مبارك الدويلة

إنها الحرب على الإسلام

قد يظن البعض ان ما يجري اليوم على الساحة الدولية هو مواجهة بين تيار وتيار مضاد، ولتقريب المعنى قد يُظَن ان المواجهة في مصر اليوم بين تيار الاخوان المسلمين وبين حكومة العسكر! وأريد أن أؤكد ان ما نراه اليوم هو مواجهة شرسة من حكومات جائرة تدعمها تيارات علمانية وتوجهات ليبرالية ضد الدين الاسلامي والفكرة الاسلامية والتوجه الاسلامي، وما محاولة تصويره بانه مواجهة بين تيارات وحكومات مدنية وبين تيار الاخوان المسلمين الا محاولة لتحجيم الموضوع وحصره في اطار حزبي ضيق يقصد منه منع عالمية القضية وانتشارها الاقليمي، الذي ان حدث فسيخرج الامر عن نطاق السيطرة. وما احداث مصر الا حلقة من سلسلة طويلة في مشروع مواجهة الاسلام ومحاربته في جميع الاحوال.
لقد شاهد العالم أجمع عبر قناة «الجزيرة» الملايين التي طلعت في جمعة الحسم الاخيرة والتي غاب عنهم قادة الاخوان المسلمين، ولكن الشعب المصري المتدين وجميع التيارات المحافظة شاركوا بقوة في جميع الميادين، وبالملايين. ومع هذا، تمت مواجهة المحتجين بقوة وعنف من قبل الجيش والشرطة، مما يؤكد ان الفكرة الاسلامية والتوجه الديني هما اللذان تتم مواجهتهما في مصر اليوم. ولعل اوضح دليل على ما نقول ما أعلنته سلطة الانقلاب على لسان لجنة تعديل الدستور المعطل من انه تم تغيير عدد من المواد التي تتحدث عن الدين والتوجه العام للدولة وتأكيد علمانية مصر! كما سمعنا ما قاله عدد من قادة الانقلاب العسكري ومناصريهم من ان مظاهر الاسلام لن نشاهدها بعد اليوم في مصر! وهذا ما يحدث اليوم، حيث القتل والسجن والمطاردة على الهوية وعلى الشكل والهيئة! والذي يتابع كتابات العلمانيين يجدها تعبر عن فرحتهم بانتهاء عصر الدولة الدينية بعد القضاء على الاخوان! ولعل الحملة الاعلامية الكبيرة التي بدأتها اسرائيل بالامس في اوروبا واميركا والتي اعلنت اسرائيل انها تهدف الى تسويق الانقلاب العسكري وتسويق شخصية الفريق السيسي وحشد التأييد لدعم حكومة الانقلاب والتحذير من ان عودة الاخوان للحكم تعني عودة الاسلام السياسي، وهو ما تخاف منه اسرائيل، كل هذا يؤكد على ان الحرب التي نشاهدها اليوم هي حرب على الدين وليست حربا بين تيارين او فصيلين.
والحرب على الاسلام ليست محصورة في مصر، بل انها بدأت بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، بعد الحادث الارهابي في نيويورك، واخذت اكثر من شكل وفق الظرف السياسي والزمان والمكان، وكانت واضحة في مناطق وضبابية في اخرى، ومع كل حدث ارهابي تستغل اميركا وتوابعها هذا الحدث وتبدأ بمواصلة فصول الحرب على الاسلام تحت ذريعة ملاحقة الارهابيين الذين اجرموا في حقها، ونتمنى ألا نشاهد هذه المسرحية تتكرر في سوريا، حيث تابع الجميع الانتصارات التي حققها المجاهدون هناك، وبداية انهيار المؤسسة العسكرية للعلويين. ومع اننا كنا نرغب في تدخل القوات الدولية لحماية الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية الا ان التدخل هذه المرة لن يكون تحت غطاء الامم المتحدة بل تحت غطاء البيت الابيض الذي رأى ان المجاهدين اصبحوا قاب قوسين او ادنى من النصر، مما يقلق اميركا واوروبا وحلفاءهم في الخليج. وجاءت حادثة ضرب الغوطة بالكيماوي لتقول «جاك يا مهنا ما تتمنى»! فهي اذاً فرصة للقضاء على المجاهدين وضرب قواتهم وتضييع انتصارهم كما فعلوا في اكثر من مكان في العالم اخيراً. ولعل الحديث اليوم عن ضربة سريعة ومحدودة لقوات بشار وفرض حل سياسي للازمة يتعهد فيه بشار بعدم الترشح لأكبر دليل على ما نقول.
أما عندنا في الخليج فالبعض يحاول ان يشعل هذه الحرب على الدين بحجة الحرب على الاخوان واجتثاثهم! فبدأوا يطالبون بإيقاف الخطباء ومنع العمل الخيري وتقييد الحريات ومنع الكلمة الحرة وتسخير أبواقهم الاعلامية لتشويه صورة الاخيار وتلفيق الاكاذيب إليهم. ولعل آخر هذه الاكاذيب ما نشرته صحيفتهم المسماة «خلف الكواليس» من اوراق تدعي تمويل الخلية الاخوانية الى كاتب هذا المقال! ولم يفوّت زميلنا الخبير الاقتصادي الفلتة هذه الفرصة فأخذ يغمز ويلمز بالخبر ويحث ويستعجل الحكومة بالرد والتعليق. وأريد ان أطمئنه ان الخبر ملفق وعار عن الصحة كتعري صاحبه الذي كتبه من الاخلاق والمصداقية. ولو أرادت الحكومة ان ترد على تلفيقات الصحف واكاذيبها «لأصبح كل مثقال بدينار»، وسيظهر الحق قريبا وستعلنه المحاكم وليس الحكومة باذن الله. «إ.نَّ الَّذ.ينَ أَجْرَمُوا كَانُوا م.نَ الَّذ.ينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإ.ذَا مَرُّوا ب.ه.مْ يَتَغَامَزُونَ * وَإ.ذَا انقَلَبُوا إ.لَى أَهْل.ه.مْ انقَلَبُوا فَك.ه.ينَ * وَإ.ذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إ.نَّ هَؤُلاَء. لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْس.لُوا عَلَيْه.مْ حَاف.ظ.ينَ * فَالْيَوْمَ الَّذ.ينَ آمَنُوا م.نَ الْكُفَّار. يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائ.ك. يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوّ.بَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» صدق الله العظيم (المطففين: 29 – 36).

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *