احمد الصراف

كويتي.. وأفتخر! على ماذا؟

تقول رسالة تويتر إن مكعبات الثلج التي تستهلك خلال عطلة نهاية الأسبوع تزيد بكثير عن الثلج الذي يتساقط على مدينة جنيف، ومع هذا لا نود أن نقر بالحقيقة ونكتفي بالافتخار بكوننا كويتيين! سياراتنا يغسلها كادح يأتي لبيوتنا في ساعات الفجر الأولى، أو تقوم خادمة هزيلة البنية بغسلها في الشتاء البارد، لنتبختر بها أمام غير الكويتيين! مصانعنا يديرها جيش من «الأجانب» ابتداء من حراس البوابات وحتى رجال الأمن، مرورا بالمهندسين ومشغلي المكائن وفنيي الصيانة وعمال النقل وسائقي الشاحنات والمحاسبين والمحصلين، ونكتفي ككويتيين بتوقيع معاملات الشؤون وتوظيف آخرين منا من العاطلين عن العمل، لكي نرضي متطلبات دعم العمالة، ثم نطلب منهم البقاء في بيوتهم، لكي يفتخروا بأنهم «نجحوا» في خداع الحكومة وقبض مبالغ الدعم، إضافة لما يدفعه أرباب الأعمال لهم، من دون جهد! وهكذا تعلم الجميع النصب وسرقة المال العام، ومع هذا ليس هناك ما يمنع أن نفتخر. ثم يذهب الفريق الأكثر فخرا لممثليهم في البرلمان ليطالبوهم بالسعي لدى «المعازيب» لإلغاء قروضهم المصرفية، فوضعهم كمقترضين لا يتناسب وكونهم كويتيين فخورين! صحيح أنه «لو كان فينا خير» لما أصبحت التركيبة السكانية بكل هذا الخلل، إلا أن هذا يجب ألا يمنعنا من أن نكون فخورين، وأن يقوم رئيس وزرائنا، للسنة السادسة بافتتاح قرية «كويتي وأفتخر»! نعم أنا كويتي وافتخر بأن بلادي استطاعت أن تحفر اسمها بأحرف من نور في قائمة الدول العشر الأقل ترحيبا «بالأيانب»! ونفتخر لأننا الأكثر رعونة في القيادة من غيرنا، ونفتخر لأن رجال أمننا الأكثر تورطا في «المخالفات»! ونفتخر لأن مخرجات تعليم مدارسنا هي الأدنى عالميا، ونفتخر بكوننا أصحاب أعلى دخل وظيفي، ومع هذا نصبح مطلوبين في نهاية الشهر! ولا أدري لم الذهاب للدوام أصلا ووزير اساسي في الحكومة قال إن أعمال الدولة يمكن أن تنجز من قبل 60 ألفا، وليس 200 الف، كما هو الوضع حاليا، والذي يدعو للفخر حقا؟ ونفتخر بأن عددا كبيرا منا يكون دائما في مقدمة المصلين في الوزارة، وأيضا في مقدمة جيش المغادرين، بعد … الصلاة! نعم أنا كويتي وافتخر، لأنني سعيت جاهدا لأن تصبح نسبة الكويتيين %28 مقارنة بالغير، وحققت، أنا وابن خالي وابناء عمومتي، المال الوفير من المتاجرة بالبشر وبحقوقهم! نعم أنا كويتي وافتخر، وبالتالي من حقي وحدي الحصول على خدمة العلاج صباحا ومساء لغيري من الجنسيات، وافتخر لأنني كنت «عاقلا» بما يكفي لأن لا اضيع عشر سنوات من عمري «الغالي» في دراسة الطب، بل تركت غيري يدرس ويأتي ليطببني! كويتي وافتخر بعشقي لبيئتي وصحرائي التي أتغنى بها دائما، وعندما أتركها أترك خلفي بقايا من إطاراتي وأوتادي وأجزاء من خيمي وزبالتي وآثامي، ومع هذا انا كويتي وافتخر! أنا كويتي وهذا وطني ومن حقي أن ارمي علب المرطبات من نافذة سيارتي وبقية سندويشاتي، فالشوارع شوارعي والكناسون من غير أهلي، وأنا أفتخر بنجاحي في سرقة دعم أعلاف ماشيتي وبذور مزروعاتي، وبيعها في السوق «الحمراء» علنا! وافتخر لأنني المتسبب الأكبر في حوادث القتل على الطرق، وفي ارتكاب مسلسل هروب المساجين، وفرار المطلوبين لخارج البلاد، من المنافذ الرسمية، وفخور بضخامة عدد المدمنين ومرضانا النفسيين، وسارقي أموال جمعياتنا التعاونية وأخواتها الخيرية! ولكن شكول وشخللي، غير أني كويتي وافتخر؟!

أحمد الصراف

فؤاد الهاشم

«احمد الفهد» الشيخ الذي احترق

في أحد أيام عام 1993جاءني اتصال هاتفي من رقم لا اعرفه وكانت سيدة كويتية تهدج صوتها وهي تشتكي ان «بيتها محترق وبأنها تعاني من ضيق ذات اليد في اصلاحه».
الي هنا والموضوع عادي يصلني مثله شهريا المئات من الاتصلات، لكن بعد أن سألتها عن اسمها قالت انا ارملة الشهيد
سألتها «أي شهيد؟ شهداؤنا وايد» فقالت: «الشهيد فهد الأحمد، الشيخه فضيلة العذبي الصباح»!!.

استغربت ان سيده مثلها تعاني الأمرين و «بيتها محترق بفعل الغزو العراقي وتحتاج الي بيت جديد لها ولاولادها» كما قالت فكان سؤالي لها: جابر الأحمد -أمير الكويت- هو شقيق زوجك، فكيف تطلبين مساعدتي ولا تطلبين مساعدته؟ زائد عيال الخليفه العذبي الصباح وكلهم -اموالهم- تغطي عين الشمس كما يقول اهل الكويت؟! فاجأتني باجابتها: «ماسولي شي»!!

الشهيد فهد الاحمد رحمه الله كان رجلا نقيا «واللي في جيبه ..ليس له»، وترك الدنيا دون ملايين والا ماشتكت ارملته من عدم وجود ما لديها لترميم منزلهم المحترق!! وعدتها خيرا لكنني لم اعرف ماذا افعل؟! هل انشرلها «طلب مساعدة ماليه» في الجريدة؟ وكيف سيستقبل الناس والحكومه والنظام موضوعا كهذا ودم المرحوم الذي مات برصاصة قناص عراقي -لم تبرد- بعد في قبره وماذا سيحدث لمصداقية النظام الخارج لتوه من احتلال وتحرير امام بقية اهل الشهداء من ابناء الشعب الكويتي؟! يبدو ان الشيخه «فضيلة العذبي» او «ام احمد الفهد» استشعرت حرجي فلم تتصل ثانيه!!

مرت بضع سنوات وصار الشيخ «احمد» وزيرا وصارت الملايين عنده -والتي لايعرف لها مصدرا- تتكاثر وتتوالد عنده مثل بيض وطيور «الجنة البحرية» في وربة وبوبيان، وصار هو واشقاؤه لايتحدثون إلا بالملايين وارتفع «مجمعهم الاولمبي» على ارض الدولة المسكينة عاليا شاهقا، يخرج لسانه وسعابيله لكل من يعترض علي التجاوز قائلين لهم : «ليش الكويتيين وايد حسوديين»؟

ثم جاءت محطة تلفزيونية بإمكانيات ضخمة تركض خلفها جريدتان مبتدئتان تفتقران الي ابسط قواعد العمل الصحافي ويحررهما هواة اقلام طلبة في الصف الثاني ثانوي اكثر منهم ..احترافا، زائد ان «طلبة الثانوية» يقفون في طابور الصباح بمدرستهم لتحية علم الكويت ودولة الكويت وامير الكويت والامة العربية، لكن هؤلاء تخصصوا في تحية «علم قطر» ودولة قطر ورئيس وزراء قطر والامه «القرضاوية ذات الرسالة..الإخوانية»!! ومع ذلك فهم يتعاملون مع محطتهم التلفزيونية هذه وكأنها «ابنة سفاح» جاءت ثمرة للقاء محرم، فالكل ينفي تبعيتها له، والكل يهرب من أبوتها، لكنهم «يزينونها ويبخرونها ويعطرونها» كلما مس قطري ..الضر حتي يجلسوها في حضن «معزبهم» ليشمها ويضمها ويفرح بها كلما نالته سياط اهل الكويت وعوضا عن ان «يبوس» الشيخ احمد الفهد رأس وكتف ويد عمه صاحب السمو الامير «بكرة واصيلا» لاخراجه له من العسر الي اليسر .. يدير له ظهر المجن ليصبح معارضه، ويجعل محطة تلفزيون «اليوم الاغبر» فرعا وبوقا لقناة «معزبه» القطري في الكويت!!

مابين مكالمة الشيخه «فضيله العذبي الصباح» عام 1993 وبيتها المحترق وحتي مئات الملايين التي تورمت بها جيوب وخدود وعيال الشهيد وجرائدهم وتلفزيونهم وشيخهم القطري تبقي فصول كثيره في تاريخ هذا البلد لم تنشر ولم تذكر بعد!! لكن بياض الأوراق ..يلمع والاقلام متخمة بالأحبار السوداء!!

عادل عبدالله المطيري

مصير القروض المعاد جدولتها

يبشّر نواب مجلس الأمة الكرام بأنهم استطاعوا تحقيق «المعجزة» وهي إسقاط فوائد القروض وليست القروض نفسها، ويؤكدون أن ذلك بمباركة من الحكومة ووزيرها الشمالي!

نفس الاقتراحات ونفس الوزير بل ونفس رئيس الوزراء، ما الذي تغير؟ لا شيء، سوى أن هناك من يريد أن يجعلنا نعشق نواب مجلس نوفمبر 2012 الذين واجهوا أكبر عملية مقاطعة شعبية اثناء انتخابهم.

ما يهمنا هو مشروع إسقاط القروض عن المواطنين الذين كانوا ضحايا رغباتهم الشيطانية وتجاوزات البنوك القانونية.

هل فعلا ستحل مشكلتهم المالية ذات الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، أما أن الموضوع لا يتعدى دغدغة مشاعر الناخبين.

يقال إن مشروع أو اقتراح إسقاط القروض ربما لا يشمل كل المقترضين، وانه سيقتصر على فئة معينة بتواريخ محددة وربما لا تتجاوز مقترضي عام 2008 واخشى أن يكون قد غاب عن ذهن المشرع أو حتى عن الحكومة أن القسم الأكبر والأكثر مأساة من المقترضين هم من الذين يقومون بجدولة قروضهم كل سنة أو سنتين وتحويل قروضهم من قصيرة الأمد إلى قروض متوسطة الأمد، وهؤلاء هم من تضخم قرضهم بل ربما تضاعف حجمه، هؤلاء المقترضون لا يوجد تاريخ ثابت لأصل الدين، أي القرض بل والأدهى والأمر أن تواريخ قروضهم تبدو جديدة وحتما لن يشملها اقتراح إسقاط القروض.. وسيظلمون وستستمر معاناتهم.

هل تريدون معرفة سر العام 2008 والذي توقف عنده مشروع إسقاط الفوائد؟

هو نفس العام الذي أجبرت الحكومة والمجلس البنوك على الالتزام بألا يتجاوز قسط القرض الـ 40% من الراتب، لذلك أغرت البنوك زبائنها بتقليل القسط مقابل زيادة مدة سداد القرض، لذلك لا يبدو أن مشكلة المقترضين ستحل بهذا القانون المقترح.

نصيحة: إلى من يريد أن يحل مشكلة المقترضين فليجعلها شاملة كل المقترضين حتى نهاية عام 2012، لتشمل المتضررين الحقيقيين ممن قاموا بإعادة جدولة قروضهم، أما المقترضون الجدد من 2008 إلى 2012 فهم في النهاية لن يكلفوا الدولة الكثير، لأن الفوائد على قروضهم كانت ضئيلة جدا، وبذلك ستحل مشكلة القروض القديمة والمعاد جدولتها بتواريخ جديدة!

 

حسن العيسى

أبو الهول مترنماً

ضبطت سلطة الحكم الواحدة أمورها، وضبطت بالتبعية مجلس "أمتها"، ووافقت على شراء فوائد القروض، ووعدت بصدقات الألف دينار لكل مواطن غير مقترض، حتى يعم الخير الجميع، ويسعد ويهنأ كل من لم يذق عسل الحكم، وينتشي من خمر مجلس الصوت الواحد.
أما كل المطولات الكتابية والدراسات والخطابات الممتدة عن الهدر المالي، وتنشيف مدخرات الأجيال والعدالة، وكل الثرثرة الرسمية التي صدعت رؤوسنا من استهلالات النائب السابق ضيف الله بورمية قبل سنوات معاركه من أجل إسقاط القروض، ومعارك من تبعه مع بدر الحميضي وزير مالية الردح والجدل بالأرقام والإحصائيات السابقة، كل تلك الأدبيات والعنتريات من جماعات النصح والدعاية لعقلانية وحكمة الحكم في الإدارة المالية، فنقول لهم: "نقعوها وشربوا مايها".
لا حسد ولا قهر، والله يوفق حكومتنا ويرفع الضرر عن الضحايا المقترضين، فماذا يعني أن تنفق الدولة ٧٥٠ مليون دينار أو مليار دينار لشراء قروض اليوم، ومليار دينار آخر لشراء قروض الغد، ومليارات لا تنتهي لشراء ود المواطنين مقابل بيع حرياتهم، ورمي مستقبل أبنائهم للمجهول… لا تعني أي شيء… متى كان الثمن هو "الصمت" والسكوت، وبعد أن يضخ الأفيون المخدر في شرايين وعي الناس، ويتم تغييبهم عن واقعهم، وتغلق أبواب القلق المشروع على مستقبل الدولة.
بالنقدي، تحل السلطة أزماتها العارضة. "نقدي" لا يصب لإصلاح أبنية مستوصفات مهترئة، ولا ينهي طوابير ممتدة من بشر ينتظرون دورهم للسكن، ولا يضع حلولاً لأزمات مرور خانقة، ولا يخلق تعليماً أفضل ولا ثقافة أرقى ولا فنوناً أفضل، ولا يعدل وينصف أوضاع مئة ألف من بشر يعيشون معنا، وولدوا على هذه الأرض لكنهم بلا هوية.
نقدي للناس وإسقاط فوائد قروض أو قروض كاملة ليس جديداً على دولة الدينار، فبعد التحرير، تم شراء صمت الصامدين، ثم تم شراء المديونيات "الصعبة" عام ٩٣، والأخيرة "كانت رصاصة وانطلقت"، بعبارة د. إسماعيل الشطي، وقبل كل هذا وذاك انتشلت السلطة في الثمانينيات ضحايا سوق المناخ من الغرق، وألقت لهم بطوق المليوني دينار، وأنقذت صغار المضاربين، وأيضاً معهم – وقبلهم – نفخت جيوب كبارهم… مضت الأيام المضحكة لـ"هيئة التحكيم" وشركة المقاصة، وهل تريد حل الغرفة أم حل الحكومة… إلخ! مضى ذلك الزمن… وولت تلك الأيام، إلا أن فلسفة أبي الهول مازالت صامدة تقاوم عاديات الزمن، فأبوالهول لم يتوقف يوماً عن ترنيم نشيده الأثير "ترى إحنا ما نتغير… الله لا يغير علينا".

احمد الصراف

جمال الوزير وشجاعته

«لنتعلم من دبي»! جملة مفيدة انتظرت ثلاثين عاماً لأسمعها من أي مسؤول حكومي، ولكن لا أحد نطق بها على حد علمي حتى الأمس القريب، وزادوا على ذلك برفض حتى الاعتراف بأن دبي تسبقنا في مجالات كثيرة بسنوات، وهي التي سبق أن كانت تلهث وراءنا بأجيال! ثم جاء وزير التجارة أنس الصالح ليقول تلك الجملة التي طال انتظاري لها، فقد تحلى بشجاعة خانت غيره، واعترف بأمر مستحق منذ عقود (القبس 3/3)، عندما صرّح بأنه سيرسل وفداً إلى دبي للاطلاع على تجربتهم المتطورة في مجال إصدار التراخيص التجارية إلكترونياً، وليتعلم منهم! وهنا، نتمنى أن تستفيد كل إدارة حكومية من تجربة دبي، خصوصاً الموانئ التي تخلفت في عهد إدارتها الحالية سنين طويلة، واستحق التغيير فيها منذ سنوات، ولكن من يسمع؟ وليس عيباً أن نتعلم من دبي بحجة أننا كنا نساعدها طبياً وتعليمياً قبل عقود قليلة، فالأجدر بنا أن نفرح بتقدمهم، ونفخر بأن من صرفنا على تعليمهم أصبحوا أفضل منا، وهذا قمة السعادة لمن يعطي ليفيد ويسعد، وأن ما دفعناه لم يذهب هدراً! وليس عيباً أن نتعلم ممن هم أقل منا في أي مجال، فأنا أتعلم دائماً من ابنتي وابني الكثير، خصوصاً في كيفية الاستفادة من الأجهزة الإلكترونية الحديثة، وهذا ليس عيباً، بل العيب أن أبقى على جهلي بحجة أنني أرفض أن أتعلم ممن سبق أن علمتهم كل شيء!
نعود ونقول إننا غير مجبرين على تقليد دبي، ولكن ليس هناك ما يمنع أبداً، بل هناك كل ما يشجع على التعلم منها، فدبي متقدمة علينا في تنظيم المرور، سواء في النقل الجماعي أو توجيه المركبات إلى طرق معينة وتجنب غيرها عن طريق ما يفرض من رسوم مرور في شوارع معينة (Toll)، كما أنها أفضل منا بمراحل في طرق إدارة موانئها ومنطقتها الحرة! وليس عيباً أن نتعلم منها كيفية إدارة حتى طريقة توحيد إصدار عقود إيجار الشقق والمحلات التجارية وتسجيلها رسمياً واستيفاء رسوم عليها، كما أنها متقدمة علينا في طريقة تسجيل العقارات وتحويلها وتركيب الهواتف الأرضية وغير ذلك الكثير، وهي أنفقت أموالاً طائلة وخسرت وعانت لتصل وتتعلم كل هذه الأمور، فلمَ نصر على إعادة اختراع العجلة وهي موجودة؟
عيبنا في الإدارة، والإدارة بحاجة لخضة، والخضة بحاجة ليد قوية، واليد القوية بحاجة لعزم، والعزم بحاجة لقرار، والقرار شبه مفقود.. وسلامتكم.

***
• ملاحظة: بعد مواقف الوزير الشمالي العقلانية والصلبة تجاه إسقاط القروض قررت تغيير فكرتي السلبية عنه والإشادة به، وحتى الاعتذار له، ولكن بعد «إذعانه»، ورضوخه للضغوط، طاح من عيني.. مرة ثانية!

أحمد الصراف

سامي النصف

خصخصة شركات الطيران.. للمبتدئين!

لو ذهبت لمهندس مدني وقلت له انني أنتوي بناء منازل لا قواعد ولا حيطان ولا اسمنت ولا حديد فيها لجاز له أن يكذبك وأن يطلب منك أن تصطحبه وتريه أي منزل في الدنيا تم بناؤه دون الخارطة الزرقاء المعتادة ودون توافر الأساسيات والاستحقاقات السالف ذكرها.

***

بالمثل لخصخصة شركات الطيران خارطة زرقاء ثابتة معمول بها في جميع شركات الطيران التي مرت بهذه التجربة منذ ما قام به لورد كنغ في الخطوط البريطانية أعوام 81 – 87 وصولا الى ما تم في الملكية الاردنية والميدل ايست ومصر للطيران و«جميع» شركات الطيران الاخرى عدا بالطبع ما تم في «الكويتية» في الفترة التي تلت صدور مرسوم خصخصتها عام 2008 والذي لم يشهد له عالم الطيران مثيلا، والغريب أن هناك من يطالب هذه الايام بالاستمرار في ذلك المسار.. المدمر!

***

من بديهيات العمل الاقتصادي ارتباط الخصخصة بالربحية، حيث لا يشتري المستثمرون الشركات الخاسرة (عدا الشركات التي تباع بدولار واحد)، كما ترتبط الربحية بقاعدة معروفة حتى للمبتدئ في عالم الاقتصاد وهي «تقليل المصروفات» و«زيادة الايرادات» التي ترجمت في تجارب خصخصة شركات الطيران الاخرى الى:

(1) التخلص الفوري من العمالة الفائضة، (2) البدء الفوري بتحديث الأساطيل وما يحتاجه من ضخ أموال مبدئية في الشركات، فالطائرة القديمة تزيد كلفة تشغيلها عما يحصل منها من أموال، (3) خلق مراكز دعم مالي (Profit Center) عبر إدخال مطورين وشركاء استراتيجيين في الأعمال المساندة التي تملكها شركة الطيران عبر إدخالهم كشركاء في شركات التموين الغذائي والهندسة وأعمال المناولة في المطارات والحجز والتدريب والأسواق الحرة… إلخ، وتتوقف بعض الشركات عن إدخال شركاء استراتيجيين في العمل الأساسي، أي النقل الجوي كونه يخدم أهدافا استراتيجية للدول قد لا يرضى بها الشريك الخاص الذي يبحث عن الربح السريع على استثماراته وقد لا يقبل بخطط التوسع أو خدمة استراتيجيات كبرى كالمركز المالي.

***

ولو أتينا لتجربة «الكويتية» لرأينا أنها قامت تماما بعكس المسار والمعتاد الصحيح للخصخصة، وذلك عبر: (1) إبقاء العمالة الفائضة لمدة 5 سنوات، أي من عام 2008 حتى نهاية عام 2012، (2) عدم تحديث الاساطيل والإصرار على إبقاء الاساطيل القديمة التي زادت قدما مع مرور السنين، (3) عدم خلق مراكز مالية داعمة لعمل الشركة الأم، بل تم في المقابل تعليق الحسابات الختامية لـ«الكويتية» وعدم تغطية خسائرها، مما جعلها تتجه منذ أوائل عام 2011 للسحب على المكشوف من البنوك حتى قارب السحب مبلغ 160 مليونا مع نهاية العام الماضي، (4) بدلا مما هو معتاد من التحول للربحية بعد 4 سنوات من بدء مشروع الخصخصة كما هو قائم في «جميع» التجارب المماثلة، تمت مضاعفة الخسائر بنسبة 1000% أي من 10 ملايين عام 2007 أي قبل إعلان الرغبة بالخصخصة الى 105 ملايين دينار مع نهاية العام الماضي.

***

آخر محطة: (1) دعوة صاحب السمو الأمير، حفظه الله، امس لخلق موارد اقتصادية بديلة للنفط تعني العمل على إحياء مشروع «كويت المركز المالي» الذي ركيزته الرئيسية كما تظهر تجارب الدول المجاورة والمراكز المالية العالمية مثل سنغافورة، هي شركة طيران عملاقة مزودة بأحدث الطائرات تجلب المستثمرين والسائحين والزائرين لذلك المركز، فهل في محاربة «الكويتية» تلبية وتحقيق لذلك المطلب السامي المهم؟!

(2) السبب الرئيسي لخسائر «الكويتية» الضخمة هو إلغاء خطة تحديث أسطولها عام 2007 وهو ما تسبب في استنزاف مئات الملايين من المال العام عبر السنين وقد كان سبب الإلغاء، كما أتى في بيان المؤسسة الصادر في 29/8/2007، هو إلغاء اللجنة المختصة بمجلس الأمة الاعتمادات المالية المخصصة لذلك التحديث.

(3) تصدى الخيرون من أهل الكويت لمخطط تدمير الكويت وحان الوقت للتصدي لمخطط تدمير.. «الكويتية»!

 

احمد الصراف

لا أمل في «هاينز» مصرية

قام الملياردير الاميركي وارن بافيت، وشركة برازيلية عملاقة بشراء كامل أسهم شركة «هاينز»، الشهيرة التي تصنع الكاتشاب وآلاف المواد الغذائية الأخرى بمبلغ 28 مليار دولار، وهي الصفقة الأكبر في تاريخ شركات الأغذية! بدأت قصة نجاح هاينز عندما قام أتش جي هاينز بتأسيس شركته عام 1869، في شاربزبيرغ، بولاية بنسلفينيا، وأعاد تأسيسها باسم مختلف بعدها بـ 6 سنوات، بمشاركة أخيه وابن عمه، قبل أن يشتري حصصهما عام 1888، ولتصبح خلال سنوات واحدة من أكبر شركات الأغذية، بحيث وصلت حصتها في السنوات الأخيرة وفي الكاتشاب فقط %50 من سوق اميركا. وكغالبية الشركات العالمية الحديثة بقيت حصة كبيرة من أسهم الشركة بيد عائلة المؤسس، وهذا ما حصل مع شركات ومصارف عالمية، حيث ان نظام التركات الغربي، وفي غالبية دول العالم، يعطي صاحب المال توريث من يشاء، وبذلك تبقى التركات من دون تفتيت. ومن أسباب اسبقية بريطانيا على غيرها من الدول الغربية في التقدم الصناعي نظام الوراثة الذي كان يتيح انتقال الاقطاعيات والثروات من الأب للابن الأكبر، وهكذا من دون أن تفتت الارض أو توزع الأسهم أو تباع الاقطاعية أو يغلق المصنع! وبالرغم من الاجحاف الذي يطول عادة بقية الورثة نتيجة هذا النظام، الا أن الفوائد على الدولة ككل أكبر بكثير، فالمسألة ليست شخصية، ولو كانت كذلك لما اتبعتها كل دول العالم، عدانا! وبالتالي من الصعب أن نجد قصة نجاح «عائلية» كـ «هاينز» أو فورد في مصر مثلا، وهي الأقدم صناعيا بين الدول العربية، فما ان يموت مؤسس اي امبراطورية صناعية أو مالية حتى تتفتت تركته، ويخسر اقتصاد الدولة الكثير. ومن أجل ذلك قامت عدة بيوتات مالية بتطوير نظمها الداخلية، لتتلاءم أكثر مع أنظمة التركة في الدول الأخرى، والغربية بالذات من خلال تأسيس شركات غير قابلة للتصفية، أو صناديق ومحافظ مالية موقوفة لغرض معين لا تنتهي آجالها بموت مؤسسيها أو اي من المستفيدين من ريعها تاليا، وبذلك تبقى هذه المحافظ المالكة لأسهم شركات صناعية أو تجارية أو استثمارية الى الأبد، ولا تتعرض للتفتيت، بحيث يحصل كل وريث على حصة سنوية قليلة مستمرة ترتفع مع الوقت بدلا من حصول الورثة الاصليين على حصة كبيرة لمرة واحدة، نتيجة تجزئة التركة، وقد تضيع هذه الثروات مع الوقت. وليس سرا ان أفرادا وشركات تنتمي لمجاميع «اسلامية» تأتي على راس متبعي هذه الطرق في الحفاظ على ثرواتهم من التفتت، واطالة أمد استفادة أبنائهم وأحفاد احفادهم من تركاتهم.
والسلام ختام.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

يا غافلين لكم الله

نراقب – بشيء من الحيرة – السلوك السياسي لحكومات دول الخليج العربي تجاه السياسة الايرانية في المنطقة، واللامبالاة للتحرك الايراني المشبوه في السنوات الاخيرة. وكأن قرارا قد اتخذ بالاكتفاء بصيغة التنديد الواردة في البيان الختامي لجميع مؤتمرات القمة الخليجية حول احتلال ايران للجزر الاماراتية والتدخل في شؤون دول المنطقة!
ولأن التحرك الايراني اصبح مكشوفا للعيان ولا يحتاج الى توضيح، فقد يجوز لنا القول ان الشكوك تحولت الى الدول الخليجية نفسها من ان ترتيبات تحضر مع الجمهورية الاسلامية، بل لم يعد مستبعدا ان تنتقل الشكوك الى السياسة الاميركية لنقول ان هذه الترتيبات برعاية اميركية.
إيران الخميني لم تعد هي ايران اليوم! اليوم نشاهد الاخطبوط الايراني يضرب في عدة اتجاهات. فذراعه وصلت الى اليمن عن طريق الحوثيين، وها هي الانباء تصلنا كل يوم عن القبض على سفينة ايرانية ممتلئة بالاسلحة لتوصيلها الى صعدة في الشمال. وها هي الاحزاب العراقية اصبحت ميليشيات ايرانية، تنفذ الاجندة لطهران، وظهرت هذه الحقيقة بعد التدخل العراقي في الحرب السورية نيابة عن ايران! ولم تكن الكويت بعيدة عن هذا المخطط الفارسي، فالخلايا الجاسوسية الايرانية يتم اكتشافها على التوالي، والذي لا يتم الاعلان عنه اكثر مما يعلن عنه! والعمالة الايرانية اغلبها سائبة في الشوارع من دون حسيب او رقيب! ولا يغرنك ما يقال عن ضبط «الداخلية» للعمالة السائبة بين فترة واخرى، فهذه العمالة، المقبوض عليها، لا تكاد تجد فيها ايرانيا واحدا، لان العملية المخطط لها تتم باتقان شديد. واليوم لدينا في شوارعنا جيش شعبي ايراني جاهز للتسليح الكامل خلال ساعات قليلة. ولا اظن عاقلا يعترض علينا عندما ندعي ان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية جاهزة للانفجار في اي لحظة بانتظار ساعة الصفر! وهم على امل ان تتحرك بقية المناطق بمطالبها المشروعة كي يتحركوا بنواياهم الانفصالية. من هذا الباب جاء تخوفنا على الشقيقة السعودية من ان تؤتى من حيث لا تحتسب. اما الاخوة في الامارات فهم مشغولون بالاسلاميين السنة وهي الاولوية عندهم اليوم، ويعتقدون ان ايران لا يمكنها ان تعمل اكثر من احتلالها للجزر، بينما المراقب يعلم ان الوضع السياسي والاجتماعي والديموغرافي للامارات يؤهلها لان تكون الضحية الاسهل للاطماع الاجنبية. واعتقد ان الوضع في السلطنة وقطر والبحرين مشابه ان لم يكن اشد لبقية دول الخليج.
اذاً ما الذي يجري؟! ولماذا لا تتحرك هذه الدول لمنع وقوع الكارثه؟!
يعتقد المراقبون ان الاستراتيجية الايرانية تقتضي تطمين دول الخليج والتعهد لها بعدم الاعتداء عليها! وهذا مثل تعهد الثعلب للديك «مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا»، كما تقتضي ان يكون لها ترتيب مع اميركا تتعهد ايران خلاله بمنع وصول الاسلاميين السنة الى الحكم في اليمن وسوريا والعراق، كما تساهم في المحافظة على استقرار جبهة الجولان مع اسرائيل كل ذلك مقابل ثلاثة امور:
ــــ عدم دعم الجيش السوري الحر من قبل حلف الناتو.
ــــ التخفيف من الضغط على البرنامج النووي الايراني.
ــــ اطلاق يد ايران في دعم اتباعها في دول المنطقة.
اغلب دول الخليج اليوم مشغولة بالتضييق على النشطاء السياسيين والحريات العامة ومحاربة التوجهات الدينية المنفتحة وتقريب اهل البدع والخرافات والدراويش وإلباسهم للعمائم واظهارهم بمظهر المصلحين وهم في حقيقتهم «مساحو جوخ للبلاط السلطاني»! واصبح هم اجهزة الاستخبارات في هذه الدول رصد تحرك التيارات الاسلامية وتشويه عملها في نظر العامة باستخدام وسائل الاعلام المتنوعة وتسخير الاقلام الليبرالية للتفرغ لهذه التيارات بالسخرية وتلفيق القصص والاتهامات والافتراء عليها من دون رادع من اخلاق او احترام للمهنة.
كل هذا يحدث وحكوماتنا «اذن من طين وأخرى من عجين»! وان لم تنتبه وتضع حدا لهذه التحركات الفارسية المشبوهة والا يا غافلين لكم الله.
***
اتصل بي الدكتور عواد الظفيري ليخبرني بانه ومجموعته الممثلون الشرعيون لحزب الامة، وانهم مع ائتلاف المعارضة وليس كما ورد في مقالتي الاخيرة.

حسن العيسى

أسئلة ملحة

هل انتقل إلى رحمة الله الحراك الشبابي المعارض للسلطة، أم إنه أخذ قيلولة، واستراحة محارب، وسينهض بعد فترة؟! لا هذه ولا تلك… فهمم الشباب لم تفتر، ولا أعتقد أنهم سلموا أمرهم للقدر والمكتوب، وهو قدر السلطة ومكتوبها، الذي تفرضه بعصيها وزنازينها. بالتأكيد الشباب الواعون يشعرون بالإحباط، إحباط قد يكون سببه إحساسهم الدفين بأن هناك من تخلى عنهم من بعض الذين يقودون العمل السياسي ورموزه. فعدد من الشباب زج بهم في سجون مظلمة بدون ذنب غير أنهم عبروا عن فهمهم ورؤاهم لما حدث في مرسوم حل المجلس "منتخب" على علاته الكثيرة، وتنصيب مجلس آخر وفق قرار أحادي تفردت به الأسرة الحاكمة، ولم تكن ردود الفعل بمستوى مصادرة حرياتهم وقهر تحركاتهم.
اندفع هؤلاء الشباب في أحلامهم، وفي "تويتراتهم"، وفي الخروج إلى الشارع بحماس ملتهب، ورفعوا عالياً شعار "لا" يا سلطة، إلا أنهم وجدوا أنفسهم في ما بعد بلا معين، أصابتهم خيبة أمل في وعي من يحيط بهم، لم يصطف معهم الكثيرون من شعب "الحمد لله مو ناقصنا شي"، وما دام هؤلاء "الكثيرون" يرفلون بالنعم وسكينة رغد العيش فما الحاجة إلى ممارسة الرفض، ودفع ثمن هم في غنى عنه؟
أيضاً، لم يجد الشباب من ينظم ويؤطر رؤية مستقبلية لحراكهم، ويضع منهجاً للعمل السياسي يتجاوز القبيلة، والطائفة، والمعتقدات الخاصة، ويتجاوز الذات الأنانية وطموحات مريضة وينشغل بالغد، فغير الناشطين من التيار التقدمي، لم يقدم أحد مثل هذا التصور العريض للعمل السياسي… فلم تطرح أسئلة استفهامية عما نريد من تحركات الرفض والإملاء السلطوي! هل دستورنا يعد كافياً للعمل السياسي أم تجاوزه الزمن ودهسته السلطة الحاكمة والمجالس النيابية المتعاقبة بقوانين وممارسات قمعية؟… كيف نوفق بين المادتين الرابعة والسادسة من غير الانتشاء بأوهام التلفيق حين نسميها توفيقاً؟! كيف نفهم مبدأ الفصل بين السلطات على أرض الواقع المعيش وليس بالهذيان النظري المعتاد؟! هل تختزل قضية الحراك بكلام عام مكرر عن الفساد أم يجب أن تصعد فوق ذلك لخلق ديمقراطية حقيقية تحاسب وتحارب الفساد السياسي، وكل صور وأشكال الفساد من ابتلاع ملايين الأجيال، إلى رشوة موظف صغير، أو التوسط لتجديد رخصة قيادة أو دفتر سيارة؟… وكيف يمكن تحقيق هذه الديمقراطية والإدارة المحاسبية من غير أحزاب سياسية لها برامج واضحة لا ترتبط بالاستقطابات القبلية أو الطائفية؟
كيف يمكن أن نخطو لفضاء الحريات السياسية والفردية والعدالة الاجتماعية، بينما الدولة محاصرة إقليمياً بأنظمة لا تتقبل أياً من ذلك، وتكاد تفرض منهجها على الدولة؟
أسئلة يجب أن تُسأل حتى نخرج من عنق زجاجة الملل السياسي الخانق.

احمد الصراف

استبدال دكتاتورية بأخرى

كان روبرت سنكلير الرجل الثاني في المصرف الذي كنت اعمل به، سعيدا بوضعه وامتيازاته، ثم فجأة اعفي المدير العام من منصبه لتعريضه البنك لخسائر جسيمة في مضاربات عملة، وعندما عرض المنصب على سنكلير، اعتذر مفضلا البقاء كنائب، وعندما استفسرت منه على سبب رفضه لكل امتيازات الترقية، قال انه تعلم مبكرا بأن «الرأس كثير الاذى»، وانه سيدفع الثمن مستقبلا عند تعرض المصرف لاي خضة، وان وجوده في منصب الرجل الثاني يحصنه من مخاطر الطرد! بعد يأس مجلس الادارة من ايجاد بديل مناسب للمدير العام المقال، عرضوا المنصب ثانية على سنكلير باغراءات اكبر فقبل، ولكن حدث ما توقعه الرجل، حيث فقد وظيفته المرموقة بعدها بسنة! ومنذ يومها وانا افضل، في الكثير من مساهماتي وانشطتي، البقاء في الصفوف الخلفية!
مناسبة هذا الحديث تتعلق بما يجري في سوريا وما جرى في مصر وغيرها من دول الربيع العربي، وما اصبح يبديه البعض من ندم على الانظمة السابقة او ما ستؤول اليه الاحوال في حال سقوط النظام هنا او هناك، وكيف انهم يفضلون بقاء نظام ظالم او فاسد او دكتاتوري على نظام «قد» يكون اكثر ظلما ودكتاتورية! ولكن تناسى هؤلاء ان ما يحدث في مصر تقع مسؤوليته المباشرة على الرئيس السابق الذي فشل على مدى ثلاثة عقود في خلق نظام ديموقراطي بديل يمكن من خلاله انتقال السلطة بسلاسة وشفافية لغيره، ولكنه فضل الحكم منفردا وان يبقى رأسا لا يقاربه رأس اخر، وعليه بالتالي تحمل كامل المسؤولية. الشيء ذاته ينطبق على الوضع في سوريا، فقد نال نظام الاسد حظا اكثر من غيره في ان يحكم لاكثر من 40 عاما، حسن فيها اشياء كثيرة، ولكنه فشل في التوسع في الحريات ونشر الديموقراطية وترتيب انتقال السلطة بالرغم من طول الفترة، وبالتالي لا مناص من تحميله كامل المسؤولية، فوجود اكثر من مليون لاجئ سوري خارج وطنهم وكل القتل والتدمير والتشريد الذي حدث لا تتحمله جبهة «النصرة المتخلفة» او المعارضة الاخرى، بل النظام، كما ان جسامة الخسائر تجعل من تراجع اي طرف مسألة صعبة جداً، وهذا سيجر ويلات اكثر على ملايين الابرياء الذين لا ذنب لهم في كل ما يحدث، ومع هذا فإن ما قامت به الجامعة العربية اخيراً، بضغوط من دول خليجية، في فرض الائتلاف «الوطني» على العالم كممثل «شرعي» ووحيد للشعب السوري، لا يختلف كثيراً عن الطريقة التي وصل فيها الاسد للحكم! فمن يقول ان هذا الائتلاف شرعي ويمثل الشعب السوري؟ وكيف يمكن اختزال ارادة اكثر من 22 مليون مواطن سوري في بضعة اشخاص؟ ان الجامعة، او من حركها، تتصرف بمنطق النظام الموجود في الحكم نفسه، فكلاهما يتصرف بدكتاتورية على مقاسه، وان من نوع مختلف.

أحمد الصراف