رحم الله ذلك الشايب الذي كان يعاني خلعاً في كتفه، وكان قبل ذلك كثير الحزن، كثير الصمت، قليل النوم، تحول قلبه إلى ملعب للهموم، لكن بلا مدرجات، فلا أحد يعرف ما الذي أحزنه وجعله بهذا الوهن وهذا الهزال وهذا الشحوب… كان لا يكشف شيئاً من أمره لأحد، حتى أعز أبنائه، وكأنما يعيش في علاقة سرية مع حزنه.
استطاع أبناؤه، بالتنسيق مع طبيب هندي، خداعه وإقناعه أن السبب في آلام الكتف هو قرب الكتف من القلب، وقلبه مليء بالحزن، والحزن يتراكم ويتضاعف، وليس له إلا أن يقلل الحزن عبر الفضفضة، وأن العلاج يكون فقط بالفضفضة عما يحزنه، أما مراهم الدهان فهي ثانوية وليست رئيسية في علاج الكتف.
وخلال فترة لا تزيد عن السنة، نجح الطبيب في علاج كتفه، ونجح الأبناء في تخفيف أحزانه، عبر إقناعه بأهمية الفضفضة، فاستعاد عافيته بعد هزال، وإشراقة وجهه بعد شحوب.
المضحك أن الشايب صار ينصح كل من يحزن بالفضفضة، خوفاً على سلامة قلبه وحفاظاً على سلامة كتفه، ويرى أن الفضفضة علاج ناجع لكل الأمراض دون استثناء.
ونحن نحمل نصيحة الشايب بأيدينا ونضعها في حضن كل من أغضبه منظر هذه الجماهيرية الكاسحة لضمير الأمة مسلم البراك، وصورة الحشود التي تزاحمت داخل قصر العدل وخارجه في جلسة محاكمته أمس… نقول ذلك حفاظاً على أكتاف كارهيه ليس إلا.
مسلم البراك علاجٌ ومرض في الوقت نفسه، قلة هم من لا يؤثر فيهم البراك سلباً أو إيجاباً. أما من يشكّل البراك علاجاً لهم فهم في ازدياد، وأما من يشكل مرضاً لهم فليس لهم إلا الفضفضة لصديق، أو فليفضفض كلٌّ منهم للآخر، ولا فضفضة ولا تفريغ للهموم أفضل من البكاء.
حفاظاً على أكتافكم، داووا أنفسكم بالفضفضة والبكاء، ولا بأس باللطم والنواح كلما شاهدتموه محمولاً فوق الأعناق… وطهور إن شاء الله.