استنكر النائب السابق وليد الطبطبائي، في رسالة «تويتر»، قيام مسلمين بشراء شجرة الميلاد وتعليق الزينة عليها، وكيف أنه لم ير أو يسمع بمسيحي ذبح اضاحي في عيد الأضحى وقسّمها على جيرانه! يبدو سؤال نائب «إن العلم مجرد خرجة» لأول وهلة وكأنه معقول، ولكن بالتدقيق قليلا نجد أنه بلا معنى، فهل يعني قوله ان من رأى أو سمع بمسيحي يذبح خروفا في عيد المسلمين ويقسم لحمه على الجيران يحق له بالتالي تعليق الزينة على شجرة الميلاد؟ وهذا إن صح، فإنه يعني أن المسألة ليست مسألة مبدأ، بل هم يعطوننا لحم خرفان ونحن نبارك لكم بالكريسماس ونشتري شجرة ميلاد؟ ولا أدري لماذا لا نبادر ونعطي، ولو مرة، لكي يعطوا هم بعدنا، علما بأنهم أعطوا العالم أجمع الكثير ولم نعط العالم غير الخراب والدمار والقتل. ولو علمنا أن هناك 50 دولة مسلمة يعيش عشرات ملايين المسيحيين فيها، فهل عرف الطبطبائي كل شيء عن كل واحد منهم، وان لا أحد منهم وزع يوما لحوم الاضاحي على جيرانه؟ أنا شخصيا اعرف مسيحيين يعيشون بيننا، وهم اصحاب مصالح ومطاعم، ويقومون منذ سنوات بتقديم لحوم ذبائح لفقراء ومحتاجين من المسلمين، ولم يطلبوا مقابل ذلك شيئا من أحدا، علما بأن احتفالنا سنويا بعيد الكريسماس لا علاقة له بايماننا أو تأثرنا بالغرب أو بعادات المسيحيين، بقدر إيماننا بمشاركة من يعيشون بيننا، من أحبة، أعيادهم، والتخفيف، ولو قليلا، من وطأة ما يتعرضون له من هجوم وشتم من بعض جهلائنا، في مثل هذا الوقت من كل عام! فقد قام السيد ناظم المسباح، (القبس 12/25)، بإصدار فتوى حرم فيها الاحتفال بعيد الكريسماس، وقال ان الاحتفال به محرم، وأنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وأن هذه امور تتضمن مفاسد عظيمة وآثارا سيئة! وحيث انني احتفل بهذا العيد منذ اربعين عاما، واعرف نفسي جيدا فبإمكاني القول ان تصرفي هذا لم يفسدني يوما، والسيد المسباح يعرف جيدا أين يوجد الفساد! أما السيد محمد المهري، الذي لا أستسيغ غالبا تصريحاته، ولا تربطني به مودة كبيرة، فقد كان أكثر تسامحا في تصريحه، حيث قال بجواز تهنئة الكتابيين، من مسيحيين وغيرهم (ويقصد اليهود) بأعيادهم، وان يتخذ منهم اصدقاء ومعارف! فأي الرجلين على حق؟
المهم اننا ننتهز هذه المناسبة ونتمنى للجميع سنة جديدة سعيدة وعاما خاليا من الكراهية والبغض.
***
• ملاحظة: سألني صديق عن معنى كريسماس، التي تكتب اختصارا بالإنكليزية Xmas، وهذه تعني ميلاد المسيح، فحرف الإكس هو اختصار لاسم المسيح بالإنكليزية Christ، وماس تعني ميلاد، ولو أنه لم يرد ذلك في أي قاموس أوروبي حديث، بما في ذلك اكسفورد. ويعتقد البعض أن كلمة «ماس» من أصل فرعوني (!).
أحمد الصراف
www.kalama nas.com