سامي النصف

لا شعبية للحكومة الشعبية!

في البدء.. هناك تعميم بألا ينسب تصريح أو يكتب شيء عن سمو الأمير دون إذن مسبق من الديوان الأميري، الصورة كما يقول المثل الصيني بألف كلمة يضاف لها القدرة هذه الأيام وبسهولة بالغة على التلاعب بالصور عن طريق «الفوتوشوب»، لذا فالواجب ألا يسمح بنشر صور القيادات السياسية دون إذن مسبق من الديوان الاميري.

***

العائلات الحاكمة في الخليج مستمرة في الحكم منذ قرون عدة خلقت خلالها اعرافا لا يمكن اختراقها او تجاوزها ومن ذلك يجب ألا يصدق أحد بأن هناك أسرا خليجية حاكمة تستهدف أسرا خليجية حاكمة أخرى بقصد إضعافها أو إسقاطها لبديهة ان إضعاف أو إسقاط أسرة حاكمة خليجية واحدة يعني تساقط وإضعاف الأسر الأخرى طبقا لنظرية «الدمنو» السياسية المعروفة، فكل ما يكتب عن ذلك التآمر هو كذب بواح يقصد منه ضرب الدول الخليجية بعضها ببعض حتى يتم الاستفراد بها الواحدة تلو الأخرى.

ويجب ألا يصدق أحد أن هناك أدنى شعبية لمطلب الحكومة الشعبية في الخليج الذي لو تحقق لمهد لحروب أهلية وتنازعات فئوية وقبلية وطائفية تروم اقتسام كعكة موارد الدولة ولشهدنا استباحة تامة لموارد الدول من مناصب وثروات.

***

كل القطاعات المكونة للدول في الخليج تلتقي بشكل دوري على مستوى القيادات السياسية والوزراء والوكلاء.. الخ، نقترح ان نشهد لقاءات دورية لوزراء الدواوين الملكية والسلطانية والأميرية في دول مجلس التعاون للتعاون والاستفادة من تجارب بعضهم البعض، وخلق اعراف مشتركة وفتح قنوات تفاهم وتواصل بين الأسر الحاكمة توثق العلاقة بين الدول.

***

آخر محطة: (1) ان صلاة الجمعة لدينا كمسلمين في المساجد يقابلها على سبيل المثال قداس الأحد لدى المسيحيين في الكنائس، هل شاهد احد قط سيارات امام كنائسهم وقد ركبت الارصفة وداست على الزرع وسدت على الآخرين بحجة حضور الصلاة؟ وهل تسمح دوريات مرورهم بمثل تلك المخالفات المرورية الصارخة؟!

(2) ظهر امس الأربعاء وأنا قادم من العمل عصرا في منطقة اليرموك وأمام المخفر وجدت سيارة لاندكروز رمادية تدخل بشكل خاطئ لفتحة «u-Turn» وتتجه سريعا بشكل معاكس للسير نحوي فبدأت بالتشهد إلا أن سائقها انحرف لليسار و.. توقف أمام المسجد للصلاة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

حسن العيسى

هل انتهت المعارضة؟

 خمد الحراك السياسي المعارض في الكويت – أو أخذ إجازة مفتوحة – في وقت متزامن مع خمود ثورات الربيع العربي وانتكاساتها بفضل بركات المال النفطي وغياب قيادة واضحة الرؤية وذات منهج ثابت ينطلق من تراث أكيد لقوى المجتمع المدني. فإذا كانت نيران المعارضة الكويتية وتجمعاتها واعتصاماتها السلمية التي أطلقت شرارتها، وتأججت نيرانها، قبل عامين إثر فضيحة "الإيداعات المليونية"، وهو العنوان المهذب لرشا كاملة الدسم من السلطة الثرية لعدد من نواب مجلس ٢٠٠٩، انتهت بحفظ التحقيق فيها للقصور التشريعي كما جاء في مذكرة النيابة، فإن الحراك المعارض الذي كان يهز شوارع العاصمة والضواحي السكنية في تلك الأيام الجميلة يقف اليوم منتظراً دوره للتحقيق عند غرف النيابة العامة، أو يبحث رموز ذلك التيار عن أسمائهم في رول القضايا الجزائية المتداولة أمام غرف المحاكم بقصر العدل.
 لماذا انتهى الحال بالمعارضة إلى هذه الصورة البائسة التي تمنتها وعملت من أجلها مجاميع الحلقات الانتهازية التي تدور في فلك السلطة، مع ما رافق تلك الأمنيات الخائبة من عمليات قمع شديدة على يد السلطة وملاحقات قضائية لا تكلّ ولا تهدأ! لا جديد في الجواب السريع المتمثل في غياب الرؤية الموحدة لرموز المعارضة واختلافاتها في تحديد مطالبها وما صاحب ذلك من سياسة العصا والجزرة للسلطة في خنق المعارضة، فنجد، مثلاً، أن بعض شيوخ القبائل – والكويت دولة قبلية من ألفها إلى يائها رغم مرور أكثر من خمسين سنة منذ حصولها على لقب "دولة" بدستور ديكوري- لم يجدوا حرجاً في التراجع عن مواقف متشددة صلبة ضد ممارسات السلطة وانقلب حالهم، سريعاً، مع "جزرة" السلطة، وأضحوا أقرب المقربين إليها بين عشية وضحاها، وعاصر ذلك أيضاً هدايا وعطايا بإعفاءات ومنح مالية لعموم الشعب، بينما كانت "عصي" القوات الخاصة تهرول خلف تجمعات المعارضين وعصا التشريعات الاستبدادية تقتفي آثار أقدامهم، تحاسبهم (حسب القانون) على ما تحدثوا وصرحوا به، وما تحتمله ألفاظهم من تفاسير تدين أصحابها وتودعهم زنازين الدولة إلى أجل غير معلوم.
 هل يمكن عزل ما حدث في الكويت عن الدائرة العربية الأوسع والأكثر حراكاً وقمعاً في الوقت ذاته؟ يسأل الباحثان ميلاني كاميت وإسحاق ديوان في شهرية "لوموند دبلوماتيك" عدد أكتوبر: لماذا بدأ الربيع العربي في ٢٠١٠؟ ويقرران أن "الاستياء الشعبي الذي أدى إلى الانتفاضات يمكن إرجاعه إلى عنصرين رئيسيين، تراجع دولة الرفاه، وتوطيد العلاقات الوثيقة بين الدولة وعناصر معينة من نخبة رجال الأعمال". ويمضي الباحثان في تحليل ظواهر "جمال وعلاء مبارك، وعائلة زين العابدين والطرابلسي" وعوالم المحسوبية والفساد حين يختلط الحكم والتجارة، وتلتحم أنظمة الحكم مع أصحاب البيزنس.
 إذا كانت هذه هي الأسباب المباشرة للربيع العربي، فهي الأسباب ذاتها التي تساهم اليوم في إخماد جذوة هذا الربيع وتحقق بعض الانتصارات هنا وهناك، ورافق تلك الأسباب أمراض مستعصية في الجسد العربي القبلي، مثل انكشاف واقع غياب الهوية الجامعة للشعوب العربية بمعنى شعور الانتماء إلى الدولة الأمة ووحدة الدولة العربية، وصاحَب ذلك بعث جديد لروح القبلية والطائفية الدينية، ففي مصر، رغم أنها دولة لا يخشى عليها التفتت بسبب عمق الهوية المصرية تاريخياً، فإنها وقعت مع بعض أخطاء اجتهادات "الإخوان" فريسة لقوى الدولة العميقة الضاربة في الفساد، وكان هناك أيضاً المال المتدفق من الخارج لقلب مركز التغيير للعالم العربي، وكان انقلاب مصر الأخير.
وخارج مصر كان التغيير الرجعي والتراجع عن الربيع يتجسدان في تقرير الفشل للدولة الليبية وتفتتها مناطقياً تحت إمرة عصابات مسلحة ادّعت شرف الإطاحة بالعقيد، وفي العراق تفتت الدولة أولاً بنظام المحاصصة والمحسوبيات الطائفية، وثانياً بالتفجيرات الانتحارية، وأضحت الدولة مجالس عزاء دائمة، ثم هناك سورية، وتشرذم المقاومة السورية، كنتيجة حتمية لانكشاف تشرذم المجتمع السوري ذاته، وضياع أولويتَي الكرامة والحرية للشعب السوري بإحلال دولة الخلافة في الأرض السورية مكانهما، وإزاحة واقع اللاجئين المأساوي جانباً.
 الطريق إلى التغيير مازال طويلاً، واحتمالات إعادة تشكيل الدول العربية بحدود ودول جديدة يطرح نفسه بشدة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يبقى أن يقر حكام اليوم، الذين لم تهزهم رياح "الربيع"، ويقتنعوا تماماً بأن موت أي معارضة سلمية في أي دولة لا يعني غير إعلان وفاة الدولة ذاتها، فلننتظر القادم من الأيام.

احمد الصراف

«فهموني يا جماعة»

يقول القارئ «م. العجيري» (وبتصرف منا) ان ما يحدث في سوريا أمر مثير للعجب وغير مسبوق في التاريخ الحديث، فقد تمكنت جهات، او التقت جماعات متخلفة متطرفة، سواء بأجندات خاصة أو تلك التي تعمل لمصلحة دول معادية للنظام السوري او حتى تلك التي لها، وفق قناعاته، أجندات لا علاقة لها بالثورة السورية، بل يصب وجودها في مصلحة النظام، التقت جميعها لتشريد وقتل الشعب السوري المنكوب، أو لخلط الأوراق، وجعل مسألة فهم ما يجري من المستحيلات، مع «مكائن» إعلامية موجهة من جهات مختلفة، تبدو أحيانا متناقضة وفاقدة للمصداقية، بما فيها وسائل الاعلام الغربية، وأحيانا أخرى صادقة بصورة مثيرة للشك. كما ساعد تشرذم وتشتت ما يسمى بالمعارضة في زيادة الطين بلة، وجعل تناقض المواقف الدولية، وانتقالها من وضع لآخر مناقضا له تماما وأمرا عاديا جدا، وجعل فهم ما يجري أكثر صعوبة حتى على أكثر العالمين بأسرار السياسات ومخترقي جدران الكواليس! ويستطرد صديقنا قائلا: ان موقف وزير الخارجية الأميركي، جوني كيري الأخير الذي «أشاد» فيه بتعاون النظام السوري في تدمير ترسانته من الأسلحة الكيماوية دليل آخر على عدم اهتمام أي طرف بدماء الشعب السوري، طالما أن كل ما يجري في سوريا لن يؤثر بنهاية الأمر في سلام وأمن جارتها إسرائيل!
ويعتقد العجيري أن ضمان أمن إسرائيل من الجانب السوري هو الورقة الرابحة التي لعب بها «بشار الأسد» ليدفع الأميركيين لأن يغضوا النظر عن أفعاله، وربما حتى الموافقة على إمكانية تمديد فترة بقائه في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية السورية القادمة في 2014، على الأقل، والتي لا يعرف أحد كيف يمكن أن تقام في ظل كل هذه الفوضى، دع عنك نزاهتها!
المزعج في الأمر ما اعتقده أو شعر به البعض أو استنتجه من كتاباتنا، من أن مجرد انتقادنا لتصرفات بعض الفصائل المتطرفة المشاركة في الحرب الأهلية في سوريا يعني بصورة تلقائية تأييدنا للنظام، وهذا ما لم يرد قط على بالنا، ولم نفكر فيه او نسعى له. فقد كنا من أوائل من كتبوا منتقدين النظام لما يجري في سوريا، فالمسؤولية الأولى والأخيرة لما جرى ويجري في مصر وفي تونس وليبيا، لا تقع المسؤولية فيه على الاستعمار العالمي وقوى التخلف والرجعية ولا على الصهيونية العالمية، ولا القاعدة وأذنابها، بل على النظام الحاكم فيها الذي تشبث بالسلطة لعقود عدة دون محاولة، أو حتى مجرد التفكير في تمهيد الطريق لتسليم السلطة، عبر انتخابات نزيهة وحرة، لجهة اخرى! هذا ما سبق وان كتبناه أكثر من مرة ولا نزال نصر عليه.
يعود صديقنا ليقول انها ربما المرة الأولى في التاريخ التي تتعاون فيه مجموعة غريبة من جماعات ودول متناقضة المصالح والاهداف والتطلعات والسياسات في إحداث كل هذا الدمار والقتل والتشريد لشعب ما دون ذنب جناه، فما الذي جمع روسيا وإيران والصين وحزب الله والنظام السوري في جهة ضد أميركا(!!) والدول الغربية وقطر والسعودية والقاعدة وتركيا وغيرها في الجانب الآخر، هذا غير مرتزقة الطرفين؟
ما يحدث في سوريا امر محير حقا، ولا أعتقد أن أحدا، على الأقل من بين عشرات المحللين والمعلقين الذين استمعت أو قرأت لهم، استطاع أن يقنعني بأنه يعرف ما يجري هناك!

أحمد الصراف