جهة تحكيم وليست طرف صراع، إذا فُهم هذا النظام وطُبّق فستكون الأمور أفضل حتماً، وأنا أقصد هنا دور أسرة الحكم في التعاطي مع الأمور في الكويت. هذا هو الهدف الأساسي أصلاً من دستور الدولة، وقد تعاطى معه المغفور له عبدالله السالم بهذا الشكل منذ نشأة الدستور، فهو لم يتدخل أو يعدّل على دستور الدولة، بل صدّقه فور استلامه للنسخة النهائية منه، لكن طوال الخمسين عاماً الماضية لم يتشرّب معظم أبناء الأسرة، وتحديداً أصحاب المناصب التنفيذية هذا الأمر إما بسبب قلة الوعي أحياناً، وإما بسبب الرفض السلوكي لدستور الدولة في أحيان أخرى. الوضع الطبيعي للدولة في ظل الدستور هو أن تكون شؤون حياتهم وبلدهم بأيديهم، يحاولون بناء وطنهم في إطار الدستور، ويسنّون القوانين المنظمة له، ومتى اختلفوا أو ابتعدوا عن إطار الدستور يكن رئيس الدولة هو الحكم، ويمتلك أدوات عدة للتحكيم كردّ القوانين أو حل المجلس ليكون الشعب هو الفيصل في الاختلاف، ويرجح كفة على الأخرى. هذا النموذج هو ما يجب أن يسود في كل موقع يتولاه أحد أفراد الأسرة في الاقتصاد أو الرياضة أو البيئة أو أي شأن آخر، ويجب ألا يكون أبناء الأسرة إطلاقا طرفاً في أي مجال تنافسي خلافي أصلاً، والعرف الحميد القائم على عدم ترشح أبناء الأسرة لانتخابات مجلس الأمة يجب أن يعمم على كل المجالات، لأن هذا العرف يقف اليوم وحيداً في تطبيق معاني الدستور المشددة على النأي بأسرة الحكم عن أي استقطابات. اليوم بل منذ سنوات طويلة ونحن نعيش بخلاف هذا النظام، وهو ما يزيد حدة صراعاتنا ومشاكلنا، لأن أسرة الحكم تشارك في العمل الجماعي التنافسي، وهو ما يولّد الخلاف بلا أدنى شك، والخلاف قد يجعل بعضهم يستخدم نفوذه في سبيل ترجيح كفته، وهو ما يجعل ميزان العدالة وتكافؤ الفرص يختل رغماً عنه، مثل ما يحدث اليوم مع طلال الفهد مثلاً؛ فالرجل أثبت فشله خلال عامين في إدارة شؤون الكرة الكويتية، ومع هذا سيفوز بأي انتخابات مقبلة إذا ما رغب في ذلك لأنه يسيطر على ١٠ أندية تنفذ ما يريد ويقدم لها بنفوذه ما تريد، وإن أقدم الشعب على تشريع يهذب الأمور ويحدّ من الهيمنة، فإن نفوذه كفيل بإسقاط أي تشريع يخالف أهواءه، وبالتالي يتعزز دوره كطرف بالصراع بدلاً من أن يكون حكماً في أي صراع رياضي. وزير الداخلية مثال آخر على ذلك، فهو يتعامل مع حق التعبير القانوني وفق نوعية هذا التعبير، فإن لم يلبِّ التعبير مطالبه تعاطى معه بالتخويف وكيل التهم التي لا تحصى حتى إن تجاوز الدستور في ذلك. أمثلة أخرى لا تحصى ولكل منكم قصته التي يراها يومياً في كيفية تأثير أبناء الأسرة سلباً على أي مجال تنافسي يخوضونه، ولا مجال لحصرها في المقال لقلة الاطلاع، أو كي لا يطول المقال أكثر. الدستور جاء صريحاً، ومخصصات أبناء الأسرة التي تفوق مخصصات بقية المواطنين أكثر صراحة في سبيل تأكيد عزلهم عن ساحة الاختلاف والصراع، وإلا فلا يوجد أي مبرر لأن تتميز مخصصاتهم المالية عن بقية المواطنين إن كانوا راغبين في منافسة بقية المواطنين في المجالات المختلفة. لا بد من العودة إلى نقطة البداية وأصل "السيستم" لفهم أن أسرة الحكم هي جهة تحكيم وليست طرفاً في الصراع أبداً، ومن هذا الأساس المغيّب يمكننا العودة إلى جادة الإصلاح الفعلي وتطوير الأمور. خارج نطاق التغطية: يدّعي أنصار طلال الفهد أن الظروف وإيقاف الدعم المادي من الدولة، هو سبب فشله في إدارة شؤون الكرة مع العلم أنه تلقى مليوني دينار من سمو الأمير قبل عامين، وهو ما يعادل ميزانية اتحاد الكرة لمدة ستة أعوام كاملة!