الذي يبدو من الظاهر أن النواب نبيل الفضل وصفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي لم يضيفوا أمراً جديداً في اقتراح بقانون الذي يشترط أن "يكون المرشح كويتياً بصفة أصلية وفقاً للقانون…الخ"، فهو كما فهم الزميل عبداللطيف الدعيج في مقاله بالقبس يوم الثلاثاء، أن "القانون هو القانون، وأن آليته لم تتغير"، وهو بالتالي مجرد تأكيد لنص المادة ٨٠ من الدستور التي تشترط أن يكون المرشح كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون…"… ومادام القانون واضحاً بذلك فلم يكن هناك حاجة بداية للمقترحين الثلاثة إلى إضافة الاقتراح الذي يمكن عده لغواً وتزيداً تشريعياً… فهل هو محاولة للالتفاف على احتمال حكم المحكمة الدستورية إذا حكمت ببطلان المرسوم… لا يقدم الزميل عبداللطيف إجابة قاطعة، فهو يرى أن الحكومة لن تساندهم أو أنه سيمرر، وأن الاقتراح لا يعدو أن يكون "احتمالاً" لتحصين القانون الحالي وتثبيته بعد حكم المحكمة الدستورية استباقاً لأي تعديل… (عبارة الزميل عبداللطيف…).
لا أعتقد أن النواب مقدمي الاقتراح يهدفون إلى تحصين القانون الحالي، وتثبيت واقعه السيئ، كما يتصور الزميل، فالعبارة التي أضافها المقترحون الثلاثة بشروط الترشيح تكمن خطورتها العنصرية في تكملتها بأن "… يكون المرشح من أب كويتي بصفة أصلية انحدر من آباء وأجداد استوطنوا الكويت قبل عام ١٩٢٠"! بهذه الفقرة يستحيل على أبناء المتجنسين الذين ولدوا بعد اكتساب والدهم الجنسية اعتبارهم "كويتيين بصفة أصلية"، فهم لم ينحدروا من آباء وأجداد استوطنوا الكويت قبل ١٩٢٠، بينما نص المادة ٦ من قانون الجنسية يقرر"… لا يكون لمن كسب الجنسية وفقاً لأحكام المادة ٤- ٥- ٧ – ٨ من هذا القانون حق الانتخاب لأي هيئة نيابية قبل انقضاء عشرين سنة ميلادية من تاريخ كسبه لهذه الجنسية. ولا يكون للمذكورين في الفقرة السابقة حق الترشح أو التعيين في أي هيئة نيابية".
أوردت المادة السابق ذكرها كلمة "المذكورين"… بمعنى حرمان "المتجنسين المذكورين" (وتحديداً بالفقرة السابقة)على سبيل الحصر، فالمنع من ممارسة الحقوق السياسية وأهمها الترشيح لا يمتد لغيرهم، أي لنسلهم وسلالتهم… بينما يتضح جلياً أن اقتراح النواب الثلاثة "يمدد" الحظر لكل ذرية المتجنس، لأن آباءهم أو أجدادهم لم يستوطنوا الكويت قبل ١٩٢٠"، بذلك نجد في الاقتراح العنصري للنواب نسخاً ضمنياً وتعديلاً للمادة السادسة من قانون الجنسية لسنة ٥٩ والتعديلات التي تمت عليه عام ٩٤…! فوفق هذا الاقتراح المقيت يصبح أبناء المتجنسين غير كويتيين بصفة "أصليـة" على خلاف الفهم السليم للقانون، ويحرم بالتالي فئات كبيرة من المواطنين من حقوقهم السياسية… فهل هناك عنصرية وروح استعلائية متغطرسة أكثر مما قدمه نواب الضمير التقدميين الثلاثة… عيب عليكم.
اليوم: 24 يناير، 2013
عندما يصبح العدوة قدوة
أثار خبر انتخاب وليد الطبطبائي رئيسا للجنة حقوق الإنسان، في أحد المجالس السابقة، سخرية البعض وقتها، ولم يقل عنه سخرية غير خبر تولي نائب مبطل آخر رئاسة «جمعية مقومات حقوق الإنسان»، وتخليه عن رئاستها، لمن لا يختلف عنه في المنظر والمخبر والمظهر. وبعدها تولت جماعة مماثلة لهم في الفكر والعقل والفهم مقاليد جمعية حقوق الإنسان، التي نجحوا، في غفلة وإهمال من «ربعنا»، في خطفها والاعتداء عليها وعلى كل ما كانت تمثله من إشعاع وامل! وتستمر سخرية الأقدار بتولي إمام المسجد السابق، صاحب الكبت، والعضو السابق، وعضو مجلس الأمة الحالي، خالد العدوة، رئاسة لجنة حقوق الإنسان فيها! فكيف قبل كل هؤلاء لأنفسهم مثل هذه المهام التي يعرفون جيدا أن صميم فكرها يختلف عما في أساسيات فكرهم الذي، من خلاله، لا سواسية فيه؟ فالم.ؤمن غير الكافر والمصلي غير تارك الصلاة، والمسلم يختلف حكمه عن غير المسلم، والمرأة لا تتساوى مع الرجل، وهذه الأمور وغيرها تبقى راسخة، حتى لو شاء البعض غير ذلك!
وللتدليل على أن مثل هؤلاء الأعضاء لا يصلحون للتصدي للدفاع عن حقوق الإنسان، ما صرح به الرئيس للجنة حقوق الإنسان في مجلس الأمة، السيد خالد العدوة، بعد زيارته للسجن المركزي، لغرض في نفسه، حيث قال ان سلطات السجن لا تقوم بانتهاك حقوق أي من نزلاء السجن، وأن اللجنة اسعدها لقاء النزلاء فيه! وهذا ربما يكون مفهوما، ولكن ما لم يكن مفهوما، ودل – ربما – على خبث مبطن، ما قاله من أن اللجنة لاحظت أن الذين أدينوا ببعض أعمال الإرهاب، انتبه لكلمة بعض، ومن خلال ما أجروه من حوار معهم، اتضح لأعضاء اللجنة، أنهم رجعوا عن تلك الأفكار التي كانوا يحملونها! وهنا لم يصفوها لا بالهدامة ولا بالإرهابية! كما اتضح لحضرة رئيس لجنة حقوق الإنسان، أن هؤلاء المساجين بالذات يمثلون قدوة حسنة في الالتزام الإسلامي وشمائل الأخلاق النبيلة لبقية النزلاء، وإن هذا بشهادة كبار الضباط والقائمين على السجن! وهو هنا يلمح، أو يطالب السلطة بالعفو عن هؤلاء فقط وإطلاق سراحهم، لأنهم يمثلون قدوة حسنة، ولكنه تعمد تجاهل باقي السجناء الذين ربما كانوا يمثلون قدوة أكثر من حسنة لبقية السجناء، وجرائمهم قد لا تقارن، بخطورتها جرائم الإرهابيين، ولكنه فضل التركيز على من يهمه أمرهم!
وطالما أن هؤلاء المحكومين باقتراف أعمال إرهابية يمثلون قدوة حسنة لبقية المساجين فمن الغباء إطلاق سراحهم، وحرمان المساجين من «قدوتهم الحسنة»!
إن قناعتي تزداد يوما عن يوم أننا في منتصف طريق كثير التعرج والانحناء، ويزيد تسارعنا فيه نحو هاوية أخلاقية وأمنية، بمساهمة نوعية من المشرعين الذين ارتضينا لهم إمساك زمام أمورنا، فمع كل نسمة أمل خفيفة من هنا، تهب من جهة أخرى رياح تخلف عاتية، فهل لا يزال بيننا عاقل يؤمن بأن الإصلاح قادم؟
أحمد الصراف