «ان يُطلق سراح شخص خير من ان تفنى أمة»، ويتم اصدار عفو فوري عن الرئيسين مبارك ومرسي وإخراجهما من السجون كي تهدأ النفوس وتستقر الأحوال وتبدأ عملية التركيز على المستقبل بدلا من اجترار احقاد الماضي، ولا مانع من ان يمتد الامر الى سورية حيث يمكن ان تعلن المعارضة السورية العاقلة عن التزامها حال فوزها بأي انتخابات قادمة بالعفو عن الرئيس بشار الاسد وقيادته وكجزء من حل شامل يوقف القتل والدمار ويرجع المهجرين لبيوتهم وقراهم، وعدا عمليات العفو تلك ستبقى شلالات الدم العربي قائمة وتزداد مع كل يوم يمر.
* * *
آخر محطة: وكأن ليبيا الحبيبة لا يكفيها ما بها من مآسٍ وكوارث، فقد انتشرت صور تظهر ان القذافي مازال حيا يرزق وأن صور واشرطة قتله ما هي إلا خدع سينمائية له بين اعوان له يدّعون العداء له ويصرخون مطالبين بقتله كموسيقى تصويرية للمشهد.