في ديوانية واحدة تجلس مجموعة من الأصدقاء يختلفون في كل شيء بدءا من النادي الرياضي الذي يشجعونه إلى رؤيتهم للأوضاع الاقتصادية مرورا بكل الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة ـ إلا على الحكومة فإنهم يتفقون جميعا على معارضتها، فبنظرهم الحكومة لا تأتي بخير أبدا.
والغريب أيضا أن هؤلاء الأصدقاء يخرجون من ديوانية واحدة وبسيارة واحدة بهدف التظاهر في كل مسيرة مرخصة كانت أو غير مرخصة ضد الحكومة والأوضاع السياسية الحالية إلا أنهم «مختلفون كل الاختلاف» في مطالبهم ورؤيتهم لحل الإشكال السياسي وطريقة الإصلاح المنشودة.
أحدهم فقط يتمنى (عودة عصويد) الخمس دوائر الانتخابية وبأصواتها الأربعة ويرفض الأحزاب والحكومة الشعبية، والثاني يريد الحكومة ذات الأغلبية البرلمانية والثالث أكثر تطرفا منهم ولا تقل مطالبه عن الرئاسة الشعبية للحكومة، أما الأخير فيبدو أنه الأكثر شمولية، فيهم بحسب رأيي، فلا يريد إلا الدائرة الواحدة والأحزاب السياسية والمزيد من الاستقلال للسلطة القضائية.
في سيارة واحدة اجتمعت كل تلك الرؤى المختلفة – فكيف في الكويت وبمختلف أطيافها الاجتماعية والسياسية والدينية؟!
ربما لاتزال الحكومة تعتمد على حظها الجيد، فالحياة السياسية في الكويت غير منظمة، بسبب غياب الأحزاب السياسية، فالجميع يمارسون السياسية كهواية ولم يطبق الاحتراف السياسي إلى الآن، لذلك تتعدد المطالب وتتشتت الجهود ويفشل الحراك السياسي وتنتصر الحكومة!
في السابق وصف أحدهم المعارضة السياسية في السبعينيات والثمانينيات بأنهم مجموعة أفراد لا يتعدون ركاب باص صغير، ولو انقلب بهم الباص لانتهت المعارضة في الكويت!
أما الآن وبعد انتشار وباء المعارضة في كل أرجاء الكويت، فيجب على الحكومة ألا تعتمد على حظها هذه المرة، ويجب أن تتعامل مع المعارضة كأمر واقع، وتجتهد للوصول لحلول منطقية معها.
هناك بعض الأخبار من هنا وهناك، عن قيام المعارضة الكويتية بتنظيم نفسها تحت اسم «ائتلاف قوى المعارضة»، نتمنى منهم أن يعملوا وفق شعارات سياسية ووطنية واضحة، وأن يتفقوا فيما بينهم على حد أدنى من الأهداف المشتركة ليطرحوها أولا على الجمهور ويقنعوه بها، ومن ثم على الحكومة لكي تتفاوض عليها.
ولابد أن تستخدم المعارضة أسلوبا خطابيا راقيا وتبتعد عن لغة الشارع الخشنة وبعض الأهداف المستحيلة.
في الختام يجب انتقاد المعارضة السياسية كما ننتقد الحكومة، فهدفنا بالحالتين مصلحة الوطن والمواطنين.