مبارك بن شافي الهاجري

الصمت أخير من الكلام الفاضي

الصمت أخير من الكلام الفاضي

والرجل لولا العقل وش يُبغى به

خلّك على درب المراجل ماضي

والرزق عند الله وسيعٍ بابه

سامي النصف

مَن علّم جنرالات العرب الكذب؟!

كان جنرالات العرب بألف خير وعافية يهزمون بشرف وكرامة حتى عقدت مصر وسورية صفقة الأسلحة السوفييتية منتصف الخمسينيات ووصلت معها ثقافة استخدام الكذب «ملح الرجال» لتبرير الهزائم والنكسات والوكسات التي اصيبت بها الامة العربية، لذا علينا الا نستغرب كذبة الجنرال السوفييتي بحق الجيش الكويتي الذي لو كان «مدللا» كما ادعى لما ترك وطنه واحتشد على جبهتين من جبهات القتال ولما لامه أحد نظرا لصغر حجم الكويت ولمساهمتها المالية الرئيسية في دعم المجهود الحربي العربي الذي اقرته قمة الخرطوم وكان بامكانها ان تكتفي بذلك الدعم كحال الدول الأخرى.

***

وأبو الكذب السوفييتي هو المارشال ستالين الذي ما ان انقلب بطل الاتحاد السوفييتي الجنرال فاسيليف و400 ألف من جنده وانضموا للجيش النازي الغازي حتى أعلن ستالين استشهاده وتكريمه لصموده ودفاعه عن وطنه، وما ان انتهت الحرب الكونية الثانية حتى تم القبض على «البطل الشهيد» ومحاكمته واعدامه، وقبل ذلك كان المارشال ستالين اول من اخترع حكاية «الفوتو شوب» في التاريخ، فهذا العام تظهر صورته وهو على المنصة محاطا بجنرالاته الابطال يستعرضون جيشهم الاحمر، وفي العام المقبل وبعد ان يكون قد خون واعدم نصف هؤلاء الجنرالات يتم تركيب وجوه جديدة على اجسادهم.

***

وقبل مدة قام المذيع الروسي المبدع خالد الرشد وضمن برنامجه الوثائقي «رحلة في الذاكرة» بمقابلة بطل الاتحاد السوفييتي (من تاني) اللواء طيار سيرغي كيرا مورينكو الذي شارك في الحرب الكورية (1950 ـ 1953)، واوضح الجنرال الصادق كيف كان يسقط عشرات الطائرات الاميركية في الطلعة الواحدة وكيف كان يرأف بصغار السن منهم (يا حنين) فيتركهم دون اسقاط، موضحا بالمقابل وحشية الطيارين الاميركيين الذين تركوا مهامهم القتالية وتسابقوا على قتله بعد ان قفز بالبراشوت من طائرته (الارجح في أول طلعة).

***

وقد عدت لمؤرخي تلك الحرب فوجدت أنهم ذكروا أن أبطالها من الطيارين الصينيين والكوريين والاميركان يعتد برواياتهم، اما من ادعوا تلك البطولات من السوفييت فكانت ادعاءاتهم كما يقول هؤلاء المؤرخون العسكريون، أكاذيب غير موثقة حيث انهم ادعوا انهم أسقطوا طائرات تفوق مجموع أعداد الطائرات المشتركة في تلك الحرب، وان اسباب كذبهم كانت تتراوح بين كونها ثقافة معتادة لديهم، وخوفهم الشديد من مسؤوليهم وعدم وجود الكاميرات المصاحبة لمدافع الطائرات او تعطلها، اضافة الى حقيقة ان سرعة الطائرة الميغ 15 النفاثة لا تتيح لهم رؤية نتائج ما صوبوا نيراهم نحوه.

***

آخر محطة: 1 – السبب الرئيسي لنكسة 67 هو كذبة سربها وزير الدفاع السوفييتي لوزير الحربية المصري شمس بدران قبيل الحرب بأيام وفحواها ان على مصر ان تتقبل الضربة الاولى من اسرائيل كونها ستعطي الاتحاد السوفييتي المبرر لدخول الحرب وقد دمرت الطائرات المصرية في الضربة الأولى ولم يأت احد واتضح ان الامر لا يتعدى.. كذبة بيضاء معتادة!

2 – للعلم.. يقول الخبراء ان سبب انتصار العرب عام 73، طرد الرئيس السادات الخبراء العسكريين السوفييت عام 72، ويقول المؤرخون ان احد اسباب اخفاق الجنرالات السوفييت عدم الاعتماد على الكفاءة بالترقي والاسراف الدائم في الشراب، وفي هذا السياق عرضت قناة ديسكفري قبل ايام برنامجا وثائقيا عن الرئيس يالتسين تضمن لقاء مع رئيس أمنه واقرب مقربيه قال ضمنه ان حامل مفاتيح الصواريخ النووية كان يبدأ عمله الساعة التاسعة صباحا وفي حوالي 11 صباحا يستدعيه شاكيا له، انه تعب من العمل ويطلب منه مشاركته «الغداء» الذي يبدأ في ذلك الوقت المبكر بكؤوس من الفودكا تستمر حتى يرى.. الديك!

حسن العيسى

تحدثوا عن نهاية دولة الفساد وليس الرفاه

خطأ في الفهم الحكومي وخطأ في لغة التعبير عن المفهوم حين تخاطب الحكومة المواطنين، محذرة من بداية النهاية لدولة الرفاه. بالتأكيد دولة الرفاه في الفهم الحكومي لا تعني أن يقبض البعض رواتب من دون التزام بالعمل ومن غير دوام، كما صرح السيد أحمد المرشد وكيل وزارة شؤون مجلس الأمة قبل أيام للصحافة، وتلك كانت عينة بسيطة، من مستنقع غزير للفساد الإداري!
ومن المؤكد أن دولة الرفاه في العقل الحكومي لا تعني أن يتكدس آلاف الموظفين في الدوائر الحكومية من غير عمل، أو أن يتم خلق آلاف الوظائف، إدارية ومسميات وظيفية عالية ومتوسطة، من أجل ترضيات سياسية عبر أقنية الواسطة والمحسوبية كي ننتهي اليوم بهذا الشكل القبيح للدولة المترهلة الغارقة في الأوراق الرسمية، حتى أضحت الكويت في أسفل السلم في الدورة المستندية، كما نشرت الصحافة أمس عن تقرير البنك الدولي! ولا أتصور أن الحكومة تقصد بدولة الرفاه تدخل السلطة الحاكمة في أكثر من مناسبة لتوزع هبات مالية وعطايا وإعفاءات من رسوم خدمة دون مناسبة، أو يتم اختلاق مصادفة مناسبة وطنية حتى ينسى المواطن حقاً سياسياً مستلباً، ويلهى عن مستقبل مجهول بعد أن أفرغت الساحة السياسية من المخلصين، لتحل مكانهم شخصيات انتهازية من صنف "أم أحمد العجافة"؟ (1)
لماذا لا تخاطبنا الحكومة عن وعد بإنهاء دولة الفساد بدلاً من الوعيد عن نهاية دولة الرفاه، فالتعليم المجاني السيئ والخدمات الصحية المتردية، والإسكان الذي ينتظر به الشباب عقوداً ممتدة حتى يأتيهم الدور لا يمكن عد ما سبق من صور دولة الرفاه، ولا يمكن تصور دولة الرفاه في أشكال المسخ للبطالة المقنعة بكل إدارات الدولة، ولا نتخيل دولة الرفاه متمثلة بغياب الإرادة والعزم عند الوزراء وكبار الموظفين بمكافأة المخلص وعقاب المهمل من المرؤوسين، وليست دولة الرفاه هي المناقصات المفصلة على مقاسات المؤلفة قلوبهم، وليست هي العقود العامة "المخصصة" للمقربين من دوائر الحكم، ولا هي رشا رسمية سياسية في داخل الدولة لتسكيت الناس، وليست هي هبات ودعماً حين تأخذ أشكال المساعدة والقروض لدول "شقيقة" تعينها على قمع شعوبها وطمس ديمقراطيات وليدة، كي نقول بأسى إن الكويت نالت شرف بطل الثورات المضادة… حدثونا عن دولة الفساد، ولا تسوقوا أوهاماً مريضة عن دولة الرفاه.

(1) شخصية انتهازية، كما صورها بيت شعر للراحل فهد بورسلي