سامي النصف

أيها السادة نحن أدرى بشعابنا!

إبان الستينيات وفي عهد الرئيس اللبناني فؤاد شهاب، نشرت جريدة فرنسية شهيرة ان هناك انقلابا عسكريا قادما للبنان، انعقد مجلس الوزراء برئاسة شهاب وبدأ في مناقشة مشاريع الدولة والوزراء مذهولون حتى سأله أحدهم: كيف تناقش تلك الأمور الصغرى وتترك تقرير الصحيفة الفرنسية حول الانقلاب والتغيير المحتمل لنظام الحكم؟ فأجابه الرئيس الحكيم بأن كانت صحيفة أجنبية ومراسلها الزائر الذي لا يتكلم العربية يعلم عن أحوال ومستقبل بلدنا بأكثر مما نعلم فعلينا أن نترك مناصبنا ونذهب لبيوتنا.

***

اقتداء بتلك الحكمة علينا في الخليج ونحن مستهدفون بحملات الأكاذيب ألا نجزع من تقرير يكتبه مغرض هنا، او كتاب يخطه مرتش هناك، فلن يعلم الآخرون عن واقعنا أو مستقبلنا أكثر مما نعلم، وقد رددت في مقال أمس على التهريج الذي أتى في كتاب «بعد الشيوخ، سقوط الأنظمة الخليجية» لمؤلفه كريستيفرسن دايفيدسن، الذي ذكر فيه ان جميع الأنظمة الخليجية ستسقط خلال 2 ـ 4 أعوام، وقد فات عام ونيف على صدور الكتاب ولا يوجد في الأفق ما يدل على صدق تلك التخرصات، وما عليك إلا أن تزور موقعه على التويتر لتعلم بوضوح عدم حياديته وعدم التزامه النهج العلمي في أبحاثه عن المنطقة.

***

ونعطي مثالين يدلان على خيبة رؤى الكاتب دايفيدسن أولها ما كتبه في 21/2/2011 إبان الحراك البحريني من ان النظام الملكي في البحرين ساقط لا محالة خلال اسبوعين (!!)، والثاني لقاء مصور له في 20/10/2012 إبان الحراك في شوارع الكويت عرض خلاله صورا لأحجار لعبة «الدومينو» تنبأ فيه «من تاني» بأن يكون سقوط الأنظمة الخليجية القادم سريعا ولا محالة عبر التسلسل التالي: النظام في الكويت ثم البحرين ثم عمان فالسعودية والإمارات وأخيرا قطر، وقد أتت الأحداث اللاحقة لتظهر جهل الكاتب التام بأحوال دولنا ومن الذاهب والباقي فيها.

***

آخر محطة: العزاء الحار لآل بودي الكرام في فقيدهم الكبير العم مصطفى جاسم بودي الذي كان من عقلاء وحكماء الكويت ورجال اقتصادها المبرزين، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

 

 

حسن العيسى

مستقبل دولة أم أجندة شيوخ؟!

أين الجديد في تصريح النائب عبدالله الطريجي لجريدة "الجريدة" وفحواه أن هناك أجندة نيابية للإطاحة بالرئيسين في مجلس الأمة ومجلس الوزراء، يقف خلف هذه الأجندة الانقلابية "عيال شيوخ"، وتتمثل في الاستجوابات الكثيرة التي تقدَّم هذه الأيام في مجلس التابعين ليوم الدين… أين الجديد في مثل هذا الكلام؟!
 سنوات طويلة مضت والصحافة المقيدة بقوانين النشر واعتبارات الولاءات والمحسوبيات للأسرة الحاكمة والمصالح التجارية المرتبطة معها تتحدث تلميحاً، وبحياء شديد وبصيغة خطابية عامة (لا أستثني نفسي) لا تؤشر مباشرة إلى الجرح، عن خلافات الأسرة، أي أسرة الحكم، وكيف انعكس ذلك الصراع السلطوي على وضع الدولة في التنمية الاقتصادية وتدهورها، والإدارة السيئة للمرافق العامة على كل الصُّعُد من التعليم والصحة، وهما الأخطر، إلى بقية الخدمات المؤجلة لأجل في علم الغيب.
بطبيعة الحال وبحكم العادة المتأصلة عند شيوخنا، كان هناك المشجب الجاهز الذي تعلق عليه حكايات الفشل الدائم لأهل الحصافة في أسرة الحكم، وكان يتم تقديم المعارضة لنهج الحكم على أنها السبب وراء هذا الفشل المتكرر بعرقلتها مشاريع التنمية التي كانت الحكومات السابقة تطرحها على المجلس، وأنها (المعارضة) كانت "تتحنبل" في مسائل شبهات الفساد والتحقيق فيها حتى ننتهي بقتل طموح وأمل السلطة في إنجاز مشاريع الأحلام والأوهام وتسويقها على الناس، وكانت دائماً هناك مخالب القط من كتاب ووعاظ السلاطين والمستشارين الذين يقفون عادة صفاً واحداً ضد المعارضة، كما يصورون أنفسهم بوسائل إعلام البؤس في معظم الأحايين، وفي الوقت ذاته، وفي أحيان أخرى، نجد بعضهم يعمل سراً أو جهراً لحساب هذا الشيخ أو ذاك غير الراضي عن شيوخ الحكومة، ويقوم هذا الشيخ "المعارض" اليوم، والذي كان يوماً ما في موقع "أكبرها وأسمنها" قبل زمن قليل أو كثير، بضرب أبناء عمه من تحت الحزام، مستعملاً القفازات الناعمة لنواب وكتاب وإعلام ضحل ومنظّرين من حزب فقهاء مخلب القط.
 بتلك الصورة المحزنة، يتم تهميش الدولة وشعبها كله إلى حالة الدولة المشيخية الكاملة الدسم. فلا دولة ولا مؤسسات تديرها بيروقراطية قانونية تحسم الصراعات القائمة والمحتملة، ويصبح كل ما لدينا شيوخاً بشيوخ، بعضهم "يحبل" للآخر، أي يتصيد له، ليزيحه عن كرسي السلطة ويحل مكانه في أول قائمة المرشحين للحكم، وما علينا -نحن الشعب المنسي- غير أن نجلس متفرجين، ومهمِّشين كل قضايانا الحياتية من سكن وصحة وتعليم جانباً حتى تظهر نتيجة صراع "البخصاء" في دنيا حكمة "الشيوخ أبخص".
لا يمكن أن نعزل ما حدث ويحدث لدينا في الكويت خلال العقود الأخيرة، عما نشره الكاتب كريستوفر ديفدسون في دورية "فورن أفيرز" وترجم بعضه موقع "منشور" عن غروب شمس دول الخليج، حيث يحدد الكاتب أن الخطر الأكبر الذي يهدد تلك الدول، ليس كما يحلو للبعض أن يردده بشأن الخطر الإيراني، بل يتمثل في تدخلات حكام القصور وصراعاتهم في ما بينهم، هنا من حقنا أن نتساءل إن كنا حقاً نحيا في دول لها وجود وتاريخ وهوية وشعوب حية أم في مشايخ وإمارات، تختصر الدولة فيها وتهمَّش إلى واقع دواوين مشيخية تمارس فيها طقوس الولاء بتقبيل الأكتاف والرؤوس ولا شيء عدا ذلك، وهل سيكون لتلك الدول مكان في مستقبل أرض بلا نفط؟!
احمد الصراف

أينا أكثر أمانة؟

“>تعتبر مجلة الريدرز دايجست، أو المختار بالعربية، المجلة الأميركية العائلية الأقدم والأكثر انتشارا في العالم، حيث صدرت لأول مرة عام 1922 وتطبع بـ21 لغة في 70 دولة، وتوزع أكثر من عشرة ملايين نسخة شهريا. كما تصدر طبعات منها بطريقة بريل والديجيتال وبالصوت، وتطبع منها نسخ بحروف كبيرة. وقد قامت هذه المجلة بإجراء تجربة فريدة وطريفة في الوقت نفسه، في عدد من عواصم العالم، حيث قامت برمي 192 محفظة جيب بداخل كل واحدة مبلغ 50 دولارا ورقم هاتف صاحبها وصورة عائلية، وذلك في أماكن متفرقة من 16 عاصمة، وكانت النتيجة غريبة جدا، فقد تبين أن سكان العاصمة الفنلندية، هلسنكي، الأكثر أمانة في العالم، وهنا طبعا الأمور نسبية، وليست بالمطلق! فقد قام 11 من اصل 12 شخصا، ممن وجدوا المحفظة، بالمبادرة من فورهم بالاتصال بصاحبها وإعادتها له. واحتلت العاصمة البرتغالية القاع! ولكن المفاجأة كانت في احتلال مومبي المدينة الهندية الأكبر والأكثر سكانا، وربما الأكثر فقرا في العالم، المرتبة الثانية، فقد أعاد 9 من أصل 12 ممن وجدوا المحفظة لأصاحبها. وبسؤال عدد منهم عن السر وراء أمانتهم، وكانوا في غالبيتهم من الهندوس متوسطي الحال، ذكرت فيشالي ماسكار بأنها تعلم أولادها دائما أن يتصرفوا بأمانة وهذا ما تعلمته من والديها، وبالتالي من الطبيعي ألا تتصرف عكس ذلك. وقال سيران كوبان، وهو مدرس تحت التدريب، انه وصل للمحفظة في اللحظة نفسها مع صبي، وأنه أصر على اخذها لعدم ثقته بالصبي، الذي وعد بإعادتها لأصحابها. وقال ان السبب في أمانته أن الآخرين يعاملونه بثقة وهو يقابلهم بالمثل، وعليه أن يكون أمينا ليكون جديرا بثقة الاخرين به. وقال عبد بن سالم، انه أعاد المحفظة بعد أن وجد بداخلها صورة أم وابنها، وليس هناك، بنظره، ما هو أهم من مثل هذه الصورة لصاحب المحفظة. 
وبين التحقيق أن بودابست، عاصمة هنغاريا جاءت ثالثا ونيويورك رابعا، حيث أعاد 8 المحفظة من أصل 12، وموسكو وامستردام 7 وبرلين ولوبليانا 6 من أصل 12 ولندن ووارسو 5 من 12، وبوخارست وريو دي جانيرو 4 وزيورخ السويسرية 4 محافظ، وبراغ 3 ومدريد 3، واحتلت لشبونة، عاصمة البرتغال، المرتبة الأخيرة بمحفظة واحدة!
والآن يا ترى ما عدد المحافظ التي ستعاد لأصحابها لو أجريت هذه التجارب في دولنا؟! وتقديري أن الرقم لن يكون غريبا وعجيبا، بل سنكون في الوسط أو ربما اقل قليلا، فلا يزال فينا خير، ولكن الرقم حتما لن يتناسب وحجم الجرعة الدينية التي نتناولها كل يوم مقارنة بما يسمعه سكان اي مدينة أخرى في العالم من أذان ومواعظ من خلال مايكروفونات كل يوم داعية الى الأمانة والصدق!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

التقارب الأميركي الإيراني والإنذار المبكر

حتى هذه اللحظة لا اشعر ان هناك تخوفا حقيقيا عند أغلب قادة دول مجلس التعاون من التقارب المفاجئ في العلاقات الاميركية ــ الايرانية! وكأن واقع الحال يقول ان كل ما يجري في المنطقة هو برضا وقبول دولها، بل بتنسيق بين اميركا ودول مجلس التعاون! ونحن ندرك جيدا ان اول ضحايا هذا التقارب هو امن واستقرار هذه الدول! وما زلنا نذكر تصريح اوباما بان الولايات المتحدة ستستغني عن نفط الخليج خلال عامين، مما يفسر عدم مراعاة اميركا لمصالح دول الخليج العربية في ترتيبها لاوراق اللعبة السياسية في المنطقة، بل انها أعطت المصالح الايرانية الاولوية على ما سواها! وهذا قد يكون فهما مقبولا اذا عرفنا ان ايران ممكن ان تلعب دور شرطي الخليج من جديد، ولكنه شرطي يلبس العمامة السوداء! ولعل اقرب مثال على ما اقول هو عدم اكتراث اميركا لمطالب ومناشدة دول مجلس التعاون للمجتمع الدولي بالعمل على اسقاط نظام الاسد، خاصة بعد استعماله للاسلحة الكيماوية ضد شعبه، وشاهدنا جميعا كيف نكص اوباما على عقبيه بشكل مفاجئ وكأن أمراً دبّر بليل! فاتضح لنا ان ما كنا نخشاه قد حصل، وهو ان ايران ضحت بشعاراتها ومبادئ ثورتها من اجل المحافظة على مخططها بالتواصل الجغرافي لدول الهلال الشيعي كما يسمى! واعطت لاميركا الضمانات التي تريدها، واهمها ضمان امن اسرائيل وسلمية البرنامج النووي! ولماذا الاستغراب من هذا التفسير؟ فها هو نظام الاسد منذ اربعين عاما لم يطلق رصاصة واحدة على اسرائيل لتحرير الجولان، فكيف ننتظر منه ان يسعى لتحرير فلسطين؟! ويبدو التوافق في النظرة الى مستقبل المنطقة واضحا بين سوريا وايران، ولم لا يكون كذلك والخلفية العقائدية متقاربة؟! ومن اجل ذلك كان ثمن المحافظة على استمرار نظام الاسد هو التنازل عن مبادئ الثورة الخمينية!
ولقد كانت هناك فرصة لدول مجلس التعاون الخليجي لايجاد توازن في ميزان القوى بالمنطقة، عندما نشأ نظام جديد في مصر يدعو الدول العربية والاسلامية الى الاستقلالية التامة عن مراكز القوى الغربية، وارسل عدة اشارات لهذه الدول للتعاون لتحقيق ذلك، الا ان تبعية بعض دول المنطقة لاميركا والغرب حالت دون ذلك، وأفشلت هذا المخطط، بل ومما يؤسف له ان من ساهم في اسقاط هذا النظام الجديد هو بعض دول المنطقة نفسها! وفعلا بعد سقوط نظام مرسي في مصر تبلورت بشكل واضح هذه العلاقة المشبوهة بين اميركا وايران، ولعل هذا ما يفسر مباركة نظام طهران ونظام الاسد لاسقاط نظام مرسي!
اليوم السعودية ترفض عضويتها بمجلس الامن، لانه عجز عن تحقيق اهدافه بفرض الامن والسلم الدوليين في سوريا، والحقيقة ان الذي شل مجلس الامن عن ممارسة دوره هو اميركا التي رأت ان ايجاد علاقة مميزة وجديدة مع ايران، ستكون كلفته اقل بكثير من شن حرب على نظام كان حارسا لامن اسرائيل طيلة عقود من الزمان!
الان.. اما آن للعقل في الخليج ان يستيقظ؟!
متى ستعي دولنا خطورة ما يجري ويخطط لها ولنا؟! هل نتوقع مزيدا من التطمينات الاميركية لدول الخليج بشأن هذا التقارب المشبوه؟! أمازالت الى اليوم عندنا ثقة في وعود اميركا واوروبا؟! ألم يحن اعلان وحدة خليجية تقلل من خطورة تداعيات هذا التقارب المفاجئ؟ ألا تشعرون يا حكوماتنا ان دوام الحال من المحال؟!
أسئلة كبيرة واجابتها موجودة في عقول المعنيين بالاجابة، لكنهم لا يجرؤون عليها خوفا من الصدمة! لكنه الانذار المبكر! فاليوم لدينا الوقت لتدارك الامر وغدا سنردد جميعا.. «اذا فات الفوت ما ينفع الصوت» والله الحافظ.