مبارك الدويلة

د. حاكم نريد بالمكث… ما تريد بالحث

استمعت الى المحاضرة القيمة التي ألقاها الدكتور حاكم عبيسان رئيس حزب الامة يوم الخميس الماضي والتي برر فيها اسباب رفضهم الدخول مع ائتلاف المعارضة الجديد. ومن يستمع الى حديث الدكتور حاكم وتنظيره للقضايا والمواقف من ناحية شرعية وربطها بواقع الحال الذي نعيشه اليوم، لايملك الا ان يكبر في هذا الرجل سعة افقه وعلمه في الجوانب الشرعية والتأصيل الشرعي. ولقد بين الدكتور في خطابه ان السبب الرئيسي في رفض المشاركة بالائتلاف هو ان منهج الائتلاف يدعو الى الرجوع الى النظام السياسي السابق اي العمل بدستور 62، وهذا مرفوض لأنه عودة الى الوراء وتراجع عن المكتسبات التي حققها الحراك السياسي حتى الآن والمدعومة بتداعيات الربيع العربي!
أنا اعتقد ان كلام الدكتور حاكم سليم في توجهه العام باعتبار ان المفروض بعد كل هذه التضحيات ان يتمخض الحراك عن ديناصور وليس فأراً! ولكن ألا تعتقد يا دكتور ان المفاهيم الشرعية التي ذكرتها تحتاج الى وقت لتهيئة الناس وتقبلهم لها؟ ألا يمكن ان نصل الى المفاهيم التي ذكرتها وطالبت بها من خلال التطبيق السليم لدستور 62؟! خذ مثلا مفهوم «نرفض ان تكون السلطة اقوى من الشعب ووصية عليه»، الا يدعو الدستور الحالي الى هذا المفهوم «الامة مصدر السلطات – مادة 6؟!»، خذ مثالا لمفهوم آخر بعد ان ذكرت رفضك للدستور الحالي بحجة انه «يشترط موافقة الامير لتعديله»، الا تعتقد ان الدستور الحالي يعطي للشعب سلطة اقوى من سلطة الامير نفسه؟ من الذي يختار الامير؟ أليس هو الشعب الذي يشتAرط الدستور موافقة ممثليه على تعيينه ولياً للعهد؟! واذا اقر نواب الشعب قانونا ورفضه الامير، الا يملك ممثلو الشعب ان يمرروه باغلبية خاصة دون موافقة الامير؟! وفي حالة عدم توافر هذه الاغلبية الخاصة أليس في وسع المجلس ان يصبر عدة اشهر ثم يمرر القانون بأغلبية بسيطة ويصبح القانون نافذا منذ التصويت عليه دون الحاجة الى موافقة الامير؟!
عزيزي الدكتور حاكم، المشكلة ليست في الدستور، المشكلة في من يطبق الدستور! وانا اعتقد باننا نستطيع ان نحقق كل ما نريد من خلال هذا الدستور ان اردنا وعرفنا الطريق الى تحقيقه، حتى تطبيق الشريعة نستطيع ان نتمكن من الوصول الى حالة الكمال فيها ان اردنا! فالدستور يقول: «دين الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، ومعنى رئيسي اي لا أذهب الى المصادر الثانوية الا ان تعذر علي الحصول على حكم بالمصدر الرئيسي! ثم لنفرض ان الشعب من خلال ممثليه بالمجلس قرر اصدار قانون اسلامي او تعديل قانون غير اسلامي، من يستطيع ان يمنعه؟! اثبتنا ان الدستور يعطي المجلس صلاحيات اقرار ما يريد حتى لو رفضت السلطة ذلك، اذن اين الخلل؟!
الخلل يا دكتور في قانون الانتخاب الذي يفصل بطريقة تتمكن فيه الحكومة من السيطرة على الاغلبية داخل مجلس الامة! لذلك الاولوية يجب ان تكون في تغيير هذا القانون حتى يصل الى المجلس من يمثل الشعب حقيقة وليس من يمثل عليه!! ولهذا السبب استماتت السلطة كي يأتي مجلس بوصوت واحد من خلال تغيير آلية التصويت في قانون الانتخاب.
دكتور حاكم.. المعركة المقبلة بين تيارين: تيار يريد ان يلغي هذا الدستور، الذي يعطي للشعب صلاحيات اقوى من السلطة، ويأتي بدستور مقلم الاظافر يجعل السلطة صاحبة الكلمة الاخيرة تحت قبة عبدالله السالم! وتيار آخر يريد ما تريده انت، يريد تطوير العمل البرلماني والسياسي من خلال المحافظة على وجود اغلبية واعية تحقق هذا الهدف! لكن اليوم اصبح الهدف ليس التطوير بل اولا المحافظة على الموجود الذي من خلاله اطور واقفز للامام. لذلك اعتقد ان خروج حزب الامة من الائتلاف سيضعفه ويضعف الائتلاف! وسيؤخر تحقيق الهدف الذي تريده انت بالحث والعجلة ويريده الائتلاف بالمكث والتأني! ارجع الى الجماعة ومن داخلها، حاول ان تقنع الآخرين بافكارك فهم اقرب الناس للتوافق معك وان عجزت عن اقناعهم فلن تتمكن من اقناع غيرهم، فاصبر واحتسب فلعل في رأيهم الحق الذي لم يظهر لك بعد! انا اعلم ان الدستور الحالي ليس هو الطموح الذي ننشد، لكن الظروف اليوم تستلزم علينا المحافظة عليه باعتباره الحد الادنى المقبول.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *