لتخلف الكويت عن جيرانها أسباب عدة قد يكون منها ثقافة الصراع الحاد والدائم المسيطرة على الذهنية الكويتية، فلا يوجد مركز عمل في بلدنا لا تجد الخلاف محتدا بين الكويتيين من أبنائه، بينما لا ترى ولا تسمع عن نفس الصراع بين غير الكويتيين العاملين معهم.
***
وذهنية الصراع المستدام المتجذرة في العقل الكويتي والتي هي البديل عن مشاريع التنمية المستدامة القائمة لدى الجيران، هي كذلك السبب الرئيسي للاشكال السياسي المحتد في الشارع الكويتي، ولا يوجد للأسف بصيص أمل في توقف ذلك الصراع الذي كلما أطفئت ناره اشتعلت بدلا منها نيران أخرى لأسباب تصطنع في حينها وتقوم في العادة على إساءة الظن بالطرف الآخر والديكتاتورية الشديدة في الرأي ورفض أول وأهم مبادئ العمل السياسي والديموقراطي، أي القبول بالرأي والرأي الآخر والالتقاء منتصف الطريق مع الآخرين.. إلخ، فما هو قائم لدينا هو المبدأ القمعي القائل: ما أريكم إلا ما أرى، ورأيي صواب لا يحتمل الخطأ قط، ورأيك خطأ لا يحتمل الصواب أبدا.
***
ذهنية الصراع في العقل الكويتي تمتد الى صفوة المجتمع أي الى أصحاب المهن الراقية كالدكاترة والأطباء والمهندسين والمحامين والطيارين والأدباء والإعلاميين ورجال الدين ورجال الاقتصاد.. إلخ، ففي جميع الجمعيات المهنية نجد أن هناك انقساما حادا بين منضويها، فما يعمله زيد يسعى لإفشاله عبيد حتى لو أضر بسمعة ممارسي المهنة الآخرين، وقد زاد علم التواصل الاجتماعي الذي خلق لأسباب خيّرة من حدة ذلك الصراع فسعى البعض لاستغلاله في الشتم والكذب بقصد تأجيج الخلافات لا إصلاحها.
***
والغريب جدا أنك لو سألت الجماعات المتخندقة عن أسباب تخندقها وعدائها المميت للطرف الآخر لما وجدت إجابة قط، وهو الصراع الذي لم يوقفه حتى الغزو الغاشم لبلدنا، حيث انتقل الخلاف من الداخل الى بلاد الغربة في الخارج، وبذلك أصبحنا أكثر غفلة من أهل بيزنطة الذين اختلفوا على جنس الملائكة قبل سقوط بلدهم، لا أثناء السقوط وبعده كحالنا، والأغرب كذلك أنه لا يقوم بسبب الدم أو القتل بين المتصارعين دائما وأبدا، بل على الأرجح بسبب.. «ليش خزني بعينه»؟!
***
آخر محطة: (1) كلما أسرعنا بعمليات التدريب المستمرة لتطوير الذات زاد الكويتي مهنية واحترافا وانشغالا بعمله، وقلت حدة الصراع المؤسف القائمة التي تضر بقارب الوطن الذي يحملنا جميعا.
(2) شكلنا في مجلس حي اليرموك لجنة لإصلاح ذات البين بين الأزواج والأهل والجيران، ونرجو تشكيل لجان مماثلة في كل حي ومركز عمل لعل وعسى.
(3) وفي وقت نشهد فيه هذا الكم من الصراع في أمة المليون كويتي، يقاطع 1.3 مليار هندي احتفالات رأس السنة هذا العام تعبيرا عن تضامنهم جميعا مع أسرة فتاة هندية بريئة اعتدت عليها وقتلتها بعض الوحوش البشرية.. تستحق الهند بحق أن يطلق عليها عاصمة الإنسانية في العالم.