في أحد أيام عام 1993جاءني اتصال هاتفي من رقم لا اعرفه وكانت سيدة كويتية تهدج صوتها وهي تشتكي ان «بيتها محترق وبأنها تعاني من ضيق ذات اليد في اصلاحه».
الي هنا والموضوع عادي يصلني مثله شهريا المئات من الاتصلات، لكن بعد أن سألتها عن اسمها قالت انا ارملة الشهيد
سألتها «أي شهيد؟ شهداؤنا وايد» فقالت: «الشهيد فهد الأحمد، الشيخه فضيلة العذبي الصباح»!!.
استغربت ان سيده مثلها تعاني الأمرين و «بيتها محترق بفعل الغزو العراقي وتحتاج الي بيت جديد لها ولاولادها» كما قالت فكان سؤالي لها: جابر الأحمد -أمير الكويت- هو شقيق زوجك، فكيف تطلبين مساعدتي ولا تطلبين مساعدته؟ زائد عيال الخليفه العذبي الصباح وكلهم -اموالهم- تغطي عين الشمس كما يقول اهل الكويت؟! فاجأتني باجابتها: «ماسولي شي»!!
الشهيد فهد الاحمد رحمه الله كان رجلا نقيا «واللي في جيبه ..ليس له»، وترك الدنيا دون ملايين والا ماشتكت ارملته من عدم وجود ما لديها لترميم منزلهم المحترق!! وعدتها خيرا لكنني لم اعرف ماذا افعل؟! هل انشرلها «طلب مساعدة ماليه» في الجريدة؟ وكيف سيستقبل الناس والحكومه والنظام موضوعا كهذا ودم المرحوم الذي مات برصاصة قناص عراقي -لم تبرد- بعد في قبره وماذا سيحدث لمصداقية النظام الخارج لتوه من احتلال وتحرير امام بقية اهل الشهداء من ابناء الشعب الكويتي؟! يبدو ان الشيخه «فضيلة العذبي» او «ام احمد الفهد» استشعرت حرجي فلم تتصل ثانيه!!
مرت بضع سنوات وصار الشيخ «احمد» وزيرا وصارت الملايين عنده -والتي لايعرف لها مصدرا- تتكاثر وتتوالد عنده مثل بيض وطيور «الجنة البحرية» في وربة وبوبيان، وصار هو واشقاؤه لايتحدثون إلا بالملايين وارتفع «مجمعهم الاولمبي» على ارض الدولة المسكينة عاليا شاهقا، يخرج لسانه وسعابيله لكل من يعترض علي التجاوز قائلين لهم : «ليش الكويتيين وايد حسوديين»؟
ثم جاءت محطة تلفزيونية بإمكانيات ضخمة تركض خلفها جريدتان مبتدئتان تفتقران الي ابسط قواعد العمل الصحافي ويحررهما هواة اقلام طلبة في الصف الثاني ثانوي اكثر منهم ..احترافا، زائد ان «طلبة الثانوية» يقفون في طابور الصباح بمدرستهم لتحية علم الكويت ودولة الكويت وامير الكويت والامة العربية، لكن هؤلاء تخصصوا في تحية «علم قطر» ودولة قطر ورئيس وزراء قطر والامه «القرضاوية ذات الرسالة..الإخوانية»!! ومع ذلك فهم يتعاملون مع محطتهم التلفزيونية هذه وكأنها «ابنة سفاح» جاءت ثمرة للقاء محرم، فالكل ينفي تبعيتها له، والكل يهرب من أبوتها، لكنهم «يزينونها ويبخرونها ويعطرونها» كلما مس قطري ..الضر حتي يجلسوها في حضن «معزبهم» ليشمها ويضمها ويفرح بها كلما نالته سياط اهل الكويت وعوضا عن ان «يبوس» الشيخ احمد الفهد رأس وكتف ويد عمه صاحب السمو الامير «بكرة واصيلا» لاخراجه له من العسر الي اليسر .. يدير له ظهر المجن ليصبح معارضه، ويجعل محطة تلفزيون «اليوم الاغبر» فرعا وبوقا لقناة «معزبه» القطري في الكويت!!
مابين مكالمة الشيخه «فضيله العذبي الصباح» عام 1993 وبيتها المحترق وحتي مئات الملايين التي تورمت بها جيوب وخدود وعيال الشهيد وجرائدهم وتلفزيونهم وشيخهم القطري تبقي فصول كثيره في تاريخ هذا البلد لم تنشر ولم تذكر بعد!! لكن بياض الأوراق ..يلمع والاقلام متخمة بالأحبار السوداء!!