سعيد محمد سعيد

مذكرات «مواطن محترم» (2)

 

لم يخفِ المواطن المحترم إعجابه بشخصية (بوجليع) التلفزيونية الشعبية المحببة للكثيرين… كان يقول دائماً: «بوجليع صديقي… على الأقل ريال ما عنده خيري ميري… يقول الصج ولا يبالي… موب مثل الربع… تعو تعو برو برو»…

ولعله كان شديد الإعجاب بتلك الشخصية كونها تقترب كثيراً من معاناته اليومية كمواطن ومعاناة مئات الآلاف من أمثاله… لكن ذلك الإعجاب لا يعدو كونه حالة من التنفيس عن الهموم! حتى أنه قال ذات مرة: «صحيح هو صديقي… وأعني بوجليع… لكن على أرض الواقع، لن نرى أمثاله يفعلون كما يفعل… بصراحة، أنا اليوم في غاية الضيق والقلق فحتى بوجليع الذي أحبه ويحبني، لم يعد من ذلك الصنف الذي يمكن أن أثق فيه».

على أية حال، لم يتسنَّ للمواطن المحترم، وابنته الكبرى، أن يجلسا أو يرتاحا منذ الثامنة صباحاً حتى الثالثة عصراً… يدور بها من وزارة العمل إلى ديوان الخدمة المدنية… من ديوان الخدمة المدنية إلى «تمكين»… من «تمكين» إلى مكاتب التوظيف في محافظته… من المكتب إلى هذه الشركة، ومن تلك الشركة إلى هذه المؤسسة… طبعاً، كانت البنت تعطف على والدها لما ألمَّ به من معاناة الجري واللهاث والركض من مكتب إلى آخر، والأب كان يحمل في قلبه مرارة وألم وهو يرى ابنته التي ستكمل الآن عامين كاملين منذ تخرجها في تخصص إدارة الأعمال دون بريق أمل في الحصول على وظيفة مناسبة… وما يزيد حسرته، أنه يرى الكثيرين ممن أخذوا مكانها بلا وجه حق!

كان صادقاً وصريحاً ومؤمناً وواثقاً من رزقه ورزق عياله النازل عليهم من عند الله سبحانه وتعالى، وكذلك يؤمن بأن أرزاق الناس أيضاً ستأتيهم… لكنه ما كان مقتنعاً أبداً بأن الوظيفة المعقولة التي يمكن أن يشغلها أبناء البلد، تذهب إلى غيرهم مهما كانت المسوغات… المبررات… الاتهامات… الافتراءات… المسببات… الدواويح الحمراء… كل ذلك بالنسبة له هراء وفعل يتنافى مع كل النظم والقوانين والحقوق والواجبات.

اليوم التالي كان أفضل من ناحية (مؤشرات التفاؤل بالخير)… اتصلت إحدى الشركات الصناعية بابنته فشعّ الفرح وظهرت علامات السرور على وجه البنت وصرخت: «يمه… يبه… اتصلوا لي من الشركة الفلانية عندي بكرة مقابلة… الحمد لله رب العالمين!»… قالت الأم: «سيفرج الله الأمور يا ابنتي وتفاءلي بالخير تجديه»… أما المواطن المحترم فكان رأسه يابساً لحظتها: «بنروح وأمرنا لله… شنسوي بعد… صرف بترول في هالازدحامات… ومداور بهالموتر التعبان… وانتظار ساعات طويلة… والبنية مسكينة تتعب… وآنه تنتفخ ريلي… وتالي روحوا بنتصل… تصدقون عاد ذي الكلمة كنت سامعها من على أيام قراقوش السابع عشر… ههههه.. ضحكي يا بنتي ضحكي… بكرة من الصبح معاج لا تحاتين».

كان الاستقبال جميلًا في تلك الشركة… ما أن وصل المواطن المحترم مع ابنته إلى الشركة حتى استقبلتهم إحدى المسئولات البحرينيات ورحبت بهما وبدأت في الترتيب لعقد المقابلة، لكنها قالت بمشاعر صادقة: «المسئول أشقر يا يبه… وخبرك… يمكن يتفلسف… يمكن يستفز في الأسئلة، فمن الضروري أن تكون البنت واعية ومستعدة لمثل هذه الحالات في المقابلات الشخصية للتوظيف»… رد عليها مبتسماً: «مشكورة يا خويتي… بس شدعوه بنتي بتقدم لوظيفة إدارية لو بتشغلونها مكنسة… شنو أشقر ويتفلسف… إلا أدوس في بطنه قولي له من الحين يحترم روحه… إي والله هاي القاصر».

هدأت الموظفة من روعه وطلبت منه أن يتمالك أعصابه وكل الأمور ستسير على خير… آن وقت دخول البنت للمقابلة الشخصية… وبالفعل، وقع المحظور… كم الراتب الذي تتوقعينه لوظيفة مساعدة اختصاصية شئون مالية؟ من أي منطقة أنت؟ ماذا تمتلكين من خبرات؟ تروحين مني مناك؟ ما هي ميولك السياسية؟ هل تحبين السياسة أصلًا؟ لو تم توظيفك ما هي الأفكار الجديدة التي ستطبقينها لتحسين العمل؟… المفاجأة الجميلة، هي إن من كان يوجه هذه الأسئلة (الكسيفة) ليس الأشقر، لا… مواطن! قفز المواطن المحترم مقتحماً غرفة اللقاء وهو يقول: «سمعت أسئلتك الحلوة والعظيمة والخبيرة يا عبقري زمانك… ما تبي تسألها بعد إذا كانت تقبل بحقيبة وزير بلا وزارة بعد أن تأتي لك بواسطة من فوق؟ أو ما رأيك في أن تبتكر لك نظاماً يجعل أبناء البلد الخريجيين العاطلين عن العمل يكتسبون الخبرة والدراية والمهارات وهم يدورون لسنين بحثاً عن عمل»… أقول يبه، قومي نرجع البيت، وبكرة يحلها ألف حلال… إي والله خبرات وميول سياسية… والله المستعان.

حسن العيسى

أقروا مرة واحدة بفشلكم

مثلما هناك معضلة "الثالوث المحرم" كما يتمثل بالسياسة والدين والجنس في كتاب المفكر السوري الراحل بوعلي ياسين، وهي المحرمات الكبرى في شرقنا العربي المتخلف، والتي يحظر الحديث أو التعبير عنها بالوطن العربي، لدينا في الكويت ثالوثنا المستحيل الذي حدده استبيان مجلس الأمة الأخير، متمثلاً في السكن والتعليم والصحة وهي هموم المواطن الكبرى.
لا جديد في استبيان المجلس هذا، كما لم يكن جديداً أن تعيد الحكومة تكرار خطابها الخاوي عبر وسائل الإعلام عدة مرات دون جدوى، ويصاحبه "فلاشات" دراسات وخطابات بوعود حكومية لحل أزمة المستحيلات الثلاثة الكويتية مع رتوش تتحدث عن عزم السلطة على محاربة الفساد، وإصلاح الجهاز الإداري، وتخفيف أزمة المرور وغيرها من هموم مثل محنة البدون والوضع الشاذ لنظام الكفيل الكويتي للمقيم أطلقتها الحكومات المختلفة، وهي حكومة واحدة في جوهرها، وكلها لم تحرك ساكناً في حلحلة أي من المحرمات الكويتية.
  تكرار ليس له بداية ولا يبدو أن له نهاية، حين يشتكي الشباب من أزمة السكن وعجز أهلهم من الطبقة الوسطى عن توفير قطعة أرض بسيطة لشراء منزل العمر لأبنائهم  بسعر معقول، وتكرار لا ينتهي  في خطابات سوء الخدمات الصحية في الدولة يقابلها وعد بعد آخر عن قرب الانتهاء من إنهاء بناء مستشفيات جديدة، وننتهي إلى فشل في تحقيق الوعد، وعد مستشفى جابر مثلاً في خدمة الصحة، يقابله وعد آخر عن جامعة الشدادية للتعليم الجامعي الذي سيخرج جيوشاً جديدة ستحشد في إدارات "تعال باجر" البيروقراطية.
   من سيصدق وعود الإصلاح الحكومية، وإلى متى تظل هذه السلطة الدائمة تحقن المواطنين بإبر التخدير (الوعود) بقرب حل قضاياهم اليوم! كم سنة وكم عقد انتهت بلاشيء، ومن جديد يعود المصدر الحكومي ليخبرنا بعد ديباجة الملل المضحكة في اجتماعات أصحاب المعالي الشيوخ والوزراء عن "دراسة المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية"، ليقدم إلى المواطن وعداً جديداً، وتعود حليمة لعادتها القديمة، فخدمة الصحة تظل "زفتاً"، والتعليم يسير من سيئ إلى أسوأ، والدراسات الكثيرة عن تدهور الوضع التعليمي مكانها المناسب سيكون في أرشيف منسي من أرشيفات الدولة، وأسعار الأراضي ترتفع مع بقاء احتكار الدولة والقلة المقربة إلى القرار السياسي للأرض اليباب، والأضابير المنسية في الأدراج الإدارية تتضخم ولا أحد يرى ولا أحد يسمع ولا أحد يكترث في دولة تدفع الرواتب وتدعم السلع والخدمات وتوفر "ماجلة" العائلة بدون مقابل لأكثر من سنة كاملة.
  لم يعد مجدياً أن تتحدث السلطة عن "ثالوثها" الكبير، فالمواطن أصبح لديه مناعة عدم التصديق للوعود السلطوية، التي اكتسبها منذ زمن بعيد ومن تواريخ قديمة بوعود الإصلاح السياسي والشفافية ومحاربة الفساد، ووضع "الشخص المناسب في المكان المناسب"، مع ملاحظة أنني لم أجد حتى الآن هذا الشخص المناسب والذي استمر بعض الوقت في "المكان المناسب".
   بداية الإصلاح وتجاوز الدائرة المغلقة لأزمة الدولة أن تقر السلطة بأنها فشلت، لتقر مرة واحدة بعجزها، وبفشلها السياسي والإداري، فالخطوة الأولى لمشوار التقدم هي الإقرار بحكمة أن فاقد الشيء لا يعطيه، وسلطتنا هي فاقدة الشيء، غير ذلك لا يوجد في قاموسنا غير كلمة "اليأس" من الحال.

احمد الصراف

كلام كاكو

يقول عالم الفيزياء الاميركي ميشو كاكو Mishio Kaku إن من الصعب حصر ما قدمه علم الفيزياء للبشرية، فالتلفزيون والراديو والليزر وألواح الترانزستور والكمبيوتر والانترنت والشبكة العنكبوتية والرادار والميكروويف واجهزة الام آر. آي. والسي. تي. سي الطبية وأشعة اكس وغيرها، بحيث يمكن تتبع جذور كل شيء تقريبا تقع عليه العين في المكتب او المصنع او البيت أو في المستشفى ونسبته للفيزياء. ويقول كاكو إن علم الفيزياء ضروري لمعرفة المستقبل، فقبل ظهور اسحاق نيوتن وقبله غاليليو كنا غارقين في بحور من الخرافات والأوهام، وكان كل شيء يبدو غريبا وغامضا. وكان سؤال نيوتن المتعلق بما أن التفاحة تسقط من الشجرة فلم لا يسقط القمر، مفتاحا لفك الكثير من أسرار الأرض والكون، والجواب جاء ليفك جهلا استمر لآلاف السنين! وقال كاكو إن الانقلاب الحقيقي في العلم الحديث بدأ مع زيارة الثري البريطاني ادموند هيلي لعالم الفيزياء والرياضيات نيوتن (1643 – 1727) في مكتبه بجامعة كيمبردج، وسؤاله عن سبب عدم وضع نظرياته في كتاب، فأخبره نيوتن بضعف حالته المادية وأن الأمر مكلف، فعرض هيلي تمويل جهود الكتابة والنشر. وهكذا تعرف العالم على كتاب المبادئ Principia، أعظم كتاب علمي في تاريخ البشرية على الاطلاق، والذي يُعتبر النواة الاولى للطفرة العلمية الفيزيائية والرياضية التي اعتمد عليها سائر العلماء والفيزيائيين والرياضيين فى جميع اكتشافاتهم واختراعاتهم العلمية الى يومنا هذا. وقد وضع الكتاب باللغة اللاتينية في حينه لتجنب جدال رجال الدين حوله، لأن التفسيرات العلمية التي وضعها عن حركة الكون وتحليل الظواهر الميكانيكية الطبيعية، وقواعد فيزياء الكون وتفسير القوى وراء حركة النجوم والكواكب، والتي مهدت تاليا لاختراع الطائرات النفاثة وانتاج الصواريخ والمدافع والأسلحة الحربية المختلفة وبناء ناطحات السحاب وغيرها الكثير، كان يمكن أن تسبب له الكثير من المشاكل، مع رجال الدين بالذات، لأن مواد كتابه تعارضت تماما مع قناعات الجهلة يومها، وربما الى يومنا هذا… في مناطقنا!
وقد وصف عالم فرنسي شهير نيوتن بأنه كان محظوظاً مرتين، الأولى لامتلاكه قدرة هائلة على اكتشاف أساس الكون فيزيائيا، والثانية أنه لا يُمكن أن يكون له منافس أبداً، فليس هناك كون آخر يمكن اكتشافه وتفسير حركته!
محاضرة البروفيسور كاكو شيقة ويمكن الاطلاع عليها من خلال الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=0NbBjNiw4tk 

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

خبر مفرح

رسمياً تم اعتماد المشروع التالي من المجلس الأعلى للتخطيط على أن يدخل هذا المشروع حيز التنفيذ في مارس المقبل، ويتم الانتهاء منه في فترة لا تتجاوز خمس سنوات، وإليكم تفاصيله: اعتماد ثلاث مدن كويتية جديدة شمال الكويت وغربها بالأسماء التالية: كاظمة والاستقلال والتحرير، بمساحة 80 كم2 تقريباً لكل مدينة (وهو ما يعادل مساحة محافظة حولي). على أن تقسم كل مدينة إلى قطاعات مختلفة، وهي السكني والتجاري والخدمي والتعليمي والثقافي والرياضي، بطاقة استيعابية تفوق الـ350 ألف نسمة لكل مدينة، على أن توفر كل مدينة الاستقلالية لسكانها في جميع نواحي حياتهم اليومية. ويتضمن القطاع السكني في كل مدينة 8 مناطق سكنية بمعدل 2500 وحدة سكنية في كل منطقة، بالإضافة إلى الخدمات الأساسية كالمراكز الصحية والمدارس بدءاً من رياض الأطفال إلى الثانوية، على أن تخصص في كل منطقة سكنية حديقة عامة تعادل ربع حجم المنطقة السكنية. أما القطاع الخدمي فيتكون من أفرع مستقلة لكل وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها بكامل خدماتها كي يتمكن قاطنو تلك المدن من العمل، وإنجاز المعاملات دون الحاجة للخروج من المدينة بشكل يومي. ويخصص لكل مدينة منطقة تعليمية، وأخرى صحية تحوي فرعاً لجامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي إضافة إلى مساحة تقدم للقطاع الخاص لإنشاء الجامعات والمدارس الخاصة، في حين تحوي المنطقة الصحية مستشفى ومراكز تخصصية ومساحة تقدم للقطاع الخاص لإنشاء المستشفيات الخاصة. أما القطاع التجاري والثقافي والرياضي فيخصص لكل منها منطقة على حدة، توفر من خلالها جميع أنواع الخدمات التجارية مع حوافز أكبر للكويتيين من أصحاب المشروعات الصغيرة وثلاثة أندية رياضية في كل مدينة وثلاثة مسارح. على أن تربط تلك المدن الثلاث بشبكة قطارات تكون المحطة الرئيسة في منطقة السالمية، وتتصل بمختلف مدن الكويت، على أن يتم تحديث وتطوير بقية محافظات الكويت بحيث تكون مقاربة لنموذج المدن الجديدة خلال عشرة أعوام، على أن يتم الانتهاء من كامل المشروع في 2025. كل ما سبق طبعا هو من صنع الخيال ومجرد إشاعة أو كذبة سردتها بمقال، ولكن ما أود معرفته هو كيف لإشاعة أو أكذوبة أن تعطل التنمية كما صرح سمو رئيس الوزراء أمس بأن الإشاعات هي سبب تأخير الكثير من المشاريع!! خارج نطاق التغطية: ما يسمى بـ"نهج" قرروا مزاولة نشاطهم المعارض بعد انتهاء العطلة الصيفية. نكتفي بهذا القدر من الكلام.

سامي النصف

«الكويتية».. بهدوء!

التساؤل المحق للنائب الفاضل رياض العدساني عن سبب عدم تحديث اسطول «الكويتية» في السابق حتى تقادمت طائراتها، يعيد للاذهان ما حدث عام 2007 عندما قرر مجلس الادارة آنذاك، وكنا احد اعضائه، تحديث الاساطيل الواجبة والمستحقة، فتوالت على المجلس والجهاز التنفيذي الاتهامات المعلبة من بعض النواب مثل «سرقة العصر» و«بوقة القرن» حتى ألغيت الصفقة في وضع غير مسبوق في تاريخ البرلمانات وشركات الطيران في العالم، والتي لم يثبت بعد ان حققت فيها النيابة ان بها سرقة او عمولة قدرها 100 فلس واحدة، ولم نسمع بعملية تأسف واعتذار للشعب الكويتي المالك الحقيقي لـ «الكويتية»!

***

ومعروف ان الطائرات وبعكس السيارات يتم طلبها قبل سنوات عديدة من الحاجة إليها نظرا لفترة الانتظار الطويلة جدا قبل عمليات التسليم، فلماذا لم يتم طلب شراء او تأجير للطائرات خلال الفترة الممتدة من إلغاء تلك الصفقة عام 2007 حتى وصول الادارة الحالية او اخر العام 2012؟ ارجو الا يحتج احد بعذر لن نسمع بمثله في عالم الطيران وفي مشاريع اعادة الهيكلة المماثلة، وهو عذر الخصخصة والتحول من مؤسسة الى شركة «لماذا احتاج الامر الى 6 سنوات؟!» وهو عذر او وضع كوميدي سوداوي، اشبه بمن يرى بحق ان معالجة مريض اسمه جاسم لديه انفلونزا او سرطان يتم عبر تغيير اسمه الى خالد (!)، ان حاجة «الكويتية» لتحديث اساطيلها لا يغير منها شيء على الاطلاق ان كان اسمها «مؤسسة» او «شركة»، فالحاجة الملحة واحدة، ومن لديه حاجة ملحة للطائرات عام 2013 لا ينتظر حتى ذلك العام ليطلبها مما يخلق له 3 كلفات مالية بدلا من واحدة، وهي: كلفة تشغيل الاسطول القديم وكلفة شراء اسطول جديد وكلفة تأجير اسطول كامل يستخدم حتى وصول الطائرات المشتراة التي تبدأ اقساطها بالحلول فور التوقيع حتى التسلم.

***

وكان اول ما عملناه مع قدومنا قبل اشهر قليلة هو البدء الفوري في عمليات الدراسات الفنية والمالية اللازمة وتلقي العروض، وتم اتخاذ القرارات اللازمة من قبل مجلس الادارة ومن الجهات واللجان المختصة بالشراء والتأجير، الا ان الموارد المالية اللازمة لم تصل لاسباب نتركها لأوقات اخرى، وقد تغيرت الاوضاع مؤخرا، وبدأنا نشعر بالدعم اللازم بتوجيهات سمو رئيس مجلس الوزراء، وستتحرك العجلة سريعا الى الامام، ولن نجامل في توجيه الاصابع لمن يحاول عرقلة نهضة «الكويتية» التي انتظرها الشعب الكويتي.. سنوات طوال!

***

آخر محطة: الطيران علم تخصص بحت كالطب والهندسة.. الخ، وضمنه تنقسم الاعطال الفنية المصاحبة بشكل دائم لذلك العالم الى اعطال يمنع التحليق معها وتسمى No go item، ولو قبل بها مهندس او طيار لوجب التحقيق معه ومحاسبته ولربما فصله، لذا لا يقوم بها احد في العادة، في المقابل هناك اعطال فنية تسمى Go item، وينص القانون على السماح بالتحليق معها، ولا توجد في العادة طائرة جديدة او قديمة الا ويحمل كتابها الفني البعض من تلك الاعطال دون تضخيمها والنفخ بها!

 

احمد الصراف

أيام النور.. أيام الظلام

وصلت بعثة الإرسالية الأميركية، التبشيرية، إلى الكويت عام 1911، وكان على رأسها القس كالفرلي. وبعدها بعام التحقت به زوجته، الدكتورة اليانور، حيث عاشا في الكويت قرابة 20 عاماً، مارست خلالها اليانور دورها كطبيبة نسائية في مستشفى الارسالية، ونجحت في تخفيف آلام آلاف النساء، وإنقاذ حياة الكثيرات غيرهن، وربما تكون اليانور أول طبيبة ممارسة في تاريخ الجزيرة العربية.
عادت أسرة كالفرلي لوطنها عام 1932، حيث دفعت اليانور كتاباً عن تجربتها كطبيبة في الكويت القديمة، وقد أوردت الصديقة رباب خاجة مقطعا منه على موقعها الإلكتروني، تعلق بما أوردته اليانور عن أحد احتفالاتهم في الكويت بعيد الكريسماس، وما كانت تضفيه المناسبة من سعادة على أسرتها الصغيرة، خاصة عندما يأتي الأصدقاء محملين بالهدايا لوضعها تحت شجرة الميلاد. وتصف، بشكل مسهب، وصول حاكم الكويت وقتها، الشيخ أحمد الجابر، والد سمو الأمير الحالي، بسيارته الليموزين إلى مكان الاحتفال مع حرسه، وتصف ما كان يرتديه من ملابس قشيبة تليق بمقامه وبالمناسبة، وكيف استقبلوا سموه بحفاوة بالغة، وما غمرهم به من فيض محبته عندما قدم لهم التهنئة بالعيد قائلا، وسط دهشة الجميع، «ميري كريسماس»!
وتصف كيف عبق المكان برائحة الطيب الذي جلبه الشيخ الكبير معه، وكيف اجتمعوا حول شجرة الميلاد بأضوائها الجميلة، ليستمعوا لأغاني العيد المجيد، وكيف انتهت المراسم الدينية البسيطة بعدها، من دون أن يشعر الضيوف غير المسلمين، بأنهم خالفوا عقيدتهم بحضوره المناسبة، فهم يؤمنون بمعجزة ميلاد المسيح من أمه مريم العذراء. ثم تستطرد اليانور في وصف الطريقة التي قدمت فيها إحدى بناتها هدية لضيف الشرف الكبير، سمو الشيخ أحمد، التي كانت عبارة عن علبه من «حلو التين»، وكيف ان سموه وضع يده في جيبه وأخرج علبة قدمها لها، وكيف حبس الجميع أنفاسهم أثناء قيام الفتاة بفتح العلبة لمعرفة ما قدمه الشيخ لها، وتبين أن العلبة احتوت على مائة من حبات اللؤلؤ الثمينة!

***
بعد هذه الحادثة الجميلة بنصف قرن، وإثر خلاف واختلاف على أمور هامشية، قامت وزارة الداخلية بالطلب من فنادق الكويت كافة ضرورة حصولها على موافقتها وموافقة وزارة الإعلام في حال رغبتهم الاتفاق مع أي كان لإقامة حفل غنائي أو حتى لعزف بيانو لساعة في ردهة الفندق. وحددت صلاحية التصريحين بشهر واحد فقط، مما يعني أن على الفندق المعني مراجعة الجهتين 24 مرة في العام، لتنفيذ عقد عازف واحد، وهكذا مع غيره وغيره! ولهذا يندر أن نجد من يقوم بالعزف على اية آلة في اي من ردهات فنادق الكويت! الطريف، أو الخبيث، في الموضوع أن ذلك الترخيص الشهري السخيف يصبح شيئا آخر في شهر ديسمبر، حيث ينتهي مفعوله في الــ23 منه، ولا يجدد إلا اليوم الثاني من السنة الجديدة، وسبب ذلك معروف، وهو نكاية بالمسيحيين بحرمانهم من سماع نغمة موسيقية واحدة في أي صالة خلال فترتي الكريسماس ورأس السنة!
فهل هناك يا معالي وزيري الداخلية والإعلام لؤم وخبث أكثر من ذلك؟ أوَلا يحتاج الأمر لالتفاتة كريمة منكما، وإلغاء هذا القرار، الذي لا يعرف أحد متى وكيف صدر، والمسيء جدا لسمعتنا، كدولة وكمواطنين؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

حل الجماعة.. ماذا يعني؟

في عام 1948 أعلن الامام حسن البنا الجهاد في فلسطين، وتحركت كتائب الاخوان المسلمين لمقاتلة اليهود في ارض الاسراء، وقد أبلوا بلاء حسناً لولا الخيانات التي حدثت في مختلف الجبهات العربية، وعندما رجعوا الى مصر بالباصات كانوا يتوقعون ان يتم استقبالهم استقبالا يليق بجهادهم، غير انهم فوجئوا بالباصات التي تقلهم تفتح ابوابها داخل السجون والمعتقلات! وتم حل الجماعة، وبدأت حملة مطاردة لقادتها ورموزها، والتنكيل بهم، واختتمت باغتيال الامام الشهيد في عام 1949!
وبعد ثلاث سنوات فقط رجعت الجماعة اقوى من السابق، مما اضطر الضباط الاحرار الى اختيار شخصية لرئاسة اول جمهورية بعد الملكية قريبة من الاخوان المسلمين نظرا لشعبية الجماعة الواسعة في اوساط الشعب المصري! ثم انقلب عبدالناصر عليهم في 1954 وحل الجماعة في 1956، وبدأ حملة تنكيل ومطاردة جديدة، وامتلأت المعتقلات بقادتهم وشبابهم، وأُعدم معظم رموزهم ظناً منه انه بذلك ينهي وجودهم، لكن ظنه خاب، ومسعاه ضلّ، مما اضطره الى حل الجماعة اكثر من مرة. ولما مات، جاء السادات واصدر قرارا بالافراج عن كل من امضى في السجون اكثر من عشرين عاما، بيد انه منعهم من ممارسة أنشطتهم، وقيد تحركهم، وبعد كامب ديفيد ثار عليه الاخوان، مع من ثار من العرب، فحل الجماعة، واعاد قادتها الى السجون. ويتكرر السيناريو مع حسني مبارك الذي جعل الاخوان يتعودون على طريق السجن المركزي وابوزعبل وطرة ويعرفونها اكثر من معرفتهم للطرق المؤدية الى منازلهم!
وماذا كانت حصيلة هذه السنوات والعقود من زجهم في السجون والمعتقلات من دون محاكمات أو بمحاكمات صورية وتهم ملفقة؟!
ها هم يكتسحون اول انتخابات نزيهة يشاركون فيها، مما يؤكد معنى واحداً وهو ان حل الجماعة وزج قادتها في المعتقلات لا يزيدانها الا شعبية ولا يزيدان رموزها الا صلابة وقناعة أكثر بمبادئهم. ها هي الجماعة باقية ومستمرة، وها هم الحكام من الخديوي فاروق، مرورا بطاغية العصر العبد الخاسر الى السادات الى مبارك، قد ذهبوا الى مهملات التاريخ غير مأسوف عليهم! وها هو السيسي يسير على المنهج نفسه من دون ان يتعلم من التاريخ القريب. لكن اذا عُلم السبب بطل العجب، فالنظام الدموي يتلقى توجيهاته من معازيبه الذين من اجلهم بدأ حرب التجويع والحصار على شعب غزة الاعزل لتصفية القضية الفلسطينية وانهائها كما يريدون وبمباركة من رام الله!
إن من هلل للحل ظناً منه انه ينهي وجود جماعة الاخوان المسلمين قد أخطأ قراءة التاريخ، فالحل سيزيد من شعبيتهم بالضبط كما الانقلاب جعل الكثير يتعاطف معهم رغم معارضته لهم في السابق، والحل سيجعل بيدهم ورقة للضغط على المنظمات الاممية والدولية، وسيحرجها للتحرك ضد القرار المخالف لابسط القوانين والمبادئ المعمول بها، ويكفي انه صدر من محكمة غير مختصة بحل الجماعات السياسية. اما المنطق فيقول: كيف يرفع حزب التجمع، الذي حاز على واحد في المائة فقط من اصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية الاخيرة، قضية لحل جماعة الاخوان المسلمين التي حازت على نصف اصوات الناخبين ويجاب طلبه؟!
ان موضوع حل الجماعة سيزيد من جراح القوى المدنية والشعبية والوطنية في العالم العربي بالذات، حيث سيحرجهم مرة ثانية وسيعري مواقفهم ومبادئهم التي تعرت بسبب تأييدهم للانقلاب العسكري. ونتوقع ان تستمر هذه القوى في اتخاذ المواقف المشبوهة والمخالفة لابسط قواعد اللعبة السياسية والمبادئ الانسانية وتبارك الحل وتدعمه.
ونقول لمن فرح بهذا القرار غير القانوني ان السجون المصرية ومعسكرات الجيش تحتضن اليوم خمسين الفاً من شباب الاخوان ومفكريها وقادتها، ومع هذا ها هي مصر كلها تنتفض يوميا ضد الانقلاب، وكلما زاد الظالم من بطشه وقسوته زاد الشعب من اصراره على الاستمرار واستكمال مسيرته حتى سقوط الانقلاب، «وَسَيَعْلَم الَّذ.ينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَل.بُونَ».
***
أطمئن القارئ العزيز وكل من يهمه امري انني سأكتب مقال الاحد المقبل عن اكاذيب من يتستر «خلف الكواليس» ويكتب باسماء وألقاب مستعارة، وذلك بعد ان اكون انتهيت من استكمال الاجراءات القانونية ضدهم، والله المستعان.

محمد الوشيحي

عبد الفتاح العلي… قشة الغريق

كان الله في عون اللواء عبدالفتاح العلي، المسؤول الأول عن المرور في الكويت، الذي استيقظ فجأة فوجد نفسه "جمال عبدالناصر الكويت"، منقذ الأمة ومخلّصها ورمز شموخها وكبريائها، فملأ الدنيا ضجيجاً وصخباً، وأتعب الأكتاف التي تحمله، وألهب الحناجر بصيحات الإعجاب، وأنهك الأذرع المرفوعة انبهاراً بحضوره وكاريزماه، ووو، وعندما جاء الاختبار الحقيقي في عام 1967 تبين أنه "نكسة" وفي أهون الأحوال "نكبة".
وكانت الكويت، وما زالت، تغرق في قيعان محيطات الفساد، وكان الناس، وما زالوا، يتذمرون و"يتحلطمون" ويبكون على حال البلد، فجاءت السلطة بضابط برتبة لواء، وسخّرت له وسائل إعلامها، وراحت تعظّم صورته، وتلمّعها، وتزركشها، فأصبح "ليونيل ميسي" الذي سيسجل هدف الفوز بعد قليل، ويمنحنا كأس العالم، وصار "مهند" في أعين البنات الرومانسيات، الذي سيأتي بعد قليل بشعره الذي تلاعبه نسمات الهواء، وعيونه الخضراء، ليحتضن معشوقته على ضوء الشموع، وصار "لميس" في أعين الشباب الحالمين… ولمّعوه ولمعوه ولمعوه حتى أصبح "صرحاً من خيالٍ".
هي، لا شك، فكرة ذكية من السلطة، بعد أن أدركت أن الناس كفرت بأدائها وبكفاءات مسؤوليها فـ"صنعت" لهم عبدالفتاح العلي، فكان هو "القشة التي ظن الغريق أنها ستنقذه"، لكن القشة سرعان ما احترقت، وما أسرع احتراق القش.
هو صدّق نفسه، وهو رجل محدود الإمكانيات كما اتضح من نهجه ومن أحاديثه، وما أكثرها، إذ توهم أنه بمفرده، ومن دون دراسات ولا خطط واضحة المعالم، ومن دون برنامج حكومي متكامل للقضاء على الزحمة الخانقة في شوارعنا، سيقضي على الزحمة المزمنة بطريقة "عصا الساحر" فسلّم نفسه للإعلام بكل سعادة وبراءة! لكنه ويا للحزن انطبقت عليه مقولة أحد الأصدقاء: "دوي انفجار بالونة عبدالفتاح العلي الوهمية سيصم الآذان"، وهذا ما حدث، مع انطلاقة العام الدراسي وعودة الناس من المصيف في الدول السياحية.
لا تقتلوا عبدالفتاح، ولا تبنوا له نصباً تذكارياً، فقط رشوا وجهه بالماء ليستيقظ من حلمه، واطلبوا له فنجان نسكافيه ورحبوا به في "الأمر الواقع"، ليعرف أن حدود إمكانياته، والإمكانيات المحيطة به، لا تتجاوز "الحد من المشفّطين"، وهذا إنجاز يليق بحكومات الكويت المتعاقبة… والأهم قبل ذلك أن يدرك الشعب الغريق أن القشة لا تنقذ من الغرق.
وفي انتظار عبدالفتاح علي آخر، تعالوا نسلي أنفسنا بالبكاء ونحن نتفرج على تطور الدول وتنافسها وتسابقها.

حسن العيسى

سمسرة جهاد النكاح

ارتدى عدد من دعاة الجنون بدلة الجنرال جوزيف "هوكر" الأميركي، ودعوا بنات المسلمين إلى الذهاب إلى سورية والمساهمة بمعارك النضال ضد النظام السوري بسلاح الجنس تحت مسمى جهاد النكاح.
مفردة "هوكر" تعني مومس بالإنكليزية، وارتبطت تلك التسمية بالمومسات اللواتي كن يتبعن جنود الجنرال "هوكر" في معسكر الزهور في الحرب الأهلية الأميركية، ورغم أن مفردة "هوكر" سبقت الجنرال فإنها أضحت منذ بداية تاريخ تلك الحرب الأهلية، كما جاء في موسوعة ويكيبيديا مرادفة لبائعات الهوى.
كان للمومسات ظروفهن الاقتصادية التي قد تكون فرضت عليهن ممارسة مهنة البغاء في تلك الأيام كحاجاتهن لمعيل بعد أن ترك أزواجهن العمل وانخرطوا في الحرب، وانتشرت في الحرب أمراض الزهري والسيلان بين الجنود، ووصلت إلى أكثر من ثلاثة وسبعين ألف حالة زهري، وحوالي مئة ألف حالة "سيلان" في مدن مثل ناشفيل وتنسي ونيواورلينز.
بعد مضي أكثر من مئة عام، ينبت لنا كالحنظل في صحارى الجفاف العربية شيخ دين أو داعية يفتي بالمساهمة في المجهود الحربي من خلال جسد الأنثى، وكأن المقاتلين الجهاديين لا يقاتلون بالأسلحة النارية التي يحتاجون إليها فقط، وإنما هم، أيضاً، بحاجة إلى ذخيرة جنسية تملأ سلاحهم الرجولي كي يكملوا مشوار النضال.
تونس دفعت هذا الثمن، وكشفت وزارة الداخلية التونسية عن عدد من الفتيات التونسيات اللواتي رجعن من أرض الجحيم في سورية وهن حوامل، وذكرت فتاة لم يتجاوز عمرها 19 ربيعاً أنه قد تناوب عليها في أحد المعسكرات مقاتلون من الصومال واليمن وباكستان والسعودية وليبيا وغيرها من دول أمة لا إله إلا الله، المنكوبة في فكرها وثقافتها. عادت الضحية إلى وطنها تحمل طفلاً في بطنها وجرثومة الإيدز في دمها ودم جنينها، كان هذا ما جاء في صحيفة "شروق" ونقلته صحيفة الراي الكويتية.
الدولة التونسية التي أطلقت شرارة الربيع العربي، والتي لم يتهاو نظامها الجديد من محاولات الثورة المضادة كما حدث في مصر، وتحارب السلفية المتزمتة التي تريد جر الدولة إلى كهوفها المغلقة تحدث وزير داخليتها بوضوح عن هذه المأساة، ونبه لهذه الكارثة الإنسانية حين أحيت فتاوى التخلف الإجرامية حكايات السبي والتسري رغم أن التونسيات المغرر بهن لسن سبايا ولا جواري، لكنهن بالتأكيد "سبايا" العقل الإجرامي المغلق لمن أصدر فتوى الجهاد الجنسي.
معظم قوانين العالم تجرم أعمال السمسرة تحت مسمى "التحريض على الفجور والدعارة"، ودولنا ليست استثناء، لكن حين تلبس مثل تلك الجريمة الجبة الدينية كذباً وزوراً فهل يعني هذا أن تشل يد القانون، وتسكت الأنظمة الداعمة للمقاتلين عنها، كما هي ساكتة اليوم عن تجاوزات كبيرة لعدد من العصابات الدينية التي ترتكب خروقات خطيرة ضد المدنيين وحقوق الإنسان في الأراضي التي يستولون عليها، هي تلك العصابات "الزرقاوية" (نسبة للزرقاوي بطل جرائم الذبح في العراق) التي أقحمت نفسها في حرب سورية، لا من أجل تحرير تلك الدولة من نظامها القمعي، وإنما من أجل دولة الخلافة كما تزعم تلك العصابات، والتي أضرت المقاومة السورية أكثر بكثير مما صنعه نظام بشار، وكانت سبباً لتردد الدول الغربية في دعم المقاومة أو ضرب نظام بشار.
لا يظهر أن جهاد النكاح أصبح ظاهرة كارثية. الظاهرة المحزنة الآن، تتمثل في تشرد نساء سورية وأطفالها، وتقديم صغيرات سورية للبيع في سوق نخاسة شرعي، تتم به عقود زواج مهينة من كهول بني نفط، حين تستغل حاجات المهاجرين للحياة الكريمة فيتم عرض بنات المخيمات في الأردن بأسواق الجواري للباحثين عن عمل الخير عبر الأجساد الغضة الطرية. والظاهرة الكارثية الأكبر منها، هو المناخ الفكري السائد الذي أنتج لنا فتاوى السمسرة المرتدية للباس الديني، ورافقها صمت الكثيرين.

احمد الصراف

الدين والعلم والأخلاق

بينت دراسة قامت بها «جامعة كاليفورنيا، سانتاباربرا» أن الأشخاص الأكثر ميلا للعلوم، او المشتغلين بها، يتمتعون، بشكل عام، بحس أخلاقي أكثر من غيرهم من غير المهتمين بالمواد العلمية المنطقية، أو أولئك الأكثر تدينا! وقالت ان العلوم تحث، وإن بطريقة غير مباشرة، على التمسك بالأخلاق أكثر مما يحث الدين، كما كان ولا يزال يعتقد الكثيرون! وبالرغم من أن هناك ما يثبت صحة هذه النظرية فان البعض الآخر لا يتفق معها، أو يختلف على أسبابها! فالإنسان، وفق الدراسة التي تخص أفراد وطريقة تفكير المجتمع الأميركي أكثر من غيره، بحاجة مثلا للتفكير بطريقة منطقية لكي يصبح مواطنا صالحا، وذا خلق، ويتجنب مخالفة القانون. ولكن شروط التفكير المنطقي لا تتوافر بالضرورة لدى الجميع! ففي الوقت الذي نجد فيه أن المتدين عادة ما يتبع نوازعه المتأثرة غالبا بتعاليمه الدينية، ويتصرف على أساسها، حتى لو تطلب الأمر اقتراف أسوأ الجرائم، نجد في الجانب الآخر أن المهتم أو المنشغل أكثر بالعلوم يميل أكثر لأن يتصرف بطريقة اقرب للمنطق، وبعيدا عن سابق موروثاته، وبالتالي نجده مدفوعا للتصرف بأمانة أعلى أو خلق أفضل! فهو مثلا على غير استعداد للسرقة ليس لأنها مخالفة للتعاليم الدينية، بل لأنها غير مقبولة اجتماعيا وتضر به وبغيره، ويعتبر تصرفه هذا نابعاً من منطق محدد، وليس لأن التعاليم تنادي بعدم السرقة! فهذه التعاليم قد لا «تمانع» مثلا قيام الفرد بسرقة الكفرة وأتباع الديانات الأخرى! وهنا نرى أن الأكثر تدينا، عندما لا يقدم على تصرف غير مقبول فإنه يضع عادة عوامل مختلفة في حسابه. فهو لا يسرق لأن السرقة منافية للدين، ولكنه لن يكون بكل ذلك الالتزام ان تعلق الأمر بسرقة مال يخص عدواً، هنا قد تصبح السرقة أمرا مشروعا بالنسبة له. كما أنه يتصرف غالبا طبقا لمؤشر الثواب والعقاب، وليس لأن المنطق أو الحكم السليم يقولان ذلك، فالذي لا يقتل لأن القتل جريمة رهيبة، يختلف عن ذلك الذي لا يقتل لأن السماء تمنع ذلك! كما أن الميل للإيمان بالغيبيات يقلل من قوة المنطق لدى الشخص المتدين، وبالتالي تجعل أحكامه اقل منطقية بعكس الشخص الآخر الأكثر ميلا للعلوم الرياضية وغيرها من علوم!
كما نجد بين المتدينين من يتمتع بأعلى درجات الخلق، التي لا يمكن أن يحيد عنها إلا إذا تطلبت العقيدة منه ذلك، ولا نجد الأمر ذلك بالحدة نفسها بين المهتمين أكثر بالعلوم، فالعقيدة غالبا ما تبرر للبشر الطيبين القيام باكثر الأفعال شناعة، خاصة إن كانت قناعتهم تلك مشيئة الرب.
الموضوع مثير، وطالما كان مصدر قلق لي منذ سني المراهقة، وبالتالي بحاجة لدراسة معمقة أكثر مما يمكن ذكره، او التطرق له ضمن عمود محدود الحجم.

أحمد الصراف