أثار خبر انتخاب وليد الطبطبائي رئيسا للجنة حقوق الإنسان، في أحد المجالس السابقة، سخرية البعض وقتها، ولم يقل عنه سخرية غير خبر تولي نائب مبطل آخر رئاسة «جمعية مقومات حقوق الإنسان»، وتخليه عن رئاستها، لمن لا يختلف عنه في المنظر والمخبر والمظهر. وبعدها تولت جماعة مماثلة لهم في الفكر والعقل والفهم مقاليد جمعية حقوق الإنسان، التي نجحوا، في غفلة وإهمال من «ربعنا»، في خطفها والاعتداء عليها وعلى كل ما كانت تمثله من إشعاع وامل! وتستمر سخرية الأقدار بتولي إمام المسجد السابق، صاحب الكبت، والعضو السابق، وعضو مجلس الأمة الحالي، خالد العدوة، رئاسة لجنة حقوق الإنسان فيها! فكيف قبل كل هؤلاء لأنفسهم مثل هذه المهام التي يعرفون جيدا أن صميم فكرها يختلف عما في أساسيات فكرهم الذي، من خلاله، لا سواسية فيه؟ فالم.ؤمن غير الكافر والمصلي غير تارك الصلاة، والمسلم يختلف حكمه عن غير المسلم، والمرأة لا تتساوى مع الرجل، وهذه الأمور وغيرها تبقى راسخة، حتى لو شاء البعض غير ذلك!
وللتدليل على أن مثل هؤلاء الأعضاء لا يصلحون للتصدي للدفاع عن حقوق الإنسان، ما صرح به الرئيس للجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة، السيد خالد العدوة، بعد زيارته للسجن المركزي، لغرض في نفسه، حيث قال ان سلطات السجن لا تقوم بانتهاك حقوق أي من نزلاء السجن، وأن اللجنة اسعدها لقاء النزلاء فيه! وهذا ربما يكون مفهوما، ولكن ما لم يكن مفهوما، ودل – ربما – على خبث مبطن، ما قاله من أن اللجنة لاحظت أن الذين أدينوا ببعض أعمال الإرهاب، انتبه لكلمة بعض، ومن خلال ما أجروه من حوار معهم، اتضح لأعضاء اللجنة، أنهم رجعوا عن تلك الأفكار التي كانوا يحملونها! وهنا لم يصفوها لا بالهدامة ولا بالإرهابية! كما اتضح لحضرة رئيس لجنة حقوق الإنسان، أن هؤلاء المساجين بالذات يمثلون قدوة حسنة في الالتزام الإسلامي وشمائل الأخلاق النبيلة لبقية النزلاء، وإن هذا بشهادة كبار الضباط والقائمين على السجن! وهو هنا يلمح، أو يطالب السلطة بالعفو عن هؤلاء فقط وإطلاق سراحهم، لأنهم يمثلون قدوة حسنة، ولكنه تعمد تجاهل باقي السجناء الذين ربما كانوا يمثلون قدوة أكثر من حسنة لبقية السجناء، وجرائمهم قد لا تقارن، بخطورتها جرائم الإرهابيين، ولكنه فضل التركيز على من يهمه أمرهم!
وطالما أن هؤلاء المحكومين باقتراف أعمال إرهابية يمثلون قدوة حسنة لبقية المساجين فمن الغباء إطلاق سراحهم، وحرمان المساجين من «قدوتهم الحسنة»!
إن قناعتي تزداد يوما عن يوم أننا في منتصف طريق كثير التعرج والانحناء، ويزيد تسارعنا فيه نحو هاوية أخلاقية وأمنية، بمساهمة نوعية من المشرعين الذين ارتضينا لهم إمساك زمام أمورنا، فمع كل نسمة أمل خفيفة من هنا، تهب من جهة أخرى رياح تخلف عاتية، فهل لا يزال بيننا عاقل يؤمن بأن الإصلاح قادم؟
أحمد الصراف