مبارك الدويلة

الطائفية وعمى القلوب

استغربنا في المقالة السابقة ممن يترحَّم على أيام الطاغية صدام حسين، مقارنة بما يواجهه أهل السُنَّة اليوم في العراق من قمع الحشد الشعبي وجرائم فيلق بدر! وبيّنا أن الهالك لم يكن يُفرِّق في قمعه بين سني وشيعي، فالحظوة كانت للبعثي.. والبعثي فقط، سواء كان سنيًّا أو شيعيًّا أو حتى مسيحيًّا! لكنّ العلامة الفارقة اليوم التي تستحق أن تكون مرجعا للمقارنة، هي أن عموم السُنَّة في العراق كانوا يعانون من دكتاتورية صدام، ولم يكونوا يؤيدونه إلا على مضض؛ خوفاً من بطشه وبطش زبانيته، بينما اليوم نجد عموم الطائفة يؤيدون جرائم حزب الله وفيلق بدر في حلب ولم نسمع من مثقفيهم أي انتقاد لهذه الجرائم، التي ثبتت بالصوت والصورة وتناقلتها معظم وسائل الإعلام المختلفة، بل إن معظم الكُتّاب والمفكرين والأدباء والسياسيين من الطائفة برروا هذه الجرائم، واعتبروا أهل حلب هم المعتدون على جنود حزب الله اللبناني؛ لذلك يعتبرون ما حصل في حلب أن الطائرات الروسية والميليشيات الطائفية استردت حلب من المعتدين (!!). يقول من نعتبره أعقل السياسيين الشيعة في تعبير يجسِّد نظرتهم لما حدث «.. مدينة حلب بعد رجوعها إلى حضن الدولة السورية وتمكّن الحكومة من إعادة مؤسساتها من جديد..»! فاعتبر أن حلب كانت محتلة (!) وكلنا شاهدنا كيف كانت البراميل تتساقط على السكان المدنيين دون تفرقة بينهم وبين من كان يحمل سلاحًا يدافع عن أرضه وعرضه!
اليوم العراق محتل من ميليشيات إحدى الدول المجاورة له، التي تسيطر في الوقت نفسه على القرار السوري، وأصبحنا نشاهد بين فترة وأخرى المسؤولين في هاتين الدولتين يتنقلون بين بغداد وطهران وبين دمشق وطهران.
وللإنصاف تذكرت الرحلات المكوكية بين عواصم دول المنطقة وواشنطن! ما يؤكد أن القرار السياسي في هذه الدول أصبح اليوم مرتبطًا بطهران، بعد أن حسم القرار العسكري الأمور على الأرض في كل من العراق وسوريا! وهكذا أصبحنا نعيش اليوم ما كنا نسمعه بالأمس ونعده من المستحيلات؛ القرار اليوم ينطلق من طهران مرورا ببغداد ثم دمشق ثم الجنوب اللبناني في شكل هلال عجيب! الله لا يذكرك بالخير يا بوش.
***
إحدى الزميلات كتبت فرحة بافتتاح الأوبرا، واعتبرته نصراً مبيناً ونهاية لعهد من الكآبة وضيقة الخلق!
نهنئ الزميلة بهذا الفتح، ونتمنى أن تكون أخيراً حققت كل ما كانت تتمناه، وأن تعيش أيامها كلها متنقلة بين الأوبرا وحفلات «هلا فبراير»، وترتيبات وبرامج رأس السنة في الفنادق! بس لا نسمع منها بعد اليوم أن المطاوعة سكّروا الديرة وحرموا الناس من البهجة. ها هي بهجتكم ردت إليكم، فاكفونا تحلطمكم بعد اليوم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *