علي محمود خاجه

حرية اختيار

 مناورة سياسية واضحة وذكية أيضاً تلك التي تقدم بها بعض النواب على شكل اقتراح بقانون لإلغاء فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعة، وما يجعلني أعتقد أنها مناورة سياسية وليست أمراً عفوياً هو أنها جاءت من العدم دون مقدمات أو حتى تصريح مسبق كبقية القضايا المطروحة كإسقاط القروض مثلاً وغيرها. أعتقد أن الهدف وراء هذا الاقتراح هو أن يحظى هذا المقترح بدعم التيارات المدنية المقاطعة لمجلس ديسمبر بسبب مرسوم الضرورة، وبالتالي خلق استقطابات مختلفة عما هي عليه اليوم بين مؤيد ومعارض لمرسوم الضرورة لتتحول ما بين مؤيد ومعارض لما يسمى بالاختلاط. على أي حال وبعيداً عن اعتقادي بأنها مناورة سياسية وليست أمراً جاداً، فإنه من الواجب أن نوضح مفهوماً قد يكون غائباً عن الكثيرين، أو أننا لم ننجح في إيصال ما نريده بشأن التعليم بشكله الصحيح. المطلوب بكل اختصار هو حرية الاختيار في المجال التعليمي وليس الفرض سواء كان على الصعيد الحكومي أو الأهلي، فعندما فرض فصل التعليم المشترك على جامعة الكويت في عام ١٩٩٦، الأمر الذي تكرر في عام ١٩٩٩ على الجامعات الخاصة كان الاحتجاج مبنياً على رفض الوصاية على الطلبة وذويهم في اختيار نوع التعليم الذي يريدونه، وتقييد اختيارهم بشكل ينافي الدستور الكويتي، وما تضمنه من حقوق أساسية ترفض تقييد الحريات. بشكل أوضح رفض ما يسمى بقانون فصل الاختلاط ليس سببه الرغبة في إلزام الدولة بالتعليم المشترك، بل هو رفض لتقييد حرية الاختيار، واليوم يجب أن يتكرر الرفض أيضاً لمبدأ الوصاية بشكلها الآخر على التعليم، فمقدمو الاقتراح النيابي يريدون فرض التعليم المشترك على الطلبة وذويهم وهو تكرار لما حدث في ٩٦ و٩٩ بشكل عكسي. شخصياً أعتقد أن التعليم الجامعي المشترك هو النموذج التعليمي الأفضل، لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يفرض ما أعتقده على الجميع، بل على الدولة الغنية ذات الفوائض الضخمة أن توفر التعليم بأشكاله لأبنائها، وهم يحددون النظام الأنسب لهم، وإن كان النواب فعلاً يهتمون بالوضع التعليمي فإن الأولى هو سرعة تأسيس جامعة حكومية أخرى بمعايير تتفادى كل أخطاء جامعة الكويت، وبنظام تعليمي مشترك كي توفر بذلك الحرية المنشودة في اختيار التعليم، بالإضافة إلى إلغاء قانون فصل ما يسمى بالاختلاط في الجامعات الخاصة لتحدد تلك الجامعات نظامها التعليمي الأنسب. لقد عانينا تقييد الحريات بالمجالس السابقة بمختلف أشكاله، وفيما يبدو أن جماعة مجلس ديسمبر يريدون تطبيق التقييد كذلك، لكن بشكل لا يرضي نواب المجالس السابقة، والتقييد والوصاية بالحالتين خطر ومرفوض. ضمن نطاق التغطية: أكررها للمرة الألف أن قانون فصل ما يسمى بالاختلاط والصادر في ١٩٩٦ لا ينص أبدا على فصل الطلبة عن الطالبات بالشكل المطبق حالياً، بل ينص على تخصيص أماكن لكل جنس في نفس القاعة الدراسية، لكن لا أحد يقرأ بمن فيهم وزير التربية الحالي والوزراء المتعاقبون. خارج نطاق التغطية: ابتداء من اليوم أتشرف بنشر ما أكتب في "الجريدة" كل يوم أربعاء بدلاً من الاثنين.

سامي النصف

رصاصة انطلقت و«عزيزو» زرع!

 رغم أن والدي شاعر ووالدته شاعرة وجده لوالدته هو شاعر الكويت الكبير المرحوم حمود ناصر البدر، إلا انني لا أقرض الشعر ولا أحفظه، وإن كنت أشعر بأن الشعر العربي في يد أمينة بوجود الرصاصة التي انطلقت من عصور العرب الذهبية أيام الشعراء الفرسان أمثال معن بن زائدة وأبوفراس الحمداني واستقرت في عصرنا والمسماة بالسفراء والأدباء.. عبدالعزيز سعود البابطين!

* * *

الصديق الآخر فهد عبدالرحمن المعجل كتب مقالا رائعا نشرته صحيفة «السياسة» صباح امس طلب فيه ان يتصالح الكويتيون مع بعضهم البعض من أجل وطنهم، مستشهدا في مقاله الشائق بما قاله الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل ـ الذي فاتنا حفل غداء معه دعا له الصديق الشيخ خليفة علي الخليفة رئيس تحرير الوطن ـ وكان مما قاله الجميل ان الكويتيين غير متصالحين مع أنفسهم ويتفننون في كسب الأعداء وهو صادق في تحليله، حيث بات الجميع على قناعة بأن هناك «عزيزو» مخبأ في البلد يعمل على بقاء الصراع غير المبرر قائما بين الكويتيين وهو أمر لم يوقفه للعلم حتى.. الغزو!

* * *

أذكر في هذا السياق ان اجتماعي الأول مع الوكلاء والوكلاء المساعدين في الوزارتين اللتين توليت مسؤوليتهما تضمن الطلب منهم إنشاء لجان مختصة بـ «تحسين ظروف العمل» يتضمن عملها القيام بحل الصراعات القائمة في الوزارة والاعتناء بالبيئة والأثاث والألوان.. إلخ، كي يعطي ويبدع ويسعد الموظف في عمله، الطريف انني اكتشفت لاحقا ان بعض المسؤولين هم جزء من المشكلة لا من الحل بتفرقهم وصراع بعضهم البعض.. وطقني وأطقك.. الى الأبد!

* * *

مقترح ان يعطى الوزير حق إقالة الوكلاء يجب ان يسبقه التأكد من ان الوكلاء هم الأفضل في القطاع وفي الوزارة كي لا يشعر الوزير بأن بعضهم عبء وعالة عليه، كذلك يجب ان يتقدم الوزير بأسباب موضوعية لقرار الإقالة وعن بدائله من أسماء ومؤهلات حتى يتم ضمان عدم الشخصنة او الرغبة في إبعاد زيد كي يتم تعيين «القريب» عبيد، يتبقى ان الخبرة قد تعني الجودة في الأداء وهذا الأغلب، او تعتبر أحيانا تجربة سيئة لسنة مكررة بعدد سنوات الخبرة، للعلم في بعض الدول كفرنسا يستجوب الوكيل لا الوزير على أعمال الوزارة اليومية والوزير على سياساتها العامة

 

 

احمد الصراف

دعوات السعدون والبراك

يدعو السيد أحمد السعدون ومسلم البراك، ومن معهما من نواب سابقين ونشطاء سياسيين، مدعومين من وسائل إعلام وقوى ضغط إقليمية ودولية، إلى إحداث تغيير في نمط الحكم وطريقة الإدارة، بحيث يمكن أن يصل من هم من خارج الأسرة لرئاسة الوزارة وتصبح محاسبته بالتالي سهلة وخالية من الحساسية. كما يمكن استبداله بغيره، إن اقتضى الأمر ذلك، من دون معاناة! كما يدعو هؤلاء إلى ما يشبه الانقلاب الإيجابي في فلسفة الإدارة من خلال تطبيق حرفي للدستور، وتقليص قدرة السلطة على الحركة، والتي جاوزت في السنوات الأخيرة كثيرا من «الأعراف» التي سبق أن استقرت على مدى العقود الأخيرة! ويعتقد هؤلاء، كما يدعون، أن هذه التغيرات ستصب في مصلحة تحسين اداء الحكومة وتقليل الفساد، والقضاء على بقية العلل التي تشكو منها الإدارة الحكومية بشكل عام. ولكن ما غاب عن بال هؤلاء أن العلة والمشكلة ليستا في أسلوب الإدارة وطبيعة شخوصها وردود افعالهم وفهمهم، أو حتى في آلية استجواب رئيس الحكومة وحكومته، فهذه الأمور بالرغم من أهميتها، إلا أن العلة والمشكلة لا تكمنان فيها بقدر ما هما في طريقة تفكير المواطن، والتي اكتسبها على مدى نصف قرن من نظام تعليمي خرب ومتخلف! وبالتالي ليس هناك امل في نجاح اي حركة تغيير اساسية من دون تغيير لنظام التعليم في الدولة، والإصلاح لا يتم حتما باستبدال فلان بفلان طالما أن الشعب بمجموعه مصر على انتخاب مشرعيه ومراقبي أداء حكومته من خلال زاوية لا علاقة لها لا بالمنطق ولا بالمصلحة الوطنية ولا حتى بالمصلحة الشخصية الضيقة، فالنائب القبلي أو الطائفي، الذي إن أعطى بيد سيأخذ اضعافه من المال العام باليد الأخرى! وبالتالي فإن تسليم، ولو جزءا من مقدرات الدولة للمعارضة، بكل ما تشكو منه مجاميعهم من قدرات إدارية متواضعة وقصور واضح في فهم الأولويات، وخاصة في التعليم وطرق إصلاحه وأهمية التربية والأخلاق، لن يحدث تغييرا جذريا في آلية الحكم، طالما بقيت تركة التعليم المتخلفة من دون تغيير، وبالتالي سيبقى الوضع كما هو عليه، وكما خبرناه Déjà vu. وبالتالي ليس امام السلطة من خيار سوى قطف ثمار المرحلة واستغلال الفرصة النادرة، وخطف شعلة التحدي من المعارضين، من خلال إحداث ثورة تربوية وتعليمية وأخلاقية طال انتظارها واستحقاقها، وهذا ليس بالأمر المستحيل ولا حتى بالصعب، إلا إذا كانت آلية القرار هي المستحيلة والصعبة.
***
ملاحظة: بينت مصادر وزارة التربية وجود أكثر من 30 ألف مواطن لا يعرفون القراءة ولا الكتابة طبعا! ويحدث ذلك بعد مرور أكثر من قرن على التعليم المنتظم! فهل نرجو صلاحا في أي مرفق، ونحن بكل هذه الأمية والتخلف الدراسي، مستوى ونوعية؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تجربة الإسلاميين في تونس

تحدثنا في المقالة السابقة عن تجربة الحركة الاسلامية في ادارة الحكومة في المغرب، وبيّنا كيف ان هذا التيار يستطيع ان يدير الحكومة باقتدار اذا كانت الامور طبيعية وبلا مؤامرات خارجية وداخلية من اعداء الوطن!
واليوم نتحدث عن تجربة حزب آخر محسوب أيضاً على تيار الاخوان المسلمين الا وهو حركة النهضة وادارتها لحكومة تونس. فقد فازت حركة «النهضة» في الانتخابات الاولى التي جرت بعد خلع الطاغية العلماني زين العابدين بن علي وحصلت فيها على المركز الاول من دون منازع، وشكلت حكومة ائتلافية من الاحزاب الرئيسية، سيطرت فيها على معظم المقاعد بالاتفاق مع حلفائها الذين وزعت عليهم منصبي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان. وكانت مهمة هذه الحكومة الاعداد للدستور الجديد، ولأن اعداء الديموقراطية متواجدون في كل مكان، ولأن اتباع النظام المخلوع ما زالوا يتنفسون الهواء الطلق، لذلك لن يهدأ لهم بال حتى يزعزعوا الاوضاع ويثيروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، فبادروا الى اغتيال احد رموز المعارضة، ظناً منهم بأنهم سيورطون بذلك حركة النهضة الحاكمة، وفعلا حدثت الاضطرابات، واتُهمت «النهضة» بتصفية بلعيد، وولول غلمان العلمانية عندنا بفشل الحكومة التي تديرها «النهضة». ولكن على الباغي تدور الدوائر، حيث تم القبض على الجناة الذين اعترفوا بجريمتهم، وتبين انهم خصوم «النهضة»، وقد فعلوا ذلك لافشال الحكومة من استكمال مشروع الاصلاح الذي بدأته! وكان من نتائج هذه الازمة التي كادت ان تعصف بالبلاد، لولا رحمة الله، ان استقال رئيس الحكومة، وعينت حركة النهضة شخصاً آخر غيره وشكل حكومة جديدة تنازلت فيها «النهضة» عن وزارات السيادة للمستقلين، كما اختار عددا من وزرائه من التكنوقراط! ومع هذا لم يرض ذلك تيار الاقلية مع اقليتهم! ومن الطرائف التي تدل على طبيعة اعتراضاتهم ان مبررهم لرفض وزير التربية هو انهم شاهدوه يخرج من المسجد بعد احدى الصلوات! أي انه يصلي! مما يؤكد ان العداء للدين وليس للتيار الديني. ويذكر ان التيار العلماني في تونس اعترض على تدريس مادة القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية بحجة ان ذلك يساهم في تخريج ارهابيين وليس طلبة! ولكن هيهات ان يحصلوا على مبتغاهم، وها هي «النهضة» اليوم، بفضل الله، تخطو خطوات راسخة وثابتة نحو الانجاز والتنمية للبلاد حتى شعر الناس بفضل حركة النهضة وحسناتها. وقد اثبتت نتائج الانتخابات التكميلية التي جرت في ثلاث مدن ازدياد شعبية حركة النهضة وتفوقها على خصومها.
ان التيار الاسلامي بعد كل انتخابات حرة ونزيهة يفوز باقتدار غير مسبوق، وعندما يشكل الحكومة فانه يشكلها وفقا لما تقتضيه مصلحة البلد وان اضطر للتنازل عن بعض مكتسباته من اجل التوافق وعدم الاختلاف. ان هذا التيار ليس بيده عصا سحرية ولا يختلف عن غيره من التيارات الاخرى الا بنظافة اليد وسلامة السريرة وحسن السمعة ومعايشة الناس وهمومهم.
وفي المقال المقبل سنتحدث، باذن الله، عن تجربة التيار الاسلامي في مصر وكشف حقيقة ما يجري هناك.
***
بعد الكلام الذي قاله فؤاد الهاشم في قناة الصباح قبل يومين لا بد من ان نتوقع تصرفا سريعا من الجهات المختصة ومعاملته مثل معاملة من تمت احالتهم إلى النيابة! بس المشكلة انه هذه المرة شق الجربة.