محمد عبدالقادر الجاسم

نظام “الجربة” ونظام “البرمة”!

لست مهتما على الإطلاق بالنتيجة النهائية لحالة الاختلاف السائدة في الكويت حاليا، بل يتركز اهتمامي على تقصي تأثير تلك الحالة على المستقبل السياسي للكويت وشيوخها. فمن الواضح أن الاختلاف السياسي أدى إلى تراجع كبير في المكانة الاعتبارية للشيوخ في المجتمع، ولا أظن أنني أبالغ حين أقول إن الشيوخ الآن يختبرون درجة من درجات العزلة السياسية، فهم حتما يدركون إن من يجاهر بالدفاع عنهم اليوم، بمقابل على الأرجح، هم أشخاص لا يحظون بوزن سياسي ولا يتمتعون بقيمة اجتماعية. كما أنهم يدركون حتما صعوبة استعادة مكانتهم الاعتبارية السابقة حتى لو قدموا تنازلات سياسية، فما حدث خلال السنة الفائتة تحديدا بات يحسب من قبيل التطور السياسي المهم في الطريق نحو الإمارة الدستورية التي سعى الدستور إلى تشييدها. وهم يدركون حتما أن “القوات الخاصة” والمباحث والنيابة العامة والملاحقات السياسية لن تفلح في فرض الاحترام واستعادة المقام. متابعة قراءة نظام “الجربة” ونظام “البرمة”!

سامي النصف

أكاذيب تكشفها حقائق!

تواجهت ذات مرة ضمن برنامج «مواجهة» الذي كان يقدمه الزميل جاسم العزاوي على قناة أبوظبي الفضائية مع الإعلامي الناصري ـ نادر الظهور ـ احمد سعيد الذي كان يسقط الحكومات العربية ضمن برنامجه المسائي الأشهر في حينه «أكاذيب تكشفها حقائق» الذي يبثه من إذاعة صوت العرب فيبدأ بإعلان أسماء الإذاعات المستهدفة وتتلوها كلمة «أكاذيب» أو «حقائق» وهكذا حتى تنتهي تلك المقدمة بـ «هنا صوت العرب» ويتلوها «حقائق، حقائق، حقائق»، ثم يبدأ عرض ما قالته هذه الإذاعة أو تلك وتكذيبه أو تصديقه، وبالطبع تتغير مسميات أكاذيب وحقائق طبقا لتغير العلاقة مع القاهرة، فإن غضب عبدالناصر من نظام ما تحولت إذاعته الى «أكاذيب» وان رضي تحولت الى «حقائق».

****

ومما قاله لى الإعلامي الشهير أحمد سعيد ان النظام الناصري كان يعطي لنفسه حق التدخل في شؤون الدول الأخرى حتى انه زار الكويت عام 1963 ودخل منها الى العراق خلسة لإكمال طبخة إسقاط الرئيس عبدالكريم قاسم عبر انقلاب عسكري «نهاري» عليه الذي أدى الى مقتله، كما قام سعيد قبل ذلك في عام 1959 بإلقاء خطاب ناري في ثانوية الشويخ حاول من خلاله إدخال الكويت ضمن الصراع الدموي القائم آنذاك بين القوميين والشيوعيين والذي تفجر في الموصل عقب ثورة الشواف وانعكس بشكل صورة اعتقالات جماعية في مصر للشيوعيين أدى الى قتل زعيمهم شهدي عطية تحت التعذيب وهرب خالد بكداش من سورية.

****

والحقيقة ان ما كان يفعله إعلام أحمد سعيد ـ محمد حسنين هيكل آنذاك هو في حقيقته أقرب الى «حقائق تغيبها الأكاذيب»، حيث تحولت الهزائم الى انتصارات وتم استقصاد الأنظمة المحافظة الحكيمة فاتهم النظام السعودي بعد هزيمة (انتصار) حرب السويس عام 1956 بأنه وقف ضد مصر، بينما تظهر الحقائق التاريخية انه كان الحليف الأقوى لعبدالناصر في تلك الأزمة، حتى ان الأخير زار السعودية مرتين عام 1956 وأرسل طائراته للمطارات السعودية لإبعادها عن التدمير، كما قطعت المملكة النفط عن بريطانيا وفرنسا المشاركتين في العدوان ووضعت السعودية جيشها وما لها تحت إمرة عبدالناصر الذي قدر ذلك الموقف التاريخي قبل ان ينقلب عليه في وقت لاحق.

****

ومن الأكاذيب الكبرى لتلك الحقبة ما قاله الرئيس عبدالناصر في خطاب له في مارس 1958 ألقاه في دمشق من ان الملك سعود دفع 2 مليون جنيه استرليني لوزير الداخلية السوري عبدالحميد السراج الملقب بـ «السلطان الأحمر» لظلمه وقمعه، لفك الارتباط بين مصر وسورية، والحقيقة ان عبدالناصر أرسل نائب رئيس الجمهورية المشير عبدالحكيم عامر الى الطائف في 16/7/1958 ليعتذر مما حدث وانه كان مجرد سوء فهم! وفي 31/8/1959 زار الملك سعود القاهرة وتم الاحتفاء به بشكل غير مسبوق وهو أمر ما كان يتم لو كانت قضية التآمر على الوحدة حقيقية.

****

آخر محطة:

(1) حتى إسرائيل رغم عدوانيتها لم تسلم من أكاذيب وألاعيب النظام المخابراتي الناصري وان كانت قد استفادت ولم تخسر من تلك الأكاذيب فقد تكشفت عام 1954 ما سمي بفضيحة «لافون» وخلاصتها قبض رجال الأمن في الإسكندرية على عملاء إسرائيليين يفجرون المصالح الأميركية والإنجليزية في مصر بقصد اتهام المصريين وإثارة العداء بين هاتين الدولتين الكبيرتين والقاهرة (إن كانت تلك تهمة فخير من كان ينفذها هو الرئيس عبدالناصر وجهازه الإعلامي).

(2) والحقيقة المخفية والمخيفة ان فضيحة «لافون» كانت مؤامرة من قبل موشي دايان تواطأ فيها ضابط موساد يدعى «افري العاد» لتجنيد شباب يهود مصريين للقيام بتلك التفجيرات ثم كشفها للمخابرات المصرية التي كان يعمل معها بشكل مزدوج الضابط الإسرائيلي، (افري العاد) الذي حكم عليه بالسجن الانفرادي 10 سنوات عام 1960 بسبب اتصاله وتخابره مع مكتب الرئيس المصري وكان الهدف من «التآمر وكشف التآمر» إسقاط حكومة الحمائم التي يرأسها موسى شاريت ووزير دفاعها «لافون» وهو ما تم بقصد التحضير للحرب مع مصر واحتلال سيناء الذي كتب عنه دايان في كتاب مذكراته الصادر عام 1954 وهو ما حدث في النهاية، اضافة الى الدفع بهجرة يهود مصر الى الخارج وهو ما تم كذلك، وكان منهم شاب يهودي مصري شعر بالظلم الشديد بسبب القبض عليه يدعى ايلي كوهين كاد أن يصبح رئيسا لسورية منتصف الستينيات تحت مسمى.. كامل أمين ثابت..!

احمد الصراف

مسلسل الدكترة

في أميركا: أعلنت إحدى الولايات الرئيسية في إنتاج الحبوب أنها ستواجه في العام المقبل نقصاً حاداً في إنتاجها، بسبب ما تعانيه من شح في عدد المزارعين المؤهلين من معاهد متخصصة «معترف بها» والقادرين، فوق خبراتهم الزراعية، على العمل لديها، وإدارة آلات الزرع والحصد المتقدمة. وبالرغم من تقدم عدد كبير للعمل في مزارع تلك الولاية، فإن أغلبيتهم كانوا من بائعي الخضار والبقول، وبالتالي رفضت طلبات توظيفهم لأسباب واضحة، خصوصاً أن بعضهم سبق أن أدين بالمتاجرة في صفقة «بصل فاسد». وهنا قام بائعو الخضار والبصل الفاسد هؤلاء برفع عرائض للسلطات الفدرالية مطالبين إياها بالتدخل وفرض تعيينهم على حكومة الولاية. كما قام عدد آخر منهم، وبكل وقاحة، برفع الأمر إلى القضاء.
وفي الكويت: أعلنت مصادر تعليمية أن جامعة الكويت ستواجه نقصاً حاداً في الفصل الدراسي المقبل في عدد الأساتذة، نظراً إلى كبر عدد المتقدمين إلى الدراسة، وأن الأسلوب الوحيد لمواجهة هذا النقص الذي يصعب التغلب عليه بسرعة، هو رفع نسب القبول في مختلف الكليات، بحيث يقل عدد الطلبة الذين يحق لهم الدراسة في الجامعة. وهنا قامت رابطة تمثل حملة شهادات الدكتوراه من الجامعات التي اغلبها غير معترف به، أو التي ربما لا وجود لها أصلاً، بالتهجم على مسؤولي التعليم والجامعة، واتهامهم بشن حملة لامتصاص ردة فعل الشارع على أزمة القبول الجامعية في الصيف المقبل. وقال متحدث، كثيف اللحية، باسمهم إن جامعة الكويت تنوي التعاقد مع «دكاترة» من الهند وبنغلادش وباكستان وسريلانكا والصومال وغانا ونيجيريا وإيران (وهذا اختيار متعمد من قبله). وقال إن المسؤولين «يسدون الباب» (هكذا!) أمام حملة الدكتوراه من الكويتيين بحجة أنهم لم يتخرجوا من أفضل 25 جامعة أميركية، وهو يشير هنا إلى أصحاب الشهادات المشكوك في صحتها، أو ربما المضروبة، وطبعاً كلامه غير دقيق أبداً. وطالب الأخ بأن تقوم الجامعة بالاستعانة بهم في تغطية النقص، بالرغم من كل مثالب شهاداتهم، فهم على الأقل «كويتيون …ويفتخروا!»
وفي السعودية: أعلنت شرطة «القصيم» قبل أيام، في بيان نشر في «الحياة» اللندنية، عن تمكن السلطات فيها من ضبط معمل متكامل لتزوير الشهادات بمختلف أنواعها ولجميع المراحل. وقال البيان إن المضبوطات شملت أختاماً رسمية لجامعات وكليات ومعاهد سعودية وأجنبية وأختام تصديق على صحة الختم، وأختاماً لإدارات حكومية بلغ عددها 32 ختماً، كما تم ضبط 16078 شهادة مزورة جاهزة للاستخدام، وتم القبض على المتهم الأول لقيامه بتزوير شهادات ماجستير ودكتوراه من جامعات أجنبية، وأنه كان يبيعها مقابل مبالغ مالية كبيرة، وأن المتهم عربي ويحمل شهادة «د»، ويعمل في جامعة أهلية! ومن الطبيعي الافتراض هنا أن الشهادات لم تكن تباع على هنود وإيرانيين وسريلانكيين، ولا حتى على أميركيين أو سويديين، بل على الجماعة نفسها، من أصحاب الوجوه المتجهمة، في غالبيتهم! والآن، هل عرفتم سبب وجود كل هذا الكم من «الدكاترة» بيننا؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

خطاب مفتوح إلى محمد بن نايف

والمقصود هنا هو صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، وحتى لا يستغل المرجفون في المدينة هذه الخطوة في تشويه المقصد، ويعتبرونه تدخلا فيما لا يعنيني، أؤكد أن الدافع لتوجيه هذا الخطاب إلى سمو الأمير هو حبي وعشقي للمملكة العربية السعودية، وحرصي على استقرار الأوضاع فيها، ودعمي وتأييدي لعملية التطوير والتنمية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين، والتي أدرك جيدا أن أي زعزعة للأوضاع الأمنية ستكون على حساب هذه العملية التنموية! كما أن استقرار المملكة هو من دون شك استقرار لبقية دول الخليج والعكس صحيح! وقد يسأل سائل لماذا توجه كتابك إلى وزير الداخلية عبر الصحافة المقروءة؟ لماذا لا تنصحه في السر؟ فأقول إن وزير الداخلية لا يتحمل مسؤولية ما يجري منفردا! بل الحكم بكل مؤسساته، والشعب بكل فئاته، مطالبون بقراءة ما يكتب وما يقال! والجميع مطالب بتدارك الأمور قبل استفحالها، وكلهم مسؤولون عن تجاوز الأزمات التي تحيط بالبلد، والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان ! لكنني اخترت سمو الأمير محمد بن نايف لأوجه إليه خطابي هذا، وذلك لسببين:
– الأول أن الموضوع الذي تدور حوله الأحداث موضوع أمني! وهو الوزير المختص به.
– الثاني أنه تسلم وزارة الداخلية، أخيراً، أي أنه لا يتحمل إلا مسؤولية ما حدث أثناء ولايته، وهذا مشجع لنا لنصحه، عل وعسى أن يتجاوب مع ما يتناسب وظروف القضية.
ياصاحب السمو…
مع توافر وسائل التواصل الاجتماعي في متناول يد الجميع، أصبح العالم الكبير قرية صغيرة، لو تعثرت بغلة في العراق لسمع عنها من يتسكع في الأرجنتين! ولذلك لم يعد هناك شيء اسمه أسرار! إلا ما انحصر بين اثنين! ولكن أن تُعتقل مجموعة من الناس بتهم مختلفة ويساقوا إلى السجون جماعات وأفرادا، فهذا يعني في زمان العولمة قضية عامة وحدثا عاما! ويكفي طفل صغير لأحد هؤلاء أن يضغط على زر جواله عما حصل لوالده، ليكون معلوما عند آلاف المتابعين لهذا الشأن!
يا صاحب السمو….
إن هيبة الدولة وهيبة الأنظمة هي أولى ضحايا هذا العصر، فقد انكسر حاجز الخوف في نفوس الناس، والأحداث أثبتت أن العيش الرغيد والحياة المترفة لم يعودا يكفيان كي يقول صاحبهما «الله لا يغير علينا»، فشعور الإنسان بأنه حر في التعبير عما يختلج في نفسه أصبح أهم من جريان الدرهم والدينار في يده! فكيف إذا كان هذا الإنسان يشعر بأنه فقد عزيزا عليه، أو معيلا له من دون سبب مستحق؟! اليوم تواجهون يا صاحب السمو مطلبا واحدا من كل هؤلاء الناس، وهو إحالة المعتقلين إلى المحاكم الشرعية، بتهم محددة وإطلاق سراح من لا توجد عليه تهمة! وهو، كما ترى، مطلب منطقي، وخذها نصيحة من محب لكم أن تتقبلوا هذا المطلب المشروع ما دام أنه في هذه الحدود، قبل أن تتكرر عندكم تجارب غيركم، وتبدأ المطالبات بالارتفاع، لتتجاوز هذا السقف إلى ما هو أكثر! وعندها نصل إلى نقطة اللاعودة، حيث تختفي الحكمة ويغيب العقل! فلا الناس يتنازلون ولا النظام يضحي خوفا على هيبته!
أما إن كان لكم رأي وموقف يمنعكم من تنفيذ هذه المطالب، فقولوه للأمة كي تعرف، وقد تعذر! وسياسة السكوت وعدم التعليق على الأحداث أثبتت الأيام فشلها، فالناس تحركهم مشاعرهم وقناعاتهم، ولم يعد للحل الأمني والعصا الغليظة مكانا في عصر فرض علينا أعرافا جديدة وغيّر ثوابت عريقة!
ياصاحب السمو…
اليوم الناس يعترضون ويتظاهرون، لكنهم يحبونكم ولا يتمنون إلا وجودكم، لأنهم مؤمنون بأنه عنصر استقرار للوطن ووحدة المملكة، فاستغلوا هذه المشاعر، قبل أن تتغير في زمان أصبح التغيير فيه عنوانا!
حفظ الله المملكة ومليكها وشعبها من كل مكروه.