سامي النصف

لا أسر خليجية حاكمة بعد عام 2014!

جريدة «الغارديان» التي اشترطت الخلود لمن يسكن احدى دولنا الخليجية كما ذكرنا في مقال سابق، أخرجت مؤخرا من أحد صناديق المهملات كتابا ساقطا لكاتب انجليزي ساخط فحواه ومحتواه تهريج مدفوع الأثمان من إحدى الدول الثورية، حال الكاتب كحال جورج غالاوي الذي ظهر اسمه في كوبونات نفط صدام والقذافي، وللعلم مثل تلك التنبؤات قال بمثلها بداية الستينيات كتّاب أكبر منه أمثال فريد هوليداي وصامويل هنتنغتون ومرت عقود وسقطت الأنظمة اليسارية الثورية التي استهدفت الأنظمة والدول الخليجية وبقيت دولنا الخليجية مستقرة وتزداد ازدهارا مع كل يوم يمر.

***

الغريب ان الكاتب د.كريستفرسون ديفيدسن هو أول من يكذب ويهدم نظرية سقوط الانظمة الخليجية التي تنبأ بها وانتشرت على الفضائيات ومواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي المعادية لدول الخليج ما أوجب الرد عليها، فالكاتب يقر حتى قرب نهاية الكتاب المكون من 320 صفحة بحجم رفاه ورضا المواطن الخليجي، وان الرفاه امتد للمقيم الذي لا يدفع ضرائب ويحصل على دخل وخدمات لا يحصل عليها في بلده، كما يقر بذكاء وحكمة وتأثير سياسة «القوة الخليجية الناعمة» التي وصلت لدول العالم الثالث عبر المساعدات السخية والسمعة الطيبة، وإلى دول العالم الأول عبر الاستثمارات المدروسة التي امتدت لمراكز الأبحاث والجامعات والأندية الرياضية المتصلة بقطاع الشباب وحتى الى الاجزاء الأكثر فقرا وتخلفا في تلك الدول المتقدمة كحال مانشستر وضواحي باريس.. الخ، حتى انتهى الأمر بخلق مصالح مشتركة تدفع دول الشرق والغرب معا للدفاع عن الدول والأنظمة الخليجية كما ترجم ذلك إبان احتلال الكويت عام 90 ـ 91.

***

آخر محطة: (1) يقول مثل خليجي شائع ما معناه «ينولك من الكاذب صدق قليل» ومن ذلك ضرورة الانتباه لما قاله ديفيدسون المختص في علوم الاقتصاد من خطورة التزايد السكاني الخليجي الذي هو الأعلى في العالم ويزيد من تآكل الموارد الاقتصادية، وكذلك خطورة تعاظم استهلاك النفط «الناضب» لسد حاجيات الداخل من كهرباء وماء مدعومين.

(2) شخصيا وبعيدا عن الهراء والكذب الذي ذكره الكاتب الذي هو نسخة غربية عن محمد سعيد الصحاف عن تساقط الأنظمة، أرى جزما ان هناك اشكالات وصعوبات اقتصادية قادمة سريعا في الطريق للخليج نتيجة لانخفاض كبير غير متوقع لأسعار النفط ستبدأ معه محاولات مغرضة لخلق حالات عدم استقرار سياسي وأمني لبعض دولنا وليس جميعها.

 

احمد الصراف

قراءات متفرقة

كانوا أربعة أصدقاء، وكانوا في السنة الجامعية الأولى، وكانوا يشتركون في طباع وهوايات متقاربة، حتى درجاتهم الدراسية كانت قريبة من بعضها. وكانوا أكثر طلاب الصف تميزاً. وقبل امتحان نهاية السنة بيومين، ومن منطلق ثقتهم بقدراتهم، قرروا قضاء عطلة نهاية الأسبوع على أحد الشواطئ بدلاً من قضاء الوقت في المذاكرة. سهرهم فوّت عليهم فرصة العودة في صباح اليوم التالي، ولم يتمكنوا من أداء الامتحان في موعده! ذهبوا إلى أستاذ المادة وشرحوا الأمر له، بعد أن اتفقوا على أن سبب تأخرهم هو تعرض دولاب سيارتهم للعطل! ونظراً لسمعتهم الجيدة وسابق درجاتهم المميزة، وافق هذا على أن يعيد الامتحان لهم! وفي يوم الامتحان قال لهم إنهم سيؤدون الامتحان في غرف منفصلة عن بعضهم بعضا. وعندما بدأ الاختبار وجدوا أن الإجابة عن السؤال الأول سهلة جداً، وكانت العلامة عليه 5 درجات فقط، ولكنهم فوجئوا بنص السؤال الثاني والأخير، وعليه 95 درجة، حيث كان: أي إطار في السيارة تعرض للعطل؟
***
عندما عجز عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين عن شرح نظرية النسبية لمجموعة من زواره، قام بوضعها في قالب أكثر بساطة، حيث قال إن كل شيء في الحياة نسبي، فلو جلسنا مع من نحب لفترة ساعة لهالنا مرور الوقت بسرعة! ولكن لو طلب منا الجلوس على سطح ساخن جداً للحظة فقط لشعرنا بأن الدقيقة أطول من ساعة! تذكرت هذه النظرية وأنا أقرأ نصاً يقول إننا عندما نقوم من النوم في السادسة صباحاً مثلاً، ونقرر أن الوقت ما زال مبكراً، وأن بالإمكان أخذ غفوة لخمس دقائق، فإننا غالباً ما نصحو ونجد أن الساعة قد جاوزت السابعة بكثير! ولو كنا في العمل، وقررنا في الساعة 1.30 ظهراً مثلاً، وبعد إصابتنا بالملل من بطء مرور الوقت، أن نأخذ غفوة لخمس دقائق، فإننا غالباً ما نصحو ونجد أن الوقت قد أصبح الواحدة و31 دقيقة فقط!
وأخيراً، عندما نسمع من أحد رأياً بأن المال أهم شيء في الحياة، فمن المتوقع أن هذا الشخص على استعداد لأن يفعل «أي شيء» ليحصل عليه!
وقد تعلمت، أخيراً، فقط أن الجدال مع أحمق ينتج عنه عادة أحمقان!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مذكرات مواطن محترم (5)

 

لم يتمكن المواطن المحترم من إخفاء غيظه وغضبه من ذلك الخطيب الذي كان يلعلع بأعلى صوته مادحاً ومثنياً وذاكراً مناقب فلان وعلان، حتى أنه بعد انتهاء الصلاة لحقه إلى سيارته وقال له: «جزاك الله خير الجزاء يا شيخنا الفاضل، والله أنك من أهل الحق ومن المدافعين عن الحق وممن يخافون الله ويقولون الحق ولا يخشون في الله لومة لائم».

ويبدو أن ذلك الخطيب لم يصدق كلام المواطن المحترم، وشعر بأنه يسخر منه! فالخطيب، يعرف نفسه أنه ما قال الحق يوماً! ويدرك أكثر وأكثر إنما هو لا يقول إلا ما يملأ جيوبه بالفضة والذهب… صمت برهة ثم نظر إلى المواطن المحترم نظرة استغراب وأردف «ماذا تقصد؟ ماذا وراءك؟ ما الذي تريده؟»… في تلك اللحظات، تجمهر بعض الناس حولهما فإذا بالمواطن المحترم يقول: «ألا تمل من الشيكات يا هذا؟ هل تشعر بالفرح والسعادة والفخر وأنت تملأ عقول هؤلاء، ومعظمهم من الآسيويين الذين لا يفقهون أصلاً ماذا تقول، ومعهم قلة من المواطنين والعرب الذين هم أيضاً لا يستطيعون أن يردوا كلامك المليء بالنفاق والباطل والتحريض والتهريج؟ تمدح فلان وعلان وتجعل من المواطن المسكين وكأنه بهيمة الأنعام؟ ألا تستحي على وجهك؟ أليس لديك الجرأة لأن تتحدث عن حال المواطن الذي يعاني الويلات في حياته؟ هل هذه مسئوليتك أمام الله والناس؟ ثم تعال… متى ستكبر ويكبر المخ الذي يقع داخل هذا الرأس الكبير؟ ما عندك إلا فتنة وتأليب وشتائم، وإذا وصلت إلى خط هذا المسئول أو ذاك صرت كالنعجة؟.

حوقل الخطيب واستغفر وركب سيارته والمواطن المحترم يلاحقه بكلماته: «أي نعم حوقل واستغفر وقص علينه… تعال لا تروح ما خلصت كلامي… تعال اطلع فيك وفي أشكالك الحرة… يللي ما تستحون… أي دين تعرفون؟ شاطرين في الضحك على عقول الناس، والقهر أن بعض الناس يصدق كلامكم الغبي… تعال».

غادر ذلك الخطيب مسرعاً بسيارته فيما كان بعض الحاضرين يحاول تهدئة المواطن المحترم: «صلِ على النبي يا خوي… تعوذ من الشيطان… هدئ أعصابك واكسر الشر»، فيما آخرين كانوا من جوقة الخطيب تصدوا له واسمعوه كلاماً قاسياً: «ترى الشيخ تاج راسك… من أنت حتى تقف أمام هذا الأسد… نعم هو أسد الحق على أهل الباطل»… وبالطبع كان المواطن المحترم يستمع لهم ويضحك بصوت عالٍ لأنه يدرك أنهم من مجموعته الذين يحصلون على فتات موائده ويدهن سيرهم وهم دائماً على أهبة الاستعداد لأن يدافعوا عنهم مهما كان نوع دهان السير، لكن المواطن المحترم لم يسكت لهم وأسمعهم هو الآخر كلاماً لم يعجبهم: «أنت لستم سوى دمى… تصدقون نعيق هؤلاء الذين وجدوا فيكم مجموعة من الأغبياء الذين يصفقون لكل شيء… مطالب معيشية يصدحون بها وتذهب أدراج الرياح وأنتم تصفقون… عرايض ومواقف وتهديد ووعيد وأنتم تصدقون… سيطردون السفير الفلاني والعلاني وسيقفون أمام بيته كالأسود ثم يصبحون كالخرفان وأنتم تصفقون… دائماً تصفقون لأن التصفيق لديكم مدفوع الثمن… اغربوا عن وجهي».

انتهى المشهد ولايزال المواطن المحترم في حنقه وغيظه… كان يستذكر العديد من المشاهد التي أصبحت موضة لدى بعض الخطباء والنواب والمتسلقين والمصفقين والمطبلين كلهم يلهثون وراء الهبات والأعطيات ويرجون من الممدوحين ما لا يرجو غيرهم، وعندما وصل إلى بيته وجد ثلاثة أشخاص ينتظرونه وعلى وجوههم ملامح المتوحشين… لم ينظر لهم ولم يسلم عليهم وعندها هم بدخول منزله وقف أحدهم أمامه نافخاً صدره وقال: «هذه أول وآخر مرة تخاطب فيها فضيلة الشيخ بهذه الطريقة… هل سمعت؟ وإلا سترى ما لا يسرك… يجب أن تعلم أن فضيلة الشيخ رجل لا يقول إلا الحق وهو يواجه أهل الباطل والمنكر ويقارع الخونة والمتآمرين ويحذر البلاد والعباد منهم»… بالطبع، لم يمتلك المواطن المحترم الشجاعة لأن يواجه ثلاثة أشخاص مدفوعي الأجر، إلا أنه حاول أن يتمالك نفسه ويظهر في مظهر الشجاع فقال: «هل جئتم لتضربونني مثلاً؟ إن ذلك الرجل الذي تجعلونه في مقام الأنبياء إنما هو يضحك عليكم ويخدعكم وأنت تعلمون ذلك، وتعلمون أيضاً أن أمثال هؤلاء لا تهمهم قضايا الناس ومصلحة الناس ومعيشة الناس، إنما يهمهم جيبهم فقط… لكن على أية حال، أعدكم بأنني لن أكررها… وعد… أي والله وعد… وما راح أطب أصلاً المسجد الذي يصلي فيه أسدكم، فأنا أفضل الصلاة مع بني البشر».