كان محمود شاباً يتصف بكل الصفات التي تتعارض واسمه تماما، وكانت هوايته ارتياد الأسواق والمجمعات التجارية، والخز، وافتعال أي خلاف لكي يدخل في ملاسنات أو معارك (هوشات) شبابية. وقد تسبب ذلك في دخوله المخفر لأكثر من مرة، وعندما يكون سعيد الحظ يدخل المستشفى لعلاج جروحه من ضربة سكين أو قطعة صلبة. مشاجراته المستمرة تسببت في نهاية الأمر في تركه الدراسة، وتسكعه في الطرقات والمجمعات، بحثا عن مكان بارد صيفا، ودافئ عندما يبرد الجو. وبالرغم من كل عيوب محمود وميوله الخطرة للعنف، وقسوة حياته وظروفه المعيشية الصعبة، فانه كان يتمتع بحس فني، وكان يميل للأعمال الاستعراضية التي تجذب انتباه الآخرين له، وربما كان ذلك السبب الذي دفعه اساسا للتورط في مشاجرات علنية! وفي يوم ما رافق صديقاً له لــ «لوياك»، وهناك أخذ يراقب عن بعد مجموعة من الشباب، من الجنسين، ممن كانوا في مثل عمره، يقومون بأداء «بروفة» لعمل مسرحي، فلم يتردد في الذهاب للادارة ليخبرها برغبته في التدرب على التمثيل المسرحي! وعندما تحدثت معه المسؤولة، وعرفت ظروفه وبعضا من مشاكله، وجدت أنها لن تنجح فقط في انتشاله من مصير مظلم، بل ستكسب موهبة واعدة، وهكذا تم احتضانه وإلحاقه بفرقة المسرح، ولم يطل الأمر كثيرا لتظهر بوادر التغيير الايجابي على محمود، حيث ترك عاداته السابقة وعاد للانتظام في دراسته، وامتنع كليا عن ارتياد المجمعات من دون هدف، وبات يقضي معظم وقته في «لوياك». وتقول مسؤولة «لوياك» انها أرادت مشاركتي في معرفة هذه الحالة، غير الفريدة، بعد ان علمت بحادثة القتل التي جرت في أحد المجمعات التجارية، لأن محمود كان مرشحا بقوة لأن يكون «بطلا»، أو «ضحية» لحادثة مماثلة! وتقول المديرة ان المؤسسة تضطر في أحيان كثيرة لصرف مكافآت بسيطة لمثل هؤلاء لمساعدتهم في دفع نفقات المواصلات، لأن معظمهم يعانون ظروفا معيشية قاسية، والكلفة المادية للاهتمام بهم ليست سهلة، خاصة اذا أضيفت اليها رواتب المدربين وغيرها من نفقات. هذا ما فعلته وتفعله «لوياك»، فما الذي بامكاننا القيام به؟
للمهتمين بدعم «لوياك»، ماديا ومعنويا، الاطلاع على انشطتها على موقعها الالكتروني: www.loyac.org
* * *
• ملاحظة: تبرع مؤسس الفيسبوك، الذي لم يبلغ الثلاثين من العمر، بنصف مليار دولار للأعمال الخيرية. وقام غيره عندنا، في الفترة نفسها، بدفع مبلغ مماثل ثمنا لطائرته الخاصة، ولا تزال لوياك بانتظار أهل الخير.
أحمد الصراف