سامي النصف

هل طبقت الشيوعية والبعثية؟!

يقال إن على الشاب أن يكون ثوريا في العشرينيات من عمره وما قبلها ومحافظا في الأربعينيات وما بعدها، وشخصيا خالفت تلك الحكمة (إن جازت تسميتها بالحكمة) فلم أكن ثوريا قط بل سخرت قلمي منذ يومي الأول وكنت في العشرينيات حين بدأت الكتابة بالوقوف ضد الثوريات الشيوعية والبعثية.. الخ، حتى أن مقالي الأول في يناير 1980 كان بعنوان «ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي؟» وتحديت ضمنه وجود ثورة انتهت بشيء جيد للبلد الذي حدثت به!

***

ومع ذلك أقول وللإنصاف إن الشيوعية التي آمن بها في بدئها كثير من كبار مفكري الغرب كأندريه جيد الحائز جائزة نوبل والفيلسوف جون بول سارتر وجورج برناردشو ولويس فيتشر ومثلهم كثير من العرب، لم تطبق قط بالطريقة التي أرادها مؤسسوها ماركس وانجلز على يد شخصيات قمعية مدمرة مثل لينين وستالين وماو وزعماء كوبا وكوريا وكمبوديا والصومال واليمن الجنوبية.. إلخ، وقد يكون أحد أوجه الخراب الاعتقاد بأنه لا بأس من «فترة انتقالية» يغيب فيها القانون ويتفشى خلالها القمع والقتل والتدمير والتهجير في سبيل الوصول للجنة الحمراء الموعودة التي يسود فيها حينذاك العدل والحرية والمساواة ضمن وطن حر وشعب سعيد وما حدث هو استمرار الفترة الانتقالية وتحولها لحالة دائمة من القهر والتسلط.

***

والحال كذلك مع أفكار حزب البعث الوحدوية الجميلة التي أطاح بها التطبيق العملي لأنظمة البكر وصدام في بغداد، وأنظمة أمين الحافظ وزعين والأسد في دمشق، حيث عم القمع والخراب والدمار والطائفية والعنصرية وحروب الداخل والخارج حتى انتهى الأمر بهم الى تحويل بلدانهم إلى خرائب ينعق بها البوم وخلق حركات انفصالية جعلت الشعوب تترحم على معاهدة سايكس ـ بيكو الشهيرة، لذا يصعب القول بدقة شديدة إن الشيوعية أو البعثية قد طبقت بشكل يعكس حقيقة شقها التنظيري، فصلاح بيطار اغتيل في باريس وميشيل عفلق وأمين الحافظ اغتيلا «معنويا» في قصورهما الفارهة في بغداد.

***

آخر محطة: الناصرية طبقت تماما كما أرادها مؤسسها ومعلمها الرئيس عبدالناصر ومن بعده خليفته القذافي الذي جعله عبدالناصر وصيا عليها وان لم يطبق «الميثاق» الذي وضع اسم عبدالناصر عليه دون أن يكتبه، والذي احتوى على «الديموقراطية» كأحد متطلبات انقلاب يوليو 52، فما شهدته مصر وسورية واليمن تحت حكم عبدالناصر ومخابراته وعسكره يشيب له شعر الرضيع، لذا لا حاجة لجعله قدوة للحقبة المقبلة لمصر.

 

 

 

@salnesf

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *