احمد الصراف

السرقات الدينية والأمية

“>

في سابقة فريدة من نوعها قام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بإحالة عشرات من موظفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى النيابة العامة بتهم تتعلق بارتكابهم مخالفات مالية وإدارية جسيمة! وندرة الحالة لا علاقة لها بقلة ما يرتكب في هذه الوزارة الدينية والقلعة الحصينة من مخالفات وسرقات، بل بعملية الإحالة نفسها، فهي السابقة، علما بأن الوزير ربما قام بذلك لعدم وجود حل آخر أمامه لمعالجة الفضيحة، بعد ان وجد ان الوضع لا يمكن السكوت عنه، كالعادة، بإجراء تنقلات هنا وإعفاءات هناك! ولكن قراره يشكر عليه في جميع الأحوال.
إن حالة الإحالة إلى النيابة في هذه الوزارة الدينية التي يفترض أن العاملين فيها هم من اكثر موظفي الدولة التزاما بالدين وتمتعا بالنزاهة والأمانة، حتى أنهم رفضوا أن تعمل بينهم من ليست محجبة، دع عنك من هو ليس من حزبهم الديني أو طائفتهم، تعني أنهم بشر مثلهم مثل غيرهم، ولم يجعلهم حرصهم المبالغ فيه، في مجمع الوزارات مثلا، على أداء الواجبات الدينية، أكثر أمانة من غيرهم. كما أن رفضهم لعمل غير المحجبات فيها لم يساهم في رفع المستوى الخلقي لموظفي الوزارة، فالشخص الذي يرغب في إنقاص وزنه مثلا يحاول جاهدا الابتعاد عن منظر الأغذية «الشهية»، بسبب ضعف إرادته! فالرفض منبعه الخوف، وليس الفضيلة!
وفي السياق نفسه أثيرت في السعودية، وفي غيرها من دولنا، وبالذات على وسائل التواصل الاجتماعي، الكثير من أخبار اختفاء الملايين من مبالغ التبرعات التي دفعها الغافلون للجهاد في سوريا. وأنها اختفت مع اختفاء من كان وراء جمعها. كما أن الكثير من التبرعات العينية التي جمعتها أكثر من جهة لم تصل للمحتاجين لها. وكشف موسى الغنامي، وهو رجل دين سعودي معروف، النقاب عن السرقات من تبرعات جمعت باسم إغاثة الشعب السوري. وأورد اسم «جمعية س…»، واسم أمينها «الشيخ سعد. ش».كما ذكر أسماء من شهدوا على أمانة أمين الجمعية ونزاهته، غير الأمين، ومن هؤلاء «دعاة كبار»، ولا أدري كبار في ماذا! ومنهم الداعية «م. ع»! وأن هؤلاء شاركوا في تزكية الجمعية، وشاركوا، بعد الفضيحة، في التكتم عليها.
وبالرغم من أن الشيخ الغنامي ذكر الأسماء صراحة في موقعه على تويتر فان أحدا لم يجرؤ على الرد عليه. وهاتان الحادثتان، وغيرهما الكثير، تؤكدان ما سبق ان ذكرناه من أن الجرعة الزائدة من التدين لا تعني نزاهة اكثر وامانة اقوى، فالأمانة والخلق الحسن بحاجة لمنطق، والمنطق لا يأتي بغير تفكير وتعليم وثقافة!
* * *
• ملاحظة: أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، التابعة للأمم المتحدة، أن عدد الأميين في المنطقة العربية قد فاق 97 مليونا، وهي نسبة تعادل أكثر من %27 من تعداد السكان العرب! وأن هناك تخوفا من عدم وجود تقدم حقيقي بالنسبة لمحو الأمية فيها! وبالرغم من هذه المؤشرات المخيفة، والمشاكل الرهيبة، فاننا نجد شبابنا يفضل الهرب منها للجهاد في «همجستان» والعراق وسوريا، حيث تتاح لهم الفرصة ليحاربوا ويقتلوا ويسجنوا ويعذبوا وبعدها يُقتلوا، ولتتسبب أفعالهم، في نهاية المطاف، في زيادة جهلنا وأميتنا وتخلفنا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

مصر.. عقدة العلمانيين العرب

أصبحت مصر بعد الانقلاب الدموي وما تبعه من احداث عقدة عند العلمانيين واصحاب التوجهات الليبرالية، ليس فقط في مصر، بل في العالم العربي من محيطه الى خليجه..! نقول هذا بعد ان شاهدنا علمانيي الخليج وليبراليي شمال افريقيا يؤيدون ويصفقون ــ لاشعورياً ــ للانقلاب الدموي الذي اطاح الحكم المدني والرئيس المنتخب، وأسقط دستورا مدنيا تم الاستفتاء عليه من معظم الشعب المصري! ولان هذا الموقف الغريب يتناقض مع مبادئ العلمانية ويتعارض مع الفكر الليبرالي، لذلك هم يشعرون بهذه العقدة والغصة في الحلقوم، لان الناس أدركوا انهم اصحاب أهواء ومصالح وليسوا اهل مبادئ ومواقف! ولانهم أصبحوا غارقين في وحل الانقلاب تجدهم غير عابئين بالبلل من المواقف المشينة والمخجلة! ولعل ما كتبه زميلنا (الخبير الاقتصادي الفلتة) عن استيائه من بعض الشواذ الذين يقتلون العوائل والاطفال في العراق ويحمل هذا الاجرام للفكر الديني، بينما تابعنا جميعنا كتاباته على مدى شهرين، كان مؤيداً فيها للانقلاب ونتائجه ولم يتباك بحرف واحد على آلاف القتلى والجرحى من المعتصمين السلميين العزل في «رابعة» و«النهضة»، والادهى من ذلك انه كان يجد الاعذار للسيسي ووزير داخليته في تكميم الافواه وتقييد الحريات وزج عشرات الالاف من معارضي الانقلاب في السجون بتهم معلبة ومحاكمات صورية! ثم يفاجئنا بالامس بمقالة يبرر فيها اقصاء تيارات اسلامية من لجنة اعداد الدستور بحجة انها تحمل فكرا دينياً بينما مصر – حسب كلامه – دولة علمانية..!؟ ولم يفسر لنا سبب وجود نخبة من مفكري النصارى ومشايخ الأزهر في عضوية اللجنة؟! متابعة قراءة مصر.. عقدة العلمانيين العرب