لا أزور دبي كثيرا، إلا أنني كلما زرتها ذهلت مما أرى، فدبي بنظري الخاص على الاقل هي معجزة إنسانية فريدة مازالت في طور الخلق، لذا لا نشعر بعظمتها بدرجة كافية حالنا كحال من عاش زمن بناء الأهرامات أو سور الصين وغيرهما من عجائب الدنيا السبع، حيث لا يقدّر أحد من أنجز عظمة الإنجاز في حينه.
***
وقد تتفوق أعجوبة دبي في نهاية تكوينها على العجائب التاريخية السبع والتي هي في مجملها عمران وبناء حجر يعكس حضارة بشر، حيث لا يمكن فصل الاثنين ولا يمكن تصديق ما يقوله بعض الحاسدين والحاقدين من أن الانجاز الخليجي قام على العمران لا على الإنسان وبيد الآخرين لا الخليجيين، وهو مقياس لم يستخدم مثله تجاه الحضارات الانسانية الأخرى التي لم يسأل عن جنسية من قام بالبناء فيها، وما إذا كانوا من الشعوب التي نسبت لها الحضارة أم بيد العبيد والأسرى الذين تم إحضارهم من البلدان الاخرى.
***
ومن مزايا المعجزة العمرانية الخليجية المتمثلة في دبي انها وبعكس عجائب الدنيا الأخرى قد وضعت لخدمة الانسانية جمعاء بينما اقتصرت المباني السبعة على خدمة أعداد محددة من الأفراد إما كمعابد أو كقبور لهم في الأغلب، الأمر الآخر هو أن العجائب الأخرى قامت ضمن بلدان تملك مقومات الحياة من أنهر وأمطار وأراض زراعية شاسعة وشعوب مستقرة بينما قامت معجزة دبي على مساحة صحراوية محدودة شديدة الحرارة والرطوبة لا زرع ولا ضرع ولا بترول أو ذهب فيها، لذا فالتحدي أكبر والإنجاز أوفر.
***
وإذا كانت مصر الخالدة هي هبة النيل، فدبي هي هبة علوم الطيران الحديثة، فلولا شركة طيرانها التي تحضر الملايين من المستثمرين والزائرين والسائحين لما تحققت وتوسعت المعجزة الاقتصادية والعمرانية والانسانية، وفي هذا السياق أثلج صدري ما سمعته من مختصين أوروبيين وأميركيين أخيرا من أن دبي وبعض دول الخليج قد سبقتهم بتحويل علوم الطيران الى جزء مهم من التنمية الاقتصادية عبر خلق شركات طيران عملاقة وإنشاء البنى التحتية اللازمة لخدمتها مثل المطارات المتطورة ذات السعات الضخمة والمترو والفنادق والمطاعم… إلخ، ومنا للقائمين على خطة التنمية في الكويت!
***
آخر محطة: من يعتقد أن دبي خيرها لغيرها مخطئ حتى النخاع، فعمليات التعليم «الذكي» والتدريب «المتواصل» وبرامج تنمية «الكفاءات» للمواطنين قائمة على قدم وساق كي تتم عملية إحلال «نوعي» ذي قيمة مضافة للبلد والاقتصاد لا «كمي» مدمر للبلد والاقتصاد.