طارق العلوي

«بشت» الرئيس

قبل عشرة أيام من انتخابات ديسمبر 2012، صرح المرشح علي الراشد بأن «الحكومة الحالية لم تثبت نجاحها، وأقول هذا الكلام، على الرغم من العلاقة الطيبة التي تربطني بسمو الشيخ جابر المبارك.. لكن نتمنى ان تكون الحكومة القادمة على مستوى تطلعات الشعب. ومن جانبنا سنعطيها فرصة كافية لتعمل، وسندعمها.. ومتفائلون بأن تكون هناك نية صادقة من الجانب الحكومي للانجاز».
بعد الانتخابات بأسبوعين، نقلت الصحف عن سمو رئيس مجلس الوزراء قوله: «انتظروا نقلة نوعية في التنمية والمشاريع الكبرى»، وذلك استجابة لأمر صاحب السمو أمير البلاد للحكومة بأن تصبح حكومة انجاز حقيقي، وليس حكومة.. وعود على الورق. متابعة قراءة «بشت» الرئيس

حسن العيسى

إلى متى هذا الحال؟

الهيئة العامة للزراعة التي تحمل على كتفيها العريضين همّ الأمن الغذائي للدولة بتوفير مزارع القمح المنافسة للمقاطعات الكندية والأميركية في منطقة الوفرة مصنع الذباب الدولي، مثلما تكفلت بتوفير اللحوم وتصديرها من مزارع كبد، تقول، في ردها على اتهامات ضدها بالواسطة والمحاباة لدوائر المقربين والمتنفذين و"عجافة" النظام بتخصيص 396 قسيمة زراعية لشركات مملوكة لبشر (لا تعرفهم طبعاً!) إنها أجرت التوزيع حسب القانون، (وما أسهل ترديد كلمتَي حسب القانون في ثقافة الفساد الرسمية) وإن التوزيع تم بالقرعة عبر المشاركين أنفسهم!
لا يهم هذا مادامت لدينا قناعة مؤكدة بأن نظام القرعة المحايد في التوزيع يعني تحقيق المثل الشعبي بأن نترك "القرعة ترعى"، ففي النهاية لا جدوى من مثل تلك المنازعة والجدل في نهج المحسوبيات وشراء الولاءات السياسية، الذي هو عقيدة السلطة ونهجها السياسي في إدارة الدولة وتدمير مستقبل الأجيال القادمة.
ليس من المقبول التحجج الرسمي بأن الموضوع أمام القضاء حين قام أحد المتضررين من "عدالة توزيع القسائم" برفع دعاوى ببطلان التوزيع؛ إذ لم تكن، في يوم ما، نصوص القانون، ولا حركة تلك النصوص أمام المحاكم مجدية لغلق صنابير المحسوبيات وتوزيع الكعك على المقربين والمؤلفة قلوبهم، فعبء إثبات الانحراف بالسلطة وإقامة الدليل على فساد جهاز إداريٍّ ما ليس بالأمر السهل أمام واقع هيمنة الإدارة البيروقراطية على الجهاز الإداري للدولة كلها، ومعرفة ترزية القانون فيها أفضل السبل لتضليل العدالة وإخفاء أدلة الفساد عبر غطاء كثيف من النصوص القانونية واللوائح والقرارات ومن خلالها.
على الوجه الآخر للعملة أيضاً، لم يكن تشكيل لجان التحقيق، على نحو ما يحدث الآن في توزيع مزارع الوفرة مجدياً؛ للأمر السابق ذاته، وهو توغل جذور دولة الفساد إلى أعمق أعماق التربة الكويتية، وأحاول، الآن، أن أتذكر أثراً حقيقياً للجنة يتيمة من عشرات ومئات لجان التحقيق في مسلسلات تجاوزات السلطة والفساد في الأجهزة الإدارية التابعة، فلا أتذكر حتى لجنة واحدة، حققت شيئاً على أرض الواقع، من لجنة تقصي الحقائق في الاحتلال، إلى لجان هاليبرتون ومناقصات ومزايدات وزارة الدفاع في النصف الأول للتسعينيات ثم محطة مشرف ثم الإيداعات المليونية، حتى هذه الأيام ولجان (إن كان هناك أي لجان) عن استاد جابر ومستشفيات الوهم… إلخ، أصابني السأم من حكايات ألف ليلة وليلة عن لجان التحقيق وقضايا حفظ التحقيق، ونتائجها المنسية التي ليست بذات جدوى، ففي آخر الأمر لسنا اليوم بصدد تهم محاباة في توزيع قسائم على حفنة بشر من مقدمي خدمات سابقة لكبار جداً في السلطة، فهذا غيض من فيض، قضية هذا الوطن هي البحث عن إجابة سؤال: إلى متى يستمر هذا الحال؟

احمد الصراف

مأزق البصيري الخطر

“>لم يحدث في التاريخ السياسي الكويتي، الطويل نسبيا، أن وضع وزير الدولة بكاملها في ورطة ومأزق مالي يصعب الخروج منهما، كما فعل وزير النفط السابق محمد البصيري، ممثل الإخوان المسلمين، عندما قام برفع رواتب موظفي وزارة النفط والمؤسسات التابعة لها بنسب خيالية، مبررا فعلته، في حينه. وفي رد على من احتج على تصرفه، بأن تلك الزيادات لن تكلف المال العام شيئا! ومر تصرفه وتصريحه مرور الكرام من دون أن يستدعي رئيس الوزراء حينها، وهو رئيس وزرائنا الحالي، الوزير ومطالبته بعدم الانفراد بذلك القرار الخطر، أو سؤاله عن الطريقة السحرية التي كان ينوي اتباعها بزيادة رواتب «موظفي» وزارته البالغ عددهم 20 ألفا من دون أن تشكل تلك الزيادة كلفة حقيقية على المال العام!
الورطة تتمثل في انه من الصعب بقاء الوضع على ما هو عليه، إنسانيا وقانونيا ودستوريا، حيث أن بقية موظفي الدولة البالغ عددهم 326 ألفا يجب أن يعاملوا بالعدل والمساواة، لابد ان يتسق ويتوحد السلم الوظيفي الخاص به، خصوصا بعد فشل الخدمة المدنية في فرض رؤيته المتعلقة بتحقيق المساواة بين رواتب جميع العاملين في الدولة. من جانب آخر يصعب جدا رفع مرتبات 326 ألف موظف، لتكون متساوية أو حتى متقاربة من مرتبات موظفي النفط، فهذا ليس بمقدور موازنة الدولة تحمله، ويشكل خرقا لتوصيات كل الخبراء الماليين وتحذيرات البنك الدولي، كما يصعب جدا جدا إلغاء الزيادات التي اكتسبها موظفو النفط بعد مرور كل هذه الفترة الطويلة نسبيا عليها! وفوق كل ذلك لا بد من انقاذ الكويت ومجتمعها من آفة الظلم واهتزاز العدل في مرتبات الموظفين التي تسبب بها الوزير البصيري، ممثل الإخوان حينها في الوزارة، وأصبح من الضروري تدخل المشرع لوضع سلم وظيفي جديد يكون اكثر عدالة، فاستمرار الوضع الحالي عمل غير مقبول ولا قانوني، وضار جدا بمعنويات غالبية موظفي الدولة، ففروقات الرواتب الحالية تشكل دمارا للمبادئ الدستورية وتدفع المواطن، الذي يشعر بالإجحاف، للاستهتار بالدستور وبالقوانين والتراخي في أداء العمل، فهل هناك من يسمع ويقرأ؟ ألم يحن الوقت لكي ينصف صاحب المؤهل العالي، غير المضروب، أولئك الذين يقومون بأداء الشاق والخطر من الأعمال؟ ألم ينتبه من بيدهم الأمر لما أصبح يعانيه القطاع النفطي من تضخم وظيفي هائل وشاذ بسبب رواتب البصيري المجنونة التي دفعت عشرات النواب لتوظيف ابنائهم وأقربائهم في تلك الوزارة لمشاركة بقية موظفيها في نهب ثروات الوطن؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com