سامي النصف

لو كان الاستجواب رجلاً.. لقتلته!

هناك حقائق أقرب للمسلمات، منها ان الكويت كانت ولعقود قليلة من الزمن متقدمة ومتفوقة في كل مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية والرياضية والصناعية والسياحية والاجتماعية وعلوم الطيران عن الجيران والاشقاء والاحبة في المنطقة بما لا يقل عن 30 ـ 40 عاما، وان منطق الامور يظهر ان ذلك الفارق كان يجب ان يستمر لبديهية انهم كلما تقدموا.. تقدمنا.

***

وواضح ان هناك اعجازا في عدم الانجاز جعلنا نتوقف او نتخلف بينما استمر ومازال الاحبة يتقدمون حتى قارب الفارق الحضاري بيننا وبينهم ـ والمستمر في الاتساع هذه الايام ـ الى ما يقارب 30 ـ 40 عاما لصالحهم وهو الزمن الذي نحتاجه يوما ما للوصول إلى مستوى الاداء الاداري والسياحي والاقتصادي والتعليمي والصحي الموجود لديهم، والذي قارب الوصول لما هو موجود في اكثر دول العالم تقدما وهو ما تظهره الاحصاءات والمنظمات الدولية التي لا تكذب.

***

ان مصلحة شعبنا وبلدنا تحوجنا لان نبحث بشكل علمي بحثا لا مجاملة فيه عن سبب «تخلفنا وتقدمهم» وقد يرى البعض للوهلة الاولى ان «الديموقراطية» هي السبب كونها الفارق الوحيد بيننا وبينهم وهو امر يرفضه المنطق لسببين، اولهما ان اكثر دول العالم تقدما هي الدول الديموقراطية، وثانيهما ان تقدم الكويت منذ بداية الستينيات حتى منتصف السبعينيات تم في ظل وجود الديموقراطية.

***

ان السبب الارجح لتخلفنا هو الثقافة الجديدة التي ادخلت على العمل السياسي الكويتي بدءاً من عام 75 والمتمثلة في الحدة والعنف في الخطاب السياسي والتشكيك في كل عمل انمائي ووصفه بالسرقة والحرمنة (سرقة العصر، سرقة القرن، بوق ولا تخاف.. إلخ) وهو ما نتج عنه حل المجالس النيابية مرتين حلا غير دستوري (76 و86)، وعدم المبادرة بالاسراع في عملية التنمية حتى في ظل غياب المجالس التشريعية كي لا يقال ان الحل قد تم لتمرير المشروع الانمائي الفلاني، حتى ان مشاريع التنمية توقفت عند عام 75 اي عام دخول ثقافة التشكيك والتأزيم ثم دخل البلد في كهف السبات والنوم كحال اهل الكهف.

***

وزاد الطين بلة اساءة استخدام اداة الاستجواب حيث كان يمر الفصل التشريعي البالغ عمره 4 سنوات ابان عصر النهضة الكويتية، دون استجواب واحد الى ان وصلنا ابان عصر التخلف لان يشهد دور الانعقاد الواحد الذي لا يزيد عمره على عام، عشرات الاستجوابات التي تؤدي الى التأزيم وعدم الاستقرار وتوقف عجلة الانماء (مجلس 2009 كمثال) واصبحت تلك الاداة الخيرة التي قصد منها محاربة الفساد وسيلة للافساد والابتزاز حتى كَلّ ومَلّ الناخبون منها فتوجهوا بمئات الآلاف لصناديق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة بحثا عن الاستقرار والنمو الاقتصادي الذي لن يتم الا بتعاون رجال السلطتين التنفيذية والتشريعية ممن نأمل ان يضعوا أيديهم بأيدي بعض لخدمة الكويت، فالتحديات كبيرة والطريق صعب والهوة تتسع بيننا وبين الآخرين ولا حكمة من التضحية بالمصالح الكبرى لاجل.. المناكفات الصغرى!

***

آخر محطة: نهضة الكويت الجديدة تمر عبر جعل الاستجوابات آخر الحلول لا.. أولها!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *