سامي النصف

جمعية الرفق بـ .. شركات الطيران!

حضرت في دبي قبل أمس مؤتمر «قمة اقتصاديات النقل الجوي العربي»الذي حضره مديرو منظمات الطيران المدني العربي ورؤساء شركات الطيران العربية التقليدية وذات التكلفة المنخفضة، وممثلون عن مفوضية الاتحاد الأوروبي، للحديث عن أمور عدة أهمها التحديات التي تواجهها شركات الطيران العربية والخليجية في الاتحاد الأوروبي وما قد يصدر عن مفوضيته من قرارات ضد ما يسمى بالدعم الحكومي لشركات الطيران الخليجية والعربية وضرورة خلق أجواء «منافسة عادلة»، التي يرى البعض ان المقصود بها هو الشركات الخليجية الثلاث الكبرى التي تشهد عمليات نمو سنوية تفوق 12% بينما تدنى نمو شركات طيران الاتحاد الأوروبي (الحكومية والخاصة وذات التكاليف المنخفضة) الى ما يقارب الصفر بالمائة، مع حقيقة ان القرارات العقابية ان صدرت فستشمل الجميع وليس فقط تلك الشركات الثلاث التي قد تكون هي المتضرر الأقل كونها حصلت منذ وقت مبكر على الدعم حيث حدثت أساطيلها وتوسعت أعمالها.

***

وقد رد السيد عبدالوهاب تفاحة الأمين العام لاتحاد النقل العربي على دعاوى الاتحاد الأوروبي بالتساؤل عن حقوق «المستهلك الأوروبي» في الاختيار الحر بين الشركات والذي ستحد التشريعات الأوروبية القادمة منه، كما تساءل السيد حسين دباس نائب الرئيس الإقليمي لمنظمة «الأياتا» عن السبب في حصر وقصر التشريعات العقابية الأوروبية على قطاع النقل الجوي فقط بينما لا يوجد مثلها تجاه قطاعات النقل الأخرى كالقطارات والباصات وحتى السفن حيث تم الاكتفاء قبل فترة قصيرة بإرجاع قيمة تذاكر السفر للركاب بعد ان غرقت رحلة «كروز» المليئة بالمسافرين على احد الشواطئ الأوروبية.

***

وكانت لنا مداخلة تساءلنا فيها عما اذا كانت هناك حقيقة «منافسة عادلة» وعدم وجود أي «دعم حكومي» في ظل الدعم الحكومي الذي حظيت به شركات الطيران الأوروبية بعد أحداث سبتمبر 2001 وإبان البركان الآيسلندي، والشركات الأميركية بشكل عام بعد انهيارات عام 2008 واستمرار العمل بقانون الحماية من الإفلاس (شابتر 11) الذي تمنحه «الحكومة الأميركية» لشركات الطيران وغيرها من شركات مهددة بالإفلاس، ولا يوجد مثله في المنطقة العربية، وأضفت أن الأجواء الزرقاء المفتوحة التي يدعى لها هي أشبه بالبحار والمحيطات الزرقاء المفتوحة التي تساعد على ان تتغذى ـ بحرية تامة ودون رحمة ـ الأسماك الكبيرة على الأسماك الصغيرة، ولا مجال للمنافسة والبقاء بين شركات أوروبية عملاقة وافرة الموارد وكثيرة المحطات والسكان، وشركات طيران عربية وخليجية صغيرة يراد لها ان تحرم في النهاية من أدنى عناصر ومستلزمات البقاء.

***

آخر محطة: شركات الطيران بشكل عام وهي تقدم خدمة للإنسانية كأفضل وأسرع وسيلة نقل، وللاقتصاد وللثقافة والفكر عبر تسهيل تقارب وتمازج الحضارات تحتاج الى تشريعات داعمة ـ لا محاربة ـ من قبل السلطات الثلاث في الدول، و«الكويتية» في موروثها الصعب القائم تحتاج الى ان يلتف الجميع حولها خاصة انها كانت وستبقى ملكا للشعب الكويتي قاطبة حتى لو بيع جزء منها كما نص على ذلك قانون خصخصتها.

 

احمد الصراف

حلم الموت في جزيرة

بعد أن نجح علماء الغرب في فك الشفرة الوراثية، وتحديد والدي الجنين من خلال فحص الـ«DNA»، والقدرة على التحكم في الإنجاب، إن سلباً من خلال حبوب منع الحمل، أو إيجاباً بالإخصاب، وبعد أن نجحوا في تحديد جنس الجنين، والتحكم مسبقاً في مواصفاته من طول وذكاء ولون عيون، إلى غير ذلك من مكتشفات طبية عظيمة، أصبح الآن بالإمكان، ومن خلال اختبار دم يكلف 700 دولار، معرفة، أو تحديد السن الذي سينتهي فيه العمر! فمن خلال قياس نهائيات الكروموسومات، التي تسمى بال (Telomeres) التيلومرز، يمكن معرفة ما تبقى من عمر شخص ما. فكلما كانت التيلومرز قصيرة كلما كان العمر أقصر، علما بأن حجم التيلومرز لا يمكن، ضمن المعطيات الطبية الحالية، إطالته لكي يطول العمر. والتيلومرز هي أطرف الكروموسومات، أو مقاطعها التي تحميها من التآكل أو الاندماج مع بعضها البعض.
سيتسبب هذا الإنجاز الطبي، أن أصبح شائعا، أو إجباريا، في تعقيدات كثيرة، ليس فقط بالنسبة لصاحب العلاقة، بل وأيضا للجهات التي يتعامل معها كشركات التأمين والضمان الاجتماعي والصحي، فجميعها تعتمد في عملها على إحصاءات وجداول اكتوارية، ومعرفتها بموعد الوفاة قد يغير كثيرا من قراراتها. كما أن أي شركة سوف تتردد كثيرا في تشغيل من ترى أنه لن يعيش طويلا لينتج أكثر ويغطي ما صرف عليه من تدريب، والأمر ذاته سيسري على الجيوش وربما الجماعات الإرهابية التي يمكن أن تحصل على من هم على استعداد للقيام بتفجير أنفسهم في أهداف محددة والفوز بالحور العين مثلا، ان تبين لهم أن العمر لن يطول بهم! كما يصبح الأمر مدعاة للحرج في عقود الزواج، حيث سيتحول الاهتمام من قصر أو طول أعضاء معينة، لقصر أو طول التيلومرز!
ولا شك أن لهذا الاكتشاف حسناته الطبية العظيمة، وسيفتح الباب لإيجاد علاج لأمراض مستعصية كثيرة، ولكن ردود الفعل عليه متباينة، وبسؤال البعض عن رأيهم في هذا الكشف الطبي الخطير قالوا إنهم يفضلون ألا يعرفوا متى سيموتون، وأنهم يودون عيش حياتهم كما هي دون هواجس. وقال آخرون إنهم يودون معرفة متى سيموتون، أما أنا فإنني سأدفع مبلغ الـ700 دولار، وأعرف متى سأموت، دون أن أهتم بمتى سأبعث حيا! والسبب أنني ميت ميت، فلم لا أعرف متى، حيث سيسهل علي ذلك ترتيب أمور حياتي وعلاقاتي مع الآخرين وغير ذلك، بحيث لا يفاجأ أحد باختفائي. وربما سأختار العيش فيها ما تبقى لي من عمر في جزيرة جميلة نائية معتدلة المناخ، لأموت وحيدا، وأنا أسير على شاطئ البحر، وبالتالي أتجنب الدفن في حفرة تحت شمس لاهبة، ولا أتعب أحداً بمراسم عزائي!
معذرة لهذه النهاية الغريبة، وأرجو ألا تكون قد خربت استمتاعكم بتناول فنجان قهوة الصباح، مع تمنياتي لكم بعمر مدييييييد!

أحمد الصراف