حسن العيسى

أقروا مرة واحدة بفشلكم

مثلما هناك معضلة "الثالوث المحرم" كما يتمثل بالسياسة والدين والجنس في كتاب المفكر السوري الراحل بوعلي ياسين، وهي المحرمات الكبرى في شرقنا العربي المتخلف، والتي يحظر الحديث أو التعبير عنها بالوطن العربي، لدينا في الكويت ثالوثنا المستحيل الذي حدده استبيان مجلس الأمة الأخير، متمثلاً في السكن والتعليم والصحة وهي هموم المواطن الكبرى.
لا جديد في استبيان المجلس هذا، كما لم يكن جديداً أن تعيد الحكومة تكرار خطابها الخاوي عبر وسائل الإعلام عدة مرات دون جدوى، ويصاحبه "فلاشات" دراسات وخطابات بوعود حكومية لحل أزمة المستحيلات الثلاثة الكويتية مع رتوش تتحدث عن عزم السلطة على محاربة الفساد، وإصلاح الجهاز الإداري، وتخفيف أزمة المرور وغيرها من هموم مثل محنة البدون والوضع الشاذ لنظام الكفيل الكويتي للمقيم أطلقتها الحكومات المختلفة، وهي حكومة واحدة في جوهرها، وكلها لم تحرك ساكناً في حلحلة أي من المحرمات الكويتية.
  تكرار ليس له بداية ولا يبدو أن له نهاية، حين يشتكي الشباب من أزمة السكن وعجز أهلهم من الطبقة الوسطى عن توفير قطعة أرض بسيطة لشراء منزل العمر لأبنائهم  بسعر معقول، وتكرار لا ينتهي  في خطابات سوء الخدمات الصحية في الدولة يقابلها وعد بعد آخر عن قرب الانتهاء من إنهاء بناء مستشفيات جديدة، وننتهي إلى فشل في تحقيق الوعد، وعد مستشفى جابر مثلاً في خدمة الصحة، يقابله وعد آخر عن جامعة الشدادية للتعليم الجامعي الذي سيخرج جيوشاً جديدة ستحشد في إدارات "تعال باجر" البيروقراطية.
   من سيصدق وعود الإصلاح الحكومية، وإلى متى تظل هذه السلطة الدائمة تحقن المواطنين بإبر التخدير (الوعود) بقرب حل قضاياهم اليوم! كم سنة وكم عقد انتهت بلاشيء، ومن جديد يعود المصدر الحكومي ليخبرنا بعد ديباجة الملل المضحكة في اجتماعات أصحاب المعالي الشيوخ والوزراء عن "دراسة المستجدات على الساحتين المحلية والإقليمية"، ليقدم إلى المواطن وعداً جديداً، وتعود حليمة لعادتها القديمة، فخدمة الصحة تظل "زفتاً"، والتعليم يسير من سيئ إلى أسوأ، والدراسات الكثيرة عن تدهور الوضع التعليمي مكانها المناسب سيكون في أرشيف منسي من أرشيفات الدولة، وأسعار الأراضي ترتفع مع بقاء احتكار الدولة والقلة المقربة إلى القرار السياسي للأرض اليباب، والأضابير المنسية في الأدراج الإدارية تتضخم ولا أحد يرى ولا أحد يسمع ولا أحد يكترث في دولة تدفع الرواتب وتدعم السلع والخدمات وتوفر "ماجلة" العائلة بدون مقابل لأكثر من سنة كاملة.
  لم يعد مجدياً أن تتحدث السلطة عن "ثالوثها" الكبير، فالمواطن أصبح لديه مناعة عدم التصديق للوعود السلطوية، التي اكتسبها منذ زمن بعيد ومن تواريخ قديمة بوعود الإصلاح السياسي والشفافية ومحاربة الفساد، ووضع "الشخص المناسب في المكان المناسب"، مع ملاحظة أنني لم أجد حتى الآن هذا الشخص المناسب والذي استمر بعض الوقت في "المكان المناسب".
   بداية الإصلاح وتجاوز الدائرة المغلقة لأزمة الدولة أن تقر السلطة بأنها فشلت، لتقر مرة واحدة بعجزها، وبفشلها السياسي والإداري، فالخطوة الأولى لمشوار التقدم هي الإقرار بحكمة أن فاقد الشيء لا يعطيه، وسلطتنا هي فاقدة الشيء، غير ذلك لا يوجد في قاموسنا غير كلمة "اليأس" من الحال.

احمد الصراف

كلام كاكو

يقول عالم الفيزياء الاميركي ميشو كاكو Mishio Kaku إن من الصعب حصر ما قدمه علم الفيزياء للبشرية، فالتلفزيون والراديو والليزر وألواح الترانزستور والكمبيوتر والانترنت والشبكة العنكبوتية والرادار والميكروويف واجهزة الام آر. آي. والسي. تي. سي الطبية وأشعة اكس وغيرها، بحيث يمكن تتبع جذور كل شيء تقريبا تقع عليه العين في المكتب او المصنع او البيت أو في المستشفى ونسبته للفيزياء. ويقول كاكو إن علم الفيزياء ضروري لمعرفة المستقبل، فقبل ظهور اسحاق نيوتن وقبله غاليليو كنا غارقين في بحور من الخرافات والأوهام، وكان كل شيء يبدو غريبا وغامضا. وكان سؤال نيوتن المتعلق بما أن التفاحة تسقط من الشجرة فلم لا يسقط القمر، مفتاحا لفك الكثير من أسرار الأرض والكون، والجواب جاء ليفك جهلا استمر لآلاف السنين! وقال كاكو إن الانقلاب الحقيقي في العلم الحديث بدأ مع زيارة الثري البريطاني ادموند هيلي لعالم الفيزياء والرياضيات نيوتن (1643 – 1727) في مكتبه بجامعة كيمبردج، وسؤاله عن سبب عدم وضع نظرياته في كتاب، فأخبره نيوتن بضعف حالته المادية وأن الأمر مكلف، فعرض هيلي تمويل جهود الكتابة والنشر. وهكذا تعرف العالم على كتاب المبادئ Principia، أعظم كتاب علمي في تاريخ البشرية على الاطلاق، والذي يُعتبر النواة الاولى للطفرة العلمية الفيزيائية والرياضية التي اعتمد عليها سائر العلماء والفيزيائيين والرياضيين فى جميع اكتشافاتهم واختراعاتهم العلمية الى يومنا هذا. وقد وضع الكتاب باللغة اللاتينية في حينه لتجنب جدال رجال الدين حوله، لأن التفسيرات العلمية التي وضعها عن حركة الكون وتحليل الظواهر الميكانيكية الطبيعية، وقواعد فيزياء الكون وتفسير القوى وراء حركة النجوم والكواكب، والتي مهدت تاليا لاختراع الطائرات النفاثة وانتاج الصواريخ والمدافع والأسلحة الحربية المختلفة وبناء ناطحات السحاب وغيرها الكثير، كان يمكن أن تسبب له الكثير من المشاكل، مع رجال الدين بالذات، لأن مواد كتابه تعارضت تماما مع قناعات الجهلة يومها، وربما الى يومنا هذا… في مناطقنا!
وقد وصف عالم فرنسي شهير نيوتن بأنه كان محظوظاً مرتين، الأولى لامتلاكه قدرة هائلة على اكتشاف أساس الكون فيزيائيا، والثانية أنه لا يُمكن أن يكون له منافس أبداً، فليس هناك كون آخر يمكن اكتشافه وتفسير حركته!
محاضرة البروفيسور كاكو شيقة ويمكن الاطلاع عليها من خلال الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=0NbBjNiw4tk 

أحمد الصراف