عادل عبدالله المطيري

شبه الديموقراطية الكويتية

مع غياب المؤسسات السياسية الحديثة كالاحزاب ومنظمات العمل المدني، لا يمكننا الجزم بأننا في الكويت نمارس الديموقراطية كما هي معروفة في العالم المتمدن، لدينا انتخابات ولكنها غير عادلة، لان التمثيل البرلماني في ظل الصوت الانتخابي الواحد لا يمثل الأغلبية في الدائرة الانتخابية، فالناخب الكويتي يختار نائبا واحدا من أصل عشرة نواب في دائرته الانتخابية، اما تقسيم الدوائر الانتخابية نفسها فلا تعرف المساواة إطلاقا، حيث يتفاوت عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية من دائرة فيها نحو 30 ألف ناخب إلى دائرة انتخابية أخرى فيها اكثر من 100 ألف ناخب، ولكل الدوائر الحق نفسه بإخراج عشرة نواب للبرلمان.

ربما كرهنا الانتخابات البرلمانية في الكويت، ليس فقط لكثرة حل المجالس البرلمانية وابطالها والذي يعتبر هدرا لإرادة الامة، وليس ايضا لغياب العدالة والمساواة، بل لاننا ومع غياب الاحزاب والمؤسسات السياسية نجد انفسنا مجبورين على الانجراف وراء مشاعرنا لا افكارنا والتي تؤججها المؤسسات السياسية الاولية كالطائفية الدينية او القبلية او العائلية.

ان الحديث عن امتلاك الكويتيين الكثير من مقومات الديموقراطية هو كلام غير دقيق، فمبدأ «كاستقلال السلطات» وهو احدى الركائز الديموقراطية وعلى الرغم من ان الدستور الكويتي ينص عليه في المادة 55 منه، إلا ان الدستور نفسه يناقضه في اكثر من مادة أخرى، منها على سبيل المثال المادة 80 حيث جعل الدستور الوزراء غير المنتخبين اعضاء في البرلمان وبالتالي يحق لهم الاقتراح والتصويت أسوة بالنواب.

ربما يكفينا للتدليل على تداخل السلطات ان لدينا سلطة تشريعية ترد قوانينها من السلطة التنفيذية، بل واحيانا تبطل السلطة القضائية السلطة التشريعية ذاتها في الكويت. الحديث عن المبدأ الديموقراطي الأصيل «كمبدأ تداول السلطة» هو كالحديث عن قصص الخيال العلمي أو الدستوري ففي كل الديمقراطيات البرلمان هو الذي يشكل الحكومة إلا في الكويت فالعكس هو الصحيح، حيث من الممكن عمليا أن تشكل الحكومة البرلمان عن طريق دعمها اللامحدود لبعض المرشحين حتى لو اقنعنا انفسنا بأننا في مرحلة انتقالية فيها شيء من مظاهر الديموقراطية حتى نصل إلى اكتمال تجربتنا الديموقراطية، فإن الواقع يؤكد أن (52 عاما) منذ إقرار الدستور والعمل فيه، هي مدة طويلة واكثر من أن تكون مرحلة انتقالية، ويجب أن نعلم بأنه لا توجد منطقة وسطى ما بين الديموقراطية واللاديموقراطية، ولا بد أن نحسم خياراتنا، إما أن نكون ديموقراطيين أو لا نكون.. فلا يمكننا الاستمرار بالشكل المشوه الحالي للديمقراطية.

فالديموقراطية لا تكون إلا كاملة بأحزابها ومؤسساتها المدنية وبكل أدواتها كالانتخابات والاستفتاءات وبكل مظاهر الاستقلالية الكاملة لسلطات الدولة الثلاثة.

ختاما، إذا كانت لدينا في الكويت مشاكل مع الديموقراطية، فإن الحل كما يؤكد «ألكسندر هاميلتون» هو بالمزيد من الديموقراطية.

وإن كنت شخصيا أتشاطر الرأي مع وينستون تشيرشل حول الديموقراطية، بالطبع تشرشل كان يقصد الديموقراطية الكاملة وليست ما نمارسه نحن الكويتيين.