كانت ردود أفعال الناس في الكويت تجاه مشايخ السلطة وأتباعهم لا تتعدى الهمهمات والتذمر وكظم الغيظ. كانوا يخشون النسر الذي يحلق فوق رؤوسهم باسم الدين وبأجنحة السلطة، وكان النسر يهوي عند الطلب فيمسك بكل من يرفع رأسه دفاعاً عن كرامته، فيحلق به شاهقاً، ويبعده عن "أرض دين السلطة" إلى "أرض الكفار"، قبل أن يطلقه فيسقط المعارض على الصخور المدببة جثة هامدة.
وبعد صبر، وبعد ألم شديد، أعلن الناس الحرب على نسور السلطة، فأمسكوا بها (النسور) وراحوا ينتفون ريشها، ريشة ريشة، ويكسرون مناقيرها وأصابعها، فتألمت السلطة قبل النسور، وانطلقت "فريخات النسور" تشتم بلا هوادة، وتلعن بلا توقف، وتنعق بلا تنظيم.
وكنت قد أعلنت بدء المعركة على مشايخ السلطة ونسورها، واستعدادنا لمنازلتهم، بكل أدواتهم وأدوات السلطة من خلفهم، فوعدني أتباعهم بالرد، فكتبت مقالة طويلة في جريدة "سبر"، وجهت إليهم فيها أسئلة محددة، وتحدثت عن نقاط معينة، فلجأوا إلى سراديب الصمت، حتى لحظة كتابة هذه المقالة، باستثناء الشتامين واللعانين والمكفرين المكفهرين، الذين انطلقوا يتبارون أيهم أقذع شتماً وأقذر لساناً… علماً بأن المجال مفتوح لهم للرد في الموقع ذاته.
أتحدث معهم عن العقل، والتحرر من التبعية العمياء، فيسألني أحدهم بطريقة ظنها محرجة: "إذا لم نتبع مشايخنا فمن نتبع يا الوشيحي؟ هل نتبع اليهود أم الأميركان أم الليبراليين؟"، يبدو أنه نسي أن الله وهبه العقل، وله أقول: "اذهب إلى مشايخك، وأعطهم الكوبون الذي أعطوك إياه مقابل رهن عقلك ولسانك، وبعد أن تسترد عقلك اتبعه هو، اتبع عقلك أنت فقط، وتخلص من روح العبودية للبشر".
على أية حال، وكما ذكرت، ضاق الناس ذرعاً بنسور السلطة في الكويت، فقرروا نتف ريشها، وجار الآن نتف الريش بحماسة لم أكن أتوقعها، وبقيت ريشتان اثنتان، سيتم نتفهما قريباً، وسننجح في تطهير ديننا وأرضنا من دعاة العبودية والخنوع.